Postcolonialism and Fiction [first ed.]
 9789776719255 [PDF]

  • 0 0 0
  • Suka dengan makalah ini dan mengunduhnya? Anda bisa menerbitkan file PDF Anda sendiri secara online secara gratis dalam beberapa menit saja! Sign Up
File loading please wait...
Citation preview





‫بسم اﷲ الرﲪن الرحيم‬ ‫جميع حقوق النﴩ محفوظة للناﴍ وﻻ يحق طبع أي جزء من هذا الكتاب‪ ،‬أو خزنه‬ ‫بواسطة أي نظام لخزن اﳌعلومات‪ ،‬أو اسﱰجاعه‪ ،‬أو نقله عﲆ أية هيئة‪ ،‬أو بأية وسيلة‪ ،‬سوا ًء‬ ‫كانت اليكﱰونية‪ ،‬أو ﴍائط ممغنطة‪ ،‬أو غ ذلك‪ ،‬بأية طريقة إﻻ بإذن كتا من الناﴍ‪.‬‬ ‫نظرية ما بعد اﻻستع ر والرواية‪ :‬دراسات ومقاﻻت مختارة‪ /‬تأليف جون ماكلويد‪،،‬‬ ‫)وأخ(؛ ترجمة أﴍف إبراهيم محمد زيدان؛ تقديم ومراجعة ج ل الجزيري‪-‬‬ ‫القاهرة‪ :‬بيان للﱰجمة والنﴩ والتوزيع‪.٢٠٢٠ ،‬‬ ‫رقم اﻹيداع‪٢٠٢٠/ ١٦٠٦٧ :‬‬ ‫‪ISBN 978-977-6719-25-5‬‬



‫تدمك‪:‬‬ ‫‪– ١‬القصص اﻹنجليزية‪ -‬تاريخ ونقد‬ ‫‪ -٢‬اﻻستع ر ﰲ اﻷدب‬ ‫أ‪ -‬ماكلويد‪ ،‬جون )مؤلف مشارك( ب‪ -‬زيدان‪ ،‬أﴍف إبراهيم )مﱰجم(‬ ‫ج‪ -‬الجزيري‪ ،‬ج ل)مقدم ومراجع(‬ ‫أ‪ .‬العنوان ‪ ٨٢٣٫٠٠٩‬ص‪ ١٧٢ :‬سم‪٢٥ x ١٧٫٥ :‬‬ ‫مؤسسة بيان للترجمة والنشر والتوزيع‬



‫‪[email protected]‬‬ ‫‪www.bayantrans.com‬‬ ‫‪00201000352511‬‬



 



 



 ‫جامعة بورسعيد‬ 



 ‫جامعة السويس‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



‫ٕ ء‬ ‫ٔ‬



‫ٕ‪:‬‬



‫‪/‬‬ ‫)أستاذ موسيقي الشعر ‪/‬جامعة بور سعيد(‬



‫‪٥‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫فهرس‬ ‫‪-١‬‬



‫د‪ .‬ج ل الجزيري‪ :‬هوامش حول أدب اﻻستع ر وما بعده‪٩ .....................‬‬



‫‪-٢‬‬



‫رتشارد َربِل‪ :‬رواية اﳌستعمرات‪١٩ ...............................................................‬‬



‫‪-٣‬‬



‫جون ماكلويد‪ :‬نظرية ما بعد اﻻستع ر والرواية‪٣٣ .......................................‬‬



‫‪-٤‬‬



‫هايك هارتنج‪ :‬الهجرة والشتات واﳌنفى ﰲ الرواية‪٤٣ ...................................‬‬



‫‪-٥‬‬



‫جون ج‪ُ .‬سو‪ :‬روايات الشتات اﻹفريقي ما بعد اﻻستع رية‪٥١ .......................‬‬



‫ج‪ .‬إدوارد ُمولُوتْ ‪ :‬روايات ما بعد اﻻستع ر للمهاجرين من جنوب ﴍق‬ ‫‪-٦‬‬ ‫آسيا إﱄ بريطانيا ‪٥٩ ..................................................................................................‬‬ ‫تيمو وايس‪ :‬روايات ما بعد اﻻستع ر وشتات جزر الهند الغربية‪ /‬جزر‬ ‫‪-٧‬‬ ‫الكاريبي ‪٦٩ ...........................................................................................................‬‬ ‫‪-٨‬‬



‫أبيجيل ُوورد‪ :‬روايات الﱪيطاني السود‪٧٩ ....................................................‬‬



‫‪-٩‬‬



‫هوامش اﳌراجع واﳌﱰجم‪٨٢ .........................................................................‬‬



‫‪-١٠‬‬



‫النص اﻷصﲇ‪١٠٥ ...........................................................................................‬‬



‫‪-١١‬‬



‫اﳌراجع واﳌﱰجم‪١٧٢-١٧١...............................................................................‬‬



‫‪٧‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫هوامش حول أدب اﻻستعمار وما بعده‬ ‫د‪ .‬ج ل الجزيري‬ ‫ﰲ هذا الكتاب‪ ،‬يجمع الدكتور أﴍف زيدان مجموعة مختارة من اﳌقاﻻت والدراسات عن‬ ‫الرواية اﳌكتوبة باﻹنجليزية ﰲ إطار فكرة اﻻستع ر وما بعده‪ ،‬وتتناول هذه الدراسات‬ ‫الرواية من زوايا متعددة تضع اﻻستع ر وآثاره نصب أعينها‪ ،‬وكيف أن هذا اﻻستع ر‬ ‫يكن استع ًرا سياسيا وعسكريا واقتصاديا فحسب‪ ،‬وإ ا كانت له آثاره اﻷدبية‬ ‫واﻻجت عية والثقافية التي تركت بصمة ﻻ تنمحي‪ ،‬م جعل فن الﴪد يلتحم معها‬ ‫ويناوشها ويؤرخ لها ويفكّكها وينقضها‪ ،‬وما إﱃ ذلك من أساليب فنية ﰲ التعامل اﻷد‬ ‫مع الواقع اﳌعاش‪.‬‬ ‫وباستثناء الدراسة اﻷوﱃ ﰲ هذا الكتاب التي تتناول روايات الحقبة اﻻستع رية ذاتها‪،‬‬ ‫تتمحور باقي الدراسات حول الرواية ﰲ عﴫ ما بعد اﻻستع ر‪ .‬وفكرتا اﻻستع ر وما بعد‬ ‫اﻻستع ر هنا فكرتان مزدوجتان‪ :‬فكل منه تش إﱃ مفهوم أو عﴫ تاريخي من جهة‪،‬‬ ‫وتش إﱃ مفهوم ثقاﰲ أو تنظ ي يتداخل مع هذا اﳌفهوم التاريخي ويخرج عليه أو عنه‬ ‫ﰲ الوقت ذاته‪ .‬فالرواية اﻻستع رية تش إﱃ الرواية اﳌكتوبة ﰲ عﴫ اﻻستع ر أو عن‬ ‫الحياة ﰲ عﴫ اﻻستع ر‪ ،‬ك أنها تش إﱃ الروايات التي تجسد الرؤية اﻻستع رية‪،‬‬ ‫سواء أكانت هذه الروايات قد كُتبت ﰲ عﴫ اﻻستع ر أم قبله بكث ‪ ،‬وسواء أكان هذا‬ ‫اﻻستع ر يش إﱃ اﳌؤسسة اﻹمﱪيالية أم إﱃ أفراد لديهم الرؤية اﻻستع رية ذاتها‪.‬‬ ‫وكذلك اﻷمر بالنسبة إﱃ مفهوم ما بعد اﻻستع ر‪ ،‬فهو يش إﱃ الروايات والقصص‬ ‫اﳌكتوبة ﰲ عﴫ التحرر من اﻻستع ر العسكري‪ /‬اﻻحتﻼل‪ ،‬ك يش إﱃ الروايات‬ ‫والقصص اﳌكتوبة ﰲ عﴫ اﻻستع ر ولكنها تنطوي عﲆ رؤية وتصوير فني ِ لﻼستع ر‬ ‫يناقضان رؤية اﳌستع ِمر ذاته والصورة التي يرسمها لنفسه ﰲ أدبه‪ .‬أي أن مفهوم ما بعد‬ ‫اﻻستع ر امتد من كونه مفهو ًما يش إﱃ فﱰة تاريخية محددة ممتدة من بداية النصف‬ ‫الثا من القرن العﴩين تقريبا إﱃ يومنا هذا‪ ،‬إﱃ كونه مفهو ًما ثقافيا عاما ﻻ يرتبط‬ ‫بعﴫ تاريخي محدد‪ ،‬وإ ا ينطبق عﲆ أي نص ﴎدي يق ّوض رؤية اﳌستع ِمر عن نفسه‬ ‫أيا كان العﴫ الذي ُكتِ َب فيه‪.‬‬ ‫‪٩‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫وﻻ بد أن أن ﱢوه هنا إﱃ أن مفهوم أو مصطلح »الرواية اﻻستع رية« أو »رواية اﻻستع ر«‬ ‫ذاته مفهوم استع ري بامتياز؛ ﻷنه يقتﴫ عﲆ وصف أو توصيف الروايات التي كتبها‬ ‫الغربيون‪ /‬اﳌستع ِمرون عن الحياة ﰲ اﳌستمرات أو البلدان التي تعرضت لﻼحتﻼل‬ ‫)باﻹضافة إﱃ اﳌستعمرات باﳌعنى الفردي‪ ،‬ك ﰲ رواية »روبنسون كروسو« التي‬ ‫استوطن بطلُها جزيرة وح ّولها إﱃ مستعمرة خاصة به(‪ ،‬وﻻ يتضمن بأي حال من اﻷحوال‬ ‫الروايات والقصص التي كتبها أبناء البلدان اﳌستع َمرة‪ ،‬إﻻ ﰲ حالة كون هذه الكتابات‬ ‫اﳌصطلح أدب‬ ‫مكتوب ًة بلغة اﳌستع ِمر ذاته وتت هى مع رؤيته الفنية‪ .‬وبالتاﱄ‪ ،‬يستبع ُد‬ ‫ُ‬ ‫هذه البلدان باعتباره غ موجود أو ﻻ يستحق النظر إليه ﻷنه كتبته شعوب ليست ذات‬ ‫حيثية أو اعتبار‪ .‬وأرى أن هذا اﻻستبعاد متع ﱠمد‪ ،‬فلوﻻه ﻻنهارت اﳌؤسسة اﻻستع رية‬ ‫واكتشفت أن مفهومها عن اﻹمﱪاطورية وعن صورة اﻷنا مفهوم مات ﰲ مهده ﻷن‬ ‫ذاتها‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫كتابات أبناء هذه البلدان تنقض هذا اﳌفهوم وهذه الصورة وتق ﱢوضه ‪ ،‬وبالتاﱄ يفقدان‬ ‫الثبات واﻻستقرار والرسوخ الذين تدعيه اﳌؤسسة اﻻستع رية‪ .‬فلو نظرنا إﱃ الروايات‬ ‫التي كتبها نجيب محفوظ وغ ه ﰲ مﴫ عﲆ سبيل اﳌثال أو إﱃ اﻷفﻼم التي تم إنتاجها‬ ‫ﰲ مﴫ قبل ثورة يوليو ‪) ١٩٥٢‬وهو عام الخروج الرسمي لﱪيطانيا من مﴫ(‪ ،‬لوجدنا‬ ‫أن صورة اﳌستع ِمر الﱪيطا تختلف اما عن الصورة التي كان يروجها لنفسه ﰲ مﴫ‬ ‫والهند وغ ها من البلدان التي كانت خاضعة لﻼستع ر‪.‬‬ ‫ومن هنا نجد أن مصطلح »الرواية اﻻستع رية« أو »اﻷدب اﻻستع ري« مصطلح‬ ‫استبعادي وإقصا عن عمد‪ ،‬ﻷن هذا اﻹقصاء أو هذا اﻻستبعاد هو الوسيلة الوحيد‬ ‫لض ن وحدة اﻷنا اﻻستع رية وكُلﱢ َي ِتها‪ ،‬أي سﻼمتها ككل متحد ومنسجم مع ذاته‪ .‬وأظن‬ ‫أن هذا يتوافق مع ما ذهب إليه منظﱢرو ما بعد اﻻستع ر من أن هوية اﳌستع ِمر هوية‬ ‫غ مستقرة أو هوية زئبقية ﻷنها ليس لها وجود إﻻ خارج حدود عاصمة اﻹمﱪاطورية‪:‬‬ ‫فاﳌستع ِمر ليس له وجود إﻻ إذا خرج من داره‪ /‬دولته واستوﱃ عﲆ ديار‪ /‬دول آخرين‪.‬‬ ‫يقل مقدا ُره – إذا واصلنا استعارة اﳌثل اﳌﴫي »من خرج من داره ﱠقل مقدا ُره‪/‬‬ ‫و ﻻ ﱠ‬ ‫قَ ْد ُره« –يتع ّمد تجا ُه َل أدب الشعوب التي يستعمرها؛ ﻷنه قام باستع رها ﰲ اﻷساس‬ ‫بافﱰاض أنها شعوب متخلفة ليس لديها أدب وﻻ ثقافة وﻻ حضارة وﻻ علم وﻻ أي ﳾء‪،‬‬ ‫وجاء هو اﳌتحﴬ الراقي اﳌتأدب شفق ًة بها وتعاطفًا معها يُخرجها من الظل ت إﱃ‬ ‫تقويض فكرة اﻻستع ر ذاتها ونقْضَ ها‬ ‫النور! فاﻻعﱰاف بأدب هذه الشعوب يعني عمليا‬ ‫َ‬ ‫ونس َف اﻷساس الذي تقوم عليه‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫‪١٠‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



‫وإذا كان مفهوم »أدب اﻻستع ر« يقوم عﲆ اﻹقصاء وعﲆ اﻻقتصار عﲆ فكرة اﳌستع ِمر‬ ‫عن نفسه‪ ،‬فإن مفهوم »أدب ما بعد اﻻستع ر« مفهوم فضفاض‪ ،‬عﲆ اﻷقل ﰲ الوقت‬ ‫الحاﱄ بعد أن انقﴣ عقدان من القرن الحادي والعﴩين‪ ،‬فمفهوم »الحكايات الكﱪى«‬ ‫)‪ ،(grand narratives‬أي الرؤى الكلية اﳌت سكة التي تستطيع تفس واحتواء كل‬ ‫الظواهر اﳌدرجة تحتها مفهوم أثبت عدم مصداقيته‪ ،‬ليس عﲆ اﳌستويات الكﱪى أو‬ ‫التكتﻼت العاﳌية فحسب‪ ،‬وإ ا حتى عﲆ مستوى البلدان واﳌجتمعات واﻷﴎة ذاتها‪.‬‬ ‫ومن الواضح أن الثورة الحالية ﰲ اﻻتصاﻻت واﳌعلومات والتواصل واﻹعﻼم غ الرسمي‬ ‫قد لعبت دو ًرا ﰲ تقويض القناعات الرسمية واﳌؤسسية والشخصية‪ ،‬وتقويض الصور‬ ‫العامة التي ترسمها الثقافات والكيانات والج عات عن نفسها‪ ،‬فﻼ كننا اﻵن أن نقرأ‬ ‫عن ﳾء أو نتكلم عن ﳾء إﻻ ونحن ندرك أن كﻼمنا أو فهمنا مجرد وجه من وجوه‬ ‫الواقع ﰲ أفضل اﻷحوال‪ ،‬فمهموم الواقع ذاته صار »واقعات« أو »وقائع«‪ ،‬إذا جاز لنا‬ ‫أن نجمع كلمة الواقع؛ ﻷن الصورة التي ترتسم ﰲ أذهاننا عن هذا الواقع‪ ،‬أو نسعى‬ ‫ﻷن ننﴩها عنه‪ ،‬ﻻ تقوم عﲆ أساس كننا معاينته أمامنا‪ ،‬ك كان العلم يوهمنا بذلك‬ ‫من قبل )العلم ذاته صار وجهة نظر وليس حقيقة موضوعية(‪ ،‬وإ ا تقوم عﲆ نظرتنا‬ ‫الشخصية اﳌتشابكة مع مصالحنا وتاريخنا ووجهة نظرنا وتطلعاتنا وإدراكنا أننا مجرد‬ ‫نقطة ﰲ كون ﻻ نعلم حدوده‪ ،‬وأن ما نشاهده ﻻ ثل إﻻ النظرة الشخصية أو الذاتية‬ ‫إﱃ أفراد آخرين ومؤسسات أخرى و«علوم« ومجاﻻت معرفة أخرى‪ ،‬وإن هذه النظرة قد‬ ‫تتغ ّ أو تتح ّول لدينا ﰲ أي وقت‪ .‬فعﲆ سبيل اﳌثال‪ ،‬ما كان يوهمنا به عﴫ التنوير من‬ ‫معاي ومبادئ للحضارة والتقدم‪ ،‬أو ما توهمنا به فلسفات أخرى من معاي ومبادئ‬ ‫مناقضة لها‪ ،‬اتضح أنه مجرد نظرة للحياة لها أسس ﻻ كن تعميمها لتشمل حياة‪/‬حيوات‬ ‫آخرين‪ /‬اﻵخرين‪ .‬وصار استخدام صيغة التعريف ذاتها – اﻵخرون‪ ،‬العلم‪ ،‬الثقافة‪ ،‬اﻷدب‬ ‫– استخداما إشكاليا ﻷنه يج ﱡرنا إﱃ التعميم الذي ينطوي عﲆ نظرة كلية أو شمولية ليس‬ ‫لها أساس‪.‬‬ ‫ما عﻼقة هذا بأدب ما بعد اﻻستع ر؟ سؤال ر ا يتبادر إﱃ ذهنك أيها القارئ الكريم أو‬ ‫القارئة الكر ة‪ ،‬أو قد يطرحه عﲆ نفسه جها ُز الحاسب الكريم اﳌوجود عليه ملف هذه‬ ‫اﳌقدمة أو هذا الكتاب؛ فنحن ﰲ عﴫ الذكاء اﻻصطناعي عﲆ أية حال! ور ا تنظر)ين(‬ ‫إﱃ ما قلتُه أعﻼه عﲆ أنه استطراد ﰲ غ محله‪ .‬بالرغم من أن أدب ما بعد اﻻستع ر‬ ‫عﲆ مستوى اﳌ رسة والتنظ عﲆ حد السواء قد نشأ كثور ٍة عﲆ مفهوم أدب اﻻستع ر‪،‬‬ ‫‪١١‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



‫وأنشأ التنظ َ له مجموع ٌة من النقّاد الذين ينتمون ﰲ اﻷساس إﱃ الدول التي كانت‬ ‫خاضعة لﻼستع ر‪ ،‬نجد أنه يتشابك ﰲ اﻷساس مع أدب اﻻستع ر ومع نظرة اﳌستعمر‬ ‫اﻷدب اﻻستع ري ذاته؛ فهذا‬ ‫لﻸدب‪ ،‬حتى لو كان هذا التشابك ُ‬ ‫ينقض‪ ،‬ﰲ بعض جوانبه‪َ ،‬‬ ‫التشابك تدا ُخ ٌل وتو ﱡر ٌط‪ ،‬ﻷن اﳌنظﱢ ُر أو اﻷديب ما بعد اﻻستع ري عليه أن يلعب دا ا دور‬ ‫اﳌتهم الذي يدافع عن نفسه لينفي عنها التهمة التي ألصقها به اﳌستع ِمر‪ ،‬ك أن عليه‬ ‫أن يستخدم لغة اﳌستع ِمر ذاتها ل ينفي هذه التهمة‪ ،‬حتى لو كان استع له لهذه اللغة‬ ‫يق ﱢوضها أو عﲆ اﻷقل يزعزع ثوابتها من خﻼل إدخال تعب ات ومفاهيم لغوية ﰲ هذه‬ ‫اللغة تجعلها تنزاح بالتدريج عن موضعها الذي كان راس ًخا عﲆ سبيل اﻻقﱰاض‪ ،‬لتحتل‬ ‫موقع اﳌا ب ‪ ،‬أي أن هذه اللغة تعد نفسها التي كانت و تتحول أو تص لغة أخرى‪.‬‬ ‫ر ا كان القاسم اﳌشﱰك اﻷكيد الوحيد ب أدب اﻻستع ر وأدب ما بعد اﻻستع ر –‬ ‫حسب اﳌفهوم الغر لكليه – هو اللغة التي يُكتَب بها‪ ،‬وما عدا ذلك فكل ﳾء‬ ‫مختلف‪ :‬الكتّاب ﻻ ينتمون لنفس الفئة‪ ،‬فكتّاب اﻷدب اﻻستع ري هم الغربيون أنفسهم‪،‬‬ ‫ﰲ ح أن ك ّتاب اﻷدب ما بعد اﻻستع ري ك ّتاب ينتمون إﱃ اﳌستعمرات السابقة )ك‬ ‫لو كانت الدول اﳌستع َمرة ﻻ وجود لها إﻻ ﰲ سياق كونها مستع َم َرات!( وهاجروا – طو ًعا‬ ‫أو كر ًها – إﱃ مركز اﻹمﱪاطورية السابقة‪ ،‬أي إﱃ الدولة اﻷم التي تنتمي لها اﻹمﱪاطورية‬ ‫اﻻستع رية )مفهوم اﻹمﱪاطورية ذاته ﻻ وجود له خارج نطاق اﻻستع ر أو اﳌؤسسات‬ ‫اﻻستع رية(‪.‬‬ ‫واﳌوضوعات التي يتناولها أدب اﻻستع ر تسلط الضوء عﲆ حياة اﳌستع ِمر واﳌشاكل‬ ‫التي يعانيها من »ناكري الجميل«‪ /‬أهل البلدان اﳌستع َم َرة الذين ﻻ يق ّدرون تضحيات‬ ‫اﳌستع ِمر‪/‬السيد الذي تنازل عن رفاهية العيش ﰲ بلده وجاء إليهم لينقلهم من الظل ت‬ ‫إﱃ النور! ﰲ ح أن أدب ما بعد اﻻستع ر يتناول تجارب اﳌهاجرين أو أبناء اﳌهاجرين‬ ‫الذي استوطنوا ﰲ الغرب اﻻستع ري أو مراكز اﻹمﱪاطوريات اﻻستع رية‪ ،‬أو الذين‬ ‫ظلوا ﰲ بلدانهم التي تخلت عن لغتها الخاصة وتنبّ ْت لغ َة اﳌستع ِمر لغ ًة رسمي ًة لها‪،‬‬ ‫واستخدموا هذه اللغة ﰲ كتابة أدبهم‪ ،‬وإن كانت هذه التجارب أك ثراء من تجارب‬ ‫اﳌستع ِمر ﰲ أدب اﻻستع ر‪ ،‬ﻷنها تتﻼحم مع جوانب متعددة من تجارب عﴫ ما بعد‬ ‫اﻻستع ر باﳌعنى التاريخي للمصطلح‪ ،‬سواء أكان ذلك يتعلق ﰲ معظمه بالحياة وسط‬ ‫مجتمع اﳌستع ِمر ذاته بعد أن عاد إﱃ قواعده ﰲ مركز اﻹمﱪاطورية‪ ،‬أو بالحياة ﰲ الدول‬ ‫‪١٢‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫التي كانت خاضعة لﻼستع ر والتي هاجر عنها أو منها الكاتب أو الكاتبة‪ ،‬ويرجع إليها‬ ‫عﲆ مستوى الحني أو التخيﱡل أو حتى الواقع‪.‬‬ ‫أما بالنسبة لﻸسلوب‪ ،‬فمعظم روايات وقصص أدب اﻻستع ر كانت تنتهج اﻷسلوب‬ ‫»الواقعي‪ «،‬وبالرغم من أن الواقعية هي التي كانت منتﴩة ﰲ فﱰة ازدهار اﻻستع ر‬ ‫ﰲ القرن التاسع عﴩ والنصف اﻷول من القرن العﴩين‪ ،‬نجد أن لجوء معظم الروائي‬ ‫اﻻستع ري لها كان أنسب وسيلة لتصوير الحياة ﰲ »اﳌستعمرات« ا يﻼئم نظرة‬ ‫اﳌستع ِمر‪ ،‬ﻷن الواقعية – كأسلوب فني ورؤية فنية –ﻻ تحمل ﰲ داخلها بذو ًرا نقدية‪ ،‬أي‬ ‫بذور تشك ُﱢك ﰲ أسلوب التصوير الفني ذاته‪ .‬ومع أن مدارس الحداثة كانت قد انتﴩت‬ ‫منذ العقد الثا من القرن العﴩين‪ ،‬وكان اﻻستع ر ما زال ﰲ ازدهاره‪ ،‬نجد كتّاب‬ ‫اﻷدب اﻻستع ري يستخدمونها ﰲ رواياتهم وقصصهم‪ ،‬ﻷن الحداثة تستجوب نفسها‬ ‫وتستجوب الواقع ذاته من وجهة نظر نقدية وﻻ كنها أن تسلّم بالواقع ك هو‪ ،‬ك ﻻ‬ ‫كنها أن تس ﱢو غ للكاتب أن يستمرئ الصورة الﱪاقة التي يرسمها عن نفسه وعن الفئة‬ ‫التي يكتب بلسانها‪.‬‬ ‫وعﲆ الجانب اﻵخر‪ ،‬نجد أن رواية ما بعد اﻻستع ر توظّف مختلف اﻷساليب الروائية‪،‬‬ ‫وخاصة اﻷساليب التي ﻻ تستند إﱃ فكرة واقع قائم بذاته وموجود هناك ﰲ الخارج‪ ،‬إذا‬ ‫استخدمنا لغة الفلسفة‪ ،‬فالواقع ﻻ وجود له ﰲ الغالب إﻻ ﰲ إطار ع ٍ تنظ ُر له ويتفاعل‬ ‫مع كل ما ثله صاحب الع الراصدة‪ ،‬وهو ﰲ الغالب يرى هذا الواقع حالة فنية‬ ‫ومادة خا ًما قابلة للتشكيل بطرق فنية متنوعة‪ ،‬وكلها طرق يل إﱃ النسبية‪ ،‬أي اﻻبتعاد‬ ‫عن فكرة اﳌطلق الفني أو النظرة اليقينية للعالَم والحياة‪ .‬وبالطبع‪ ،‬كن ﳌن يعشق‬ ‫التفكيك أن يفكك هذه النظرة ذاتها ويب ّ أنها تتبنى نفس اﳌنطق الذي يقوم عليه‬ ‫الواقع اﳌرفوض‪ :‬فبدﻻ من الثابت أو اليق الذي كان متمثﻼ ﰲ الواقع‪ ،‬صار هناك يق‬ ‫أو ثابت جديد‪ ،‬أﻻ وهو الﻼيق باعتباره مبدأ راسخا ﰲ نظرية ما بعد الحداثة وما بعد‬ ‫اﻻستع ر‪ ،‬وما شابهها من نظريات‪ ،‬ﰲ ح أن الحياة تحتمل كافة اﻻتجاهات واﳌواقف‬ ‫ﻷ ﱠن تن ﱡو َعها وتشعباتها وثراءها يفوقون الوصف والرصد ويتمردون عﲆ اﻻحتواء‪.‬‬ ‫وهذا من ضمن الثغرات التي يرصدها النقاد ﰲ اﻷدب ما بعد اﻻستع ري‪ ،‬أو باﻷحرى‬ ‫ﰲ محاولة التنظ له‪ :‬فالغالب ﰲ التنظ ﻷدب ما بعد اﻻستع ر أن يتم تقسيمه إﱃ‬ ‫‪١٣‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫كتل جغرافية ص ء‪ ،‬وكأن كل من ينتمون لهذا التقسيم الجغراﰲ أو ذاك كن النظر‬ ‫إليهم عﲆ أنهم ج عة مﱰابطة ومتناسقة ومتجانسة‪ ،‬وهو أمر يخالف الواقع ويجعلنا‬ ‫نصفه )هذا اﻷمر( بأنه أغلوطة تجانس أو مغالطة اﳌجانسة‪ :‬أي النظر إﱃ اﻷفراد أو حتى‬ ‫الج عات عﲆ أنهم صورة من بعضهم البعض وعﲆ أنهم ج عة متجانسة ﻻ توجد فروق‬ ‫فردية بينهم‪ ،‬أو ﻻ تغلب اختﻼفاتهم عﲆ تشابهاتهم‪.‬‬ ‫ك أن هذا التقسيم الجغراﰲ – اﻷدب اﻷفريقي ما بعد اﻻستع ري‪ ،‬اﻷدب الكاريبي‬ ‫ما بعد اﻻستع ري‪ ،‬اﻷدب الجنوب أسيوي ما بعد اﻻستع ري‪ ،‬الخ –تقسيم يناﰲ حتى‬ ‫الواقع الجغراﰲ ذاته‪ ،‬ويقع ﰲ مغالطة اﳌجانسة عﲆ مستوي ‪ :‬اﳌستوى اﻷول‪ :‬أليست‬ ‫هذه اﳌناطق الجغرافية التي كانت خاضعة لﻼحتﻼل لها لغاتها الخاصة؟ فل ذا يتم النظر‬ ‫فقط إﱃ اﻷدب الذي يكتبه أبناؤها باللغة اﻹنجليزية؟ وليس كل أبنائها‪ ،‬وإ ا أبناؤها‬ ‫الذين يكتبون باللغة اﻹنجليزية داخل النطاق الجغراﰲ ﳌركز اﻹمﱪاطورية‪ ،‬ﰲ بريطانيا‪،‬‬ ‫وليس ﰲ الهند أو باكستان أو نيج يا عﲆ سبيل اﳌثال! أما اﳌستوى الثا ‪ ،‬فيتمثل ﰲ أنه‬ ‫ﻻ يتم اﻻلتفات إﱃ اﻵداب اﳌكتوبة بلغات البلدان التي كانت خاضعة لﻼستع ر عﲆ‬ ‫أنه من صميم أدب ما بعد اﻻستع ر‪ ،‬ك لو كان منظّر ما بعد اﻻستع ر ﻻ يعﱰف إﻻ‬ ‫بلغات اﳌستع ِمر باعتبارها اللغات الﴩعية التي يُكتَ ُب بها أدب ما بعد اﻻستع ر! وحتى‬ ‫ﰲ هذا السياق أو اﻹطار‪ ،‬ﳌاذا ﻻ يتم النظر إﱃ اﻷدب الذي يكتبه أهل أمريكا اﻷصليون‬ ‫أو أهل كندا اﻷصليون أو أهل أسﱰاليا اﻷصليون )وكله مكتوب باﻹنجليزية ﰲ حالة أمريكا‬ ‫وأسﱰاليا‪ ،‬وبعضه باﻹنجليزية وبعضه بالفرنسية ﰲ حالة كندا( عﲆ أنه أدب ينتمي ﻷدب‬ ‫ما بعد اﻻستع ر؟!‬ ‫ري فعﻼ‪ ،‬فعليه أن يشمل‬ ‫أظن أنه لو كان ﻷدب ما بعد اﻻستع ر أن يكون ما بعد استع ّ‬ ‫ﰲ اﻷساس اﻵداب التي تكتبها الشعوب والدول التي كانت خاضعة لﻼستع ر‪ ،‬وبلغاتها‬ ‫ووفقا لرؤاها وأساليبها ﰲ الكتابة وﳌفهوم اﻷنواع اﻷدبية عندها‪ .‬ك أن أدب ما بعد‬ ‫اﻻستع ر ﻻ يقتﴫ عﲆ التعرض لﻼستع ر بشكل مباﴍ‪ ،‬فمعظم دول العا الثالث اﻵن‬ ‫واقعة تحت استع ر غ مباﴍ‪ ،‬سواء أكان اقتصاديا )وما أدراك ما البنك الدوﱄ وما‬ ‫الﴩكات اﳌتعددة الجنسيات والعابرة للقارات!( أم فكريا أم ثقافيا أم لغويا‪ ،‬أم سياسيا‬ ‫عن طريق عدم استقﻼل اﻹرادة السياسية الوطنية ﰲ التخطيط وصنع القرار ومجاﻻت‬ ‫التنمية أو عن طريق عرائس اﳌاريونيت‪ ،‬الخ‪ .‬فهل كن اعتبار اﻷدب الذي يتعرض‬ ‫‪١٤‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫للقضايا واﻵثار الناجمة عن هذا اﻻستع ر غ اﳌباﴍ أدبا ما بعد استع ري؟ وهل‬ ‫معنى اﻻستع ر يقتﴫ عﲆ هذه اﻷشكال من اﻻستع ر أم كن توسيعه ليشمل سطوة‬ ‫اﳌاﴈ عﲆ الحاﴐ‪ ،‬وسطوة التفس ات اﳌتجمدة أو اﻷصولية أو اﻻستبدادية ﰲ أي مجال‬ ‫من مجاﻻت الحياة عﲆ التفس اﻷك اتساعا أو أك عﴫية أو أك استيعابا ﳌستجدات‬ ‫الحياة ولتغ مفهوم الهرمية اﻻجت عية والسياسية واﻷدبية والدينية والثقافية‪ ،‬الخ؟‬ ‫ومن جهة أخرى‪ ،‬هل نُدخل استع ر اﻹنسان لﻸرض ﰲ هذا اﳌوضوع؟ عنى أن استع ر‬ ‫اﻹنسان لﻸرض – الذي كان عنى الع رة‪ ،‬عﲆ اﻷقل من اﳌنظور اﻹسﻼمي اﻷصﲇ –زيّن‬ ‫له )لﻺنسان( أنه له الحق اﳌطلق ﰲ التﴫف عﲆ كوكب اﻷرض ك يشاء‪ ،‬م أدى إﱃ‬ ‫كوارث بيئية تكاد تفتك باﻷرض ذاتها؟ فهل كن تصنيف اﻷدب الذي يتناول قضايا البيئة‬ ‫والكوارث البيئة أو حتى اﻷدب الذي انفتح – عن طريق التخييل – عﲆ كواكب أخرى‬ ‫عﲆ أنه أدب ما بعد استع ري؟‬ ‫أظن أن استخدام صيغة الجمع هو اﻷسلم واﻷفضل لوصف الحالة الراهنة واﳌستقبلية‪:‬‬ ‫آداب ما بعد اﻻستع ر‪ ،‬فنون‪/‬أنواع‪/‬أجناس رواية ما بعد اﻻستع ر‪ ،‬فنون‪ /‬أنواع‪/‬‬ ‫أجناس الرواية اﳌﴫية عﲆ سبيل اﳌثال‪ ،‬الخ‪ .‬ونحن اﻵن ﰲ مأزق‪ ،‬ف ُيفﱰض أن انتهاء‬ ‫عﴫ اﻻستع ر يفتح اﳌجال لظهور القوميات أو الدول القومية‪ /‬الوطنية واﻻحتفاء بها‬ ‫وبثقافتها وتاريخها وهوياتها وما إﱃ ذلك‪ .‬وﰲ الوقت ذاته‪ ،‬ظهور العوﳌة وثورة اﳌعلومات‬ ‫واﻹنﱰنت وتزايد قنوات اﻻتصال يخلق هويات هجينة تجمع بن مك ّونات متباينة ثّل‬ ‫الهوية الوطنية أو القومية مجرد رافد من روافدها‪ ،‬لدرجة أن هوية الشخص الواحد تص‬ ‫ﰲ حالة تغ ﱡ وتشكﱡل دا عﲆ مستوى اﻷسلوب والرؤية والنظرة للذات وللحياة ولﻶخر‪.‬‬ ‫النﴢ اﳌتمثل ﰲ كتابا ﰲ نوع أدب واحد من اﻷنواع التي‬ ‫فمثﻼ عندما أقرأ تاريخي ّ ّ‬ ‫أكتبها‪ ،‬أستحﴬ أغنية اﳌطرب عبد الباسط حمودة‪» :‬أنا مش عارفني‪ ،‬أنا تهت مني‪ ،‬أنا‬ ‫مش أنا«‪ ،‬ولكن باﳌعنى اﻹيجا ‪ ،‬وليس باﳌعنى السلبي الوارد ﰲ اﻷغنية‪ ،‬فأنا عدة رؤى‪،‬‬ ‫وعدة أساليب‪ ،‬وعدة أنواع فرعية أو رئيسة داخل النوع اﻷد الواحد من اﻷنواع التي‬ ‫ﲇ حتى اﻵن فقط‪ ،‬وﻻ أعرف إﻻ َم سأص ﰲ اﳌستقبل‬ ‫أكتبها‪ ،‬الخ‪ ،‬ك أن هذا ينطبق ع ّ‬ ‫القريب‪ ،‬ودعك من اﳌستقبل البعيد‪ .‬وهذا يقودنا إﱃ مفهوم النوع اﻷد ‪ ،‬فمن الواضح‬ ‫أن اﻷنواع اﻷدبية‪ ،‬وخاصة الﴪدية منها‪ ،‬تشهد انفتاحا واتساعا ﻻ حدود له ‪ ،‬وهو اﻷمر‬ ‫وسع حدو َد النوع إﱃ أقﴡ درجة لدرجة أنها تعد حدو ًدا‪ ،‬وإ ا أغشية هﻼمية‬ ‫الذي ّ‬ ‫‪١٥‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫مطاطية قابلة للتحرك للخارج باستمرار وقابلة للتقاطع مع حدود أو تخوم أي نوع أد‬ ‫آخر‪ ،‬لدرجة أن مفهوم النوع ذاته يفقد معناه ويص مجرد عتبة أو تُ ْخم أو طرف أو‬ ‫برزخ‪ ،‬فنحن اﻵن ﰲ مناطق اﳌا ب نوعية‪ ،‬أو اﳌناطق الﱪزخية‪ ،‬ﻻ إﱃ هؤﻻء وﻻ إﱃ هؤﻻء‪،‬‬ ‫ﻻ إﱃ هنا وﻻ إﱃ هناك‪ ،‬وكأن كل نوع ﰲ محطة ترانزيت ﻻ يستقر إﻻ ليجد نفسه يستعد‬ ‫للسفر ولﻼنتقال إﱃ موضع آخر‪ ،‬وهكذا إﱃ ما ﻻ نهاية‪.‬‬ ‫وأظن أيضا أن مصطلح ما بعد اﻻستع ر مصطلح فضفاض ومؤقﱠت‪ ،‬فهو يدل عﲆ كل‬ ‫ﳾء وﻻ يدل عﲆ ﳾء‪ ،‬ﻷنه ليس جامعا وﻻ مانعا‪ ،‬مع أن فكرة الجمع وفكرة اﳌنع في‬ ‫يتعلق باﳌصطلحات قد تكون هي ذاتها فكرة تتعرض اﻵن لﻼختبار وللتشكيل والتكوين‬ ‫من جديد‪ .‬فأي نص أو عمل أد يسعى للتحرر من وضع قائم ضاغط وخانق نص ما‬ ‫بعد استع ري‪ ،‬وأي نص يشتبك من قيم سلبية متوارثة نص ما بعد استع ري‪ ،‬وأي نص‬ ‫يسعى لزحزحة حدود النوع اﻷد – وهو نوع موروث عن اﻻستع ر الغر ﰲ الغالب –‬ ‫نص ما بعد استع ري‪ ،‬وأي نص يسعى ﻻستع ل اللغة استع ﻻ حيويا بعيدا عن وصاية‬ ‫مق ّدﳼ اللغة – أي لغة – هو نص ما بعد استع ري‪ ،‬وأي نص يسعى لكشف سياسات‬ ‫اﻻستغﻼل والقمع واﻻستغفال واﻹيهام التي ارسه فئة أو ج عة أو حكومة – حتى ولو‬ ‫ﰲ بلد تعرف اﻻستع ر الفعﲇ ﰲ يوم من اﻷيام – هو نص ما بعد استع ري‪ ،‬الخ‪.‬‬ ‫ﰲ عاﳌنا العر ‪ ،‬أظن أن السنوات العﴩ اﻷخ ة عﲆ وجه الخصوص كانت اختبا ًرا ج ﱠبا ًرا‬ ‫لجميع جوانب حياتنا‪ ،‬فثورات الربيع العر كانت سؤاﻻ كب ًا يستطع ط حياتنا‬ ‫اﻹجابة عليه‪ ،‬فلقد سقطت اﻷقنعة التي كنا نتوارى خلفها – أقنعة الهوية‪ ،‬أقنعة اللغة‪،‬‬ ‫أقنعة اﻷدب‪ ،‬أقنعة الثقافة‪ ،‬أقنعة الوطنية‪ ،‬أقنعة الحضارة‪ ،‬أقنعة التجانس‪ ،‬أقنعة الوﻻء‪،‬‬ ‫كل بطريقته‪ ،‬إذا كان أبﴫ السؤال الكب ‪ ،‬طريقة‬ ‫الخ – وما زلنا عراة نحاول أن نتدبّر‪ ،‬ﱞ‬ ‫»تسﱰنا«‪ ،‬باﳌعا الفصحى والشعبية ﳌفهوم السﱰ‪ ،‬أو حتى تع ﱢرينا أك حتى نصل إﱃ‬ ‫إدراك جوهر الحياة القا ة عﲆ التنوع والتعايش والعمل‪ .‬وسقوط اﻷقنعة هذا انعكس‬ ‫بدوره عﲆ اﻷدب لدينا‪ ،‬وﻻ أريد أن أستخدم عبارة »اﻷدب العر «‪ ،‬ﻷن العبارة صارتْ‬ ‫فضفاضة جدا‪ ،‬أو ضيّقة جدا‪ ،‬اﻷمر سيان‪ ،‬ﰲ هذا القرن الحادي والعﴩين‪ ،‬ويسعى بعض‬ ‫اﻷدباء الذين يفهمون اﻷدب عنى التف ﱡرد والهوية اللغوية والرؤيوية ومواكبة مستجدات‬ ‫الحياة إﱃ أن يستوعبوا سقوط اﻷقنعة هذا ﰲ كتاباتهم‪ ،‬وخاصة ﰲ الرواية والقصة‪،‬‬ ‫ﻷن الشعر لدينا متخلف كث ا ﰲ هذا اﳌجال‪ ،‬وﻻ يدرك معظم الشعراء اﻵن أن اﻷقنعة‬ ‫سقطت بالفعل‪.‬‬ ‫‪١٦‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫وأخ ًا‪ ،‬اعت د الكث من اﳌدارس والنظريات والتصنيفات والفلسفات‪ ،‬الخ‪ ،‬عﲆ فكرة‬ ‫»اﳌا بعد« يدل عﲆ قصور ﰲ اﳌصطلح‪ ،‬ﻷنه »اﳌا بعد« تدل عﲆ الخروج من مرحلة وعدم‬ ‫الدخول ﰲ مرحلة أخرى‪ ،‬عﲆ خلع هوية وعدم ارتداء هوية أخرى‪ .‬ك يدل عﲆ أن فكرة‬ ‫ما قبل اﳌا بعد – اﻻستع ر مثﻼ في يتعلق ا بعد اﻻستع ر – هي التي تتحكم ﰲ‬ ‫الحاﴐ‪ ،‬أو أن الحاﴐ ينشغل ناوشة ومجابهة آثارها‪ ،‬دون أن يصل إﱃ طريق خاص‪ ،‬أو‬ ‫يصل إﱃ أسئلته وقضاياه الخاصة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫أدرك أن مق ّدمتي هذه طرحت اﻷسئلة أك م قدمت أجوبة‪ ،‬ور ا تقدم أجوبة‪،‬‬ ‫ﻷننا اﻵن ﻻ كننا أن نقدم أجوبة عﲆ ﳾء‪ ،‬فعﴫنا عﴫ اﻷسئلة بامتياز‪ ،‬ك أنه عﴫ‬ ‫انتقاﱄ ب أساليب ونظرات حياة تعد صالحة ﳌا وصلنا إليه ﰲ حياتنا اﳌعاﴏة ﰲ‬ ‫القرن الحادي والعﴩين‪ ،‬وﰲ الوقت ذاته مازلنا نج ّرب أساليب ونظرات جديدة‪ ،‬دون أن‬ ‫نستقر عﲆ ﳾء أو نصل إﱃ ﳾء محدد‪ .‬وأخﴙ أن يأ أحد ويصف عﴫنا – عﲆ سبيل‬ ‫التوصيف اﳌؤقت – بأنه عﴫ ما بعد اﻷسئلة!‬ ‫أ‪ .‬د‪ .‬جمال الجزيري‬



‫جامعة طيبة‪/‬اﳌدينة اﳌنورة‬ ‫‪ ٥‬يناير ‪٢٠٢٠‬‬



‫‪١٧‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫رواية المستعمرات‬ ‫رتشارد َربِل‬



‫*‬



‫كن تعريف رواية اﳌستعمرات )‪ ( colonial fiction‬بأنﱠها الرواية التي تدور أحداثها‬ ‫ﰲ العالَم اﻻستع ري‪ ،‬وهو اﳌناطق والدول التي كانت خاضعة لﻼستع ر اﻷورو ‪ ،‬بداي ًة‬ ‫من عﴫ اﻻكتشافات ‪ ٣‬حتى منتصف القرن العﴩين‪ ،‬عندما ج ﱠردت أوروبا نفسها من‬ ‫تلك اﳌستعمرات‪ .‬وتح هذه الروايات‪ ،‬ﰲ العادة‪ ،‬رحيل اﻷبطال )الذكور ذوي البﴩة‬ ‫البيضاء( من أوروبا‪ ،‬سواء أكانوا مستكشف أم مغامرين أم جنودا ً أم تجارا ً أم مديرين‬ ‫و ُحكﱠا ًما‪ ،‬أم مجرم منفي أحيانا‪ .٤‬وتح تلك الروايات كيف واجه أولئك اﻷبطال عاﳌا‬ ‫مجهوﻻ من اﻷدغال والصحاري واﻷمراض والشعوب والثقافات الغريبة‪ .‬وتص ﱢو ُر هذه‬ ‫الرواياتُ بوجه عام عا َ اﳌستعمرات تصوي ًرا تقليديا ر ا يتوافق أو ﻻ يتوافق مع عا‬ ‫اﳌستعمرات الذي كن التع ﱡرف عليه ومعرفته من خﻼل اﳌراسﻼت والصحف والسجﻼت‬ ‫اﻷخرى اﳌتاحة عنه‪ ،‬سواء أكانت متاح ًة ﰲ الدولة اﻷوروبية اﻷم أم ﰲ اﳌستعمرات السابقة‬ ‫نفسها‪ .‬وهذه التقاليد كانت‪ ،‬وما زالت‪ ،‬مؤثرة؛ ﻷنها ذات أهمية كﱪى ﰲ تشكيل فه ِمنا‬ ‫لطبيعة أراﴈ اﳌستعمرات وشعوبها‪.‬‬ ‫ظهرت بدايات القصص اﻻستع ري ﰲ بريطانيا العظمي حتى قبل أن تتح ّول هي ذاتها‬ ‫إﱃ قوة استع رية عﲆ أرض الواقع‪ .٥‬و كننا أن نقرأ مﴪحية »العاصفة« لويليام‬ ‫شكسب عﲆ أنها قصة رمزية استع رية‪ ،‬وكُتبت هذه اﳌﴪحية ﰲ بداية القرن السابع‬ ‫عﴩ قبل أن تؤسس إنجلﱰا مستعمراتها ﰲ أمريكا الش لية‪ ،‬أو قبل أن تﴩع ﰲ غزو‬ ‫الهند‪ .‬ﰲ هذه اﳌﴪحية‪ ،‬تتحطم سفينة بروسب و وابنته م اندا بالقرب من إحدى الجزر‪،‬‬ ‫ويحرر بروسب و أحد سكان الجزيرة ويدعي أرييل‪ ،‬ويوافق هذا الرجل عﲆ أن يص‬ ‫شخصا آخر من سكان الجزيرة ويدعى كاليبان يكن‬ ‫عبدا ً لﱪوسب و‪ .‬ولكن هناك‬ ‫ً‬ ‫سهل اﻻنقياد مثل مواطنه أرييل‪ .‬بالرغم من أن بروسب و عامله بلطف وعلّمه اللغة‬ ‫اﻹنجليزية‪ ،‬فإن كاليبان ر ّد جميله بأن حاول أن يغتصب ابنته م اندا‪ ،‬ولذلك استعبده‬ ‫بروسب و بالقوة‪ .‬واستطاع بروسب و أن يفرض هيمنته وسلطته عﲆ الجزيرة بفضل ما‬ ‫كان يتمتع به من القوى السحرية‪ ،‬بالضبط مثل مكﱠنت اﻷسلح ُة الحديثة والتكنولوجيا‬ ‫*‬



‫نﴩت هذه الﱰجمة ﰲ مجلة الجديد اللندنية ) العدد ‪/٦٦‬يوليو ‪.(٢٠٢٠‬‬



‫‪١٩‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫اﳌتفوقة اﻷوروبي من السيطرة عﲆ اﳌستعمرات التي احتلّوها ﰲ شتى أنحاء العا ‪.٦‬‬ ‫و ثل أرييل اﳌواطن اﳌتفرنج الذي نجده بعد ذلك ﰲ روايات ﻻحقة ﰱ شخصية فرايداي‬ ‫الذي يرﴇ بأن يكون خادما ﰲ مقابل قدر قليل من التعليم ‪ .٧‬وقد كان بروسب و يلجأ‬ ‫فقط إﱃ بعض التهديدات من آن ﻵخر ليحافظ عﲆ سيادته وسلطته عﲆ خادمه أرييل‪.‬‬ ‫واتفق معه عﲆ أن يطلق ﴎاحه جرد أن ينتهي من تحقيق خططه اﳌاثلة ﰲ استعادة‬ ‫سلطته ﰲ إيطاليا مرة أخري‪ .‬وعﲆ الجانب اﻵخر‪ ،‬ثل كاليبان اﻵخ َر الخائ َن الذي يجب‬ ‫ﴏح برغبته ﰲ اغتصاب امرأة بيضاء‪ .‬وك نجد ﰲ العديد من قصص‬ ‫أ ْن يُقهر بالقوة ﻷنه ّ‬ ‫وروايات اﳌستعمرات الﻼحقة‪ ،‬يجلب بروسب و العقﻼنية واﻷخﻼق والنظام للجزيرة —‬ ‫للنموذج اﻻستع ري اﻷصﲇ — فيكافئ من يطيعه‪ ،‬ويعاقب من يقاوم سلطته‪.‬‬ ‫وتعد رواية الكاتبة أفرا بِن ) ‪» ٨ (AphraBehn‬اورونوكو« )‪ (١٦٨٨‬العمل التاﱄ ﰲ‬ ‫اﻷهمية ب روايات اﳌستعمرات؛ وهي من الن ذج اﻹنجليزية اﳌبكرة لهذا النوع‪ .‬والبطل‬ ‫هنا أفريقي‪ ،‬عﲆ العكس من غالبية روايات اﳌستعمرات‪ .‬ومع أ ﱠن راوية هذه الرواية‬ ‫امرأة إنجليزية‪ ،‬فإن الرواية تص ّور العديدين من الشخصيات اﻹنجليزية عﲆ أنهم أوغاد‪.‬‬ ‫وبالرغم من اختﻼف الرواية عن اﻻتجاهات العامة ﰲ كتابة رواية اﳌستعمرات‪ ،‬فإنّها‬ ‫تشكك ﰲ ﴍعية مؤسسة العبودية‪ .‬ونجد أ ّن البطل اورونوكو وا ويندا استثنائيان‬ ‫ﰲ ج له البد وذكائه ونبله ‪ ،‬لدرجة أنﱠه ﻻ كن النظر إليه باعتباره ُح ّجة‬ ‫تستخدمها الراوية ضد اﻹمﱪيالية اﻷوروبية‪ :‬عنى أنه ﻻ كن أن نراه ممثل لغ‬ ‫اﻷوروبي ‪ .‬ولكن اورونوكو ثّل النموذج اﻷول للهمجي النبيل ‪ ٩‬ﰲ الرواية اﻹنجليزية‪.‬‬ ‫تعد رواية دانيال ديفو )‪» (Daniel Defoe‬روبنسون كروسو« )‪ (١٧١٩‬العمل اﻷك‬ ‫تأث ا من ب أدب اﳌستعمرات‪ .‬وقد نﴩت هذه الرواية عندما كانت بريطانيا تبني‬ ‫إمﱪاطورتيها ﰲ أمريكا الش لية وشبه القارة الهندية وأماكن أخري‪ ،‬ولكنها تﴩ مباﴍة‬ ‫إﱃ أية أط ع بريطانية استع رية ‪ .١٠‬فبطلُها كروسو يُقبض عليه‪ ،‬ويُستعبد ﰲ ش ل‬ ‫أفريقيا‪ ،‬ويستقر ﰲ مستعمرة برتغالية ﰲ الﱪازيل‪ ،‬ثم تتحطم سفينته بالقرب من إحدى‬ ‫الجزر اﳌهجورة‪ ،‬التي يتّخذها ملكية استع رية له ﰲ النهاية‪ .‬وبالرغم من أن الرواية ﻻ‬ ‫ﴍا ستعمرات بريطانيا‪ ،‬تعد هذه الرواية نواة لروايات اﳌستعمرات؛‬ ‫تهتم اهت ما مبا ً‬ ‫ﻷنها تشتمل تقريبا عﲆ كل الس ت التي صارت في بعد يز ذلك النوع من الروايات‪.‬‬ ‫‪٢٠‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫فبعد أن يقوم كروسو بإنقاذ فرايداي من أعدائه — الذين كانوا‪ ،‬مثل فرايداي‪ ،‬مواطن‬ ‫أصلي يقطنون أمريكا الجنوبية‪ ،‬وكانوا عﲆ وشك أن يقتلوه ويأكلوا لح َمه—يعرض عليه‬ ‫أن يكون خادما أو عبدا له‪ ،‬فيقبل عﲆ الفور‪ ،‬ويظهر ذلك ﰲ مشهد من أشهر مشاهد‬ ‫الرواية‪ ،‬إذ يسجد فرايداي أمام كروسو واضعا قدم سيده عﲆ رأسه‪ .‬ويُطلق عليه كروسو‬ ‫أبيض‪ ،‬ما كان‬ ‫ُ‬ ‫اسم فرايدي‪،‬‬ ‫ويقبل فرايداي هذا اﻻسم عﲆ الفور‪ .‬ولو كان فرايدي رجﻼ َ‬ ‫كروسو سيفعل معه ذلك‪ ،‬وما كان فرايداي سيقبل أن يسميه أح ٌد اس ً غ اسمه‪ ،‬وما‬ ‫كان القراء اﳌعاﴏون سيقبلون هذه اﻹهانة ‪ . ١١‬ويُعلﱢم كروسو فرايداي اللغة اﻹنجليزية‪،‬‬ ‫عﲆ الرغم من أنﱠه يفكر أبدا ﰲ تعلم لغة خادمه‪ ،‬ويعتنق الخادم اﳌسيحية بﴪعة ‪.١٢‬‬ ‫ويتميز فرايداي عن أقرانه بـــدنيا وأخﻼقيا وفكريا‪ ،‬ويخدم سيده بوﻻ ٍء وفرحة ومتع ٍة إﱃ‬ ‫أن يُ ْقتَلَ ﰲ رواية ﻻحقة للمؤلف مكملة لهذه الرواية بعنوان »مغامرات أخرى لروبنسون‬ ‫كروسو« )‪ .(١٧١٩‬ويُ َع ﱡد فرايداي النموذج اﻷصﲇ للشخصيات الخادمة‪/‬التابعة للبطل‪،‬‬ ‫بداية من شخصية جنجا ِدن ﰲ أع ل روديارد كبلنج )‪ (Rudyard Kipling‬وصوﻻً إﱃ‬ ‫شخصية دين وارس ﰲ رواية جوزيف كونرا« لورد جيم«‪.‬‬ ‫أصبحت الكث من س ت رواية »روبنسون كروسو« تقاليد عامة لرواية اﳌستعمرات‪.‬‬ ‫ولقد ظل التفوق اﻷخﻼقي اﻷورو ‪ ،‬وعﲆ اﻷخص الحقيقة اﳌطلقة للمسيحية التي‬ ‫اعتنقها كروسو عﲆ مدار الرواية‪ ،‬من الس ت الراسخة التي ﻻ تقبل الشك ﰲ روايات‬ ‫اﳌستعمرات التالية‪ .‬وعندما يهرب كروسو من اﻷَ ْﴎ ﰲ بداية الرواية‪ ،‬ويبحر عﲆ طول‬ ‫الساحل اﻷفريقي‪ ،‬فإ ﱠن اﳌناظر الطبيعية اﳌهيبة والناس الذين يراهم عﲆ طول الساحل‬ ‫يتم تصويرهم عﲆ أنهم غريبون أو حتى خياليون‪ .‬ويد ﱢجن كروسو جزيرتَه‪ ،‬ويصبح‬ ‫خالصا له‪ ،‬وتتكرر هذه اﳌ رسات وتظل من الثوابت ﰲ واقع الغزو‬ ‫س ﱢي َدها‪ ،‬ويعلنها ِملكًا ً‬ ‫أي دو ٍر تقريبًا ﰲ الرواية‪ ،‬فعﻼقة‬ ‫اﻻستع ري ورواياته عﲆ حد سواء‪ .‬وﻻ تلعب اﳌرأة ﱠ‬ ‫كروسو بفرايداي أك إثارة من عﻼقته الرومانسية مع أية امرأة‪ .‬ﰲ الواقع‪ ،‬إ ﱠن التهميش‬ ‫الكامل للمرأة‪ ،‬بل غيابها‪ ،‬سمة أساسية للغالبية العظمي من روايات اﳌستعمرات التي‬ ‫يكتبها الرجال لجمهور من الذكور‪ ،‬سواء أكانوا كبارا أم صغارا‪.‬‬ ‫وﰲ القرن الثامن عﴩ والتاسع عﴩ‪ ،‬أشعل الغزو الﱪيطا للهند اهت ًما كب ًا بشبه‬ ‫القارة الهندية‪ .‬وتُلقي رواية الس ولﱰ سكوت )‪» (Sir Walter Scott‬ابنة الج ﱠراح«‬ ‫)‪ (١٨٢٧‬الضوء عﲆ الطغاة »الﴩقي « وعﲆ البطل اﻹنجليزي الجريء‪ ،‬وكذلك الشابة‬ ‫‪٢١‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫اﻹنجليزية التي يجب إنقاذها من العبودية التي يع ّرضها لها أحد السﻼط الشهواني ‪.١٣‬‬ ‫‪١٤‬‬ ‫ورواية فيليب ميدوز تايلور )‪» (Philip Meadows Taylor‬اعﱰافات قاطع طريق‬ ‫حظت باهت م شعبي كب وكانت من الروايات اﳌفضﱠ لة لدى اﳌلكة‬ ‫»)‪ ،(١٨٣٩‬رواية‬ ‫ْ‬ ‫فيكتوريا‪ ،‬وهي تروي قصة حياة أم عﲇ‪ ،‬وهو من أبناء عش ة الث ّﱠج الذين يقطعون‬ ‫الطرق ويﴪقون ويقتلون اﳌسافرين ﰲ جنوب الهند‪.‬‬ ‫وقد بلغت اﻹمﱪاطورية اﻹنجليزية أوج مجدها ﰲ نهاية القرن التاسع عﴩ‪ ،‬وكتب‬ ‫رايدر هاجرد)‪ (Rider Haggard‬أك الروايات اﻹفريقية شعبية و ثيﻼ لتلك الفﱰة‪.‬‬ ‫وتدور أحداثُ روايته »كنوز سلي ن« )‪ (١٨٨٥‬حول أحد الطغاة الﴩقي وهو اﳌلك‬ ‫تواﻻ )‪ ،(King Twala‬وأحد الخدم اﻷفارقة اﳌتميزين لﻸبطال اﻹنجليز ويُدعى أومبوبا‬ ‫ويستوﱄ عﲆ حكم كوكواناﻻند بعد مقتل اﳌلك الﴩير تواﻻ‪ ،‬وأخ ًا العﻼقة الرومانسية‬ ‫ب البطل اﻷبيض كاب جود واﻹفريقية الجميلة فوﻻتا‪ .‬وﻻ تختلف هذه العﻼقة عن‬ ‫العﻼقات الرومانسية اﻷخرى في ب شخصيات مختلفة اﻷعراق‪ ،‬فهي عﻼقة محكوم‬ ‫عليها بالفشل‪ ،‬إذ وت فوﻻتا ﰲ ﴏاع مع ساحرة إفريقية ﴍيرة تدعي جاجول‪ .‬وتروي‬ ‫رواية هاجرد »هي« )‪ (١٨٨٧‬قصة عﻼقة رومانسية فاشلة أخري في ب اﻷعراق اﳌختلفة‬ ‫ب البطل ليو فنﴘ واﻹفريقية أوست ‪ ،‬وتصور التضاريس اﻹفريقية القاتلة‪ ،‬ك أنها‬ ‫تص ّور اﻷفارقة تصوي ًرا عنﴫيا‪ .‬ولكن هاجرد يقدم هنا تح ﱡو ًﻻ ملحوظًا ﰲ شخصية الطاغية‬ ‫الﴩقي‪ :‬فالطاغية هنا امرأة بيضاء عد ة اﻷخﻼق تدعي عائشة‪.‬‬ ‫كانت روايات وقصص روديارد كبلنج أك روا ًجا من أع ل هاجرد‪ .‬وقد لعبت مجموعته‬ ‫القصصية »حكايات بسيطة من التﻼل« )‪ (١٨٨٨‬التي نُﴩت وهو ﰲ سن الثانية والعﴩين‬ ‫دو ًرا أساس ًيا ﰲ شهرته‪ .‬وتركز روايات كبلنج اﻻستع رية عﲆ الجالية اﻹنجليزية اﳌغﱰبة‬ ‫ﰲ الهند‪ ،‬ومنهم‪ :‬اﳌديرون والجنود والصحفيون واﳌغامرون‪ .‬وتبدو كل الس ت العامة‬ ‫لروايات اﳌستعمرات واضحة ﰲ تلك اﻷع ل‪ :‬ففيها خدم هنود موالون حتى النخاع‪،‬‬ ‫ومواطنون متفرنجون غ ّدارون‪ ،‬ومه ّجنون مه ﱠمشون‪ ،‬وعﻼقات رومانسية فاشلة ب‬ ‫عرقيات مختلفة‪ ،‬وحكام هنود فاسدون‪ ،‬وتضاريس عدائية‪ ،‬وإ ان ﻻ يهت ﱡز بأ ّن اﻹنجليز‬ ‫هم الحكام الطبيعيون للهند‪ .‬وعﲆ الرغم من أ ﱠن روايات كبلنج تُقرأ عﲆ أنﱠها روايات‬ ‫مناﴏة لﻼستع ر وعنﴫية ﰲ مجملها‪ ،‬فإ ﱠن تصويره للثقافة الهندية‪ ،‬وخاصة ﰲ روايته‬ ‫ِ َ‬ ‫»كيم« )‪ ،(١٩٠١‬تصوير متعدد اﳌستويات ومتعاطف مع هذه الثقافة إذا ما قورن ا‬ ‫نجده ﰲ أع ل روائية أخرى‪.‬‬ ‫‪٢٢‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬فإ ّن العديد من قصص كبلنج — وكذلك العديد من مئات القصص والروايات‬ ‫ثيﻼ يوظﱢف كل س ت النظرة التنميطية ذاتها‪:‬‬ ‫اﻷخرى — ثل العا اﻻستع ري ً‬ ‫حكام محليون فاسدون يضطهدون شعوبَهم‪ ،‬ويتم تصوير الشعوب ﰲ صور ِة اﳌطحون‬ ‫الذين يعانون منذ زمن بعيد‪ ،‬وصور ِة اﳌحبوس ﰲ ثقافة جامدة ﻻ تتغ ‪ .‬الشخصيات‬ ‫ذات العرقيات اﳌختلطة‪ ،‬الذين يُشار إليهم عﲆ سبيل اﻻستهجان بـ »اﳌه ﱠجن «‪ ،‬وهم‬ ‫موضع سخرية ﰲ معظم اﻷحوال‪ ،‬وكذلك الشخصيات الذين يطلق عليهم »اﳌواطنون‬ ‫اﳌتفرنجون« – كل هذه الشخصيات إما أن تتم السخرية منهم ﳌحاوﻻتهم اﳌعيبة ﻷن‬ ‫يتب ﱡنوا الثقافة اﻷوروبية ويقلّدوها‪ ،‬أو أن يُعاملوا عﲆ أنهم أﴍار‪ :‬أي أن قبولهم الظاهر ّي‬ ‫للغات اﻷوروبي وثقافتهم ودينهم مج ّرد قنا ٍع يُخفون به وﻻءهم الخط لثقافتهم‬ ‫اﻷصلية‪ .‬و ثل العديد من الشخصيات اﳌشابهة لشخصية فرايداي ﰲ رواية اﳌستعمرات‬ ‫نقيض اﳌواطن اﳌتفرنج ؛ فهم مخلصون وتابعون سعداء بتبع ﱠي ِتهم‪ ،‬فأك صفة ّيزهم‬ ‫َ‬ ‫أنهم وتون دفا ًعا عن أسيادهم البيض‪ .‬وتُص ﱠو ُر النساء الﻼ ﻻ ينتم للبِيض عﲆ أنهن‬ ‫جميﻼت وفاتنات ولكنهن من التابوهات؛ فالعﻼقات الغرامية العادية ب البيض والنساء‬ ‫غ البيضاوات – الشائعة إﱃ ح ﱟد ما – عﻼقات تكاد تكون فاشلة عﲆ الدوام‪ .‬وت ُ َع ﱡد‬ ‫اﳌناظر الطبيعية اﻻستوائية ِ‬ ‫ﴩ سمة أخري من س ت هذا اﻷدب؛ فاﻷدغال‬ ‫اﳌنذ َرة بال ﱢ‬ ‫سامة‪ ،‬وغالبا ما يسكنها البوشمن‪/‬قاطنو الغابات الذين ناد ًرا ما كن التمييز بينهم وب‬ ‫الغابات ذاتها‪.‬‬ ‫إ ّن الس ت التي ذكرناها آنفاً‪ ،‬باﻹضافة إﱃ الثقة الكامنة ﰲ تفوق الجنس اﻷبيض‪ ،‬جعلت‬ ‫رواية اﳌستعمرات ُمر ﱢو ًجا موثوقًا به لغزوات بريطانيا اﻹمﱪيالية‪ .‬ومع ذلك فهناك العديد‬ ‫من اﻻتجاهات اﳌضا ّدة ﰱ روايات اﳌستعمرات؛ فقد تز ﱠوج فيليب ميدوز تايلور من ماري‬ ‫بلمر)‪ (Mary Palmer‬ذات اﻷصول اﻹنجليزية والهندية معا‪ ،‬وتصويره للحياة الهندية ﰲ‬ ‫رواياته يُﱪز تعاطفًا معها ومعرفة وثيقة بها‪ .‬ومع أن قصص كبلنج تتسم بجميع الس ت‬ ‫الفنية اﳌعهودة لرواية اﳌستعمرات‪ ،‬أم َك َنه أن يص ﱢو َر الهن َد والهنود تصويرا يُظهر الدف َء‬ ‫الكب ﰲ عﻼقاتهم اﻹنسانية‪ ،‬ﰱ ح أنه يصور الرجال والنساء اﻹنجليز تصوي ًرا يُظهر‬ ‫برودت َهم الﻼفتة للنظر‪.‬‬ ‫ومن هذا الجانب‪ ،‬تحمل رواية جوزيف كونراد )‪» (Joseph Conrad‬قلب الظﻼم«‬ ‫)‪ (١٩٠٢‬تناقضا ما؛ إذ إنها تق ﱢوض الصورة النمطية للعا اﻻستع ري وتستنسخها ﰲ‬ ‫‪٢٣‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫الوقت ذاته‪ .‬فبين يرفض العديدون من النقاد )بداية من الروا النيج ي تشنوا أتشيبي(‬ ‫هذه الرواية باعتبارها رواي ًة عنﴫية‪ ،‬يعتﱪها آخرون أعظم رواية إنجليزية مناهضة‬ ‫لﻼستع ر‪ .‬ومع أن رواية »قلب الظﻼم« تسخر عﲆ استحيا ٍء من اﳌواطن اﳌتفرنج‬ ‫يعج باﳌؤ ﱢخرات«‪ ،‬وأخر بأنه »ولد« تم إطعامه‬ ‫)فيوصف أحدهم بأنﱠه »كلب ﰲ عالَم هز ّﱄ ﱡ‬ ‫بطعام أك من الﻼزم(‪ ،‬وأحيانا تصور اﻷفارقة كأنهم مك ﱢمﻼت شكلية لﻸدغال اﳌخيفة‪ ،‬فإ ّن‬ ‫الرواية تق ﱢوض كل الغزوات اﻻستع رية تقويضً ا كب ًا‪ ،‬ك أن تصويرها للع ل اﻷفارقة‬ ‫اﳌحتﴬين واﳌنبوذين من أقوى اﳌشاهد اﳌناهضة لﻼستع ر ﰲ اﻷدب اﻹنجليزي‪ .‬وأما‬ ‫كورتز‪ ،‬ذلك اﻷورو القاتل الجشع الذي يشغل قلب هذه الرواية القص ة والذي يحكم‬ ‫نصيبه من الكونغو بوحشية مفرطة‪ ،‬فإنﱠه يرمز لطبيعة الهدف اﻻستع ري اﳌشكوك فيها‬ ‫التي ت ّدعي أنها تجلب النور والحضارة ﻷطراف العا اﳌظلمة‪.‬‬ ‫إ ﱠن روايات كونراد اﻷربع التي تدور أحداثها ﰲ ماليزيا »ح قة أﳌاير« )‪ ،(١٨٩٥‬و«منبوذ‬ ‫ال ﱡجزر« )‪ ،(١٨٩٦‬و«لورد جيم« )‪ ،(١٩٠٠‬و«اﻹنقاذ« )‪ (١٩٢٠‬كن تصنيفها أيضا عﲆ أنها‬ ‫روايات مستعمرات تر ﱢوج للتصوير التقليدي للمواقف اﻻستع رية وتق ّوضه ﰲ آن‪ .‬وتعتﱪ‬ ‫رواية »لورد جيم« أك هذه الروايات أهمي ًة‪ ،‬مثلها مثل رواية »قلب الظﻼم«‪ ،‬وتشكﱢك‬ ‫ﰲ إمكانية أن يكون لدى اﻹنجليز اﻷك استنار ًة و ُحس َن نوايا الحق ﰲ – أو القدرة عﲆ –‬ ‫أن يص وا ُحكﱠا ًما ﰲ عا استع ري‪ .‬فالبطل‪ ،‬جيم‪ ،‬الذي يصبح اسمه توان جيم )وتعني‬ ‫كلمة توان »السيد«( ﰲ إحدى القري الخيالية ﰲ باتوسان‪ ،‬يبدأ حكمه بنجاح‪ ،‬ولكنه‪ ،‬مثل‬ ‫كورتز‪ ،‬يجلب الدمار ﳌجتمعه ويدمر نفسه ﰲ النهاية‪.‬‬ ‫وتتواصل التقاليد اﻷدبية ﻷدب اﳌستعمرات ﰲ الروايات الرائجة‪ ،‬وكذلك ﰲ السين عﲆ‬ ‫وجه الخصوص‪ .‬ولكن اﻻتجاه اﳌضاد الذي يتعامل مع هذه التقاليد بريبة متزايدة هو‬ ‫السائد ﰲ بعض روايات القرن العﴩين اﳌتميزة‪ .‬وتستبق رواية إ‪ .‬م‪ .‬فورسﱰ )‪E. M.‬‬ ‫‪» (Forster‬رحلة إﱃ الهند« )‪ (١٩٢٤‬ورواية جورج أرويل »أيام بورما« )‪ (١٩٣٤‬نهاية‬ ‫َ‬ ‫اﻷبطال اﻹنجليز وهم‬ ‫الحكم الﱪيطا ﰲ شبه القارة الهندية‪ ،‬وتص ﱢو ُر هاتان الروايتان‬ ‫واقعون ﰲ فخ شبكة استع رية مختلﱠة من الفساد والتعصب العنﴫي‪ .‬ففي رواية »رحلة‬ ‫ُ‬ ‫ويصادق‬ ‫إﱃ الهند«‪ ،‬يحصل بطلُها س يل فيلدنج عﲆ وظيفة مدير مدرسة ﰲ الهند‪،‬‬ ‫عزيز‪ ،‬وهو أحد اﻷطباء الهنود الذي يُتهم باﻻعتداء عﲆ امرأة انجليزية تدعي أديﻼ‬ ‫كويستد‪ .‬وﻷنه وقف بجوار عزيز؛ يجد فيلدنج نفسه غريبًا وسط الجالية اﻹنجليزية‬ ‫‪٢٤‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫اﳌغﱰبة هناك‪ .‬وتناقش الرواية إمكانية قيام عﻼقات ناجحة ب الهنود والﱪيطاني ؛ وﰲ‬ ‫الوقت نفسه تكشف زيف الرؤى اﻻستع رية اﳌستفحلة‪ .‬ويُ ْعتَ َ ُﱪ عزيز‪ ،‬الذي يتعرض‬ ‫لﻼستهزاء ويوصف بأنه مواطن متفرنج ُمدلﱠل‪َ ،‬ج ﱠرا ًحا أك مهارة من رئيسه اﻹنجليزي‬ ‫اﳌيجور كالِندر‪ .‬ورئيس الﴩطة مقتنع بجر ة عزيز؛ ﻷنه يري أنﱠه من اﳌسلﱠم به أ ﱠن الرجال‬ ‫غ البيض يشتهون النساء البيض‪ .‬وﰲ الواقع‪ ،‬يرى عزيز أن أديﻼ غ جذابة‪ ،‬ولك ﱠن رئيس‬ ‫الﴩطة الﱪيطا )الذي يعميه إحساسه بالتفوق العرقي( ﻻ يحاول أن يفهم أ ّن معاي‬ ‫الج ل تختلف من ثقافة ﻷخري‪ .‬وتثبت براءة عزيز‪ ،‬ومع ذلك تشكك الرواية‪ ،‬بالرغم‬ ‫من خا تها اﻹيجابية‪ ،‬ﰲ إمكان رأب الصدع اﻻجت عي والسياﳼ ب الهنود واﻹنجليز‪.‬‬ ‫وتعد رواية »أيام بورما« ‪ ١٥‬هجا ًء سوداويا للحكم اﻹنجليزي ﰲ بورما‪ ،‬وهي رواية اقل‬ ‫تفاؤﻻ إﱃ حد كب من رواية »رحلة إﱃ الهند«‪ .‬يكره بطل الرواية وتاجر اﻷخشاب جون‬ ‫فلوري ال ُح ْك َم اﻻستع ري ﰲ بورما‪ ،‬ولكنه ﻻ يجرؤ عﲆ معارضة هذا ال ُحكم علنًا أو عﲆ‬ ‫ُ‬ ‫ويصادق الدكتو َر ف سوامي الذي يهوى كل ما هو إنجليزي‪ ،‬ور ا يصبح‬ ‫مغادر ِة البﻼد‪.‬‬ ‫أول بورمي يُ ْدعى لﻼنض م إﱄ النادي اﻹنجليزي ﰲ اﳌنطقة اﳌتخ ﱠيلَة التي تقع ﰲ بورما‬ ‫وتُس ﱠمى كايُك َتادا‪ .‬وتسخر الرواية من تف ﱡوق اﻹنجليز العرقي وجدوى الحكم الﱪيطا ‪،‬‬ ‫وتنتهي نهاية سوداوية حيث ينتحر فلوري بطل الرواية‪.‬‬ ‫وبحلول الثلث اﻷخ من القرن العﴩين‪ ،‬انتهت الحقبة اﻻستع رية التي سيطرت‬ ‫فيها أوروبا والدول اﳌهيمنة اﻷخرى إدارياً ومالياً وعسكرياً واجت عياً عﲆ العديد من‬ ‫الدول ﰲ أفريقيا وآسيا واﻷمريكت وجزر اﳌحيط الهادي‪ ،‬إذ نالت اﳌستعمرات السابقة‬ ‫واستﴩفت رواية رواية جوزيف كونراد‬ ‫استقﻼلها‪ .‬ولكن ظلت آثار اﻻستع ر قا ة‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫»نوسﱰومو« )‪ (١٩٠٤‬الكث من هذه اﻵثار‪ ،‬وهي تُع ﱡد أول رواية مهمة تُص ﱠنف بأنها رواية‬ ‫ما بعد استع رية‪ .‬وتدور أحداث هذه الرواية ﰲ كوستا جوانا ﰲ إحدى دول أمريكا‬ ‫الﻼتينية الخيالية‪ .‬ويكتشف نوسﱰومو كيف هيمنت تلك القوى اﻻستع رية السابقة‬ ‫عﲆ اقتصاديات وسياسات تلك اﳌستعمرات السابقة‪ .‬وك هو الحال ﰲ رواية »قلب‬ ‫الظﻼم« ورواية »لورد جيم«‪ ،‬يعتقد اﻷوروبيون‪ ،‬الذين يسيطرون عﲆ اﻻقتصاد اﳌحﲇ‬ ‫ﰲ كوستا جوانا‪ ،‬أنهم يجلبون النظام والتقدم‪ .‬والواقع أنهم يجلبوا إﻻ القليل من‬ ‫الرخاء اﳌادي‪ ،‬و يفعلوا إﻻ القليل لتحس حياة عامة الناس‪ ،‬وأنهم أنفسهم فاسدون‬ ‫أنفسهم‪ .‬وتعد رواية تشنوا أتشيبي)‪Chinua‬‬ ‫أخﻼقياً‪ .‬وﰲ النهاية يدمر العديدون منهم َ‬ ‫‪٢٥‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫‪» (Achebe‬عندما تتداعى اﻷشياء« )‪ (١٩٥٨‬أول رواية فنية مكتوبة باللغة اﻹنجليزية‬ ‫تصور التجربة اﻻستع رية بصورة كاملة من وجهة نظر اﳌستع َمرين‪ .‬وتدور أحداث هذه‬ ‫الرواية ﰲ نيج يا ﰲ أواخر القرن التاسع عﴩ‪ ،‬وتسلط الضوء عﲇ حياة أوكونكوو‪ ،‬وهو‬ ‫محارب قوي ينتمي لقبائل اﻹجبو)‪ ، (Igbo‬ولكن به عيوب‪ .‬وتصور الرواية حياة قبائل‬ ‫اﻹجبو بكل جوانبها اﳌتداخلة‪ ،‬ﰲ ح أن اﻹنجليز يتم تصويرهم عﲆ أنهم قوة مدمرة‬ ‫تقﴤ عﲆ توازن الحياة ال َقبَلِيﱠة ﻷهل أوكونكوو‪.‬‬ ‫لقد أثر النقاد الذين يحللون اﻷدب اﻻستع ري )ويوصفون ﰲ الغالب بأنهم يعملون‬ ‫ودرس النقا ُد‬ ‫داخل نظرية الخطاب اﻻستع ري( تأث ا كب ا ﰱ فهمنا ﻷدب اﳌستعمرات‪َ .‬‬ ‫السجﻼت التاريخية ونقّبوا فيها بحثًا عن مدى تقارب أو تباعد التمثيﻼت اﻷدبية للتجربة‬ ‫اﻻستع رية وحقيقتها التاريخية‪ .‬وكشفوا لنا –باﻻعت د عﲆ أع ل سيجموند فرويد وجاك‬ ‫ﻻكان وآخرين – عن كيفية أن أدب اﳌستعمرات يكشف عن تركيبة نفسية استع رية‬ ‫محددة‪ ،‬وغالبا ما تد ﱢمر هذه الﱰكيبة النفسية اﳌستع ِمر واﳌستع َمر عﲆ حد السواء‪.‬‬ ‫‪١٦‬‬ ‫ِ‬ ‫والعﻼقات ب الجنس ‪ ،‬والدور الذي تلعبه‬ ‫وعﻼوة عﲆ ذلك استجﲆ النقاد الجيند َر‬ ‫اﳌرأة وال ِعرق‪ ،‬والعديد من الطرق اﻷخرى التي قام من خﻼلها التاريخ الطويل واﳌعقّد‬ ‫بﱪيطانيا العظمي ﰲ اﳌواجهات اﻻستع رية بإعادة خلق وتشكيل اﻷدب التخييﲇ‪.‬‬ ‫*****‬



‫‪٢٦‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



‫تعليق اﻷستاذ الدكتور‪/‬إبراهيم عوض‬



‫أطلعني الزميل د‪ .‬أﴍف زيدان بجامعة بور سعيد عﲆ ترجمته لدراسة إنجليزية شديدة‬ ‫اﻷهمية هي »رواية اﳌستعمرات« لرتشارد رب ِْل‪ .‬وهو إنجاز جميل يخدم الثقافة‪ ،‬وبخاصة‬ ‫ﰲ ميدان الدراسات اﻷدبية والنقدية‪ .‬ود‪ .‬زيدان جدير بالتحية لهذا اﻹنجاز الجميل‪،‬‬ ‫ونتمنى له اﻻستمرار عﲆ هذا النحو من حب العلم والحرص عﲆ إفادة أبناء قومه بنقل‬ ‫كل ما هو مفيد للغة الضاد‪.‬‬ ‫وسوف نقف قليﻼ مع هذه الدراسة التي اجتهد الزميل د‪ .‬أﴍف زيدان ﰲ نقلها إﱃ‬ ‫العربية خدمة للدراسات اﻷدبية والنقدية‪ .‬وعنوان الدراسة هي »رواية اﳌستعمرات«‬ ‫للكاتب رتشارد ر ِپ ْل‪ .‬وهناك روايات كث ة تدخل تحت هذا العنوان‪ ،‬لكن كاتب الدراسة‬ ‫يتطرق إليها‪ .‬وهو أمر طبيعي‪ ،‬فمثل هذه الدراسة اﳌحدودة ﻻ كن أن تغطى كل‬ ‫هذا اللون من الروايات‪ .‬ومن تلك الروايات رواية اﳌستﴩق الﱪيطا اﳌسلم محمد‬ ‫مارمادوك بكثل مﱰجم القرآن الكريم إﱃ اﻹنجليزية )‪،( e Children of the Nile‬‬ ‫التي صدرت ﻷول مرة باﻹنجليزية عام ‪ ،١٩٠٨‬تُرجمت بأُ َخ َرة إﱃ العربية بعنوان »أبناء‬ ‫النيل«‪ .‬وقد قرأت جانبا منها ﰲ أصلها اﻹنجليزي منذ سنوات غ قليلة لكنى أ ها‪.‬‬ ‫وهي‪ ،‬ك يتضح من عنوانها‪ ،‬عن مﴫ والحياة ﰲ مﴫ‪ .‬وعندي نسخة منها ورقية‪،‬‬ ‫وأخرى ضوئية‪ .‬ولعل م يعطى القارئ إشارة إﱃ جو الرواية تلك القا َة التي وضعها‬ ‫الكاتب ﰲ أول الكتاب لﴩح اﻷلفاظ العربية اﳌستعملة ﰲ الراوية والتي أبقاها اﳌؤلف‬ ‫ك هي مثل »جنى وعفريت وعنﱰ وأرناؤوطى و ِذكْر وغف وحشّ اش وحشيش وشيشة‬ ‫وسة‬ ‫وسقّا وعمدة ومفتش وخواجه ونُورِى وكافر وجهنم وال ﱡد َ‬ ‫وشيخ العرب وفﻼح و ِع ّمة َ‬ ‫و َد َربُكّة وما شالله وإنشالله«‪.‬‬ ‫وقد قرأت ﰲ صفحة اﻹعﻼن الخاصة بتوزيع الﱰجمة العربية للرواية ما يﲆ‪» :‬نحن أمام‬ ‫بانوراما متعددة اﳌشاهد واﻷحداث والشخصيات كن فيها اﳌؤلف‪ ،‬ﻻرتباطه النفﴘ‬ ‫العميق بالزمان واﳌكان‪ ،‬من أن زج بﱪاعة ب الخيط الرئيس لروايته متمثﻼ ﰲ حدث‬ ‫تاريخي مميز ﰲ حياة مﴫ قبيل اﻻحتﻼل اﻹنجليزي لها‪ ،‬والخط الدرامي في قدمه‬ ‫لنا من شخصيات عامة وبارزة‪ ،‬مﴫية وغ مﴫية‪ ،‬تكاتفت في بينها لتجعل التاريخ‬ ‫مخلصا لﻸدب‪ ،‬ح يسجل نوازع البﴩ وأحاسيسهم ومسارات حياتهم عﲆ تباين‬ ‫خاد ًما‬ ‫ً‬ ‫تلك اللحظات التي سجلتها الرواية‪ .‬وجاءت الﱰجمة باذلة ذلك الجهد الرائع ﰲ أن تجعلنا‬ ‫‪٢٧‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫ننﴗ‪ ،‬أوقاتا كث ة‪ ،‬أننا أمام عمل مﱰجم‪ ،‬ح تكشف بأدق ما يكون العمق عن مشاعر‬ ‫الحب والفراق والوطن والنجاح واﻹخفاق‪ .‬لقد نجح اﻻثنان م ًعا‪ :‬التاريخ واﻷدب ﰲ أن‬ ‫يقدما لنا تلك اﳌتعة التي تجعلنا نحيا ذلك الزمن‪ :‬نفرح مع شخصياتها ح تفرح‪ ،‬ونغدو‬ ‫ﰲ حقول الفﻼح ‪ ،‬ونرتاد شوارع الحي اﻹفرنجي وميدان اﻹس عيلية )التحرير حال ًيا(‬ ‫درسا خال ًدا مؤداه أن مﴫ‬ ‫ونرقب سفن لسﲇ وهي تحطم طوا اﻹسكندرية لتتعلم ً‬ ‫خالدة«‪.‬‬ ‫ك قرأت‪ ،‬وأنا ﰲ أكسفورد ﰲ سبعينات القرن اﳌاﴈ‪ ،‬قصة للصغار كتبتها مؤلفة‬ ‫بريطانية عن اﳌﴫي والﱪيطاني ﰲ مﴫ أيام اﻻحتﻼل الﱪيطا عملت فيها بكل سبيل‬ ‫كتبت لهم القصة من نظرائهم اﳌﴫي ‪ ،‬فصورتهم‬ ‫عﲆ تنف اﻷطفال الﱪيطاني الذين ْ‬ ‫قذرين لصوصا كذاب حفاة شبه عراة وما إﱃ ذلك‪ .‬ونحن‪ ،‬وإن كنا ﻻ ننكر أن ما قالته‬ ‫الكاتبة )اﳌجرمة( ينطبق عﲆ قطاع من أطفال مﴫ ﰲ ذلك الوقت‪ ،‬ننكر عليها أيضا‬ ‫صمتها عن الجوانب الطيبة ﰲ حياة اﳌﴫي ‪ ،‬إذ ليسوا كلهم وﻻ كل أطفالهم بهذا القبح‬ ‫والفقر‪ ،‬بل كان هناك أطفال كث ون جدا يعيشون ﰲ مستوى معيشة ﻻ يقل عن اﳌستوى‬ ‫الذي يعيش فيه كث جدا من أطفال بريطانيا‪ .‬ك أنها هي وأهل بلدها مسؤولون أيضا‬ ‫عن هذه اﻷوضاع اﳌزرية‪ ،‬إذ َه ﱡم اﳌستعمرين اللصوص القتلة ﰲ كل مكان هو إبقاء أبناء‬ ‫البﻼد التي يستعمرونها ﰲ فقر مدقع ومسكنة شاملة مع سحق إنسانيتهم‪ .‬كذلك كان‬ ‫عليها أن تخجل من نفسها ﻷنها‪ ،‬بدﻻ من أن تبدى ولو بعض التعاطف مع أهل البلد‬ ‫الذي يؤويها وتأكل من خ ه بل تﴪقه وتنزح ثرواته إﱃ بﻼدها هي وكل بنى جلدتها‪ ،‬قد‬ ‫تخلت عن إنسانيتها وصورت أهل البﻼد وأطفالهم تصويرا مزريا غ إنسا ‪ .‬ولﻸسف ﻻ‬ ‫أذكر اﻵن عنوان تلك القصة وﻻ اسم كاتبتها‪ ،‬فإﱃ حيث ألقت‪.‬‬ ‫وهناك رواية »الطريق إﱃ بﱤ سبع« للكاتبة الﱪيطانية إيثيل ن ‪ ،‬وهي من الكتاب‬ ‫والكاتبات القﻼئل جدا الذين يتعاطفون مع أبناء اﳌستعمرات‪ .‬وقد صورت العدوان‬ ‫الصهيو عﲆ فلسط وأهلها والجرائم البشعة التي ارتكبها الصهاينة ساعدة القوى‬ ‫الكﱪى ﰲ حق الفلسطيني والقتل والتﴩيد اللذين أنزلوه بالفلسطيني حتى تخلو‬ ‫البﻼد لهم‪ .‬كل ذلك ﰲ جو واقعي وأسلوب بديع وتعاطف إنسا كريم أبقاه الله ﰲ قلب‬ ‫تلك السيدة التي تجز عليها أكاذيب ساسة بﻼدها و تنطل أﻻعيبهم )الفاجرة(‪ .‬وأذكر‬ ‫أ قرأتها وأنا طالب بالجامعة عقب حرب يونية ‪ ،١٩٦٧‬وكنت أتقلب عﲆ الجمر وأنا‬ ‫‪٢٨‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫أقرؤها‪ ،‬وأشعر مع هذا باﳌنة الكب ة التي أولتناها هذه الكاتبة النبيلة إذ استطاعت أن‬ ‫تعلو عﲆ كل ما كان من شأنه أن يشدها إﱃ الناحية اﻷخرى‪ ،‬ناحية السياسة الﱪيطانية‬ ‫واﻷوربية والصهيونية‪ ،‬وتشبثت بإنسانيتها وطهر قلبها وصورت الحقائق ك هي‪.‬‬ ‫وثم قضايا هامة أثارها كاتب الدراسة التي نحن بصددها اﻵن أقف لدن بعضها هنا بعض‬ ‫الﴚء‪ .‬ومنها مثﻼ أن كث ا جدا من روايات اﳌستعمرات تخلو من اﳌرأة ومن الكﻼم عنها‪،‬‬ ‫وكأن اﳌرأة ﻻ وجود لها أو كأن الرجال قد تخلصوا من اﻻهت م بها ام التخلص فلم تعد‬ ‫تشغلهم أو تث مشاعرهم أو تخطر عﲆ بالهم‪ .‬وبهذه اﳌناسبة أذكر أنني‪ ،‬ح قرأت رواية‬ ‫»روبنسون كروسو«‪ ،‬قد ﻻحظت واستغربت أشد اﻻستغراب أن كروسو‪ ،‬خﻼل السنوات‬ ‫الثﻼث تقريبا التي قضاها وحده عﲆ الجزيرة اﳌنعزلة قرب أمريكا الجنوبية‪ ،‬يفكر‬ ‫قط ﰲ اﳌرأة و يذكر الكاتب بل يلمح إﱃ أنه انشغل بها ولو مرة عﲆ سبيل اﻻستثناء‪،‬‬ ‫وكأن غريزة الجنس عطلت لديه اما فﻼ تفك ﰱ اﳌرأة وﻻ اشتهاء لها‪ .‬إن التفك ﰲ‬ ‫اﳌرأة غريزة من الغرائز القوية‪ ،‬بل إن كث ا من عل ء النفس اﻷوربي يجعلونها أساس‬ ‫الغرائز كلها ويفﴪون بها أشياء كث ة جدا‪ .‬وغياب اﳌرأة ﻻ يعنى أبدا غياب تلك الغريزة‪،‬‬ ‫فهي تجرى ﰲ عروقنا بكل قوة و ُع َرام‪ .‬وهذا مذكور ﰲ كتا ‪» :‬روبنسون كروسو‪-‬دراسة‬ ‫ﰲ اﻷدب اﳌقارن«‪ .‬وﰱ الدراسة اﻷوﱃ عن رواية اﳌستعمرات نقرأ ﰲ ترجمة الصديق د‪.‬‬ ‫أﴍف زيدان أن »التهميش الكامل للمرأة بل غيابها يعد سمة أساسية للغالبية العظمي‬ ‫من روايات اﳌستعمرات التي يكتبها الرجال لجمهور من الذكور‪ ،‬سواء أكانوا كبارا‬ ‫أم صغارا«‪ .‬وهذه من النقاط التي تحتاج مزيدا من البحث لنعرف السبب وراء هذا‬ ‫التجاهل الغريب‪ .‬ويتصل بهذا اﳌوضوع ما جاء ﰲ نفس الدراسة اﻵنفة الذكر من أنه‬ ‫»ﰲ القرن الثامن عﴩ والتاسع عﴩ أشعل الغزو الﱪيطا للهند اﻻهت م الرائج بشبه‬ ‫القارة الهندية‪ .‬وتلقي رواية الس ولﱰ سكوت‪» :‬ابنة الجراح« )‪ (١٨٢٧‬الضوء عﲆ الطغاة‬ ‫الﴩقي وعﲆ البطل اﻹنجليزي الذ ‪ ،‬وكذلك الشابة اﻹنجليزية التي يجب إنقاذها من‬ ‫العبودية التي لقيتها ﰲ براثن أحد السﻼط الشهواني ‪ .‬ورواية فيليب تايلور‪» :‬اعﱰافات‬ ‫سفاح« )‪ ،(١٨٣٩‬وهي رواية ذات حس شعبي وهي الرواية اﳌفضلة للملكة فيكتوريا‪،‬‬ ‫السفاح الذين يقطعون الطرق‬ ‫وهي تروي قصة حياة أم عﲇ‪ ،‬وهو من أبناء قبيلة ﱠ‬ ‫ويﴪقون ويقتلون اﳌسافرين ﰲ الهند الجنوبية‪ .‬وقد تركت هذه الرواية أثرا عميقا ﰲ‬ ‫اﳌلكة فكتوريا‪ ،‬بل صارت روايتها اﻷث ة ك تق ّدم‪.‬‬ ‫‪٢٩‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫وهذا نص عﲆ درجة عالية جدا من اﻷهمية‪ ،‬إذ إن كتاب الرواية اﻹنجليزية يرمون‬ ‫الﴩقي بالشهوانية والوحشية وقطع الطريق رغم أن هذه هي صفات اﻷوربي ﰲ عهد‬ ‫اﻻستع ر بامتياز‪ ،‬فهم يعتدون عﲆ أعراض الشعوب التي يغزون بﻼدها وعﲆ أقواتهم‬ ‫وأموالهم واقتصاداتهم‪ ،‬ويعاملونهم بوحشية فظة‪ ،‬ويقطعون الطريق ﻻ عﲆ شخص أو‬ ‫قافلة تائهة ﰱ الصحراء مثﻼ بل يقطعون الطرق العاﳌية الكب ة التي تربط ب القارات‬ ‫واﳌحيطات ويخططون ﻻستع ر البﻼد واستعباد الشعوب وإذﻻلها ويﴪقون ثروات اﻷمم‬ ‫ﻻ ثروة فﻼن أو عﻼن‪ ،‬ثم يستدير الكذابون ف موننا ا فيهم من موبقات شنيعة‪ .‬كذلك‬ ‫فهؤﻻء اﳌحدثو النعمة‪ ،‬الذين تحﴬوا من بعد همجية وتوحش وجهل وتخلف فظيع‬ ‫ظل مخي عليهم وباسطا جناحيه القبيح عﲆ بﻼدهم ﳌدة طويلة استمرت إﱃ عدة‬ ‫قرون قليلة مضت‪ ،‬يحاولون ﰲ رواياتهم تصوير أنفسهم عﲆ أنهم اﻷذكياء الوحيدون ﰲ‬ ‫العا وأن كل الﴩقي والعرب واﳌسلم جهلة أغبياء‪.‬‬ ‫و ﴤ كاتب الدراسة قائﻼ عن رديارد كپلنج‪» :‬وتركز روايات كپلنج اﻻستع رية عﲆ ج عة‬ ‫من اﻹنجليز اﳌهاجرين إﱃ الهند‪ ،‬ومنهم اﻹداريون والجنود والصحفيون واﳌغامرون‪.‬‬ ‫وتبدو الس ت العامة لروايات اﳌستعمرات واضحة ﰲ تلك اﻷع ل‪ :‬ففيها خدم هنود‬ ‫موالون حتى النخاع‪ ،‬ومواطنون متفرنجون خائنون‪ ،‬وسﻼلة مهجنة مهمشة‪ ،‬وعﻼقات‬ ‫رومانسية فاشلة ب أصحاب عرقيات مختلفة‪ ،‬وحكام هنود فاسدون‪ ،‬وتضاريس عدائية‪،‬‬ ‫وعقيدة ثابتة تؤكد أ ّن اﻹنجليز هم الحكام الطبيعيون للهند«‪ .‬ومعروف أن كپلنج هو‬ ‫من أبواق الدعاية اﻻستع رية‪ ،‬وكان يردد أن الﴩق ﴍق‪ ،‬والغرب غرب‪ ،‬ولن يلتقيا‪.‬‬ ‫وهو ﻻ يقصد بهذا الشعار اﻹشارة إﱃ التنوع الحضاري الذي خلق الله البﴩ عليه بحيث‬ ‫تكون لكل حضارة شخصيتها وألوانها اﳌميزة‪ ،‬بل يقصد أن الﴩق سوف يظل متخلفا‪،‬‬ ‫والغرب متقدما سيدا مكتسحا طول الحياة‪ .‬وهو كﻼم سخيف مضاد لحقائق التاريخ‪،‬‬ ‫وينبئ عن حداثة نعمة حضارية‪ .‬فﻼ توجد حضارة متقدمة بقيت ك هي متقدمة وﻻ‬ ‫أمة متخلفة بقيت ك هي متخلفة‪ ،‬بل الزمن دوار‪ ،‬ومن كان عاليا ﰲ اﳌاﴈ قد يكون‬ ‫ﰲ الدرك اﻷسفل اﻵن‪ ،‬والعكس بالعكس‪ .‬وﰱ حالتنا نحن العرب واﳌسلم ‪ ،‬واﻷوربي‬ ‫الذين يعتزى إليهم الكاتب‪ ،‬خ دليل‪ .‬فقد كنا متقدم تقدما عظي أيام كان اﻷوربيون‬ ‫ﰲ تخلف ُم ْزرٍ‪ ،‬ثم كرت اﻷيام ومرت اللياﱄ‪ ،‬فإذا هم يتقدمون‪ ،‬وإذا نحن قد ﴏنا ضعفاء‬ ‫يغلب علينا الجهل والكسل والﻼمباﻻة بعدما أهملنا قيم )ديننا( وأخلدنا إﱃ الضياع وكأننا‬ ‫نستعذبه‪ .‬لكن هل سنظل هكذا؟ ﻻ أظن أبدا‪ ،‬وإن كان الزمن قد طال علينا ﰲ هذا‬ ‫التخلف عﲆ نحو ﻻ تقبله أبدا أية نفس حرة كر ة‪.‬‬ ‫‪٣٠‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫ونحن ﻻ ننكر أنه ﰲ الشعوب الﴩقية ﰲ ذلك الوقت بل وحتى اﻵن توجد عيوب كث ة‬ ‫وشديدة‪ .‬لكن هل حاول اﻻستع ر القضاء عﲆ هذه العيوب؟ ﻻ طبعا رغم أنه دا ا ما‬ ‫يتشدق كذبا بأنه قد حمل عن طيب خاطر مسؤولية دين الشعوب اﳌتخلفة‪ ،‬وكأن‬ ‫الحدأة ترمى كتاكيت‪ .‬بالعكس لقد انتهز هذا الفساد الضارب بجذوره ﰲ كل الطبقات‬ ‫ليحتل البﻼد ساعدة الخونة من أبنائها‪ ،‬ولينقل ثرواتها إﱃ بﻼده غنيمة باردة بين‬ ‫معظم أصحاب تلك البﻼد يتضورون جوعا ويقاسون أبشع ألوان الفاقة واﳌذلة‪ .‬وأنا أرجو‬ ‫للصديق اﳌجتهد دوام النشاط العلمي واﻻجتهاد ﰲ خدمة الثقافة اﻹنسانية‪ .‬بارك الله‬ ‫فيه‪.‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬إبراهيم عوض‬



‫جامعة ع شمس‬ ‫‪١٨/٨ /٢٠١٩‬‬



‫‪٣١‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫†‬ ‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫جون ماكليود‬



‫‪١٧‬‬



‫يستعمل مصطلح »ما بعد اﻻستع ر« )‪ (postcolonialism‬للدﻻلة عﲆ مجموع ًة‬ ‫واسعة ومتنوعة وبينيﱠة ‪ ١٨‬من الدراسات اﻷكاد ية‪ ،‬التي تهتم ﰲ اﳌقام اﻷول بدراسة‬ ‫التأث الثقاﰲ واﻻجت عي لﻼستع ر اﻷورو ‪ ،‬ودراسة الطﱡرق التي تستخدم ﳌقاومة هذا‬ ‫اﻻستع ر ‪ .١٩‬ومع أ ﱠن نظرية ما بعد اﻻستع ر قد توحي للمهتم بدراستها بأنها منهج‬ ‫منسق أو شائع‪ ،‬فإن مجال نظرية ما بعد اﻻستع ر أك تفا ُوتًا بكث م قد يوحي به‬ ‫ﱠ‬ ‫اﳌصطلح‪ .‬وهناك خﻼف كب حول‪ (١) :‬مزايا وعيوب دراسات ما بعد اﻻستع ر‪(٢) ،‬‬ ‫وحول مدى إمكانية أو عدم إمكانية أن تساعد هذه الدراساتُ بشكل ف ﱠعال اﳌقاوم َة‬ ‫واﻹبداعي الذي ما زال قا ًا‪ (٣) ،‬وأخ ا حول طريقة‬ ‫اﳌتواصلة لﻼستع ر وإرثه السياﳼ‬ ‫ّ‬ ‫‪٢٠‬‬ ‫كتابة هذا اﳌصطلح )هل نكتبه ‪ post-colonialism‬أم نكتبه ‪postcolonialism‬؟ (‪.‬‬ ‫فدخول مجال دراسات ما بعد اﻻستع ر يُ َع ﱡد ثابة دخول منطقة متنازع عليها بش ﱠدة‬ ‫وتتسم بالتص ﱡدع من الداخل والتضارب وغياب اﻹج ع عليها‪.‬‬ ‫بغض النظر عن موقفهم‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬فإ ﱠن كل مفكري نظرية ما بعد اﻻستع رية تقريبا‪ّ ،‬‬ ‫الفكري‪ ،‬يدفعهم ويحركهم اعﱰاض عام ذو طابع سياﳼ وأحيانا ذو طابع أخﻼقي عﲆ‬ ‫مجيء اﻻستع ر اﻷورو مع فجر العﴫ الحديث ‪ ، ٢١‬وعﲆ الواقع الجغراﰲ السياﳼ‬ ‫وعﲆ طرق ال ِفكر التي ظلت باقية بعدما انتهى اﻻستع ر بشكله الرسمي ﰲ معظم دول‬ ‫العا التي كانت خاضعة لﻼحتﻼل وتحررت منه‪ .‬فبدﻻ من أن يحتفل عل ء نظرية ما‬ ‫بعد اﻻستع ر بالنظام العاﳌي اﳌعاﴏ باعتباره عالَ ً قد تحرر من العمليات اﻻستع رية‬ ‫التقسيمية واﻻستغﻼلية ﰲ العادة – والتي كانت تتضمن ﰲ الغالب قيام القوى اﻷوروبية‬ ‫باﻻستيطان ﰲ الدول واﻷراﴈ اﻷجنبية رغ عن إرادة الشعوب اﻷصلية لهذه الدول‬ ‫واﻷراﴈ – فإنهم يفضحون بقاء اﳌ رسات اﻻستع رية اﳌادية واﻹبداعية حتى أواخر‬ ‫القرن العﴩين والقرن الحادي والعﴩين‪.‬‬ ‫†‬



‫نﴩت هذه اﳌقالة ﰲ مجلة فكر السعودية )‪(٢٠٢٠/٦/١‬‬



‫‪٣٣‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫فقبل ظهور مصطلح »ما بعد اﻻستع ر« بوصفه مصطل ًحا أكاد ًيا أساسيا ﰲ الث نينيات‬ ‫من القرن العﴩين‪ ،‬كانت دراسة اﻻستع ر ومقاومته والتخلﱡص منه تقع ﰲ اﻷساس‬ ‫عﲆ عاتق علوم من قبيل علم اﻻقتصاد‪ ،‬والدراسات السياسية‪ ،‬وعلم دراسات اﳌناطق‪،٢٢‬‬ ‫وكانت متأثرة ﰲ العادة بالفلسفة السياسية اﳌاركسية وبحركات اﻻستقﻼل القومية‬ ‫اﳌتأثرة باﳌاركسية ﰲ العديد من اﻷماكن التي كانت خاضعة لﻼحتﻼل من قبل )أفريقيا‬ ‫في تحت الصحراء الكﱪى عﲆ سبيل اﳌثال(‪ .‬وكان مصطلح »ما بعد اﻻستع ري« ﱡ‬ ‫يدل‬ ‫آنذاك عﲆ مجرد فﱰة قريبة ﰲ الزمن ﰲ العﻼقات الدولية وﰱ حيوات اﻷماكن التي كانت‬ ‫خاضعة لﻼحتﻼل من قبل‪ .‬ووفقًا لنيل ﻻزاروس )‪ ، (Neil Lazarus‬مع بداية السبعينيات‬ ‫من القرن العﴩين‪ ،‬كان مصطلح ما بعد اﻻستع ري »مصطلحا تعص يا ‪ :٢٣‬أي كان‬ ‫مفهو ًما تاريخيا‪ ،‬وليس مفهو ًما أيديولوجيا‪ ،‬و يكن ينم عن رغبة أو طموح سياﳼ‪ ،‬و‬ ‫يتطلﱠع ﻷن يش إﱃ نظام سياﳼ واجت عي محدد« )ص‪ .(٢ :‬و كننا القول بأنه قبل‬ ‫الث نينيات من القرن العﴩين كان مصطلح »ما بعد اﻻستع ري« يُستع َمل كاسم أك‬ ‫من استع له كصفة‪ ،‬وكان يدل عﲆ واقع سياﳼ أو تاريخي وعﲆ جانب من جوانب‬ ‫الواقع‪ ،‬و يكن منه ًجا لفهم الواقع‪ .‬وتغ ﱠ ذلك جرد أن اﳌصطلح يعد يُستعمل‬ ‫للدﻻلة عﲆ مجموعة ملموسة من الوقائع أو الظروف‪ ،‬وإ ا صار يُستعمل للدﻻلة عﲆ‬ ‫وضع مح ﱠدد وطريقة اسﱰاتيجية ﰲ التفك تظهر بعد التخلﱡص من اﻻستع ر‪ ،‬وإ ا‬ ‫بدأتْ أثناء عﴫ اﻻستع ر ذاته‪.‬‬ ‫تطورت نظرية ما بعد اﻻستع ر‪ ،‬ك نفه اليوم‪ ،‬بﴪعة ﰲ انينيات القرن العﴩين‬ ‫لسبب مﱰابط ‪ :‬تأث النظرية النقدية ‪ ،٢٤‬وظهور منهج ذي طابع ثقاﰲ‪ ٢٥‬أك ﰲ‬ ‫اﻷكاد ية لتنا ُو ِل اﻷمور التي تبدو ملموسة ﰲ التاريخ والسياسة واﳌجتمع‪ .‬فبداي ًة من‬ ‫أواخر السبعينيات من القرن العﴩين‪،‬أثار العديدون من أعمدة الفكر ِحراكًا ﰲ رؤى‬ ‫النظرية النقدية البنيوية وما بعد البنيوية‪ ،‬خاصة من جانب الفﻼسفة الناطق بالفرنسية‬ ‫كل منهم بأسلوبه وبطريقة مث ة‬ ‫في يتعلق بتنا ُو ِل اﻻستع ر وكيفية مقاومته‪ .‬وذهب ﱞ‬ ‫فكريا إﱃ أن طُرق التفك واﻹبداع ليست تالية ﰲ اﻷهمية ﳌصائر اﳌستعمرات‪ ،‬وإ ا هي‬ ‫ﰲ الواقع مك ﱢون أساﳼ من مك ﱢونات النزعة اﻻستع رية ككل‪.‬‬ ‫ففي كتابه الرائد »اﻻستﴩاق« )‪ ،([١٩٧٨] ١٩٨٥‬ذهب إدوارد سعيد إﱃ أ ﱠن اﻻستع ر‬ ‫الفرنﴘ واﻹنجليزي للﴩق اﻷوسط ما كان بإمكانه أن يحدث عﲆ أرض الواقع ما تؤسس‬ ‫‪٣٤‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫أوروبا شبكة معقدة من اﳌعارف حول تلك اﻷراﴈ اﻷجنبية‪ .‬فإنتاج مثل هذه اﳌعارف —‬ ‫خاصة ﰲ الفنون والعلوم‪ ،‬بداي ًة من الشعر ومرو ًرا بالرسم والفلسفة ووصوﻻً إﱃ الطب‬ ‫— ساع َد عﲆ تسويغ نزع ملك ّيات الشعوب اﳌستع َم َرة و ُحك ِمها تسويغًا فكريا وأخﻼقيا‪.‬‬ ‫وﰲ الوقت ذاته صاغوا أسلوبا ﰲ التفك لتطبيع التباين الب ﱢ ب الغرب الذي يتسم‬ ‫بـالتقدم والتحﴬ والعقﻼنية والﴩق الذي يتسم بالتخلﱡف والﱪبرية وعدم اﳌنطقية ‪.٢٦‬‬ ‫ليصف هذا اﻷسلوب‬ ‫واﻻستﴩاق)‪ (Orientalism‬هو اﳌصطلح الذي صكه إدوارد سعيد َ‬ ‫من الفكر الذي س ﱠمى شيئًا يكن له وجود ﰲ الواقع‪ .‬ويؤكد سعيد أن الﴩق مصطلح »‬ ‫يكن موجودا«؛«فالﴩق هو فكرة لها تاريخ وتراث من الفكر والتصوير واﳌفردات منحا‬ ‫َ‬ ‫الﴩق واق ًعا وحضو ًرا ﰲ الغرب وللغرب«)ص‪.٢٧ (٥-٤ :‬‬ ‫واستندتْ ُح ﱠج ُة إدوارد سعيد عﲆ ثﻼثة منظ ﱢرين ممن يشتغلون ﰲ مجال النظرية‬ ‫النقدية‪ .‬أوﻻ‪ ،‬يدين إدوارد سعيد كث ا ﻷع ل ميشيل فوكو)‪ (Michel Foucault‬الذي‬ ‫ذهب ﰲ كتابيه »النظام والعقاب« )‪ (١٩٧٧‬و«تاريخ الجنس ‪ (١٩٧٩)» ٢٨‬إﱃ أ ﱠن القوة‬ ‫قوة خطابية‪ ٢٩‬ﰲ اﻷساس‪ ،‬ولذلك ﻻ تنفصل عن خلق اﳌعرفة والبحث عنها‪ .‬ثانيا‪ ،‬استلهم‬ ‫إدوارد سعيد انطونيو جرامﴚ )‪ (Antonio Gramsci‬عندما وصف اﻻستﴩاق بأنه شكل‬ ‫من أشكال »الهيمنة »)‪ ،٣٠ (hegemony‬أي أنه شكل اسﱰاتيجي نفعي من أشكال اﳌعرفة‬ ‫تخلقه طبقة أو ج عة‪ ،‬ولكن يتم نﴩه ب اﻵخرين عﲆ أنه صورة طبيعية أو حقيقية‬ ‫للواقع‪ .‬ثالثا‪ ،‬تأثر إدوارد سعيد باﳌفكر الفرنﴘ اﳌولود ﰲ الجزائر جاك داريدا)‪Jacques‬‬ ‫‪ (Derrida‬وب ُح ﱠجته التي تقول بأننا ﻻ كننا التفك ﰲ العالَم خارج نطاق أشكال اﳌعرفة‬ ‫التي صنعناها حوله‪ ،‬وهي فكرة يتم تلخيصها ﰲ العادة تلخيصا غ دقيق باﳌقولة »ﻻ‬ ‫يوجد ﳾء خارج النص« ‪.٣١‬‬ ‫اهت م إدوارد سعيد باﻷسس الخطابية لﻼستع ر باعتباره هيكل ق ﱠو ٍة وشكﻼ من أشكال‬ ‫السلطة تب ّناه مفكران هنديان ينتميان ﳌدرسة ما بعد اﻻستع ر هاجرا إﱃ الغرب‪ ،‬وه ‪:‬‬ ‫هومي ك‪ .‬بابا وجياتريتشا كرافور تيسبيفاك؛ وقد ساعدا عﲆ جعل مصطلح »ما بعد‬ ‫مصطلح »ما بعد‬ ‫اﻻستع ر« مألوفا؛ ﻷنه ‪ ،‬عﲆ عكس إدوارد سعيد‪ ،‬استخدما دون تردد‬ ‫َ‬ ‫اﻻستع ري« للدﻻلة عﲆ منهج تحويﲇ ﰲ التفك يتح ّدى ويتجاو ُز اﳌنهج اﻻستﴩاقي‬ ‫أو اﻻستع ري اﳌستخ َدم ﰲ فهم هذا العا ‪ .‬وﰲ مقالة نﴩها هومي بابا ﰲ الث نينيات‬ ‫من القرن العﴩين وأعاد طباعتها ﰲ كتابه اﳌتميز »موقع الثقافة« )‪ ،(١٩٩٤‬طور أفكار‬ ‫‪٣٥‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫إدوارد سعيد الخاصة بسياق تاريخي محدد وجعلها إطا ًرا لـ »خطاب استع ري« أك‬ ‫وﴐب ﰲ العادة أمثلة من فﱰة الغزو الﱪيطا ﰲ جنوب آسيا‪ .‬وكان بابا متأثﱢ ًرا‬ ‫تجري ًدا‪،‬‬ ‫َ‬ ‫بنظريات جاك ﻻكان)‪ (Jacques Lacan‬القا ة عﲆ تفس التحليل النفﴘ للغة‪ ،‬وذهب‬ ‫إﱃ أن الخطاب اﻻستع ري ظاهرة ملتبسة ومتذبذبة إﱃ ح ﱟد كب ومنشطرة عﲆ نفسها‬ ‫رغبت فيه‪ :‬أي رؤية مستقرة للعالَم يتم فيها التمييز‬ ‫وﻻ كنها أن تحتفظ بأك ﳾء‬ ‫ْ‬ ‫بدقة ب اﳌستع ِمر واﳌستع َمر بحيث يكونا نقيض لبعضه ‪ .‬ويرى هومي بابا أن نظرية‬ ‫ما بعد اﻻستع ر م ّي َزتْ وقدﱠرتْ زئبق ﱠية الخطاب وفوضاه الجوهري ‪ ،‬بدﻻ من أن تق َب َل‬ ‫اﳌفاهيم الثابتة أو الشمولية أو الكل ﱠية الكامنة ﰲ ل ﱢُب مفاهيم من قبيل الحضارة‪ ،‬والهوية‪،‬‬ ‫والعرق‪ ،‬واﻷمة‪ ،‬وحتى الحداثة نفسها‪» :‬ويقاوم منظو ُر‘ما بعد اﻻستع ري’ محاول َة خلق‬ ‫أشكال كلية من التفس اﻻجت عي‪ ،‬ويفرض اﻻقرا َر بالحدود الثقافية والسياسية اﻷك‬ ‫تعقي ًدا التي توجد عﲆ أطراف هذه اﳌجاﻻت السياسية اﳌتناقضة ﰲ العادة« )ص‪.(١٧٣ :‬‬ ‫إ ﱠن نظرية ما بعد اﻻستع ر عند هومي بابا خلقت منهجا جديدا اما ﰲ التفك ‪ ،‬وهو‬ ‫بي‪ /‬طر ﱞﰲ ‪ ،٣٢‬وغ ثابت‪ ،‬وقع في بعد اﳌنطق‪ ،‬ويتح ّدى اﳌناهج التقليدية التي‬ ‫منهج َعتَ ﱞ‬ ‫يتم بها تشكيل اﳌعرفة وطلبُها‪.‬‬ ‫وﰲ الوقت ذاته‪ ،‬تت ﱠبع سبيفاك نظرية ما بعد اﻻستع ر عﱪ ِفكر جاك دريدا التفكي‬ ‫ﰲ كتاباتها النقدية الصعبة ﰲ العادة التي جمعتْها ﰲ كتبِها من قبيل »ﰲ عوا أخرى«‬ ‫)‪ (١٩٨٨‬و«الخارج ﰲ آلة التدريس« )‪ .(١٩٩٣‬وك أن تفكيكية دريدا تلقي الضوء عﲆ‬ ‫قيم خاصة أو ثنائيات متعارضة‪ ،‬فإ ﱠن‬ ‫زئبق ﱠية كل بِنى التفك التي تحاول أن تث ﱢب َت بِنى ٍ‬ ‫سبيفاك تسعى إﱄ كشف الطرق اﻻستع رية ﰲ التمثيل بوصفها )أوﻻ(‪ :‬مك ﱢونَة للفلسفة‬ ‫ومحل ﱟ‬ ‫أساسا‪.‬‬ ‫الغربية وتص ﱡورِها لنظام العالَم؛ و)ثانيا(‪ :‬بوصفها متزعزعة ﰲ جوهرها ﱠ‬ ‫شك ً‬ ‫وبالنسبة لسبيفاك أيضا‪ ،‬فإ ﱠن الناقد اﳌتخصص في بعد اﻻستع ر مسئول عن تحدي‬ ‫اﳌعارف اﳌسلﱠم بها عن العالَم‪ ،‬وإيجاد طُرق ِفكر جديدة‪ .‬وباﻹضافة إﱃ أع ل إدوارد‬ ‫رس َخ ْت أع ُل بابا وسبيفاك مع بداية تسعينيات القرن العﴩين نظري َة ما بعد‬ ‫سعيد‪ ،‬ﱠ‬ ‫اﻻستع ر بوصفها مجاﻻ معرفيا ذا مفاهيم متميزة‪.‬‬ ‫كان لهؤﻻء النقاد تاث هائل ﰲ توصيف دراسات ما بعد اﻻستع ر بوجه عام‪ .‬ولك ّن‬ ‫أع لَهم أثارت ثﻼث شكاوى مح ﱠد َدة ومتواصلة في يتعلق بنظرية ما بعد اﻻستع ر‪.٣٣‬‬ ‫)أوﻻ(‪ :‬كث من كتاباتهم‪ ،‬وخاصة كتابات بابا وسبيفاك‪ ،‬مكتوبة بطريقة فيها تح ﱟد صارخ‪،‬‬ ‫‪٣٦‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫وأحيانا تصل إﱃ مرحلة الغموض التام الذي ﻻ كن س ُﱪ غوره‪ ،‬م أ ّدي نتقدي النظرية‬ ‫إﱃ اتهامها بـالنخبوية‪ ،‬واﻻفراط ﰲ النظرية‪ ،‬واﻹغراق ﰲ الرطانة‪) .‬ثانيا(‪ :‬يشكك جز ٌء‬ ‫كب ٌ من ِفكر نظرية ما بعد اﻻستع ر ليس ﰲ تلك الخطابات التي ساعدت اﻻستع ر‬ ‫عﲆ البقاء فحسب‪ ،‬وإ ا يشك ُﱢك أيضا ﰲ اﳌصادر السياسية الرئيسة اﳌعارِضة لﻼستع ر‬ ‫مثل اﳌاركسية والقومية اﳌناهضة لﻼستع ر؛ فتتﱠه ُم هذه النظريات بأنها تتبنى مبدأ‬ ‫بعض اﳌفاهيم اﻷساسية للسياسة والثقافة‬ ‫التسوية بصورة مميتة‪ ،‬ﻷنها ُ‬ ‫تقبل‪ ،‬دون تفك ‪َ ،‬‬ ‫اﳌستمدة من الغرب‪ ،‬ولذلك تنظر للشعوب التي كانت خاضعة لﻼحتﻼل من قبل ك‬ ‫لو كانوا يتاجرون بطرق غ ﴍعية ﰲ أشكال اﳌعرفة السياسية اﳌستقرة أو الكل ّية التي‬ ‫الويل ﰲ اﳌقام اﻷول‪ .‬ولذلك ليس من اﳌستَ ْغ َرب أن بعض أك منتقدي نظرية‬ ‫أذاقتْهم َ‬ ‫ما بعد اﻻستع ر ﴍاس ًة ينتمون لل ركسية‪ ،‬فيعﱰض إعجاز أحمد)‪(Aijaz Ahmad‬‬ ‫ﰲ كتابه »ﰲ النظرية« )‪ ،(١٩٩٢‬وإ‪ .‬سان جوان اﻷصغر)‪ (.E. San Juan Jr‬ﰲ كتابه‬ ‫»ما وراء نظرية ما بعد اﻻستع ر« )‪ ،(١٩٩٨‬وبينيتا باري )‪(Benita Parry‬ﰲ كتابها‬ ‫»ما بعد اﻻستع ر‪ :‬نقد مادي« )‪ (٢٠٠٤‬اعﱰاضً ا شدي ًدا عﲆ استبعاد اﳌعارضَ ة اﳌناهضة‬ ‫محل ﱟ‬ ‫شك من الناحية الفكرية‪) .‬ثالثا(‪ :‬ت ﱠم التشه ُ بح ِس نظرية ما‬ ‫لﻼستع ر باعتبارها ﱠ‬ ‫بعد اﻻستع ر بوصفه تح ﱡوﻻ آخر للحتمية الثقافية )‪ (culturalism‬ﰲ الفكر اﻷكاد ي‪،‬‬ ‫حيث يتم النظر إﱃ قضايا السلطة والسياسة نظرة نفع ﱠي ًة باعتبارها قضايا ثيل وخطاب‬ ‫ونص ﱠية‪ .٣٤‬ويُ َع ّرف جيمس بروكﱰ)‪» (James Procter‬الحتمية الثقافية« بأنها »تدل عﲆ‬ ‫اﳌيل إﱃ إبراز واستكشاف الدور اﳌركزي للثقافة ﰲ اﳌحافظة عﲆ السلطة اﻻستع رية‬ ‫)الجديدة( واﳌعارضة ما بعد اﻻستع رية« )ص‪ ،(١٧٣ :‬ويث هذا اﻹبرا ُز ﱠ‬ ‫الشك ﰲ ازدراء‬ ‫ِ‬ ‫واﻻستكشاف اﳌتح ﱢمس لدقائق‬ ‫نظرية ما بعد اﻻستع ر الواضح للمنهج التجريبي‬ ‫الخطاب واللغة‪.‬‬ ‫اﻷدب اﻹنجليزي‪ ،‬واستشهدوا كث ا‬ ‫لقد درس إدوارد سعيد وهومي بابا وجياتري سبيفاك َ‬ ‫بأمثلة من النصوص اﻷدبية‪ ،‬ولذلك ليس من اﳌستَ ْغ َرب أن ينظروا إﱃ اﻻستع ر وم اثه‬ ‫عﲆ أنه مسألة ثقافية ﰲ اﻷساس‪ .‬إ ﱠن تطور نظرية ما بعد اﻻستع ر يدين بالكث‬ ‫للدراسات اﻷدبية ﰲ العا الناطق باﻹنجليزية‪ ،‬ويرتبط ظهور نظرية ما بعد اﻻستع ر‬ ‫ارتباطا وثيقا ص النصوص اﻷدبية الﴪدية عن اﻻستع ر وإرثه‪ ،‬وهذه العﻼقة‬ ‫عﻼقة مك ﱢونة لكليه ومفيدة له م ًعا‪ .‬ولقد حفز ظهو ُر أنواع جديدة من النصوص‬ ‫الﴪدية وجيل جديد ا ًما من الكتّاب الذين يكتبون باللغة اﻹنجليزية ﰲ انينيات‬ ‫‪٣٧‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫ﱠنت اﻻهت ماتُ النقدية‬ ‫القرن العﴩين اﻻهت َم بنظرية ما بعد اﻻستع ر‪ ،‬بين مك ْ‬ ‫واﳌصطلحات الجديدة الخاصة بـنظرية ما بعد اﻻستع ر — التي تركز عﲆ اﻻستﴩاق‬ ‫واﻻلتباس)‪ (ambivalence‬والتابع ور ﱢد اﻻعتبار بالكتابة ‪—٣٦‬تسمي َة مجموعة متميزة‬ ‫من النصوص الﴪدية باسم نصوص ما بعد استع رية وقراءتَها عﲆ هذا اﻷساس‪ .‬وأصبح‬ ‫من الشائع اﻵن أ ْن ت َ ْدر َِس »قصص وروايات ما بعد اﻻستع ر« باعتبارها نو ًعا ﴎديا فرعيا‬ ‫له فنيّاته واهت ماته الخاصة )انظ ْر‪ :‬فريزر ‪(٢٠٠٠ ،Fraser‬‬ ‫وهناك ثﻼث مراحل ﰲ تطور قصص وروايات ما بعد اﻻستع ر فهومها الحاﱄ‪:‬‬ ‫أ ﱠو ًﻻ‪ :‬تشتمل اﳌرحلة اﻷوﱄ عﲆ كتابات القرن العﴩين التي أصدرها قبل أواخر سبعينيات‬ ‫اب من أماكن مهمة ﰲ الكومنولث الﱪيطا —أفريقيا‪ ،‬وكندا‪ ،‬وجزر‬ ‫القرن العﴩين كتﱠ ٌ‬ ‫َت ﻻحقًا عﲆ أنها‬ ‫الكاريبي‪ ،‬وجنوب أسيا‪ ،‬وجزر جنوب اﳌحيط الهادي— التي ُصنﱢف ْ‬ ‫تجارب الحياة ﰲ‬ ‫ما بعد استع رية‪ .‬وقصصهم ورواياتهم‪ ،‬التي كانت تص ﱢو ُر ﰲ العادة‬ ‫َ‬ ‫دولة ذات تاريخ )قريب أو متواصل( مع اﻻستع ر الﱪيطا ‪ ،‬كانت لها أحيانا أجندة‬ ‫سياسية مم ﱠيزة تتح ّدى طُرق اﻻستع ر ﰲ النظر لﻸشياء من خﻼل تقديم أشكال معرفة‬ ‫ثقافية بديلة تعتمد ﰲ الغالب عﲆ ثقافة الشعوب اﻷصلية‪ ،‬ك نجد ﰲ قصة تشينوا‬ ‫أتشيبي)‪ (Chinua Achebe‬الرمزية عن نيج يا قبل وأثناء اﻻستع ر ﰲ روايته »عندما‬ ‫تتداعي اﻷشياء« )‪ .(١٩٥٨‬وﰲ بعض اﻷع ل اﻷخرى‪ ،‬تم تقييم الحكومات اﳌستقلة حديثا‬ ‫تقيي ً نقديا‪ ،‬ك هو الحال ﰲ رواية آييكوي هآرما )‪» (AyiKwei Armah‬الجميﻼت‬ ‫يولدن بعد« )‪ ،(١٩٦٨‬والتي تنقد استقﻼل غانا نق ًدا ذكيا‪ .‬وهناك بعض الكتاب يص ﱢورون‬ ‫تقلبات الحياة اليومية دون اهت م كب بالسياسة‪ ،‬ك ﰲ تصوير ف‪ .‬س‪ .‬نايبول)‪V.‬‬ ‫‪ (S. Naipaul‬لﱰينيداد ﰲ عﴫ اﻻحتﻼل ﰲ روايتيه »شارع ِميجِيل« )‪ (١٩٥٩‬و«منزل‬ ‫للسيد ب ِْس َواز« )‪ .(١٩٦١‬وبدا بعض الكتّاب أك توافقًا مع مواقف الﱪيطاني اﻻجت عية‬ ‫ِئت هذه النصوص‬ ‫والثقافية اﳌتغطرسة أك من توافقهم مع اهت مات اﳌستع َمرِين‪ .‬وقُر ْ‬ ‫آنذاك باعتبارها جز ًءا من مجموعة أكﱪ من القصص والروايات التي تُس ﱠمى »أدب‬ ‫الكومنولث«)‪ . (Commonwealth literature‬ومع أن معظم نقّاد الكومونويلث أق ﱡروا‬ ‫بأهمية القضايا السياسية اﳌحل ّية‪ ،‬فإنهم كانوا أك اهت ًما بالس ت العاﳌية اﳌزعومة‬ ‫للشكل أو اﳌضمون التي تتجاوز التاريخ الغوغا والسياسة الغوغائية‪ .‬ولذلك بحثوا عن‬ ‫القاسم اﳌشﱰك ب كتابات الكومنولث اﳌتباينة من جهة‪ ،‬وبينها وب الكتابات الﱪيطانية‬ ‫‪٣٨‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫من الجهة اﻷخرى‪ .‬فبداية من انينات القرن العﴩين فقط‪ ،‬صار هذا اﻷرشيف الضخم‬ ‫من روايات وقصص الكومنولث يُنظَر إليه عﲆ أنه ما بعد استع ري‪ ،‬ﻷنه خضع لعملية‬ ‫إعادة تقييم ﴎيعة عﲆ ضوء نظرية ما بعد اﻻستع ر ونطاقها اﻷوسع وصار يُنظر إليه‬ ‫عﲆ أنه يتحدى َ‬ ‫طرق التفك اﻻستع رية أو اﻻستﴩاقية‪ .‬وأدى ذلك أحيانا إﱃ إعادة‬ ‫تقييم جذري للكتﱠاب الذين ينتمون إﱃ اﳌستعمرات السابقة إذا بدا عليهم أنهم ﻻ‬ ‫يؤيدون نظرية ما بعد اﻻستع ر ﰲ مواقفها أو سياستها؛ ونايبول من اﻷمثلة اﳌشهورة‬ ‫بالسوء ﰲ هذا اﳌجال‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬ظهر النوع الثا من روايات وقصص ما بعد اﻻستع ر بالتزامن مع تأسيس نظرية‬ ‫ما بعد اﻻستع ر‪ .‬وكان إدوارد سعيد وهومي بابا وجياتري سبيفاك من اﳌهاجرين الذين‬ ‫تلقّوا تعليي ً جي ًدا ومن اﳌيسورين الذين هاجروا من الﴩق اﻷوسط أو جنوب آسيا إﱄ‬ ‫الوﻻيات اﳌتحدة اﻷمريكية أو بريطانيا‪ .‬ويرى بعض اﳌعلق إنه ليس من قبيل اﳌصادفة‬ ‫أن تهتم نظرية ما بعد اﻻستع ر اهت ما خاصا بتجارب الهجرة واﳌواطَنة العاﳌية التي‬ ‫م ﱠرتْ بها نخبة مثقفة تنتمي لعﴫ ما بعد اﻻستع ر‪ .‬وبداية من أوائل انينيات القرن‬ ‫العﴩين‪ ،‬ظهر جيل جديد من الكتّاب تلقﱡوا تعليمهم ﰲ جامعتي أكسفورد وكمﱪيدج‪،‬‬ ‫وكانوا أثرياء إﱃ ح ﱟد ما‪ ،‬وكانوا مهاجرين أو أبناء مهاجرين م يطلق عليه العا الثالث‬ ‫إﱄ العا اﻷول‪ .‬وكانت كتاباتهم الروائية والقصصية التي تتسم بالتجديد متسق ًة اما عند‬ ‫قراءتها من منظور نظرية ما بعد اﻻستع ر‪ .‬ومن اﻷمثلة الرئيسية عﲆ هؤﻻء اﳌهاجرين‬ ‫سل ن رشدي )‪ ،(Salman Rushdie‬فتح روايته »أطفال منتصف الليل« )‪ (١٩٨١‬عن‬ ‫أحوال الهند ﰲ القرن العﴩين‪ ،‬وذلك من خﻼل شخصية خيالية تدعى سليم سيناء يبدو‬ ‫حبه للﴪد وتشكيكه ﰲ التاريخ اﳌعهود سحري أك من كونه واقعي ‪ ،‬ويتناغم ذلك‬ ‫اما مع النفور من اﳌنهج التجريبي واﻷشكال الكليﱠة للتفس اﻻجت عي م نجده ﰲ‬ ‫نظرية ما بعد اﻻستع ر‪.‬‬ ‫وك يﴩح لنا سل ن رشدي ﰲ مقال مهم رؤيته اﻷدبية للهند‪ ،‬وهي رؤية تدين بالفضل‬ ‫لهجرته عندما كان تلميذا من الهند إﱃ بريطانيا بقدر ما تدين لﻸشكال الشفاهية‬ ‫الشعبية من القصص الهندية أو اﳌصادر الثقافية الهندية اﻷصلية اﻷخرى؛ فمكﱠنتْه الهجرة‬ ‫من أن تكون لديه طريقة خاصة ﰲ النظر للعا استطاع الباحثون أن يفﴪوها من‬ ‫خﻼل اﳌصطلحات الجديدة التي ابتكرتْها نظرية ما بعد اﻻستع ر —خاصة وأ ﱠن »الذين‬ ‫‪٣٩‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫هاجروا م ّنا أجﱪتْهم اﻹزاحة ‪ ٣٧‬الثقافية عﲆ قبول الطبيعة اﳌؤقﱠتَة لكل الحقائق« )ص‪:‬‬ ‫واستﴩفت رواية »أطفال منتصف الليل« ظهو َر مجموعة كب ة من الروايات التي‬ ‫‪.(١٢‬‬ ‫ْ‬ ‫وعﱪتْ عن تجربة الهجرة‬ ‫ﱠيزتْ بأنها مدن ﱠية ومع ذلك تدين بالفضل للتعددية الثقافية‪ ،‬ﱠ‬ ‫الصعبة إﱃ الدول الغربية وفي بينها‪ ،‬مثل رواية يثي مو )‪» (Timothy Mo‬الحلوى‬ ‫بت‬ ‫اﳌرة« )‪ (١٩٨٢‬التي ترصد حياة الصيني ﰲ لندن ﰲ ستينيات القرن العﴩين‪ .‬وج ﱠر ْ‬ ‫مثل هذه النصوص ﰲ العادة أشكا ًﻻ ﴎديﱠة جديدة للتعب عن رؤية اﳌهاجرين الجزئية‬ ‫والتعددية للعا ‪ ،‬ك ﰲ رواية مايكل أُونداتﴚ )‪» (Michael Ondaatje‬ﰲ جلد أسد«‬ ‫)‪ (١٩٨٧‬التي تبدأ باقتباس من جون برجر )‪ (John Berger‬يقول فيه‪» :‬لن يحدث بعد‬ ‫اﻵن أن تُ ْر َوى قصة ك لو كانت القصة الوحيدة« )أُونداتﴚ‪ ،‬صفحة دون رقم(‪ .‬وكان هذا‬ ‫النوع من الكتابة تجسي ًدا لروايات ما بعد اﻻستع ر ﰲ سنواتها اﻷوﱄ‪ ،‬وساعدها ﰲ تقوية‬ ‫اﻻفﱰاض اﻷكاد ي الشائع الذي يقول إن نظري َة ما بعد اﻻستع ر كانت مس ًعى حﴬيا‬ ‫وكتب سل ن رشدي ذاته أك الروايات ما بعد اﻻستع رية‬ ‫وعاﳌي اﳌواطَ َنة ﰲ اﻷساس‪َ .‬‬ ‫ﱠ‬ ‫الحﴬية خلو ًدا ﰲ ذلك العقد من الزمان‪ ،‬أﻻ وهي روايته »آيات شيطانية« )‪ (١٩٨٨‬التي‬ ‫التنصل من الطرق اﳌعهودة ﰲ فهم‬ ‫عﱪتْ ﰲ شكلها اﳌتح ﱢدي والتجديدي عن محاولتها ﱡ‬ ‫ّ‬ ‫العالَم من منظور اﳌهاجرين‪ ،‬عﲆ الرغم من أن مخاطر نقد اﳌعارف واﳌعتقدات اﳌت َوا َرث َة‬ ‫تم تسليط الضوء عليها بقسوة ﰲ الضجة التي صاحبت نﴩ الرواية ﰲ العا اﻹسﻼمي‪.‬‬ ‫خت‬ ‫ترس ْ‬ ‫ثالثا‪ :‬ﰲ اﳌرحلة الثالثة التي بدأت مع بداية التسعينات من القرن العﴩين‪ ،‬ﱠ‬ ‫رواية ما بعد اﻻستع ر باعتبارها فئ ًة قوي ًة يدع ُمها جها ٌز نقد ﱞي وأد ﱞ كب ٌ‪ ،‬ويشمل هذا‬ ‫الجهاز‪ :‬اﳌؤ رات‪ ،‬والكتب اﳌتب ﱢحرة‪ ،‬واﳌجﻼت الدولية‪ .‬ويسعى بعض الكتﱠاب ﰲ أع لهم‬ ‫ﻷن يستجوبوا ويق ّيموا اﻷماكن التي كانت محتلة من قبل تقيي نقديا‪ ،‬ويناوشون ﰲ‬ ‫العادة اﻷساط الثقافية السائدة‪ ،‬أو يكتشفون النتائج اﳌﱰتبة عﲆ التغ السياﳼ ﰲ‬ ‫أعقاب اﻻستع ر‪ .‬ففي روايته عن أسﱰاليا‪ ،‬يتناول بيﱰ كاري)‪ (Peter Carey‬الوضع‬ ‫اﳌعاﴏ لﻼستيطان اﻻستع ري ﰲ روايته »مفتش الﴬائب« )‪ ،(١٩٩١‬ويتناول أساط‬ ‫اﳌاﴈ اﻹجرامي اﳌضطرب لهذا اﻻستيطان اﻻستع ري ﰲ روايته »التاريخ الحقيقي‬ ‫لــعصابة كيﲇ« )‪ .(٢٠٠٠‬ويقدم الكاتب الجنوب أفريقي ج‪ .‬م‪ .‬كويتزي)‪(J. M. Coetzee‬‬ ‫ﰲ روايته الحاصدة للجوائز »العار« )‪ (١٩٩٩‬رؤى صدامية لعواقب الفصل العنﴫي ﰲ‬ ‫جنوب أفريقيا‪ ،‬ﰲ ح أن روهنتون ميسﱰي)‪ (Rohinton Mistry‬يق ﱢدم لنا ﰲ روايته‬ ‫»توازن بديع« )‪ (١٩٩٥‬ﴎ ًدا مخيفًا لحالة الطوارئ الهندية ﰲ منتصف السبعينيات من‬ ‫القرن العﴩين )عندما تم تعليق الحكومة الد وقراطية(‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬ﰲ ح أن كل‬ ‫‪٤٠‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫رواية من هذه الروايات كنها أن تكون وذ ًجا للمﴩوع النقدي اﻷوسع لنظرية ما بعد‬ ‫يظل هناك خط ٌر يتمث ُﱠل ﰲ أننا عندما‬ ‫اﻻستع ر ﰲ صدامها مع أشكال اﳌعرفة اﳌعهودة‪ ،‬ﱡ‬ ‫نقرأها من هذا اﳌنظور‪ ،‬فإننا نفرض عليها اﻷجندة السياسية أو اﻷخﻼقية لـنظرية ما‬ ‫سهﻼ‪ ،‬ك كان من قبل‪ ،‬أن نزعم وجود توافق‬ ‫بعد اﻻستع ر‪ .‬ﰲ اﻵونة اﻷخ ة‪ ،‬يعد ً‬ ‫ب نظرية ما بعد اﻻستع ر والتمثيﻼت الﴪديﱠة لـﻼستع ر‪ ،‬والتخلص من اﻻستع ر‪،‬‬ ‫يعﱰض الكث ون م يُطلق عليها قصص وروايات ما بعد اﻻستع ر‬ ‫والهجرة‪ .‬ﰲ الواقع‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫عﲆ مصطلح »ما بعد اﻻستع ري« بسبب القيود التي ﻻ تُخطئها الع ُ اﳌاثل ِة فيه‪.‬‬ ‫باﻹضافة إﱃ ذلك‪ ،‬صار بعض النقاد الذين يتبنون نظرية ما بعد اﻻستع ر يشكﱡون ﰲ‬ ‫الرواج الﻼفت لروايات ما بعد اﻻستع ر ﰲ السوق العاﳌية اﳌعاﴏة‪ ،‬ك يتضح من عدد‬ ‫روايات ما بعد اﻻستع ر التي تفوز بجوائز أدبية مثل جائزة مان بوكر الﱪيطانية‪ .‬وك‬ ‫‪٣٨‬‬ ‫يناقش جراهام هاجن)‪ (Graham Huggan‬ﰲ كتابه »الغريب ما بعد اﻻستع ري«‬ ‫)‪ ،(٢٠٠١‬إ ﱠن الولع ﰲ السنوات اﻷخ بنﴩ روايات ما بعد اﻻستع ر واﻻحتفاء بها قد‬ ‫يعمل ضد أهداف نظرية ما بعد اﻻستع ر ذاتها عن طريق تقديم هذه الروايات بوصفها‬ ‫تسلية غريبة ﳌستهل العا اﻷول الحريص عﲆ تذوق القليل من البهارات اﻷجنبية‪.‬‬ ‫فإنتاج »الغريب ما بعد اﻻستع ري« ر ا كان محاولة من الغرب لتدج واحتواء عواقب‬ ‫النقد ما بعد اﻻستع ري الجامحة اﳌوجود ﰲ اﻹبداع الﴪدي‪ ،‬ولكنه يشكﱢك أيضا ﰲ‬ ‫فاعلية نظرية ما بعد اﻻستع ر نفسها ﰲ إحداث تغي ّ‬ ‫دال داخل اﻷكاد ية ذات الﱪج‬ ‫العاجي وخارجها‪ .‬عﻼوة عﲆ أن مصداقية نظرية ما بعد اﻻستع ر تتع ﱠرض للتحدي ﰲ‬ ‫اﻵونة اﻷخ ة من خﻼل ظهور روايات كتبتْها شعوب اﻷمم اﻷوﱃ أو السكان اﻷصليون‬ ‫ﰲ مستعمرات اﻻستع ر اﻻستيطا ﰲ كندا وأسﱰاليا ونيوزيلندا‪ .‬فروايات كتّاب من‬ ‫أمثال الكاتبة باتريشا جريس )‪ (Patricia Grace‬التي تنتمي لقبائل اﳌاوري ﰲ نيوزيلندا‬ ‫تشكﱢك ﰲ امكانية تطبيق الن ذج الحﴬيﱠة ﳌا بعد اﻻستع ري عﲆ بعض الﴫاعات‬ ‫العابرة للثقافات‪ ،‬وﰲ الوقت ذاته تدعونا للتأمل ﰲ مدى إمكانية قيام البﻼغة ما بعد‬ ‫َ‬ ‫اﻷشكال اﻻستعارية اﳌتواصلة للخيال واﻻستغﻼل اﻻستع ري —ليس‬ ‫اﻻستع رية بإخفاء‬ ‫فقط ما ب اﻷماكن التي كانت محتلة والعواصم الثقافية‪ ،‬وإ ا داخلها أيضا‪ .‬ولذلك من‬ ‫اﻻستجواب النقدي لعيوب‬ ‫وسائل‬ ‫َ‬ ‫اﳌهم أن ندرك أن النصوص الﴪدية اﻹبداعية تتيح‬ ‫ِ‬ ‫نظرية ما بعد اﻻستع ر وتح ﱡيزاتها بوصفها مجاﻻً بحثيا‪ ،‬بقدر ما كنها أن تﱪهن‪ ،‬من‬ ‫خﻼل اﳌ رسة‪ ،‬عﲆ أن أهداف نظرية ما بعد اﻻستع ر طريق ٌة ﰲ التفك كنها أن‬ ‫ت ِ‬ ‫ُحدثَ تح ﱡو ًﻻ كب ًا‪.‬‬ ‫‪٤١‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫الهجرة والشتات والمنفى في الرواية‬ ‫هايك هارتنج‬



‫‪٣٩‬‬



‫تتداخل مفاهيم »الهجرة« و«الشتات« و«اﳌنفى« بشكل متفاوت بوصفها فئات‬ ‫مضمونية ونظرية واجت عية وتاريخية ونقدية ت ُستخ َدم لقراءة روايات وقصص القرن‬ ‫العﴩين العاﳌية اﳌكتوبة باللغة اﻹنجليزية‪ .‬وتتداخل معا هذه اﳌصطلحات الثﻼثة إﱃ‬ ‫حد ما ﻷنﱠها تهتم بالتمثيل الثقاﰲ والسياﳼ لﻸفراد أو الج عات‪ ،‬التي تنتقل عﱪ حدود‬ ‫قومية وجغرافية ونفسية محددة‪ ،‬إما طو ًعا أو َك ْر ًها أو اضطرا ًرا‪ .‬إ ﱠن روايات وقصص‬ ‫الهجرة والشتات واﳌنفى ﰲ الكث من اﻷحوال تعيد النظر أو التخ ﱡيل ﰲ طبيعة وﴍعية‬ ‫مفاهيم من قبيل الهوية والتاريخ والذاكرة واﳌكان‪ .‬من جهة اﳌضمون‪ ،‬تستكشف هذه‬ ‫النصوص الﴪدية اﳌفاهيم التقليدية واﳌعاﴏة للوطن والتﴩد واﻹزاحة واﻻنت ء وعدم‬ ‫اﻻنت ء القومي والثقاﰲ‪ .‬وتاريخيا‪ ،‬ترصد هذه اﻷع ل حركات الهجرة الكب ة التي ﱠي َز‬ ‫بها القرن العﴩون‪ ،‬وكان سب ُبها انهيا َر اﻹمﱪاطوريات اﻷوروبية‪ ،‬والتغ ِ‬ ‫ات الجيو‪-‬سياسية‬ ‫للدول اﳌستع َمرة التي صارت مستقلة اﻵن‪ ،‬وكذلك ظهو َر العوﳌة‪ .‬و كننا أن نُ ْدر َِج‬ ‫أع ﻻ ﴎدية متفاوتة تفا ُوتَ قصص مافيس جالنت)‪ (Mavis Gallant‬القص ة وروايات‬ ‫روميش جونسيك ا )‪ (Romesh Gunesekera‬تحت واحد أو أك من هذه اﳌصطلحات‬ ‫واﻷحداث‪.‬‬ ‫ومع ذلك فإ ﱠن مصطلحات الهجرة والشتات واﳌنفى فئات فضفاضة أو غ دقيقة من النقد‬ ‫الثقاﰲ‪ ،‬وعادة ما ت ُستخدم بوصفها مصطلحات قابلة ﻷن تحل محل بعضها البعض أو‬ ‫مظلة مفاهيمية تغطّي اﻵثار اﳌتفاوتة للغاية الناتجة عن الهجرات الكب ة للناس بسبب‬ ‫التحرر من اﻻستع ر أو اﻻستع ر الجديد أو الحروب اﻷهلية أو الحروب العاﳌية أوالفقر‬ ‫أو نزع اﳌلكية أو العنف السياﳼ أو عمليات التحديث أو التمدين أو الكوارث البيئ ﱢية‪.‬‬ ‫لذلك يتزايد إلحاح كتّاب ونقاد ومفكرو ما بعد اﻻستع ر عﲆ ﴐورة تدقيق معا هذه‬ ‫اﳌصطلحات واستع لها استع ﻻ مت يزا عن بعضها البعض‪ ،‬ك أنهم ينادون بقراءة‬ ‫دقيقة للطﱡرق التي تؤثﱢ ُر بها قضايا ال ِعرق وال ِعرقية والجيندر والهويﱠة الجنسية )‪(sexuality‬‬ ‫واﻻقتدار والطبقة اﻻجت عية ﰲ تشكيل معنى كل مصطلح من هذه اﳌصطلحات ﰲ‬ ‫‪٤٣‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫السياقات الﴪدية اﳌختلفة‪ .‬ويسعى هذا اﻹﴏار إﱃ تأصيل كيفية عمل هذه اﳌفاهيم‬ ‫اﳌتداخلة معا‪ ،‬ك يسعى إﱃ أن تستن َد طرقُ الفهم اﳌعاﴏة للهوية الثقافية واﻻختﻼف‬ ‫وتشكﱡل اﻷُ َم ِم وم رسات اﳌواطنة العاﳌية عﲆ اﳌصطلحات التي تندرج تحت هذه‬ ‫كل مصطلح من هذه اﳌصطلحات‬ ‫طمس تف ﱡر ِد ﱢ‬ ‫اﳌفاهيم ذاتها‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬كث ًا ما يت ﱡم‬ ‫ُ‬ ‫بسبب أصلِها السائد اﳌشﱰك ﰲ التوراة‪ .‬ففي اﳌوعظة الثالثة من سفر التثنية‪ ،‬يحذر‬ ‫نبي الله موﳻ بني إﴎائيل‪ ،‬قائﻼً لهم‪» :‬ويشتتكم الرب ﰲ جميع الشعوب‪ ،‬من أقاﴆ‬ ‫ُ‬ ‫اﻷرض إﱃ أقاصيها‪ ،‬وتعبدون هناك آلهة غريبة تعرفوها أنتم وﻻ آباؤكم وهي من‬ ‫خشب وحجارة« )سفر التثنية‪ :‬اﻹصحاح ‪٢٨‬؛ اﻵية ‪ .(٦٤‬ومن جهة اﻻشتقاق‪ ،‬تش كلمة‬ ‫)‪) (diaspora‬الشتات( إﱃ الكلمة اليونانية )‪ (speiro‬التي تعني )ن البذور(‪ ،‬وحرف‬ ‫الجر )‪ (dia‬يعني َ‬ ‫)فوق(‪ .‬وأ ْن تُن َ َ بالقوة يعني أ ْن تُطرد من موطنك اﻷصﲇ أو وطنك‬ ‫عقاب بش ٌع يتضمن الﱰحال والهجرة الدا ‪ ،‬ك‬ ‫اﳌوعود وتُلْقَى ﰲ منفى الشتات‪ ،‬وهو ٌ‬ ‫أنه عقاب يُغ ﱢ ُ بدوره َ‬ ‫سلوك اﳌنفي اﻻجت عي وم رساتهم الثقافية واﻷخﻼقية وتكوينهم‬ ‫الوجدا والعاطفي‪ .‬ﰲ الواقع‪ ،‬يولﱢ ُد اﳌنفى الشتا ﱡ—ك ُو ِص َف ﰲ سفر التثنية —حال ًة‬ ‫اﻷعصاب والتعلﱡق ب الحياة واﳌوت والرعب ِ‬ ‫)سفر التثنية‪ :‬اﻹصحاح ‪٢٨‬؛ اﻵية‬ ‫تعب‬ ‫من ِ‬ ‫ِ‬ ‫ونفوسا بائس ًة« ِ‬ ‫)سفر‬ ‫‪ (٦٦‬وعدم اﻹحساس باﻷمان‪ ،‬ويولﱢ ُد »قلوبًا مضطربة وعيونًا كليل ًة‬ ‫ً‬ ‫تفس َخ ما كانت يبدو عليها‬ ‫التثنية‪ :‬اﻹصحاح ‪٢٨‬؛ اﻵية ‪ .(٦٥‬ويسبب هذا اﳌنفى الشتا‬ ‫ﱡ‬ ‫من قبل أنها ج عة مت سكة وتحويلها إﱃ حالة من الهشاشة اﻻجت عية والسياسية‬ ‫الكل اﳌﱰابط‪ .‬أما عﲆ اﳌستوى اﻷد ‪ ،‬تقﱰن حال ُة اﳌنفى أو الطرد ﰲ العادة‬ ‫والحن إﱃ ﱢ‬ ‫اﳌنفي ﻻحقًا‬ ‫بحال من الحن الشجي للعودة إﱃ اﳌوطن اﻷصﲇ‪ ،‬وهو اﻷصل الذي يل‬ ‫ﱡ‬ ‫إﱃ إضفاء الطابع الرومانﴘ عليه باعتباره مكانًا متج ﱢم ًدا ﰲ الزمان‪ ،‬وهو اﻷمر الذي قد‬ ‫يؤدي إﱃ اﻻستيقاظ من الوهم عند العودة إليه‪.‬‬ ‫وثيق الصلة بالتمثيل اﻷد للمنفى هو تركيبته الوجدانية ومنطقه الوجدا ‪ ،‬أي‬ ‫ما ﱡ‬ ‫يظل َ‬ ‫اﻻحساس العميق بالخسارة والتﴩد‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬ﰲ ح أن ملحمتَ ّي هوم وس)‪(Homer‬‬ ‫أضفتا الطابع اﻷسطوري عﲆ رحلة خﻼص بطوﱄ وعودة بطولية‪ ،‬نجد أ ﱠن الكتﱠاب ﰲ العﴫ‬ ‫الحديث وﰲ أواخر العﴫ الحديث من أمثال جيمس جويس )‪ (James Joyce‬وجورج‬ ‫ﻻمنج)‪ (George Lamming‬وج ريز )‪ (Jean Rhys‬وديرك ولكوت )‪(Derek Walcott‬‬ ‫قد أكدوا عﲆ جوانب غموض اﳌنفى وتجاربه ذات اﻷبعاد التاريخية اﳌتعددة‪ .‬فعﲆ‬ ‫سبيل اﳌثال‪ ،‬ﰲ رواية ج ريز — التي تحمل عنوان »رحلة ﰲ الظﻼم« )الطبعة اﻷوﱃ‬ ‫‪٤٤‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫‪١٩٣٤‬؛ الطبعة اﳌشار إليها هنا نﴩت ﰲ عام ‪ ،(١٩٦٩‬وهي رواية س ة ذاتية كتبتْها ريز‬ ‫ﰲ بداية مشوارها عن هجرتها من جزر الكاريبي إﱃ لندن— تﻼحظ الراوي ُة )آنا مورجان(‬ ‫كل ما‬ ‫وأخفت ع ّني ﱠ‬ ‫أ ّن وصولَها إﱃ لندن جعلها تشعر »ك لو كانت ستارة قد أُ ْس ِدل َْت‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫عرف ُته طوال حيا ‪ .‬كان الوض ُع يكا ُد يشبه الوﻻد َة من جديد« )ص‪ .(٧ :‬فمن جهة‪ ،‬يوحي‬ ‫مفتتح الرواية بأننا مقبلون عﲆ معايشة ﴎد حدا للمنفى باعتباره إمكان حدوث وﻻدة‬ ‫جديدة تتجاوز حدود التاريخ‪ .‬وعﲆ الجانب اﻷخر‪ ،‬تش الرواية إﱃ َص ْد ٍع ﰲ تكوينِ آنا‬ ‫العاطفي وهويﱠ ِتها‪ .‬فهويﱠتُها يشكلها عﲆ نحو متزايد شعو ُرها باﻻختﻼف الثقاﰲ واﻹزاحة‬ ‫ﱢ‬ ‫ﴫ تصوي ُر الرواية للمنفى متعلﱢقًا ب استعارت ‪ :‬وه اﳌيﻼد من جديد‬ ‫والتﴩد‪ .‬وينح ُ‬ ‫اس روايات الهوية واﳌنفى‬ ‫واﻹجهاض‪ .‬ويُلفت استخدا ُم ج ريز لﻼستعارة انتبا َهنا إﱃ ﱢ‬ ‫ما بعد الحداثية وما بعد اﻻستع رية‪ ،‬ﰲ ح أن اﻻختيار اﳌح ﱠدد لﻼستعارة يؤكد عﲆ‬ ‫ظلم السلطة اﻻجت عي الذي تتعرض له اﳌرأة التي تم نفيها من الهامش اﻻستع ري‪.‬‬ ‫يجس ُد اﻵثار التحويلية‬ ‫إ ﱠن استعارة اﳌيﻼد الثقاﰲ أو الروحا من جديد َم َجا ٌز تقليدي ﱢ‬ ‫للهجرة واﳌنفى‪ ،‬وهي أيضا شائعة ﰲ روايات تو موريسون)‪(Toni Morrison‬‬ ‫وجامايكا كينكيد)‪ (Jamaica Kincaid‬وسل ن رشدي )‪ .(Salman Rushdie‬ولك ﱠن‬ ‫َ‬ ‫الطرق التي تتم من خﻼلها معايش ُة اﳌنفى بدنيا وماديا بوصفه‬ ‫مجا َز اﻹجهاض يب ﱢ ُ‬ ‫جرحا تبدو آثاره واضحة عﲆ الجسد وبوصفه رحلة كئيب ٍة تجاه اﳌوت‪ .‬واﻷهم من ذلك‬ ‫اﻹجهاض ﱡ‬ ‫جنﴘ‪.‬‬ ‫جنﴘ‪ ،‬أي تجربة خسار ٍة واستغﻼ ٍل‬ ‫يدل عﲆ تجربة منفى ذات طابع‬ ‫أ ﱠن‬ ‫َ‬ ‫ﱟ‬ ‫ﱟ‬ ‫ﰲ الواقع‪ ،‬إ ﱠن صدمة نفي أبطال وبطﻼت الروايات من أرضهم وأجسادهم ولغتهم اﻷم‪،‬‬ ‫الجنﴘ‪ ،‬تك ﱢون‬ ‫في بعد صدمة وقوعهم ﰲ ف ﱢخ بِنى الفقر والفصل العنﴫي والعنف‬ ‫ّ‬ ‫تجرب َة منفاهم وتش ﱢكلُها ﰲ روايات وقصص وقصائد الكتّاب السود من أمثال بيﴘ هيد‬ ‫)‪) (Bessie Head‬عﲆ سبيل اﳌثال‪ :‬رواية مسألة سلطة‪ ،(١٩٧٤ ،‬وجوان رايﲇ)‪Joan‬‬ ‫‪) (Riley‬عدم اﻻنت ء‪ ،(١٩٨٥،‬وبن أوكري)‪) (Ben Okri‬حوادث عند الﴬيح‪،(١٩٨٦ ،‬‬ ‫وبوتﴚ إ يتشيتا)‪ُ ) (BuchiAmecheta‬مواطنة من الدرجة الثانية‪ ،(١٩٧٤ ،‬وتسيتﴘ‬ ‫دانجار بجا)‪) (Tsitsi Dangarembga‬ظروف قلقة‪ِ ،(١٩٨٩ ،‬ديُو ْن براند )‪Dionne‬‬ ‫)سان ُس ِ‬ ‫وﳼ وقصص أخرى‪.(١٩٨٨ ،‬‬ ‫‪َ (Brand‬‬ ‫يَشْ غ َُل اﳌنفى بوصفه موضو ًعا ونو ًعا ﴎديا فرعيا مكان ًة مركزية إن تكن تعريف ﱠي ًة ﰲ‬ ‫كتابات ما قبل الحرب العاﳌية الثانية وما بعدها‪ .‬ومع أ ﱠن النقاد يلون إﱃ التمييز ب‬ ‫اﳌنفى اﻻختياري )الذي يرتبط ﰲ العادة بجالية الكتّاب اﻷمريكان الذين كانوا مغﱰب‬ ‫‪٤٥‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫ﰲ باريس ب الحرب العاﳌيت ( واﳌنفى الذي يتخذ أشكاﻻ عديدة مثل اﳌنفى الداخﲇ‬ ‫تتداخل أشكال اﳌنفى هذه ﰲ قصص‬ ‫ُ‬ ‫والديني والجنﴘ والسياﳼ والثقاﰲ‪ ،‬وعاد ًة ما‬ ‫ٍ‬ ‫استجابات معقدة لتجربة‬ ‫وروايات العديدين من كتاب ما بعد اﻻستع ر‪ ،‬وتشكﱢل‬ ‫اﻻستع ر واﻹمﱪاطورية وما ﰲ أعقابه ‪ .‬ففي أع له الروائية والنقدية‪ ،‬يرى الكاتب‬ ‫الباربادوﳼ جورج ﻻمنج أنﱠه »أن تكون منفيا يعني أن تكون حيا« )ص‪ .(٢٤ :‬وﰲ الوقت‬ ‫ذاته‪ ،‬يَظه ُر اﳌنفى كحالة متناقضة تزخر بـ«التعقيدات«‪ ،‬خاصة »عندما يكون اﳌنفى ]‪[...‬‬ ‫اﳌنفي اﻻستع ري بسبب مكائد التجارة‬ ‫ذا تو ﱡجه استع ري«)ص‪ .(٢٤ :‬فعندما يُقتلع‬ ‫ﱡ‬ ‫اﻻستع رية و«يُ َج ﱠر ُد من اس ِمه« )ص‪ (١٥ :‬ومن تاريخه وثقافته ووطنه ولغته؛ فإنﱠه ﻻ‬ ‫اﳌنفي إﱃ اﳌركز ﰲ عاصمة اﻹمﱪاطورية‪،‬‬ ‫يص أمامه خيار إﻻ الهجرة‪ .‬وما أ ْن يُ ْنق ََل هذا‬ ‫ّ‬ ‫يضطر ﻷن ينظر لنفسه من خﻼل عﻼقة ثنائية ب الذات واﻵخر‪ .‬ﰲ الواقع‪ ،‬عندما يتع ﱠرض‬ ‫اﳌنفي للتمثيﻼت التمييزية والعنﴫية من مجتمع البيض الرئيﴘ‪ ،‬ينظر إﱃ نفسه عﲆ‬ ‫ﱡ‬ ‫أنه آخر‪ ،‬ويظل ممزقًا ب قُطْ َب ّي اﻻنت ء وعدم اﻻنت ء‪ ،‬ب هنا وهناك‪ ،‬ب الهامش‬ ‫واﳌركز‪ ،‬وكلﱡها تع ﱢز ُز اﻹرجاء الدائم للوصول‪ ،‬الذي يُ ْف َه ُم بأنه تنمية إحساس بالوطن كنه‬ ‫والتناقض‪ .‬وتق ﱢد ُم لنا اﻷع ُل اﻷوﱃ لجورج ﻻمنج )اﳌهاجرون‪،‬‬ ‫يستوعب التع ﱡد َد الثقاﰲ‬ ‫أن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫‪ ،(١٩٥٤‬وسام سيلفون)‪) (Sam Selvon‬اللندن ﱡيون الذين يشعرون بالوحدة‪،(١٩٥٦ ،‬‬ ‫وأما أتا أيدوو)‪) (Ama Ata Aidoo‬أختنا قاتلة الفرحة‪ ،(١٩٧٧ ،‬وأوس كﻼرك)‪Austin‬‬ ‫‪) (Clarke‬نقطة اﻻلتقاء‪ (١٩٦٧ ،‬تأ ﱡمﻼت مستفيضة ﰲ تناقضات اﳌنفى ﰲ اﻷماكن‬ ‫الحﴬية ﰲ لندن أو تورونتو‪ ،‬وتركز عﲆ اﻵثار الثقافية والنفسية العنﴫية النظامية التي‬ ‫يتع ﱠر ُض لها منف ﱡيو اﳌستعمرات ك تركز عﲆ اضطرارهم ﻷن يتأقلموا عﲆ بيئة ترفضهم‬ ‫رفضا قاط ًعا‪ .‬وهنا ﻻ يدل التشظﱢي الﴪدي والتجريب اللغوي باستخدام لغة إنجليزية‬ ‫اﳌنفي ما بعد الحدا بقدر ما تدل عﲆ إزاحته الثقافية وموقعه ﰲ‬ ‫هجينة عﲆ وضعِ‬ ‫ﱢ‬ ‫اﳌجتمع وقدرته عﲆ الصمود والنجاة‪.‬‬ ‫فبالنسبة للعديد من كتاب ما بعد الحرب العاﳌية الثانية الذين ينتمون لﻺمﱪاطورية‬ ‫الﱪيطانية السابقة‪ ،‬فإ ّن شكل وتجربة اﳌنفى والهجرة اللذين يصفانِ بدقة متناهية موقفهم‬ ‫عﱪ عنها إدوارد سعيد)‪ (Edward Said‬بﱪاعة ﰲ مقالته‬ ‫وموقف شخصياتهم الروائية قد ﱠ َ‬ ‫اﳌهمة »تأمﻼت ﰲ اﳌنفى« )‪ .(٢٠٠١‬ويﴫ إدوارد سعيد عﲆ أ ﱠن اﳌنفى يقيم عﻼقة جدلية‬ ‫وتعمل جدل ﱠي ُة‬ ‫ُ‬ ‫مع مفهوم اﻷمة‪ ،‬التي تشغل موق ًعا مركزيا ﰲ روايات الهجرة والشتات‪.‬‬ ‫اﻷمة واﳌنفى من خﻼل ما يسميه تشارلز تيلور)‪» (Charles Taylor‬سياسةاﻻعﱰاف«‪،‬‬ ‫‪٤٦‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



‫اﳌنفي ﰲ‪ ،‬أو استبعا ِده من‪ ،‬هوية قومية مت سكة بدرجة أو بأخرى‬ ‫التي تؤثر عﲆ إدراج‬ ‫ﱢ‬ ‫ﰲ بيئته الجديدة‪ .‬فالدولة اﻷ ﱠمة قد ﻻ تقدم حﻼ ﻵﻻم اﳌنفى أو »حالة الوجود اﳌتقطﱢعة«‬ ‫اﳌنفي‬ ‫التي يعا منها الشخص اﳌن ِف ﱡي‪) .‬إدوارد سعيد‪ ،‬ص‪ .(١٧٧ :‬وبدﻻ من ذلك‪ ،‬يحلم‬ ‫ﱡ‬ ‫بأن يعيد صناعه نسيج مجتمعه اﳌقطوع ويحوله إﱃ »ك ﱟُل جديد« )ص‪،(١٧٧ :‬م قد‬ ‫يؤدي إﱃ ِ‬ ‫فرض هوية ج عية إقصائية‪ ،‬وهذا اﻻتجاه يﱪزه الكاتب الكندي التنزا م‪.‬‬ ‫اﳌنفي‪ ،‬ك يوضح‬ ‫ج‪ .‬فاسانجي)‪ (M. G. Vassanji‬بطريقة نقدية ﰲ رواياته‪ .‬ولكن‬ ‫ﱠ‬ ‫إدوارد سعيد‪ ،‬متش ﱢب ُع أيضا بـ »أصالة الرؤية«)ص‪(١٨٦ :‬التي ت ُ ْدر ُِك طبيع َة الوطنِ اﳌؤقﱠتَ َة‬ ‫تفاؤﻻ‪ ،‬يشك ُﱢل حال ًة »بدويﱠة« )ص‬ ‫وتدرك تع ﱡدديﱠ َة الثقافات‪ .‬واﳌنفى‪ ،‬ﰲ أك تشكﻼته ً‬ ‫‪ ،(١٨٦‬أو عﲆ حد قول الكاتب الغايا ّ ويلسون هاريس)‪ ،(Wilson Harris‬حالة »عابرة‬ ‫للثقافات« من الوجود والتخيل كنها أ ْن ت ُزعزع اﳌعاي الثقافية والسياسية )ص‪.(٢٤١ :‬‬



‫وعﲆ العكس من فكرة اﳌنفى‪ ،‬نجد أ ّن أك معاي الهجرة استخداما ﰲ النقد اﻷد‬ ‫تفتقر ِ‬ ‫متي الفوريّة والعنف السياﳼ اﳌضمر اللت يتسم به اﳌنفى‪ .‬وتش الهجرة‬ ‫لس ّ‬ ‫بوجه عام إﱃ انتقال )وليس بع ة( مجموعة من البﴩ من دولة ﻷخرى وما يصاحب‬ ‫هذا اﻻنتقال من ﴏاعات خاصة باﻻنت ء‪ ،‬عﲆ الرغم من أ ﱠن شاليني بيوري)‪Shalini‬‬ ‫ﻻحظت ﰲ اﻵونة اﻷخ ة أهمية ثيﻼت الهجرة داخل مناطق مع ﱠينة ﰲ‬ ‫‪(٢٠٠٣) (Puri‬‬ ‫ْ‬ ‫محل‬ ‫كتابات ما بعد اﻻستع ر )وخاصة ﰲ منطقة جزر الكاريبي(‪ .‬ولك ّن مصطلح الهجرة ﱡ‬ ‫ٍ‬ ‫اﻷشخاص اﳌهاجرين عﲆ اﻷشخاص الذين يعجزن عن ترك بلدانهم اﻷم‪،‬‬ ‫خﻼف ﻷنﱠه يﱢ ُز‬ ‫َ‬ ‫خلق هويﱠ ٍ‬ ‫ات ثقافية‬ ‫ك يتضمن حقهم الﴩعي ﰲ العودة‪ .‬وبوصفه مصطلحا يشمل َ‬ ‫هجينة وعابرة للقوميات‪ ،‬تلعب الهجرة دورا مركزيا ﰲ أع ل كتّاب كبار‪ ،‬منهم عﲆ سبيل‬ ‫اﳌثال ﻻ الحﴫ سل ن رشدي )آيات شيطانية‪ ،(١٩٨٨ ،‬وبهارا موخ جي )‪Bharati‬‬ ‫‪) (Mukherjee‬ياسم ‪ ،(١٩٨٩ ،‬و ف‪ .‬س‪ .‬نايبول)‪) (V. S. Naipul‬لغز الوصول‪،(١٩٨٧ ،‬‬ ‫ونيل بِيسوونداث)‪) (Neil Bissoondath‬وحشية عارضة‪ ،(١٩٨٨ ،‬وجاميكا كينكيد‬ ‫)‪) (Jamaica Kincaid‬لوﳼ‪ .(١٩٩٠ ،‬وك يﴩح لنا سل ن رشدي ﰲ مجموعة مقاﻻته‬ ‫اﳌهمة للغاية )أوطان متخ ﱠيلَة‪ ،(١٩٩١ ،‬تشك ُﱢل الهجر ُة عملي ًة مزدوجة لﻼنفصال عن وطن‬ ‫اﳌرء ولكونه«مولو ًدا عﱪ العا «)ص‪ .(١٧ :‬وﰲ عملية اﻻنتقال الفردي والثقاﰲ هذه‪،‬‬ ‫فسح اﳌجال‬ ‫يص ُ الزما ُن واﳌكا ُن ُم ْب َه َم ِ ومتقطﱢ َع ْ ِ ومش ﱠو َه ْ ِ‪ ،‬ولذلك نجد أن التاريخ يُ ُ‬ ‫للذاكرة‪ ،‬واليق يفسح اﳌجال للشك‪ ،‬والهوية تفتح اﳌجال لﻼستعارة واﳌجاز‪ ،‬و«اﳌدن‬ ‫الفعلية« تفسح اﳌجال لـ »اﻷوطان اﳌتخيﱠلة‪ ،‬لهذا ﻻ توجد إﻻ ﰲ العقل« )ص‪ .(١٠ :‬ولذا‬ ‫‪٤٧‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫فإ ﱠن كل ما ضا َع ﻻ كن استعادته باعتباره أصليا‪ ،‬ويضطر الكاتب اﳌهاجر ﻷن يعيد‬ ‫اخﱰاع الَعالَم ﴎديا‪ ،‬وذلك ﰲ حد ذاته مﴩوع ما بعد حدا وما بعد استع ري ﰲ‬ ‫الوقت ذاته‪ .‬حينئذ يكون اﳌهاج ُر ذات ًا »منقولة« )ص‪ (١٧ :‬حرفيا ومجازيا تلك »رؤية‬ ‫مجس َمة« أو مزد َو َجة )ص‪ ،(١٩ :‬وتدخل ﰲ »ﴏاع الذاكرة مع النسيان« والسلطة )ص‪:‬‬ ‫ﱠ‬ ‫عاﳌي‪» ،‬وعقل اﳌهاجر يﴬب‬ ‫‪ .(١٤‬ﰲ الواقع‪ ،‬ك يؤكد لنا سل ن رشدي‪ ،‬الهجرة وض ٌع ﱞ‬ ‫بجذوره ﰲ نفسه‪ ،‬ﰲ قدرته عﲆ تخيﱡل العالَم وإعادة تخيﱡلِه« )ص‪ .(٢٨٠ :‬ومن اﳌث‬ ‫لﻼهت م أ ّن رواية »آيات شيطانية« لسل ن رشدي تصور الطرق التي نح بها التاري ُخ‬ ‫اﳌهاج َر دورا ثابتا )وغ مجا ِمل بطبعه( ﰲ اﳌخ ﱢيلَة أو اﳌِ ْخ َيال)‪ (imaginary‬اﻻجت عي‬ ‫إحساسا باﻻغﱰاب البد والفكري‬ ‫والسياﳼ ﳌجتمع العاصمة‪ ،‬وهو اﻷمر الذي يخلق‬ ‫ً‬ ‫واللغوي الشديد‪ .‬إ ّن ثيل الرواية لوضعِ اﳌهاجر يبدو أقل احتفاء من التمثيل الذي‬ ‫تقدمه مقاﻻت سل ن رشدي‪ .‬وﰱ الواقع‪ ،‬ك يتضح من مهنة إحدى شخصيات الرواية‪،‬‬ ‫نستشف من روايات بول ميلفل)‪ ، (Pauline Melville‬إ ﱠن اﳌهاجر شخص يتكلﱠم‬ ‫ﱡ‬ ‫وك‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫محبوس ﰲ استعارات ليست من‬ ‫بصوت ثقاﰲ‪ ،‬غ صوته‪(cultural ventriloquist)،‬‬ ‫‪٤٠‬‬ ‫صنعه ‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬تظل رؤية سل ن رشدي للهجرة رؤية متف ﱢردة وفرديﱠة‪ ،‬فﻼ يوجد‬ ‫فيها ُمتﱠ َس ٌع للفاعلية الج عية أو تح ﱡول اﳌجتمعات تاريخيا‪ .‬ولكن ﰲ سياق آخر‪ ،‬كن‬ ‫للهجرة أيضا أن تدل عﲆ حالة من الهروب والبقاء والتغ ‪ .‬ففي مجال دراسات النساء‬ ‫السوداوات‪ ،‬توحي الهجرة بشبكة معقدة من اﳌنعطفات واﻻنتقاﻻت اﳌادية والرمزية‬ ‫التي من خﻼلها تنطلق طقوس التعاﰲ الثقاﰲ‪ .‬وتعد رواية »لوﳼ« لجاميكا كينكيد من‬ ‫الروايات اﳌهمة ﰲ هذا السياق‪ ،‬فنجد ﰲ هذه الرواية أن تجربة اﳌهاجر تشك ُﱢل نو َع‬ ‫الرواي ِة الﴪد ﱠي‪ ،‬باعتبارها »رواية تكوين« ‪ ،٤١‬ك أن هذه التجربة‪ ،‬عﲆ مستوى اﳌضمون‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫مسقط رأسها وعن أ ﱢمها‬ ‫تتيح للوﳼ ابتعا ًدا تاريخيا وشخصيا عن جزيرتها الكاريبية‬ ‫اﳌستب ﱠد ِة‪ .‬وأما ومع أ ﱠن الهجرة تغرس رغبات ومفاهيم متناقضة خاصة باﻻنت ء‪ ،‬فإنﱢها‬ ‫كﱢن لوﳼ أيضا من استعادة شعورها بذاتها كفنانة‪ .‬والهجرة بوصفها مجازًا أدب ًيا وتجرب ًة‬ ‫مادي ًة تتحدى مفاهيم اﻷصالة الثقافية‪ ،‬وتسلﱢط الضوء عﲆ الطرق التي تظهر بها الهويﱠاتُ‬ ‫من خﻼل سياسة التمثيل اﳌعقدة‪.‬‬ ‫مع أ ﱠن فكرة الشتات ليست فكرة جديدة‪ ،‬فإ ﱠن روا َجها الحاﱄ ﰲ العلوم اﻻجت عية والعلوم‬ ‫اﻹنسانية ظاهرة حديثة نسبيا‪ ،‬وهي بوجه عام مرتبطة بصدور العدد اﻻفتتاحي من‬ ‫مجلة )الشتات( ﰲ عام ‪ .١٩٩٩‬فإذا كان مفهوما الهجرة واﳌنفى مفهوم مرتبط جدليا‬ ‫‪٤٨‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫باﻷفكار السائدة عن الدولة اﻷمة‪ ،‬فإ ﱠن فكرة الشتات تدل عﲆ اﳌفاهيم ما بعد القومية‬ ‫والعابرة للقوميات الخاصة بالهوية‪ .‬ويتغلب مفهوم الشتات عﲆ التوابع اﻹنسانية‬ ‫والثقافية اﳌﱰتبة عﲆ فشل الدول اﻷمم ﰲ أعقاب العوﳌة وأعقاب اﻹمﱪيالية‪ .‬و يز النقاد‬ ‫بوجه عام ب نوع من الشتات‪ :‬التشكﱡﻼت القد ة للشتات )وتشمل شتات اليهود‬ ‫وشتات اﻷرمن وشتات الفلسطيني وشتات اﻷفارقة(‪ ،‬والتشكﻼت الجديدة للشتات‬ ‫العابرة للقوميات ا فيها شتات جنوب آسيا وشتات ﴍق أسيا‪ .‬ولكن هذا التقسيم‬ ‫يث إشكالي ًة‪ .‬فمن جهة‪ ،‬يدل الشتات عﲆ التبع العاﳌي لج عة تع ﱢرف نفسها ليس‬ ‫فقط من خﻼل وطنها اﻷم‪ ،‬ولكن أيضا من خﻼل اﳌخ ﱢيلة الثقافية اﳌشﱰكة والصدمات‬ ‫التاريخية وروايات البقاء واﻷشكال الجديدة للتواصل وبناء اﳌجتمعات‪ ،‬ك يتضح من‬ ‫روايات أميتاف جوش)‪) (Amitav Gosh‬حدود الظل‪ (١٩٨٨ ،‬و م‪ .‬ج‪ .‬فاسانجي )ﻻ أرض‬ ‫جديدة‪ .(١٩٩١ ،‬ولذلك فإ ﱠن الشتات واقع ﰲ خطر أن يتح ّول إﱃ صورة مثال ّية باعتباره‬ ‫ٍ‬ ‫شتات‬ ‫كل‬ ‫النموذجي‪ .‬وعﲆ الجانب اﻵخر‪ ،‬يتشكل ﱡ‬ ‫وض َع العوﳌ ِة اﻻجت عي والثقاﰲ‬ ‫ﱠ‬ ‫يعﱪ عن مطالبه‬ ‫من خﻼل جغرافيته الخاصة وثقافته الخاصة وتاريخه الخاص‪ ،‬وبالتاﱄ ﱢ‬ ‫باﻻستقﻼل السياﳼ والقومي الذا ‪.‬‬ ‫ﰲ الرواية اﳌعاﴏة‪ ،‬كن تطبيق مفهوم الشتات بوصفه مصطلحا وصفيا )‪(Cohen١٩٩٧‬‬ ‫وبوصفه نوعا من أنواع إنتاج اﳌعرفة الثقافية )‪ .(١٩٩٦ Brah‬ويركز اﻻستع ل الوصفي‬ ‫للشتات عﲆ اﳌغزى الرمزي والحرﰲ لوطن اﻷجداد‪ ،‬والقوة اﳌو ﱢحدة التي ارسها الذاكرة‬ ‫يوم‪.‬‬ ‫الج عية‪ ،‬والحن النوستالجي للعودة إﱃ وطن يزدا ُد هروبًا وزئبقية يو ًما بعد ٍ‬ ‫وبالتاﱄ فإن هذا اﻻستع ل الوصفي يكون حاض ًنا ﻹمكانية أن تكون أنواع الشتات رجع ﱠية‬ ‫ولخطر ﴎ ٍد تبسيطي لهوية ٍ‬ ‫شتات قا ة عﲆ »منه ٍج استبداد ﱟي ﰲ تنا ُو ِل ال ِعرقِ وال ِعرق ﱠية«‬ ‫)‪ .(٩٨ ,١٩٩٣ Gilroy‬و ث ُﱢل القصص القص ة لحنيف قُريﴚ )‪) (Hanif Kureishi‬مثل‬ ‫اﳌتعصب«‪ (١٩٩٤) (١٩٩٤ ،‬ورواياته )مثل »بوذا الضواحي«‪ (١٩٩٠ ،‬وذ ًجا‬ ‫قصته »ولدي‬ ‫ﱢ‬ ‫لتناقضات الشتات؛ ﻷنﱠها تنغمس ﰲ خطرين مختلف جدا‪ :‬وه صعود الهويات الشتاتية‬ ‫اﻷصولية‪ ،‬وانحراف مجتمعات الشتات نحو السياسة »اﳌه ﱢدئة« اﳌتمثلة ﰲ التعددية‬ ‫الثقافية والخاصة بالدولة اﻷمة )‪.(٨٢ Kamboureli‬‬ ‫وبوصفه نوعاً من أنواع النقد الثقاﰲ‪ ،‬يقوم مصطلح »الشتات« بوظيفة اﳌفهوم النظري‬ ‫واﻻسﱰاتيجية الﴪدية التي كننا من خﻼلها أن نرى مواضع اﻻتصال واﻻنفصال التاريخية‬ ‫‪٤٩‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫ﰲ صناعة الفضاء اﻻجت عي والثقاﰲ والقومي‪ .‬وﰲ هذا السياق‪ ،‬برزت اﻷهمية الكب ُة‬ ‫لﻸع ل النقدية لستيوارت هول )‪ (Stewart Hall‬وجيمس كليفورد)‪(James Cli ord‬‬ ‫وهومي بابا)‪ (Homi Bhabha‬وراي تشو )‪ (Rey Chow‬ور‪ .‬رادهاكريشنان)‪R.‬‬ ‫‪ (Radhalrishnan‬وس رو كامبوريﲇ )‪ (Smaro Kamboureli‬وليزا لو)‪(Lisa Lowe‬‬ ‫وبول جيلروي )‪ .(Paul Gilroy‬وبالرغم من وجود بعض اﻻختﻼفات النظرية ب‬ ‫هؤﻻء النقاد‪ ،‬فإنهم كلهم يفهمون الشتاتَ عﲆ أنه عملية غ منتهية من اﻻلتفافات‬ ‫واﻻتصاﻻت واﻻختﻼفات التاريخية ب الثقافات والتجارب اﳌتنوعة الخاصة باﻹزاحة‪.‬‬ ‫ويؤكد هؤﻻء النقاد أ ﱠن الشتات »ﻻ يتم تعريفه من خﻼل جوهره أو نقائه‪ ،‬ولكن من‬ ‫خﻼل إدراك تغايره وتفاوته الﴬوري ‪ ،‬ومن خﻼل تص ﱡو ٍر عن »الهوية«يعيش باﻻختﻼف‬ ‫ومن خﻼله‪ ،‬وليس بالرغم منه‪ ،‬ومن خﻼل ال ُه ْجنَة« )‪ .(٢٤ Hall‬ولقد قدم لنا كتّاب من‬ ‫أمثال ديون براند)‪) (Dionne Brand‬عند اكت ل البدر وتح ﱡولِه‪ (١٩٩٩ ،‬وزادي سميث‬ ‫)‪) (Zadie Smith‬أسنان بيضاء‪ (٢٠٠٠ ،‬ومايكل أُونداتﴚ)‪) (Michael Ondaatje‬شبح‬ ‫انيل‪ (٢٠٠٠ ،‬وديفيد دابيدين )‪) (David Dabydeen‬اﳌقصود‪ (١٩٩١ ،‬صو ًرا متعدد َة‬ ‫اﳌستويات لتجربة الشتات‪ ،‬مشتمل ًة عﲆ اصطباغ التجربة بأشكال من الحن الغريب‬ ‫ﴫ هؤﻻء الكتّاب إﴏا ًرا راس ًخا عﲆ‬ ‫وعدم اﻹحساس باﻷمان في يتعلﱠق باﻷنساب‪ .‬وي ﱡ‬ ‫أن حالة الهج الثقاﰲ تشمل رغب ًة مؤﳌة ﰲ اكت ل مستحيل و ﱢزقها العنف التاريخي‬ ‫ِ‬ ‫الكتابات التاريخي َة اﳌ ُ َخلْ ِخلَ َة للسائد‬ ‫وقصصهم‬ ‫والجنﴘ والعنﴫية‪ .‬ك تتناول روايات ُهم‬ ‫ُ‬ ‫—العبودية وعبودية اﻻنتقال ‪ ٤٢‬غزو اﻷمريكت وعﴫ التنوير اﻷورو —التي تطار ُد‬ ‫ﴐ الشخصيات ﰲ الشتات‪ ،‬وتحدد كيف أن جدلي َة »الجذور« و«اﳌسارات« هي التي‬ ‫حا َ‬ ‫تتحكم ﰲ بناء حياتهم‪ .‬ومع أ ﱠن ظاهرة الشتات يتم الخلط بينها خلطًا خاطئا ﰲ العادة‬ ‫وب التجربة الخاصة بالشعوب اﻷفريقية‪ ،‬فإ ﱠن قوة دفع اﳌفهوم نحو إعادة تخ ﱡيلِ الحداثة‬ ‫الثقافية ذاتها‪ ،‬ونحو التخل ِﱡص من القيد التقليدي الذي يبدو طبيعيا ب «اﳌكان واﳌوقع‬ ‫والوعي« )‪ (٢١٣ ,٢٠٠٠ Gilroy‬كان ومازال وسيلة مه ﱠم ًة لك ّتاب أنواع الشتات اﳌختلفة‪.‬‬ ‫اب من أ ْن يستكشفوا »التقارب«‬ ‫وعﲆ هذا الضوء‪ ،‬كان الشتات وما زال مثمرا‪،‬ومكﱠن الك ﱠت َ‬ ‫وليس »التباعد« ب الج عات اﳌختلفة للشعوب التي تم تشتيتها ٍ‬ ‫بعنف‪.‬‬



‫‪٥٠‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫روايات الشتات اﻹفريقي ما بعد اﻻستعمارية‬ ‫جون ج‪ُ .‬سو‬



‫‪٤٣‬‬



‫ﰲ العادة‪ ،‬تش عبارة »روايات الشتات اﻹفريقي ما بعد اﻻستع رية« إﱃ اﻷع ل التي‬ ‫كتبها اﳌهاجرون اﻷفارقة وأنسالهم منذ خمسينيات القرن العﴩين‪ .‬وقد بدأ عﴫ‬ ‫التحرر من اﻻستع ر ﰲ قارة أفريقيا عام‪ ١٩٥٧‬باستقﻼل دولةغانا ‪ ، ٤٤‬وقد أدى الغليان‬ ‫السياﳼ ﰲ ش ّتى أنحاء أفريقيا خﻼل العقدين التالي باﻹضافة إﱃ حاجة بريطانيا ﰲ‬ ‫ع لة رخيصة ﰲ أعقاب الحرب العاﳌية الثانية – أدى ذلك إﱃ موجات كب ة من الهجرة‬ ‫إﱃ بريطانيا حتى نهاية الستينيات من القرن العﴩين‪ .‬واكتسبت الكتابات التي يكتبها ما‬ ‫يُطلَق عليهم »الﱪيطانيون السود« أهمي ًة ومكانة متصاعدت منذ الستينيات من القرن‬ ‫ولعبت دو ًرا مه ﰲ إعادة النظر ﰲ مك ﱢونات الهوية الﱪيطانية ﰲ‬ ‫العﴩين حتى اﻵن‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫سياق مابعد اﻹمﱪيالية‪.‬‬ ‫هناك مجموعة من العوامل التي تجعل إصدار تعمي ت حول كتابات الشتات اﻷفريقي‬ ‫أم ًرا صع ًبا للغاية‪ .‬فتفاوت أفريقيا الهائل ثقافيا ودينيا وعرقيا يعني أن تجارب الحياة‬ ‫للكتّاب اﳌهاجرين الذين ينتمون لغرب أفريقيا مثل الكاتبة بوتﴚ إ يتشيتا )‪Buchi‬‬ ‫‪ (Emecheta‬تختلف اختﻼفا كب ا عن تجارب حياة اﳌهاجرين من ﴍق أفريقيا مثل‬ ‫عبدالرزاق جورنه )‪ .(Abdulrazak Gurnah‬و كن لتصنيفات الهوية اﳌستخدمة ﰲ‬ ‫بريطانيا أن تسبب الكث من اللَ ْبس؛فحتى بداية تسعينات القرن العﴩين‪ ،‬كان من‬ ‫الشائع استع ل مصطلح »الﱪيطاني السود« بﻼ ييز لﻺشارة إﱃ اﳌهاجرين من إفريقيا‪،‬‬ ‫وجزر الهند الغربية‪ /‬جزر الكاريبي الﱪيطانية‪ ،‬وجنوب آسيا‪ .‬وكان الكاتب سل ن رشدي‪،‬‬ ‫أشهر كاتب معاﴏ تنحدر جذوره من جنوب آسيا‪ ،‬يصف نفسه بهذا اللقب ﰲ مقاﻻته‬ ‫الس َ َ اﳌعقدة للكث ين من الكتّاب‬ ‫التي كان ينﴩها ﰲ انينيات القرن العﴩين‪ .‬ك أن ﱢ‬ ‫اﳌغﱰب تجعل مثل هذاالتصنيف صعبا وﰲ العادة عشوائيا‪ .‬فعﲆ سبيل اﳌثال‪،‬ج‪ .‬ف‪.‬‬ ‫ديزا )‪ (G. V. Desani‬ودوريس ليسنج )‪ (Doris Lessing‬ﻻ يتم تصنيفه عﲆ‬ ‫أنه ينتميان للشتات اﻹفريقي‪ ،‬مع أنّا اﻷول قد ولد ﰲ إفريقيا والثانية قضت جزءا ً‬ ‫مه من طفولتها هناك‪ .‬والعديد من كتاب جزرالهند الغربية الﱪيطانية يعود نسبهم إﱄ‬ ‫عبيد أفارقة‪ ،‬ومنهم سام سيلفون )‪ (Sam Selvon‬وجورج ﻻمنج)‪(George Lamming‬‬ ‫‪٥١‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫وديفيد دابيدين )‪ (David Dabydeen‬وكاريل فيليبس )‪ . (Caryl Phillips‬ومع ذلك‪،‬‬ ‫تم النظر إﱃ أدب جزر الهند الغربية أو اﻷدب الكاريبي عﲆ أنه ظاهرة منفصلة‪ .‬ور ا‬ ‫يرجع ذلك‪ ،‬ﰲ جانب من جوانبه‪ ،‬إﱃ أ ّن هجرة الكاريبي كانت أك كثافة ﰲ أعقاب‬ ‫الحرب العاﳌية الثانية‪ ،‬وكان وصول سفينة ويندرش الشه ة )‪(SS Empire Windrush‬‬ ‫وعﲆ متنها )‪ (٤٩٢‬راك ًبا ﰲ عام ‪١٩٤٨‬من جزر الهند الغربية عﻼمة مناسبة عﲆ بداية‬ ‫اﻷدب اﳌعاﴏ للمهاجرين من جزر الهند الغربية ﰲ بريطانيا العظمى‪ .‬وقد ازداد اسك‬ ‫الكتاب الكاريبي ﰲ خمسينيات القرن العﴩين من خﻼل تدش هيئة اﻹذاعة الﱪيطانية‬ ‫لﱪنامج إذاعي بعنوان »أصوات كاريبية«‪ ،‬وهو برنامج كان يسلط الضوء عﲆ أع ل كتّاب‬ ‫مثل سيلفون‪ ،‬وﻻمنج‪ ،‬ونايبول‪.‬‬ ‫ﻻيوجد تاريخ م ثل يع ﱡد عﻼم ًة فارقة ﰲ تاريخ الكتّاب اﳌهاجرين من أفريقيا‪ ،‬مع أ ﱠن‬ ‫عام )‪(١٥٥٥‬يتم التأريخ به ﰲ العادة باعتباره أول عام تم فيه جلب أفارقة إﱃ بريطانيا‪.‬‬ ‫وتوجد أدلة تاريخية توحي بأ ﱠن اﻷفارقة كانوا موجودين ﰲ بريطانيا قبل ذلك بقرون من‬ ‫الزمان بصفتهم جنودا ﰲ جيش يوليوس قيﴫ‪ .‬ولكن ﰲ عام‪ ، ١٥٥٥‬تم إحضار خمسة‬ ‫أشخاص من أفريقيا إﱃ بريطانيا يتعلموا اللغة اﻹنجليزية ويعملوا كمﱰجم ﰲ‬ ‫تتوس ُع بصورة هائلة آنذاك‪ .‬وتكمن أهمية التأكيد عﲆ هذا‬ ‫مجال تجارة الرقيق التي كان ﱠ‬ ‫التاريخ ﰲ أنﱠه يربط وجود اﻷفارقة ﰲ بريطانيا بظهور الرأس لية واﻹمﱪيالية‪ .‬فقبل القرن‬ ‫العﴩين‪ ،‬كانت قضية العبودية تسيطر عﲆ اﻷدب الذي كان يكتبه اﻷفارقة ﰲ بريطانيا‪.‬‬ ‫وبالرغم من أن العبودية ﰲ بريطانيا العظمى تم إلغاؤها ﰲ عام‪ ،١٨٠٧‬فإ ﱠن وجود أصوات‬ ‫تطالب بإلغائها ﰲ الوﻻيات اﳌتحدة اﻷمريكية أبقى القضية ﰲ صدارة اهت مات بريطانيا‬ ‫حتى ستينيات القرن التاسع عﴩ ومابعدها‪ .‬كتب كل من »أبوي« اﻷدب اﻷفريقي ﰲ‬ ‫بريطانيا‪ ،‬وه إيجناتيوس سانتشو )‪ (Ignatius Sancho‬وأولوده إيكويانو )‪Olaudah‬‬ ‫‪ ،(Equiano‬س ًة ذاتية له‪ :‬فكتب سانتشو »خطابات من اﳌرحوم سانتشو اﻹفريقي«)عام‬ ‫‪١٧٨٢‬؛ والطبعة اﳌشار إليها هنا نﴩت ﰲ عام ‪ (١٩٩٨‬وكتب إكويانو »قصة ممتعة‬ ‫لحياة أولوده إيكويانو‪ ،‬أو جوستافوس فاسا‪ ،‬كتبها بنفسه« )‪١٧٨٩‬؛ والطبعة اﳌشار إليها‬ ‫هنا نﴩت ﰲ عام ‪ .(٢٠٠١‬ويعتﱪ سانتشو وايكويانو قطب متضادين؛ فسانتشو يؤمن‬ ‫باﻻنصهار ﰲ ثقافة اﻵخر‪ ،‬ﰲ ح أن إكويانو من اﳌدافع بﴩاسة عن الثقافة اﻹفريقية‪.‬‬ ‫وترى الناقدة ك‪ .‬ل‪ .‬إي ِنس )‪ (C. L. Innes‬أ ﱠن القول بهذا التناقض بينه مبالغ فيه‪،‬‬ ‫ولكنه يق ﱢدم لنا إطا ًرا أساسيا لفهم أدب الشتات اﻹفريقي في قبل القرن العﴩين‪.‬‬ ‫‪٥٢‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫إ ﱠن نﴩ رواية »عندما تتداعى اﻷشياء« للكاتب تشينوا أتشيبي ﰲ عام ‪ ١٩٥٨‬نُظر‬ ‫إليه عﲆ أنه لحظة فاقة ﰲ تطور أدب ما بعد اﻻستع ر بوجه عام واﻷدب اﻹفريقي‬ ‫بوجه خاص‪ .‬ومع أ ّن أتشيبي قﴣ فﱰة قص ة ﰲ بريطانيا العظمي‪ ،‬فإ ﱠن اﳌوضوعات‬ ‫اهتمت بها روايته اﻷوﱃ ش ﱠكل َْت كتابات الكتّاب اﻷفارقة اﳌغﱰب الﻼحق ‪ .‬ور ا‬ ‫التي‬ ‫ْ‬ ‫كان أهم تط ﱡور أضافته هذه الرواية هو تركيزها عﲆ اﻷسئلة التي يطرحها مفهوم اﻷمة‬ ‫ﰲ اﳌستعمرات السابقة التي كانت تنتمي لﻺمﱪاطورية الﱪيطانية‪ :‬هل ستحاول هذه‬ ‫اﻷمم أن تستعيد مجتمعاتها التي كانت قا ة قبل فﱰة اﻻستع ر؟أم أنّها ستحذو حذ َو‬ ‫؟يتجﲆ نق ُد اﳌسيحية‬ ‫ّ‬ ‫الد قراطيات الغربية؟ أم أنها ستخلق نوعا من نظام الحكم الهج‬ ‫الﻼفت للنظر ﰲ مجمل أع ل تشينوا أتشيبي‪ ،‬وكذلك ﰲ أع ل الكث ين من الكتّاب‬ ‫الذي حذوا حذوه‪ .‬فبين كان إيكويانو والكتّاب اﻷفارقة اﻵخرون ﰲ القرن الثامن عﴩ‬ ‫والتاسع عﴩ يستحﴬون بﻼغ َة اﳌسيحية ومرجعيتها لدعمهم ﰲ قضية إلغاء الرق‪ ،‬يل‬ ‫الكتّاب ما بعد اﻻستع رين ﰲ القرن العﴩين إﱃ تسليط الضوء عﲆ إسهامات اﳌسيحية‬ ‫ﰲ الﱰويج لﻺمﱪيالية الﱪيطانية‪ ،‬وإسهاماتها ﰲ الحط ليس فقط من شأن اﳌعتقدات‬ ‫الدينية لدى الشعوب اﳌ ُْستَ ْع َم َرة‪ ،‬بل والحط أيضا من تقاليدهم وم رساتهم الثقافية‪.‬‬ ‫ونظر تشينوا أتشيبي إﱃ الرواية كشكل فني عﲆ أنها مه ّمة ليس فقط ﰲ رسم صورة‬ ‫اللغة اﻹنجليزية وهويتها‪ ،‬بل ومهمة كذلك ﰲ )تقويض( الصور التي ترسمها اﻹمﱪيالية‬ ‫عن أفريقيا‪ .‬ساعدت رواياتُ روديارد كيبلنج وجويس كاري )‪ (Joyce Cary‬وجوزيف‬ ‫كونراد عﲆ ترويج صورة ب الطبقات الوسطى اﻹنجليزية تص ﱢور أفريقيا عﲆ أنها أرض‬ ‫بﻼ تاريخ‪ ،‬يسكنها همج عنيفون وشهوانيون ارسون الجنس بﻼ ييز‪ .‬ويتّضح مﴩو ُع‬ ‫أتشيبي اﳌتمثل ﰲ إعادة كتابة التاريخ اﻻستع ري من وجهة نظر اﳌست َعمر من أول‬ ‫كلمة ﰲ روايته »عندما تتداعى اﻷشياء«‪،‬أﻻ وهي »أوكونكوو« ‪ .٤٥‬ففي رواية كونراد »قلب‬ ‫الظﻼم« )‪ ،( ١٩٠٢‬ﻻيس ﱢمي اﳌؤلف أي شخصية من الشخصيات اﳌذكورة ﰲ الرواية‪ ،‬م‬ ‫يدل عﲆ أنه ﻻ يج ﱢرد سكان أفريقيا من تاريخهم الثقاﰲ فحسب‪ ،‬وإ ا يجردهم أيضا‬ ‫من تاريخهم الشخﴢ ‪.٤٦‬‬ ‫اب الذين ساروا عﲆ نهج أتشيبي—ومنهم أبناء جلدته الكاتبة بوتﴚ إميتشيتا‬ ‫مال الكتﱠ ُ‬ ‫والكاتب بن أوكري‪ ،‬ومن زنجبار‪/‬تنزانيا الكاتب عبد الرزاق جورنه — إﱃ اﻻختﻼف عن‬ ‫جيل سفينة وندروش من الكتاب الكاريبي من أمثال سيلفون‪ ،‬وﻻمنج‪ ،‬وفيك ريد )‪Vic‬‬ ‫‪ ،(Reid‬ويتجﲆ ذلك ﰲ اهت مهم بتصوير العنف والحروب اﻷهلية ﰲ فﱰة ما بعد‬ ‫‪٥٣‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫اﻻستع ر )ويُ ْستَثْ َنى من هؤﻻء الكتّاب الكاريبي الكاتب ف‪ .‬س‪ .‬نايبول؛ ﻷنه يص ﱢور‬ ‫الحروب اﻷهلية ﰲ أع له مثل »منحنى ﰲ النهر« )‪ (١٩٧٩‬و«نصف حيا ٍة« )‪،(٢٠٠١‬‬ ‫َ‬ ‫كل‬ ‫عﲆ الرغم من أن هذه الﴫاعات يتم تصويرها عﲆ أنها تحدث ﰲ أفريقيا(‪ .‬وص ﱠور ﱞ‬ ‫من أتشيبي وإ يتشيتا وأوكري أهوال حرب بيافرا )‪ ،(١٩٧٠-١٩٦٧‬وهي الحرب اﻷهلية‬ ‫‪٤٧‬‬ ‫النيج ية التي هزت القارة بأكملها‪ .‬وﻷن نيج يا أكﱪ دولة إفريقية ﰲ تعداد السكان‬ ‫ﰲ أفريقيا و تلك احتياطيا كب ًا من النفط‪ ،‬تم النظر إليها لفﱰة طويلة عﲆ أنها القدوة‬ ‫الكﱪى للقارة ككل‪ .‬وركزت أع ل مثل »قرى النمل ﰲ سافانا )‪ (١٩٨٨‬ﻷتشيبي ورواية‬ ‫»السفر إﱃ بيافرا« )‪ (١٩٨٢‬ﻹ تشيتا ورواية بِن أوكري »طريق الجوع )‪ ،(١٩٩١‬التي‬ ‫حصدت جائزة البوكر‪ ،‬عﲆ الحرب اﻷهلية بوصفها لحظة انقشاع الوهم ﻷن النزاعات‬ ‫العرقية حل ْﱠت محل الكفاح ﰲ سبيل التحرر من اﻻستع ر‪ .‬وتُظْ ِه ُر رواية أتشيبي ورواية‬ ‫أوكري القلق الشديد النابع من أن الحرب اﻷهلية أظهرت فشل اﻷفارقة ﰲ تجاوز عﴫ‬ ‫اﻻستع ر‪ ،‬وﰱ تطوير هويات قومية من شأنها أن تتجاوز اﻻنت ءات العرقية والقبلية‬ ‫الضيقة‪ .‬فبدﻻ من تعلن الدول‪ ،‬التي تحررت من اﻻستع ر‪ ،‬القطيعة الجذرية مع اﳌاﴈ‬ ‫اﻻستع ري‪ ،‬يبدو أنها بات محكوما عليها أ ْن تعيش مرة أخرى ﰲ تلك النزاعات العرقية‬ ‫والقبلية التي زرعها اﻻستع ر الﱪيطا ل نع ظهور مقاومة متﱠ ِح َدة‪ .‬وتتساءل إحدى‬ ‫بطﻼت رواية أتشيبي »قري النمل ﰲ سافانا« قائل ًة ﰲ نهاية الرواية‪» :‬ما الذي يجب أن‬ ‫تعﱪ عن حزنها عﲆ ما‬ ‫يفعله الشعب يُرﴈ تاريخاً مف َع ً بالضغائن؟« وهي بذلك ﱢ ُ‬ ‫أصاب بلدها من دورة أع ل عنف ﻻ تنتهي )ص‪.(٢٠٤ :‬‬ ‫عنف ما بعد اﻻستع ر ﰲ بلده اﻷصﲇ تنزانيا‬ ‫تص ﱢو ُر أع ُل عبد الرزاق جورنه أيضا َ‬ ‫حيث أطاحت الغالبية السوداء بالنخبة العربية التي كانت موجودة ﰲ البلد منذ قرون‪.‬‬ ‫ويختلف جورنه عن أتشيبي ﰲ أنﱠه أقل تركيزا عﲆ الﴫاعات نفسها‪ ،‬إذ كان تركيزه عﲆ‬ ‫حالة اﳌنفى التي تولﱢ ُدها مثل تلك الﴫاعات؛ و كننا أن ننظر إﱃ هذا اﻻختﻼف عﲆ‬ ‫اب الشتات اﻷفريقي‪ .‬يستكشف جورنه‪ ،‬منذ روايته اﻷوﱃ »ذكرى الرحيل«‬ ‫أنه يز كتّ َ‬ ‫تجارب اﻷفارقة الذين ﻻ يشعرون أنّهم ﰲ وطنهم‪ ،‬ﻻ ﰲ أفريقيا وﻻ ﰲ‬ ‫)‪ (١٩٨٧‬فصاع ًدا‪،‬‬ ‫َ‬ ‫بريطانيا العظمي‪ .‬ففي عالَم يبدو واضحا أ ّن العنف يستهلكه‪ ،‬يجد ُ‬ ‫أبطال روايات جورنه‬ ‫أنفسهم ﰲ حالة ترحال دائم‪ :‬يستوي ﰲ ذلك حسن عمر الذي يعمل عﲆ سطح سفينة‬ ‫َ‬ ‫شحن ﰲ نهاية رواية »ذكري الرحيل« ويوسف الذي يهرب ليلتحق بالقوات اﻷﳌانية‬ ‫ﰲ رواية »الفردوس« )‪ .(١٩٩٤‬ويبدو أ ّن جورنه يرفض أن يص ﱢو َر لحظة مصالحة نهائية‬ ‫‪٥٤‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫ب أبطال رواياته وعائﻼتهم‪ ،‬أو ب الج عات العرقية والدينية اﳌتناحرة‪ ،‬أو ب اﳌاﴈ‬ ‫اﻻستع ري والحاﴐ ما بعد اﻻستع ري‪ .‬فﻼ يعرف القراء اﳌص النها لعمر أو يوسف‪.‬‬ ‫وﰲ روايات ﻻحقة له‪ ،‬مثل روايته »اﻹعجاب بالصمت« )‪ ،(١٩٩٦‬يجد الراوي الذي ﻻ‬ ‫نفسه دون مستقبل واضح بعد أن تركته ﴍيكته اﻹنجليزية إ ا وابنته‬ ‫نعرف اس َمه َ‬ ‫اﳌراهقة إ يليا‪ .‬والرسالة التي يتلقاها من عائلته ﰲ زنجبار تنتهي بالكل ت التالية‪ُ » :‬ع ْد‬ ‫إﱃ الوطن«‪ ،‬وهي عبارة ﻻ كن للراوي أن يقرأها إﻻ عﲆ أنها نوع من اﳌفارقة القاسية‪:٤٨‬‬ ‫فطوال عﴩين عا ًما‪ ،‬يكلﱢم الراوي عائلته عن إ ا‪ ،‬واﻷوصاف التي كان يصف بها عائلته‬ ‫أمام إ ا كانت مجرد اختﻼق من جانبه‪.‬‬ ‫أضافت بوتﴚ إ تشيتا بُع ًدا جدي ًدا ﻷساليب تصوير الكتّاب الذكور للحياة ﰲ بريطانيا‬ ‫ْ‬ ‫ﰲ خمسينيات وستينيات القرن العﴩين‪ :‬أﻻ وهو تجارب النساء اﻷفريقيات وﴏاعاتهن‬ ‫مع العنﴫية ضد النساء ﰲ كل من بريطانيا وإفريقيا‪ .‬تصور اﳌؤلفة ﰲ ثﻼثيتها الروائية‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫و«مواطنَة من الدرجة الثانية« )‪ ،(١٩٧٤‬و« ن العروس«‬ ‫اﳌك ﱠونة من »ﰲ الحفرة« )‪،(١٩٧٢‬‬ ‫)‪ ،(١٩٧٦‬ﴏاعات البطلة أده )‪ (Adah‬ﰲ سبيل أن تتلقى تعليمها وأن تعول أطفالها‪.‬‬ ‫فالتعصب ضد اﳌرأة ﰲ ثقافة اﻹبو )‪ (Ibo‬واضح للعيان منذ الفقرات اﻷوﱄ لرواية‬ ‫ِ‬ ‫»مواطنَة من الدرجة الثانية«‪ :‬أصيب أبواها بخيبة أمل كب ة عندما عرفا أن طفله اﻷول‬ ‫ليس ول ًدا لدرجة أنه يهت حتى بتسجيل تاريخ ميﻼدها‪ .‬وتحاول أمها أن نعها من‬ ‫التعليم‪ .‬وتجﱪها أﴎتُها عﲆ الزواج ﰲ سن اﳌراهقة‪ .‬ويستغلها زوجها فرانسيس ﻷنها‬ ‫عندها دخل خاص بها‪ .‬وعندما تهاجر إﱃ بريطانيا أمﻼً ﰲ إيجاد حيا ٍة أفضل إﻻ أنها تواجه‬ ‫قسوة متزايدة من زوجها وتواجه كذلك يي ًزا ض ﱠدها ﰲ وطنها الجديد لكونها امرأة من‬ ‫ناحية وذات بﴩة سوداء من ناحية أخرى‪ .‬وتؤكد إ تشيتا أوجه اﻻتصال ب التفرقة‬ ‫العنﴫية )‪ (racism‬والتفرقة ب الجنس )‪ :(sexism‬فبعد أن تكتشف أده أنها ﰲ عيون‬ ‫اﻹنجليز »مواطنة من الدرجة الثانية«‪ ،‬ويتكشف لها ببطء أ ﱠن زوجها يرى أن »اﳌرأة إنسانة‬ ‫من الدرجة الثانية«‪ .‬فيُ ْخر ُِج زوجها إحباطَه الناتج عن اﳌعاملة الوضيعة التي يتلقاها ﰲ‬ ‫بريطانيا العظمى عﲆ زوجته‪ ،‬فتتزايد إهانته وإساءته لها‪ .‬ونظ ًرا ﻷنه يغار من وظيفتها‬ ‫ومن استقﻼلها اﳌتزايد‪ ،‬ومن تطلﱡعاتِها اﻷدبية‪ ،‬يقوم بحرق الرواية التي كانت ﰲ مرحلة‬ ‫كتابتها )وعنوانها » ن العروس«(‪ ،‬ك يحرق جواز سفرها‪ ،‬ووثيقة زواجه ‪ ،‬وشهادات‬ ‫ميﻼد اﻷطفال‪ .‬وﰱ نهاية الرواية‪ ،‬نجد البطلة مضطرة إﱃ رعاية أطفالها الخمسة‪ ،‬ونجدها‬ ‫عاجزة عن أن تجعل النظام القضا اﻹنجليزي يحميها من زوجها أو يجﱪه عﲆ أن يعول‬ ‫أﴎته‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬تأمل ﰲ أن تتمكّن من بناء مستقبل أفضل لها وﻷطفالها‪.‬‬ ‫‪٥٥‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



‫توظﱢف إ تشيتا — مثلها ﰲ ذلك مثل معظم كتﱠاب جي ِلها اﳌغﱰب اﻵخرين اﻷفارقة‬ ‫والكاريبي من أصل أفريقي — تقاليد الواقعية اﻷدبية الغربية ﰲ كتاباتها‪ .‬وهذا أمر له‬ ‫دﻻلة‪ ،‬ﻷنه بحلول الستينيات من القرن العﴩين انخرط الكث ون من الكتﱠاب اﻹنجليز‬ ‫البيض مثل جون فاولز )‪ (John Fowles‬وأنجيﻼ كارتر )‪ (Angela Carter‬ﰲ التجريب‬ ‫ﱠخض ﰲ النهاية ع يُطلق عليه ما‬ ‫عﲆ مستوى اﻷسلوب واللغة والصوت الﴪدي م‬ ‫بعد الحداثة‪ .‬وهناك عدة أسباب وراء تفضيل الكث ين للواقعية من الكتﱠاب اﳌغﱰب‬ ‫ﰲ بريطانيا العظمى اﳌهاجرين من البلدان التي كانت خاضعة لﻼستع ر الﱪيطا‬ ‫من قبل‪ .‬أوﻻ‪ ،‬تتوافق التقاليد الواقعية بشكل جيد مع توقعات جمهور القراء الذين‬ ‫كانوا ينظرون إﱃ روايات وقصص كتﱠاب ما بعد اﻻستع ر عﲆ أنها نوع من الشهادة‬ ‫اﻻجت عية‪ .‬فك توقع القراء أن يق ﱢد َم إكويانو شهادته عن آثار للعبودية التي تج ﱢر ُد‬ ‫اﳌرء من إنسانيته‪ ،‬فقد توقعوا من جورنه وإ تشيتا والك ﱠتاب اﻵخرين في بعد الحرب‬ ‫العاﳌية الثانية أن يدلوا بشهادتهم عن آثار اﻻستع ر غ اﻹنسانية‪ .‬والتجريب اﳌتﻼ ِعب‬ ‫ﰲ العادة عﲆ مستوى اللغة وتقاليد الكتابة الذي كان من س ت أدب ما بعد الحداثة‬ ‫– كان يتم النظر إﱃ هذا التجريب عﲆ أنه ﻻ يتوافق مع اﳌسؤولية اﳌلقاة عﲆ عاتق‬ ‫كتّاب ما بعد اﻻستع ر واﳌتمثلة ﰲ تصوير فظائع العنف اﻻستع ري والعنف ما بعد‬ ‫ﴩبوا‬ ‫اﻻستع ري‪ .‬ثانيا‪ ،‬استطاع كتاب ما بعد اﻻستع ر من خﻼل تقاليد الواقعية أن يُ ْ ِ‬ ‫الرواية الﱪيطانية بلغ ٍة وعبار ٍ‬ ‫ات مستمدة من بلدانهم اﻷ ﱢم‪ .‬وحظي سام سيلفون باحتفاء‬ ‫كب ﻷنه »ه ﱠج َن« )‪ (creolizing‬الرواية الﱪيطانية من خﻼل النهل من اللغة اليومية التي‬ ‫يتكلم بها اﳌهاجرون من جزر الهند الغربية‪ .‬و كننا أن نجد جهو ًدا م ثلة قام بها كتّاب‬ ‫الشتات اﻷفريقي‪ .‬منذ القرن التاسع عﴩ‪ ،‬أﴏ الكتّاب الذين أعلنوا أنفسهم بوصفهم‬ ‫كتّابا واقعي من أمثال الكاتب الفرنﴘ ستندال )‪ (Stendhal‬عﲆ أن الرواية يجب أن‬ ‫تقدم لغة وتجارب الحياة اليومية‪ .‬وقال ستندال‪» :‬الرواية مرآة تتمﴙ متنزه ًة عﱪ طريق‬ ‫كب « )ص‪ ،(٣٤٢ :‬وليست تصوي ًرا رومانسيا للطبقة اﻷرستقراطية الرومانسية ملي ًئا بصور‬ ‫بﻼغية معقدة وبالتص ﱡنع الف ّني‪ .‬وقد التقط كتّاب من أمثال إ تشيتا وجورنه هذه الروح‬ ‫بعد قرن من الزمان‪ ،‬وص ﱠوروا الظروف البائسة التي عاشها العديد من اﳌهاجرين‪.‬‬ ‫حظيت باﻻحتفاء من ب روايات بن أوكري )‪ ،(Ben Okri‬أﻻ وهي رواية‬ ‫تب ﱢ أك ُ رواية‬ ‫ْ‬ ‫»طريق الجوع«‪ ،‬أ ّن الكتاب اﳌغﱰب أصبحوا أك تجدي ًدا عﲆ مستوى الشكل بصورة‬ ‫مطّردة‪ .‬واحتفى النقاد برواية »طريق الجوع« بوصفها رواية تنتمي للواقعية السحرية‬ ‫‪٥٦‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫أو ما بعد الحداثة‪ ،‬مع أ ﱠن أوكري ذاته قلل من أهمية مثل هذه التصنيفات‪ .‬وقال أوكري‬ ‫إ ﱠن كتاباته ثل شكﻼ من أشكال الواقعية التي تستلهم اﳌعتقدات الثقافية والروحانية‬ ‫التي تبدو غريبة بالنسبة للكث ين من القراء اﻹنجليز‪» :‬ولذلك فإن ما يبدو أنه كتابات‬ ‫ليست ﰲ الواقع كتابات فانتازية؛ إنها ببساطة كتابات عن اﳌكان ﰲ‬ ‫ﴎيالية أو فانتازية‬ ‫ْ‬ ‫روح اﳌكان‪ .‬أنا ﻻ أسعى بأي شكل من اﻷشكال أن أق ﱢد َم مؤثﱢر ٍ‬ ‫ات غريبةً« )اﻻقتباس موجود‬ ‫ﰲ كتاب آرانا ورامي ‪ ،Arana & Ramey‬ص‪ .(١٤٧ :‬وهذا الهدف اﳌعلن ﻻ يتعارض‬ ‫تنهل بغزار ٍة من ثقافات‬ ‫مع ما بعد الحداثة؛ ف بعد الحداثة‪ ،‬مثل الحداثة من قبلها‪ُ ،‬‬ ‫تلك اﳌناطق التي كانت مست َعمرة‪ .‬وتت ﱠب ُع رواي ُة أكري مغامرات آذارو‪ ،‬وهو طفل أبيكو‬ ‫)‪ ،(abiku‬واﻷبيكو ﰲ لغة اليوربا ‪ ،٤٩‬أو الطفل اﻷوجبانجي )‪ (ogbanje‬ﰲ لغة اﻹجبو‪،٥٠‬‬ ‫يعني روح الطفل الذي وت بعد مولده بفﱰة قص ة‪ ،‬ويعود باستمرار إﱃ رحم أمه‬ ‫ﰲ دورة من الوﻻدة واﳌوت ‪ .٥١‬وقد ص ﱠورت أع ُل الك ﱠتاب النيج ي الطفل اﻵبيكيو‪/‬‬ ‫اﻷوجبانجي‪ ،‬ومنهم آتشيبي وأوكري و ُولِيه شوينكا )‪ .(Wole Soyinka‬وبالنسبة ل ِ‬ ‫أوكري‪ ،‬يقوم اﻷبيكو بدور الصورة اﳌجازية التي ثل نيج يا ذاتها؛ فهي دولة ما بعد‬ ‫استع رية » وت« بسبب حرب بيافرا بعد »وﻻدتها« بفﱰة قص ة‪ ،‬وهي الفﱰة اﳌتمثلة‬ ‫ﰲ تحررها من اﻻستع ر ﰲ عام ‪ .١٩٦٠‬ويستكشف أوكري محاولة اﻹجابة عﲆ السؤال‬ ‫نفسه الذي استحوذَ عﲆ آتشيبي ﰲ رواية »قرى النمل ﰲ سافانا«‪ ،‬أﻻ وهو‪ :‬يا ت ُرى‪ ،‬ما‬ ‫الذي يلزم ﻹنهاء دورة ٍ‬ ‫عنف يبدو عليها أنها بﻼ نهاية؟‬ ‫هناك دليل مهم عﲆ أ ّن مصطلح »ما بعد اﻻستع ري« ر ا بدأ ﰲ أن يعيش بعد وظيفته‬ ‫النفعية باعتباره مصطل ًحا يصف كتابات اﻷفارقة اﳌغﱰب وأنسالهم‪ .‬فمصطلح »ما بعد‬ ‫اﻻستع ري« يؤكد عﲆ الطرق التي ما زال الكتّاب من خﻼلها يتم تعريفهم عﲆ أساس‬ ‫العﻼقة الدينامية ب اﳌركز اﻻستع ري وهامشه‪ .‬ودون أن ينكر الكث ون من الكتّاب‬ ‫اﻷصغر سنا )وخاصة الذين ولدوا ﰲ بريطانيا( أ ّن أشكال ااﻹمﱪيالية ما زالت موجودة‪،‬‬ ‫واﳌتحﴬ‪/‬‬ ‫نجدهم أك اهت ما بتجاوز ثنائيات اﻷبيض‪/‬اﻷسود‪ ،‬واﳌستع ِمر‪/‬اﳌست َعمر‪،‬‬ ‫ﱢ‬ ‫الهمجي‪ ،‬التي كانت جزءا ً ﻻ يتجزأ من الدفاع عن اﻻستع ر الﱪيطا ونقده ﰲ أدب ما‬ ‫بعد اﻻستع ر‪ .‬فعﲆ سبيل اﳌثال‪ ،‬تستخدم فيكتوريا آرانا )‪ (Victoria Arana‬ولوري‬ ‫رامي )‪ (٢٠٠٤) (Lauri Ramey‬مصطلح »فنانو اﻷلفية الجديدة الطليعيون« لوصف‬ ‫كتّاب مثل أندريا ليفي )‪ (Andrea Levi‬وبرناردين إيفاريستو )‪(Bernardine Evaristo‬‬ ‫وديران أديبايو )‪ .(Diran Adebayo‬ويصور عمﻼ أديبايو »نوع من اﻷسود« )‪(١٩٩٦‬‬ ‫‪٥٧‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



‫و«حكايتي القد ة« )‪ (٢٠٠٠‬مدينة لندن عﲆ أنها مدينة متعددة الثقافات تبدو مختلف ًة‬ ‫اختﻼفا جذريا عن صورة لندن التي نجدها ﰲ رواية »لندنيون يشعرون بالوحدة« )‪(١٩٥٦‬‬ ‫التي كتبها سام سيلفون قبل ذلك بخمس عا ًما‪ .‬ومنذ تسعينيات القرن العﴩين‪ ،‬أبدي‬ ‫جمهور القراء الﱪيطاني ككل إقباﻻ متزايدا عﲆ هذه الروايات والقصص اﳌتعددة‬ ‫الثقافات‪ .‬وﻻ شك ﰲ أن هذا اﻹقبال ﻻ يختلف كل ﱠي ًة عن خياﻻت اﳌستﴩق التي جعلت‬ ‫الﱪيطاني يلتهمون كتابات كيبلنج وكونراد‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬يبدو وبشكل متزايد أ ﱠن اﻹنجليز‬ ‫قَبلوا‪ ،‬إن يكونوا تب ﱡنوا‪ ،‬فكرة أ ّن مفهوم اللغة اﻹنجليزية يُعاد خلقه بحيث يشمل‬ ‫اﻻتجاهات الثقافية ﳌن يستعملونها من اﻷفارقة والكاريبي من أصل أفريقي واﻷسيوي‬ ‫الجنوبي ومعاي هم‪.‬‬



‫‪٥٨‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫روايات ما بعد اﻻستعمار للمهاجرين‬ ‫من جنوب آسيا إلي بريطانيا‬ ‫ُوت‬ ‫ج‪ .‬إدوارد ُمول ْ‬



‫‪٥٢‬‬



‫إن كتّاب الروايات متع ّددي الثقافات لهم وجود ملحوظ ج ًدا ﰲ اﳌملكة اﳌتحدة منذ‬ ‫سنوات عديدة‪ ،‬ولكن أكﱪهم نصيبا من النجاح الشعبي واﻻهت م النقدي هم روائيو‬ ‫شتات جنوب آسيا؛ فبعد أن نﴩ سل ن رشدي روايته »أطفال منتصف الليل«ﰲ عام‬ ‫‪ ،١٩٨١‬بدأ الكتﱠاب يحصدون الواحد تلو اﻵخر استحسانا ج ه يا كب ا‪ ،‬ويحقﱠقون تق ﱡد ًما‬ ‫غ مسبوق‪ ،‬ويحصدون الجوائز اﳌرموقة‪ ،‬لدرجة أنه ظهرت هناك حملة انتقادات كب ة‬ ‫عﲆ جائزة البوكر ﰲ أواخر التسعينيات من القرن العﴩين‪ ،‬ولدرجة أن البعض زعموا أ ّن‬ ‫»مستقبل اﻷدب اﻹنجليزي سيكون هنديا« )راناسينها‪ ،‬ص‪ .(٦٣ :‬وتﻼحظ روفا راناسينها‬ ‫)‪ (Ruvani Ranasinha‬أ ّن هؤﻻء الكتاب الناطق باﻹنجليزية »نالوا شهرة واسعة‬ ‫بوصفهم وسطاء‪ ،‬ومﱰجم ثقافي ‪ ،‬ومتحدث رسمي «)ص‪ ،(١٠ :‬بالرغم من ادعاءاتهم‬ ‫اﳌريبة والهشة ب الفينة واﻷخرى عن »اﻷصالة« أو إحجامهم اﳌعلَن عاد ًة عن ثيل‬ ‫مجتمعات عرقية كاملة‪.‬‬ ‫إ ﱠن تاريخ مصطلح »اﻷسيوي الﱪيطا «‪ ،‬مثله مثل العديد من اﳌصطلحات التي تُستخدم‬ ‫لوصف الهوية الجم ِع ﱠية‪ ،‬تاريخ مع ﱠق ٌد ويقوم عﲆ التجريد‪ .‬فسل ن رشدي وآخرون‬ ‫كانوا يع ّرفون أنفسهم لفﱰة طويلة بأنهم »بريطانيون سود«‪ ،‬وهو مصطلح جامع يدل‬ ‫عﲆ جاليات اﻷقليات واﻵداب ال ِعرقية‪ .‬ولكن طوال الث نينيات والتسعينيات من القرن‬ ‫العﴩين‪ ،‬شكّك اﳌنظﱢرون والكتﱠاب والجمهور ﰲ فاعل ﱠيته السياسية ودﻻﻻته الضمنية‬ ‫الج لية‪ ،‬متﱠبِع ﰲ ذلك تأكيد ستيوارت ُهول عﲆ أ ّن لقب »الﱪيطاني السود« خلق‬ ‫نو ًعا من الهيمنة اﻹشكالية التي ﻻ تستطيع أن ث َﱢل التنوع العرقي للثقافة اﳌعاﴏة‬ ‫)نُﴩت اﳌقالة ﻷول مرة ﰲ عام ‪ ،١٩٨٧‬والطبعة التي اعتمدنا عليها هنا نُﴩت ﰲ‬ ‫‪ .(١٩٩٦b‬وعﲆ نفس اﳌنوال‪ ،‬حذرت سوشيﻼ ناستا )‪ (Susheila Nasta‬م تﻼ ذلك‬ ‫من استخدام مصطلح »اﻷسيوي الجنوبي « الذي يُعد أك تحدي ًدا؛ ﻷنه »يسطﱢح حت ً‬ ‫مجاﻻ متن ﱢو ًعا من الخلفيات الثقافية«‪ ،‬وهو اﻷمر الذي يتيح للغالبية البيضاء أن تستخدم‬ ‫‪٥٩‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫من جديد سياسة » َف ﱢر ْق ت َُس ْد« )ص‪ .(٦ :‬وعﻼوة عﲆ ذلك فإ ّن مصطلح »أدب اﻵسيوي‬ ‫الﱪيطاني « )‪ (British Asian literature‬أو أدب »اﻵسيوي الجنوبي الﱪيطاني «‬ ‫)‪ (British South Asian literature‬يفشل ﰲ تحديد اﻷفراد اﳌشار إليهم به‪ ،‬أو تحديد‬ ‫اﳌصطلح سام سيلفون )‪Sam‬‬ ‫اﳌعاي التي يستند إليها ﰲ هذا التحديد‪ .‬هل يشمل‬ ‫ُ‬ ‫‪ (Selvon‬وف‪ .‬س‪ .‬نايبول )‪، (V. S. Naipul‬وه مهاجران من أصل جنوب أسيوي‪،‬‬ ‫اﳌصطلح كﻼ من ُملْك‬ ‫ولكنه يرتبطان ﰲ الغالب بشتات جزر الهند الغربية؟ وهل ثل‬ ‫ُ‬ ‫راج أناند)‪ (Mulk Raj Anand‬و ج‪ .‬ف‪ .‬ديزا )‪ ،(G. V. Desani‬وه مثاﻻن من‬ ‫اﻷمثلة اﻷوﱃ عﲆ الكتّاب »اﻷسيوي الﱪيطاني « حققا شهرا ﰲ اﳌملكة اﳌتحدة ولكنه‬ ‫اﳌصطلح بالﴬورة الروايات التي تتكلم عن‬ ‫عادا بعد ذلك ليستقرا ﰲ الهند؟ هل يعني‬ ‫ُ‬ ‫جنوب آسيا أم عن بريطانيا؟ هل يوحى هذا اﳌصطلح بأجندة سياسية أم ِح ّس ج ّﱄ؟‬ ‫وهل يتعلق واطَنة اﳌؤلف أم حل إقامته؟هل يتعلّق بجمهور قراء النص أم باﳌوضوع‬ ‫الذي يتناوله؟‬ ‫إذا كان مصطلح »الرواية اﻷسيوية الﱪيطانية«مصطل ًحا حديثًا نسبياً‪،‬فإ َن تطبيقاته حديثة‬ ‫أيضا‪ .‬إ ّن أدب اﳌهاجرين من جزر الهند الغربية وأفريقيا‪ ،‬الذي قاده ك ّتاب من أمثال‬ ‫سيلفون‪ ،‬ونايبول‪ ،‬وإ يشيتا )‪ ، (Emecheta‬قد وجد جمهورا ﰲ اﳌملكة اﳌتحدة قبل أي‬ ‫ظهور حقيقي ومتواصل لـﻸدب اﻹنجليزي الهندي‪ .‬ويرجع وجود اﻵسيوي الجنوبي ﰲ‬ ‫بريطانيا إﱃ عام ‪ ١٧٠٠‬عﲆ اﻷقل‪ ،‬وبعد الحرب العاﳌية الثانية والتحرر من اﻻستع ر‬ ‫شكﱠلوا أخ ا أكﱪ أقلية عرقية ﰲ بريطانيا‪ .‬ولكن القراء اﻹنجليز يُقبلوا عﲆ الروايات التي‬ ‫كتبها الروائيون القادمون من شبه القارة الهندية إﻻ ﰲ حاﻻت استثنائية قليلة‪ .‬وتﻼحظ‬ ‫راناسينها أ ّن اﻷسيوي الجنوبي وجدوا جمهورا لهم ب القراء الﱪيطاني باعتبارهم‬ ‫مؤرخ اجت عي ‪ ،‬وليس باعتبارهم أدباء‪ .‬فحتى بحلول خمسينيات القرن العﴩين‪،‬‬ ‫كانت الرواية الهندية يُ ْنظَ ُر إليها عﲆ أنها »عمل تجاري ﰲ دور النﴩ بالعاصمة«‪ ،‬وهو‬ ‫اﻷمر الذي جعل الروائي الطامح إما أن يفشلوا ﰲ العثور عﲆ ناﴍ يوقّعون معه‬ ‫عقو ًدا لنﴩ أع لهم أو يتجهوا إﱃ كتابة روايات تخالف ثيﻼت اﻻختﻼف ذات الطابع‬ ‫السياﳼ )ص‪ .(١٢ :‬ولقد نجح بعض اﻷفراد ﰲ أن يحظوا بجمهور قراء بريطاني أصيل‪.‬‬ ‫فارتبط أناند بدار نﴩ بلومزب ي‪ ،‬وتسلط روايتاه »اﳌمنوع اﻻقﱰاب منهم« ‪(١٩٣٥) ٥٣‬‬ ‫و«كووﱄ« )‪ (١٩٣٦‬الضوء عﲆ أوضاع الفقراء ﰲ الهند إبﱠان اﻻستع ر الﱪيطا ‪ .‬وحققت‬ ‫ديزا )‪(Desani‬نجا ًحا غ متوقﱠعٍ بروايتها »كل ﳾء عن هـ‪ .‬هاتِر« )‪ ،(١٩٤٨‬وهي رواية‬ ‫‪٦٠‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫شُ طﱠار‪ ٥٤‬عجيبة ترصد مغامرات البطل الوارد ﰲ العنوان الفكاهية سع ًيا وراء اﻻستنارة‪.‬‬ ‫ويزعم هاتِر أ ّن اسمه اﻷول الذي يبدأ بالحرف ه ـ)‪ (H‬يرمز لـ »هندوستانيواﻻ«‪ ،‬وهي‬ ‫كلمة من الكل ت العديدة التي ثﱢل تقويضً ا لغويا مدهشا ويسميها البطل »اﻹنجليزية‬ ‫اﳌتق ّعرة ‪) (rigamarole English)»٥٥‬الطبعة اﻷصلية‪١٩٤٨ :‬ح الطبعة التي اعتمدنا‬ ‫عليها‪ ،٢٠٠٧ :‬ص‪ .(٣٧ :‬وتﻼحظ ناستا أ ّن روايات ديزا تعلن عن نفسها عﲆ الفور بأنها‬ ‫روايات تقويضيﱠة‪ ٥٦‬تتح ّدى اﻷعراف اﻷدبية اﳌعاﴏة ﰲ اللغة والنوع اﻷد واﻷسلوب؛‬ ‫وتُع َت َﱪ رواية »كل ﳾء عن هـ‪ .‬هاتِر« استباقًا للحساسيات ما بعد الحداثية عند سل ن‬ ‫رشدي الذي أق ﱠر بأنه يدين ببعض الجوانب اﻷسلوبية لهذه الرواية‪.‬‬ ‫وقد أنتج بعض الروائي ‪ ،‬من أمثال الكاتبة عطية حس )‪ (Attia Hosain‬والكاتبة‬ ‫ك ﻻ ماركاندايا)‪ ، (Kamala Markandaya‬مجموعة أع ل ﰲ فﱰة منتصف القرن‬ ‫العﴩين‪ ،‬ويتم النظر إليهم ﰲ الوقت الحاﱄ عﲆ أنهم من الكتاب اﳌه ّم ﰲ اﳌرحلة‬ ‫اﻷوﱃ من كتابات الكتاب اﻵسيوي الﱪيطاني ‪ .‬ولكن بالرغم من النجاح الفردي الذي‬ ‫حققته روايات مثل رواية عطية حس »أشعة شمس عﲆ عمود مكسور« )‪ (١٩٦١‬ورواية‬ ‫ماركاندايا »رحيق ﰲ غربال« )‪ ،(١٩٥٤‬كانت الرواية اﻵسيوية الﱪيطانية ما زالت تفتقد إﱃ‬ ‫جمهور قراء مواظب عﲆ قراءتها مثل الجمهور الذي حظيت به أع ل سيلفون ونايبول‪.‬‬ ‫ور ا كان من اﳌدهش أنﱠه ﰲ سبعينيات القرن العﴩين فازت ثﻼث روايات تدور أحداثها‬ ‫حول الهند بجائزة البوكر العريقة‪ ،‬وكلّها كتبها روائيون أوربيون‪ ،‬وهم ج‪ .‬ج‪ .‬فاريل)‪J.‬‬ ‫‪ (G. Farrell‬ووروث ب ُر َوار جهابفاﻻ )‪ (Ruth Prawer Jhabvala‬وبول سكوت )‪Paul‬‬ ‫‪ .(Scott‬وﴎعان ما تغ ّ هذا اﻻفتقار إﱃ التمثيل »الهندي« اﳌباﴍ تغ ﱡ ًا ﴎيعا وكب ا ﰲ‬ ‫عام ‪ ،١٩٨١‬عندما نﴩ سل ن رشدي روايته »أطفال منتصف الليل«‪ .‬إ ّن الرحلة السحرية‬ ‫اﳌليئة باﳌغامرات التي قام بها بطل الرواية سليم سيناء — اﳌولود مع استقﻼل الهند—‬ ‫معﱰف بها‪.‬‬ ‫أذهلت القراء والنقاد عﲆ حد السواء‪ ،‬وﴎعان ما حظيت الرواية كانة َ َ‬ ‫ﰲ عام ‪ ،١٩٩٣‬فازت الرواية بجائزة »بوكر البوكر«‪ .‬وﰲ عام ‪ ،٢٠٠٨‬اختار القراء اﻹنجليز‬ ‫رواية »أطفال منتصف الليل« أفضل رواية فازت بالبوكر عﲆ مدار اﻷربع عاما التي‬ ‫»دفعت كتابات الكتّاب‬ ‫مضت منذ ظهور اﳌسابقة‪ .‬ووفقًا لرأي راناسينها‪ ،‬إن هذه الرواية‬ ‫ْ‬ ‫اﻵسيوي الجنوبي الناطق باﻹنجليزية نحو الت ّيار الرئيﴘ اﳌعﱰف به« )ص‪ ،(٥٩ :‬وكث ا‬ ‫ما يزعم كتّاب اﻷقليات الﱪيطانية أ ّن نجاح سل ن رشدي يكن فحسب مصدر إلهام‬ ‫لكتاباتهم‪ ،‬بل ساعد كذلك ﰲ إمكان توسيع نطاق جمهور الفنان متعددي الثقافات‪.‬‬ ‫‪٦١‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫اﳌمثل الفعﲇ لجنوب آسيا‪،‬‬ ‫َ‬ ‫وبالنسبة للج ه البيضاء‪ ،‬أصبح سل ن رشدي ﰲ الواقع‬ ‫وهو اﻷمر الذي صارت له آثار متزايدة التشابك بحلول نهاية انينيات القرن العﴩين‪.‬‬ ‫يثبت سل ن رشدي دا ا أنه كاتب مث للجدل‪ ،‬ويث الناس عﲆ ما يبدو ﻻنتقاده‬ ‫بتصويره لـشخصية إنديرا غاندي ﰲ رواية »أطفال منتصف الليل« وتصويره أيضا‬ ‫لشخصيات تاريخية باكستانية متعددة ﰲ روايته »العار« )‪ .(١٩٨٣‬ولكن يتوقع إﻻ‬ ‫قليلون الغضب الدوﱄ الذي أثارتْه روايته »آيات شيطانية« )‪ .(١٩٨٨‬وقال رشدي بأ ّن‬ ‫هذه الرواية تدور أحداثها حول الهجرة واﳌنفي والهويات اﳌهجنة وتح ﱡوﻻت الكائنات‪،‬‬ ‫وﴍح ذلك ﻻحقا بقوله إنها »أغنية حب«‪ ،‬لـ »ذواتنا اﳌه ﱠجنة« )‪ ،١٩٩١‬ص‪ ،(٣٩٤ :‬فبطﻼ‬ ‫الرواية التوأمان‪ ،‬عند سفره إﱃ إنجلﱰا‪ ،‬ﴎعان ما يصبح أحده مﻼكا واﻵخر ماع ًزا‬ ‫شبيها بالشيطان‪ ،‬ويكتشفان أ ّن صفات جسديه الجديدين انعكاس للصورة النمطية‬ ‫عند اﻹنجليز عن الهنود‪ .‬وتسيطر اﻷغلبية البيضاء عﲆ اﳌهاجرين؛ ﻷنهم »يصفوننا‪...‬‬ ‫إنهم لديهم سلطة الوصف‪ ،‬ونحن نرضخ للصور التي يركّبونها عنّا«‪) ٥٧‬الطبعة اﻷصلية‬ ‫صدرت ﰲ عام ‪١٩٨٨‬ح والطبعة التي اعتمدنا عليها طبعة ‪ ،١٩٩٧‬ص‪ .(١٧٤ :‬ويدرك‬ ‫بطلها صﻼح الدين تشامتشا أنﱠه يجب عليه أ ْن ينبذ كل هذه اﳌحاوﻻت لتحديد هويته‪،‬‬ ‫وأن يتق ّبل‪ ،‬بدﻻ من ذلك‪ ،‬كل جزء من »ذاته اﳌه ﱠجنة«‪ .‬وتتضمن رواية »آيات شيطانية«‬ ‫أيضا سلسلة من اﻷحﻼم عن حياة النبي محمد والنشأة اﻷوﱄ لﻺسﻼم‪ ،‬ا ﰲ ذلك »اﻵيات‬ ‫الشيطانية« اﳌشهورة بالسوء والتي عليها خﻼف منذ أمد بعيد‪ .‬وإعادة التخيﱡل الجذري‬ ‫أغضب اﳌجتمعات اﻹسﻼمية حول العا ‪ ،‬وهو اﻷمر الذي وصل ﰲ‬ ‫للتاريخ اﻹسﻼمي‬ ‫َ‬ ‫النهاية إﱃ حد اﻻغتياﻻت وأع ل الشغب وقطع العﻼقات الدبلوماسية وقطع العﻼقات‬ ‫الدولية وإصدار آية الله الخميني فتوى بهدر دم سل ن رشدي ‪ .٥٨‬ذكﱠرت هذه الرواية‬ ‫العالَم بقدرة اﻷدب البالغة عﲆ التحريض وعﲆ التعريض للخطر؛ فسل ن رشدي نفسه‬ ‫اضطر لﻼختباء لسنوات عديدة‪ .‬وإذا كانت رواية »أطفال منتصف الليل« أدت إﱃ زيادة‬ ‫التعريف بكتابات الكتّاب اﻵسيوي الﱪيطاني ﰲ بداية الث نينيات من القرن العﴩين‪،‬‬ ‫فإ ﱠن رواية »آيات شيطانية« قد كشفت عن اﻹمكانات السياسية لهذه الكتابات ﰲ نهاية‬ ‫ذلك العقد من الزمان‪ .‬لقد غ ت هذه اﻷزمة الكتابة الﱪيطانية اﳌتعددة الثقافات جمل ًة‬ ‫اب«الﱪيطاني السود« إﱃ آفاق غ مسبوقة‪ ،‬ولكنها دمرت‬ ‫وتفصيﻼً‪،‬‬ ‫ورفعت مكانة الكتﱠ ِ‬ ‫ْ‬ ‫فكرة التجانس الوهمي التي كانت متشكﱢلة عن الجالية »الﱪيطانية السوداء«‪.‬‬ ‫‪٦٢‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫ظهرت اﻷفكار التي كتبها سل ن رشدي عن الهجرة واﳌنفي‪ ،‬والذوبان الثقاﰲ‪ ،‬وعدم‬ ‫بطل رواية »رجل الﻼمكان«‬ ‫التسامح كث ا ﰲ روايات آسيوية بريطانية أخرى‪ .‬يظ ﱡن ُ‬ ‫)‪ (١٩٧٢‬ﳌاركاندايا)‪ (Markandaya‬ظنا خاط ًئا بأنﱠه »إنجليزي أك من اﻹنجليز أنفسهم«‬ ‫)الطبعة اﻷصلية ظهرت ﰲ عام ‪١٩٧٢‬ح والطبعة التي اعتمدنا عليها نﴩت ﰲ عام ‪،١٩٧٣‬‬ ‫ص‪ .(٧٢ :‬ولك ّنه يدرك‪ ،‬بعد تعرضه للظلم والهجوم من قبل ج انه الذين تتزايد عداوتهم‬ ‫لت إﱃ غريب« )ص‪ ،(٢٤١ :‬وهو تح ﱡول ليس مثل التح ﱡول الجذري‬ ‫نحوه‪» ،‬أنني تح ﱠو ُ‬ ‫السحري الذي نجده عند اﳌهاجرين ﰲ روايات سل ن رشدي‪ ،‬ولكنه تح ﱡول مشابه ﰲ‬ ‫طبيعته وأثره‪ .‬وﰲ اﳌقابل‪ ،‬نجد أن بطل رواية »اﻻنطباعي« )‪ ،(٢٠٠٢‬وهي أول رواية‬ ‫للكاتب هاري كونْز ُرو )‪ ،(Hari Kunzru‬يتمتع وهبة هائلة ﰲ الذوبان الثقاﰲ لدرجة‬ ‫أنه يص «رجل كل اﻷماكن«‪ ،‬إذ أنه يتخذ لنفسه سلسلة من ال ُهويّات تﱰاوح ما ب الولد‬ ‫الهندي الﴘء الذي ينتمي للطبقة العليا‪ ،‬والداعر الذي يلبس مﻼبس النساء‪ ،‬وتلميذ‬ ‫اﳌدرسة ﰲ العﴫ الفيكتوري‪ ،‬واليتيم ﰲ مؤسسة تبش ية‪ ،‬وطالب الجامعة اﻹنجليزي‪،‬‬ ‫ومساعد عالِم أن وبولوجيا إمﱪياﱄ‪ ،‬وبدو ّي ﰲ صحراء أفريقيا‪ .‬وﰲ بريطانيا‪ ،‬ﱢك ُنه بﴩته‬ ‫الفاتحة ولكنته اﻹنجليزية اﳌُتْ َق َنة من أ ْن يعيش بينهم بشخصية »جوناثان بريدج ن«‪،٥٩‬‬ ‫وﰲ كل منعطف يبحث هذا الشاب عن أية صفات إنجليزية كنه أن يتب ّناها حتى‬ ‫»تغوص أعمق تحت جلده« )ص‪ .(٢٤٧ :‬إ ﱠن أداءه بوصفه جوناثان بريدج ن مقنع جدا ً‬ ‫لدرجة أ ّن الجميلة والغامضة استارت تشابل ترفضه ﻷنﱠه وذج معهود جدا من الرجال‬ ‫اﻹنجليز‪ ،‬وتحطﱢ ُم قلبَه عندما تقول له‪» :‬أنت أك شخص عرفتُه إنجليزيﱠ ًة« )ص‪.(٣٣٢ :‬‬ ‫كل بطريقته اﳌختلفة‪ ،‬قيمة الذوبان الثقاﰲ‪،‬‬ ‫ويستكشف رشدي وماركاندايا وكانزرو‪ ،‬ﱞ‬ ‫و ُم َرك َﱠب »الهوية اﻹنجليزية الجوهرية« اﳌزعومة‪ ،‬وحدود ومخاطر تقليد اﳌستع ِمر‪.‬‬ ‫حققت نجاحا كب ًا‪» ،‬شارع‬ ‫ر ا كان من اﳌدهش أن رواية مونيكا عﲇ )‪ (Monica Ali‬التي‬ ‫ْ‬ ‫بِريك ل «)‪ ،(٢٠٠٣‬تقﱰب من موضوعات مشابهة‪ ،‬فبطلتها نازن تتعرض ﻻسﱰاتيجيات‬ ‫متضاربة للتك ﱡيف عﲆ الحياة ﰲ ﴍق لندن‪ .‬فجاءت اﳌرأة الشابة من بنجﻼديش إﱃ شارع‬ ‫بريك ل عن طريق زواج الصالونات‪ .‬وزوجها تشانو رجل ط ﱢيب ﰲ العادة‪ ،‬ولكنه أكﱪ‬ ‫منها ﰲ السن بكث ‪ ،‬وغ محظوظ بوجه عام‪ ،‬وﻻ يناسب تطلعاتها الرومانسية‪ .‬تنجذب‬ ‫نازن ﻻحقا لكريم‪ ،‬الشاب الوسيم الذي له نشاط سياﳼ‪ .‬ولكن بطلة الرواية ترصد‬ ‫الحياة اللندنية وتتأقلم‪ ،‬وتتجاوز عقبات الحياة ﰲ لندن بشكل مطرد بطريقتها الخاصة‪.‬‬ ‫ويحيط بها أشخاص إما أنهم مصممون عﲆ الحفاظ عﲆ الهوية الج عية البنجﻼدشية‬ ‫‪٦٣‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫أو أشخاص مصممون عﲆ الذوبان الثقاﰲ اما ﰲ اﳌجتمع اﻹنجليزي‪ .‬وتتعلم البطلة أن‬ ‫تضع قواعدها وتوقعاتها الخاصة بها‪ .‬وﰲ النهاية‪ ،‬ترفض كﻼ من زوجها وحبيبها‪ ،‬وتقرر‬ ‫أن تعيش ﰲ بريطانيا مع أطفالها‪ .‬وﰲ اﳌشهد الختامي للرواية الذي كث ا ما يستشهد به‬ ‫النقاد والقراء‪ ،‬تأخذ نازن البنت للزلج عﲆ الجليد‪ .‬فبين تحتج إحدى البنت قائلة لها‪:‬‬ ‫»ﻻ تستطيع أن تتزلجي وأنت ترتدين عباءة ساري«‪ ،‬ترى نازن ﰲ اﳌوقف احت ﻻت‬ ‫الجمع ب هويتها اﻹنجليزية وهويتها اﻷسيوية‪ .‬فﱰد عﲆ الفتاة قائلة‪» :‬إنها إنجلﱰا؛‬ ‫ِ‬ ‫كنك أن تفعﲇ ما تشائ « )ص‪.(٣٦ :‬‬ ‫تتباهي الرواية الﱪيطانية التي يكتبها كتّاب وكاتبات ينتمون لعدة ثقافات بوجود‬ ‫العديد من الكاتبات اﳌتميزات‪ ،‬ومن أشهرهن زادي سميث )‪ (Zadie Smith‬وأندريا‬ ‫ليفي)‪ ، (Andrea Levy‬ورواية »شارع بريك ل « تضع مونيكا عﲇ ﰲ مق ّدمة الروائيات‪.‬‬ ‫ومع أن مونيكا عﲇ قد تكون أك هن شهرةً‪ ،‬هناك العديد من الكاتبات حظ باهت م‬ ‫نقدي كب ﰲ فﱰة ما بعد صدور رواية »أطفال منتصف الليل«‪ .‬وتعتﱪ رواية »امرأة‬ ‫عجوز ﴍيرة« )‪ (١٩٨٧‬للكاتبة را ِف ْندر راندهاوا)‪ (Ravinder Randhawa‬مثاﻻ مبكرا‬ ‫ومه للرواية اﻵسيوية الﱪيطانية النسوية‪ .‬تتنكر شخصيتها الرئيسية‪ ،‬كُلونت‪ ،‬ﰲ هيئة‬ ‫»اﳌرأة العجوز الﴩيرة« اﳌذكورة ﰲ عنوان الرواية؛ ويساعدها هذا التنكﱡر ﰲ الكشف عن‬ ‫الطبيعة اﳌتغ ة للهويات عﲆ نطاق واسع‪ .‬ولكن جوﻻت البطلة ﰲ هيئة »امرأة عجوز«‬ ‫كل‬ ‫تساعد اﳌؤلف َة عﲆ أن تق ﱢدم مجموعة متنوعة من النساء اﻷخريات الﻼ تجاهد ﱞ‬ ‫منهن ﰲ سبيل التك ﱡيف مع التهج والتحامل والﴫاعات ب اﻷجيال‪ .‬وتشمل خيوط‬ ‫الﴪد اﳌعقدة اﳌتداخلة كﻼ من مايا‪ ،‬التي ت ُجري بحثًا عن الجنون ﰲ الجالية اﻵسيوية‬ ‫وحﴚ بأعجوبة‪ .‬وت ُصاب را‬ ‫نجت من هجوم‬ ‫لﱪنامج وثائقي تليفزيو ‪ ،‬ورا التي ْ‬ ‫ﱟ‬ ‫بصدمة القذائف وتُحتجز ﰲ اﳌستشفى‪ ،‬ولكنها ﻻ تت ثل للشفاء إﻻ عندما »يعالجنها«‬ ‫النساء اﻷخريات من خﻼل ﴎد الحكايات الج عية‪ .‬إ ﱠن الﴪد غ التقليدي ﰲ رواية‬ ‫»الصندوق اﻷحمر« )‪ (١٩٩١‬للكاتبة فرحانة شيخ )‪ (Farhana Sheikh‬يسلط الضوء عﲆ‬ ‫رئيسة)‪ ، (Raisa‬التي تﱪز مقابﻼتها مع الطالبات الشابات مدي التحامل والعنف الذي‬ ‫ابتليت به اﻷقليات العرقية ﰲ اﳌدارس الثانوية‪ .‬وتصارع بطلة رواية »النقل« )‪(١٩٩٢‬‬ ‫للكاتبة أتي ﴎيفاستافا)‪ (Atima Srivastava‬تعقيدات حياة »الجيل الثا « ]من‬ ‫اﳌهاجرين[ أثناء إعدادها لﱪنامج تلفزيو عن أزمة ف وس نقص اﳌناعة البﴩية‪/‬اﻹيدز‪.‬‬ ‫وﰲ أحد خيوط الﴪد الرئيسية ﰲ رواية »الحياة ليست كلها ضحكًا« )‪ (١٩٩٩‬للكاتبة‬ ‫‪٦٤‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



‫م ا ِسيال )‪ ،(Meera Syal‬تُ ِع ﱡد تانيا برنام ًجا وثائقيا عن اﻵسيوي الﱪيطاني اﳌعاﴏين‪،‬‬ ‫وأسندت البطولة إﱃ اثنت من أعز صديقاتها‪ ،‬وه تشيﻼ وسونيتا‪ .‬ولكن مﴩوع تانيا‬ ‫يفضحه بطريقة ﴏيحة ﻻ مجاملة فيها‪ ،‬وهو اﻷمر الذي يهدد بتمزيق أواﴏ صداقتهن‪.‬‬ ‫والك ﱠتاب والجمهور يدركون اﻷبعاد السياسية للتمثيل الفني إدراكًا حادا منذ فﱰة طويلة‪،‬‬ ‫وتزايد هذا اﻹدراك بعد فضيحة موضوع رواية »آيات شيطانية«‪ .‬ويكتب نقاد الثقافة‬ ‫باستفاضة وقوة عن افتقار ثيل اﻷقليات ﰲ وسائل اﻹعﻼم الﱪيطانية الرسمية‪ ،‬وتوجد‬ ‫بالفعل عواقب سياسية معقّدة مﱰتبة ع تفعله هذه التمثيﻼت‪ .‬وكث ا ما يستكشف‬ ‫الروائيون هذه القضايا ﰲ رواياتهم وقصصهم‪.‬‬



‫هذا اﻻهت م بتعريف الذات والدخول ﰲ التيار الرسمي يربط م ا ِسيَال بأع ل حنيف‬ ‫قريﴚ )‪ ،(Hanif Kureishi‬الذي حقق شهرة بسبب مﴪحياته التليفزيونية ﰲ انينات‬ ‫القرن العﴩين مثل« مغسلتي العا ّمة الجميلة«‪ .٦٠‬إ ّن مكانة حنيف قريﴚ ﰲ النقد‬ ‫اﻷد العرقي الﱪيطا تكاد تنافس مكانة سل ن رشدي‪ .‬ويعتﱪه الناق ُد سوخديف ساندو‬ ‫)‪ (Sukhdev Sandhu‬أهم شخص »مسؤول عن وضع اﻷسيوي ﰲ إنجلﱰا تحت اﻷضواء«‬ ‫)ص‪ .(٢٣٠ :‬وﻻ شك ﰲ أن قريﴚ يكشف عن مكانة واهت مات اﻷطفال اﳌولدين ﰲ‬ ‫بريطانيا ﻷباء آسيوي مهاجرين ويقدم رؤى نقدية ثاقبة عنهم‪ .‬وعﲆ وجه الخصوص‪،‬‬ ‫تُﱪز أع له الت يز غ اﳌتوقع ﰲ العادة ب تجارب الجيل اﻷول وتجارب الجيل الثا ‪ .‬يبدأ‬ ‫بطل روايته »بوذا الضواحي« )‪ (١٩٩٠‬قوله‪ ،‬قائﻼ‪» :‬اسمي كريم أم ‪ ،‬وأنا رجل إنجليزي‬ ‫اﳌولد والنشأة تقريبا‪ .‬وعادة ما يعتﱪونني رجﻼ إنجليزيا مر ًحا‪ ،‬وهي سﻼلة جديدة ك‬ ‫نتجت عن تاريخ قد « )الطبعة اﻷوﱃ ‪١٩٩٠‬؛ الطبعة التي اعتمدنا‬ ‫تعرفون‪ ،‬ﻷنني‬ ‫ُ‬ ‫عليها نﴩت ﰲ عام ‪ ،١٩٩١‬ص‪ .(٣ :‬ومع أن كريم »ليس فخو ًرا« بكونه إنجليزيا‪ ،‬فإنه يكاد‬ ‫ﻻ يُ ْعتَ َﱪ »باكستانيا« أيضا‪ ،‬وهو اﻷمر الذي قدم لنا صورة عن إﴏار قريﴚ عﲆ أنه يع ﱢرف‬ ‫نفسه ﰲ اﳌقام اﻷول عﲆ أنه من أهل لندن‪ .‬وتذهب راناسينها إﱃ أ ّن أع ل قريﴚ‬ ‫»تسخر بأسلوب اﳌعارضة اﻷدبية من فكرة اﳌجتمعات اﳌتجانسة واﳌتميزة واﳌع ﱠرفَة‬ ‫عرقِيا«)ص‪ .(٢٢٢ :‬والخلط اﳌتع ّمد ﰲ الهوية ﰲ رواية »بوذا الضواحي«– وهي رواية‬ ‫ﻻ تعﱪ عن العرقية أو تستغلﱡها أو ترفضها ا ًما –يضع كريم تحت ما أس ه مارك شتاين‬ ‫‪ Mark) (Stein‬ليس »ما بعد ال ِعرق ﱠية« )‪ ،(post-ethnicity‬وإ ا »العرقية اﳌزعومة«‬ ‫)‪) (posed-ethnicity‬ص‪ ،(١١٥ :‬فأحيانا يستخدم عﻼمات اختﻼف‪ ،‬ولكنه يق ّوض أية‬ ‫فكرة تقول بأن الهوية كن حﴫها ﰲ مفهوم ال ِعرق فقط‪ .‬وهكذا‪ ،‬نجد أن مهنة التمثيل‬ ‫‪٦٥‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫عند كريم‪ ،‬التي تبدأ بدور كوميدي بشكل كار ممثﱠل ﰲ شخصية موجﲇ‪ ،‬وتنتهي بأدائه‬ ‫لشخصية ﰲ مسلسل تليفزيو شكﲇ عن اﻷقليات– هذه اﳌهنة تُنَ ِاظ ُر ميله للنظر إﱃ‬ ‫العرقية ذاتها عﲆ أنها أداء ثيﲇ‪.‬‬ ‫ومثل حنيف قريﴚ‪ ،‬برز مجموعة من كتّاب الجيل الثا عﲆ الساحة اﻷدبية‪ ،‬والكث ون‬ ‫منهم يستكشفون اﳌواقع الثقافية »اﳌا ب « أو »العالقة ب « لﻸسيوي اﳌولودين ﰲ‬ ‫بريطانيا‪ .‬فرواية التكوين الكوميدية التي كتبتْها ِس َيال الكوميدية بعنوان »أنا وأنيتا«‬ ‫)‪ (١٩٩٦‬ترصد لنا حياة فتاة تكﱪ ﰲ بيئة ريفية متعصبة ﰲ إنجلﱰا ﰲ ستينيات القرن‬ ‫العﴩين‪ .‬ورواية نديم أسلم )‪ (Nadeem Aslam‬الكئيبة والعنيفة التي تتخذ عنوان‬ ‫»خرائط لعشاق تائه « )‪ (٢٠٠٤‬تستكشف التوترات اﳌوجودة ب العائﻼت اﻵسيوية‬ ‫الﱪيطانية‪ .‬ففي الوقت الذي يحاول اﳌجتمع ﰲ »صحراء الوحدة« جاه ًدا ﻷن يفهم‬ ‫لغز اختفاء العاشق غ اﳌتزوج جوجنو وتشانده‪ ،‬نجد ربﱠة العائلة )كوكب( تحاول‬ ‫أن تتوافق مع بلد ما زالت أجنبية وعدائية بالنسبة لها‪ ،‬ومع أطفال أك غراب ًة وبُغضاً‪.‬‬ ‫انعكاسا للصورة النمطية عن‬ ‫ومحاولتها للحفاظ عﲆ التقوى باﳌفهوم اﻹسﻼمي قد تكون‬ ‫ً‬ ‫اﳌهاجرين اﻷسيوي ‪ ،‬ولكن الجيل اﻷصغر ﰲ هذه الرواية يتبنى أحيانا أصول ﱠي ًة أك ح ﱠدة‪.‬‬ ‫وبهذا اﳌعنى‪ ،‬نجد ﰲ رواية نديم أسلم صدى ﳌجموعة من النصوص التي تستكشف‬ ‫صعود اﻹسﻼم الراديكاﱄ ب الشباب اﻵسيوي الﱪيطاني ‪ .‬فالقصة التي نﴩها قريﴚ‬ ‫اما‬ ‫ﰲ عام ‪ ١٩٩٧‬بعنوان »ولدي اﳌتطرف«‪ ،‬التي يصاب فيها مهاجر باكستا عل‬ ‫بالرعب عند تح ﱡو ِل ابنه إﱃ اﻷصولية‪ ،‬تبدو اﻵن استﴩافًا لﻸحداث اﻹرهابية ﰲ الحادي‬ ‫عﴩ من سبتمﱪ والسابع من يوليو‪ .‬وتستكشف رواية قريﴚ الثانية »اﻷلبوم اﻷسود«‬ ‫)‪ (١٩٩٥‬مسا ًرا مشاب ًها؛ فأحداثها تركز إﱃ حد كب عﲆ تصوير غضب الشباب اﳌوجه‬ ‫ضد بريطانيا البيضاء بوجه عام‪ ،‬وضد رواية سل ن رشدي »آيات شيطانية« عﲆ وجه‬ ‫الخصوص‪ .‬ويفشل اﳌجتمع الذي تصوره رواية مونيكا عﲇ ﰲ روايتها »شارع بريك‬ ‫ل « ﰲ تحقيق التجانس والﱰابط ﰲ أعقاب كلٍ من أحداث الحادي عﴩ من سبتمﱪ‬ ‫وﴏاعات هذا اﳌجتمع ذاته السياسية الداخلية‪ .‬وﰲ لحظة حياة يبدو أنها انعكاس للفن‪،‬‬ ‫تعطﱠل تحويل الرواية إﱃ فيلم سين ﰲ عام ‪ ٢٠٠٦‬عندما تظاهر بعض اﳌقيم ضد‬ ‫الحبكة اﳌعادية للمسلم واﳌعادية للبنجﻼدشي ‪ .‬وﰲ رواية محسن حميد )‪Mohsin‬‬ ‫‪» (Hamid‬اﻷصوﱄ اﳌﱰدد« )‪ ،(٢٠٠٧‬نجد أ ﱠن الشخصية التي يش إليها العنوان تستجيب‬ ‫للتعصب الذي انتﴩ بعد أحداث الحادي عﴩ من سبتمﱪ باﻻنض م ﳌنظمة إسﻼمية‬ ‫‪٦٦‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫ناشطة سياسيا ﰲ باكستان‪ .‬لقد تأكد أ ﱠن الذوبان الثقاﰲ قضية جوهرية ثابتة ﰲ النصوص‬ ‫التي يكتبها اﻵسيويون الﱪيطانيون‪ ،‬ولكن مصطلحاته اﻷساسية تغ ﱠ تْ ﰲ أعقاب العنف‬ ‫اب اﻷسباب التي أدت إﱃ ظهور النشاط السياﳼ‬ ‫العاﳌي الحديث؛ ويستكشف هؤﻻء الكتّ ُ‬ ‫الشبا ونتائجه اﳌحتملة عﲆ نسيج اﳌواطن الﱪيطاني بوجه عام‪.‬‬ ‫والذكريات اﳌتعلقة بوطن اﻹقامة والوطن اﻷم وأوضاع ما قبل اﻻستع ر وما قبل اﻻستقﻼل‬ ‫والحياة قبل اﳌجيء إﱃ إنجلﱰا واﳌبادئ اﻷساسية الخاصة بالثقافة والدين والسياسة غ‬ ‫الغربي – هذه الذكريات أرض خصبة لرواياتَ التعددية الثقافية الﱪيطانية؛ ففي الكتابة‬ ‫اﻵسيوية الﱪيطانية‪ ،‬يل نصوص الذاكرة والنصوص التي تتناول الذكريات ﻷن تتخذ شكل ‪.‬‬ ‫ﰲ أحده ‪ ،‬ينظر الكتّاب للوراء إﱃ فﱰات سياسية محددة ﰲ تاريخ شبه القارة الهندية‪.‬‬ ‫فعﲆ سبيل اﳌثال‪ ،‬ترسم رواية أ‪ .‬سيفاناندان )‪» (A. Sivanandan‬عندما وت الذاكرة«‬ ‫)‪ (١٩٩٧‬موجات من العنف اﳌجتمعي الذي تعرضت له أقليات التاميل ﰲ ﴎيﻼنكا قبل‬ ‫اﻻستقﻼل وبعده‪ .‬رواية »العار« لسل ن رشدي ورواية »قضية تفج اﳌانجو« )‪(٢٠٠٨‬‬ ‫ﳌحمد حنيف )‪ (Mohammed Hanif‬تتأمﻼن أطراف السلطة السياسية ﰲ باكستان‬ ‫بعد اﻻستقﻼل بطريقة ما بعد حداثية متميزة وأسلوب هجا ﻻذع‪ .‬أما بالنسبة للشكل‬ ‫الثا الذي تتخذه الذكريات‪ ،‬تنظر الشخصيات اﳌنفية نظرة حن لل ﴈ ﰲ أوطانها‬ ‫اﻷم ﰲ شبه القارة الهندية‪ ،‬ك ﰲ رواية »ذكريات اﳌطر« )‪ (١٩٩٢‬للكاتبة سونيﱰا جوبتا‬ ‫)‪ .(Sunetra Gupta‬وﰲ روايتي »شعب مرجانية« )‪ (١٩٩٤‬و«الساعة الرملية« )‪(١٩٩٨‬‬ ‫للكاتب روميش جونيسيك ا)‪ ، (Romesh Gunesekera‬فيظل حن الشخصيات إﱃ‬ ‫ٍ‬ ‫خالص بسبب العنف اﳌجتمعي اﳌتواصل وكذلك بسبب فجوات وأخطاء‬ ‫ﴎيﻼنكا غ‬ ‫واختﻼقات الذاكرة نفسها‪ .‬وترى الناقدة ناستا أن الن الذي يكتبه جونيسيك ا يوحي‬ ‫بـ »أدب شتات تعد فيه العودة ممكنة‪ ،‬و تعد فﻼتر الذاكرة اﳌتشظّية مسا ًرا رائقًا‬ ‫أو احتفاليا يوصل إﱃ ‘الوطن اﻷم اﳌتخ ﱠيل’»)ص‪ .(٢١٣ :‬تعد تقدم طريقا آمنا أو سا ّرا‬ ‫إﱄ أرض الوطن الخيالية( )‪ .(٢١٣‬وك يؤكد العديد من اﻷدباء واﳌنظﱢرين الثقافي ‪ ،‬إ ّن‬ ‫العودة إﱃ الوطن اﻷم — سواء أكانت عودة من خﻼل الذاكرة أم عودة ﰲ الواقع —‬ ‫تعد خيا ًرا بسيطا ممك ًنا‪ .‬ويرى ستيوارت ُهول )‪ (Stuart Hall‬أ ّن »الهجرة رحلة ﰲ اتجاه‬ ‫واحد‪ .‬فﻼ يوجد »وطن« للرجوع إليه‪ .‬و يكن هناك وطن قط« )ص‪.(١١٥ :‬‬ ‫ك أنه ﻻ أحد من أبناء اﳌهاجرين وﻻ من هؤﻻء الذين عانوا اﻷم ﱠرين يهاجروا ويستقروا‬ ‫‪٦٧‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫ﰲ اﳌملكة اﳌتحدة يرغب بالﴬورة ﰲ العودة‪ .‬ر ا اكتشف بطل رواية الكاتبة ماركاندايا‬ ‫أنه »رجل الﻼمكان«‪ ،‬ولك ّن الجيل الثا والجيل الثالث‪ ،‬بزعامة حنيف قريﴚ‪ ،‬ينظرون‬ ‫ويوسعون مفهوم الهوية‬ ‫إﱃ أنفسهم بشكل مطرد عﲆ أنهم بريطانيون‪ ،‬ويتح ﱡدون‬ ‫ّ‬ ‫الﱪيطانية ذاتها ﰲ حياتهم وأع لهم‪ .‬ﰲ الواقع‪ ،‬يضع قريﴚ وكونزرو اﻵن أع لَه‬ ‫الروائية بشكل واضح خارج نطاق الجاليات العرقية وقضايا اﻻختﻼف؛ فه ليسا من‬ ‫»روائيي الﻼمكان«‪ ،‬ويسعيان اﻵن إﱃ استكشاف بريطانيا اﳌعاﴏة بشكل أوسع‪ .‬ولذلك‬ ‫ر ا نجد ع قريب أن »الرواية اﻵسيوية الﱪيطانية« ﻻ تدل عﲆ اﻷدب الذي يتناول‬ ‫الهوية العرقية‪ /‬الثقافية‪ ،‬أو حتى يتناول اﳌملكة اﳌتحدة بالﴬورة‪ .‬فنظ ًرا ﻷن الكاتب‬ ‫منهم تلو اﻵخر يحقق مكانة مرموقة‪ ،‬فإن اﳌجال الجديد نسبيا يَ ِع ُد بج ه ومجاﻻت‬ ‫بحث أوسع ﰲ العقود اﳌقبلة‪ .‬ولكن هذا ﻻ يعني أ ﱠن الﴪد اﳌتعلق بوصول اﳌهاجرين إﱃ‬ ‫مهجرهم صار من اﳌاﴈ؛ ف زال العديد من الكتاب يتحدثون عن القادم الجدد وهم‬ ‫كث ون‪ ،‬وعن تصميمهم عﲆ البقاء والنجاح‪ .‬فتتناول رواية » ُج ْحر« )‪ (٢٠٠٤‬للروا مانزو‬ ‫إسﻼم )‪ (Manzu Islam‬حياة مهاجر غ ﴍعي ﰲ لندن اﳌعاﴏة‪ .‬فحتى عندما تقﱰب‬ ‫منه الﴩطة وتحيط به‪ ،‬يقول إن إنجلﱰا »ليست صعبة ثل ما كانت من قبل؛ فعﲆ‬ ‫اﻷقل‪ ،‬تعلﱠ ْمنا كيف ندافع عن أنفسنا ونرفع صوتنا ونطالب بحقوقنا ] ‪ [...‬كان علينا أن‬ ‫نفعل ذلك ﻷ ﱠن إنجلﱰا هي الوطن الوحيد الذي لنا ]‪ [...‬سنفعل أي ﳾء من أجل البقاء‬ ‫أحيا ًء؛ وسنبقي أحيا ًء«)ص‪.(٢٩١ :‬‬



‫‪٦٨‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫روايات ما بعد اﻻستعمار وشتات جزر الهند‬ ‫الغربية‪ /‬جزر الكاريبي‬ ‫تيمو وايس‬



‫‪٦١‬‬



‫»تكﱪ وأنت‬ ‫قال أحد الكتاب اﳌهاجرين الذين ينتمون إﱃ منطقة الكاريبي متذ ﱢك ًرا‪َ :‬‬ ‫تعرف أنك سﱰحل« )‪ ،(٢٣٠ Philip‬ويبدو ذلك من اﳌسلﱠ ت ﰲ حياة الكتﱠاب الواعدين‬ ‫الذين ينتمون إﱃ حوض جزر الهند الغربية‪ /‬جزر الكاريبي‪ ،‬وشتاتُهم يشمل الوﻻيات‬ ‫اﳌتحدة اﻷمريكية وكندا وبريطانيا العظمي‪ .‬ولقد ظلت لندن ﰲ الواقع لزمن طويل‬ ‫العاصمة الثقافية الحقيقية للكاريبي الناطق باﻹنجليزية‪ .‬ومع ازدياد موجة الهجرة‬ ‫ﰲ أعقاب الحرب العاﳌية الثانية‪ ،‬زاد عدد اﳌهاجرين من جزر الهند الغربية إليها زيادة‬ ‫ملحوظة‪ .‬بحلول عام ‪ ،١٩٦١‬كان تقدير الذين هاجروا منهم بالفعل إﱃ اﳌملكة اﳌتحدة‬ ‫نحو‪ ١٧٢,٠٠٠‬مهاجرٍ‪ .‬وبحلول عام ‪ ،١٩٨١‬كان نصف مليون شخص من السكان من‬ ‫جذور كاريبية يعيشون فيها‪ .‬ويبدأ أدب الشتات تحت مس ّمى أدب اﳌهجر‪ ،‬ثم يص بعد‬ ‫ذلك أدبا مهاج ًرا يعيد باستمرار تشكيل رؤيته للمكان وللهوية‪» .‬الهجرة تولّد الرغبة‬ ‫ﰲ الوطن‪ ،‬وهي بدورها تنتِج إعادة كتابة الوطن« )كونديه ولونزديل ‪Conde and‬‬ ‫‪ .(١٩٩٩ ،Lonsdale‬ففي بداياته‪ ،‬يوجد أدب الشتات عﲆ هوامش اﻵداب القومية‪ ،‬سواء‬ ‫أكانت بريطانية أم أمريكية أم كندية؛ وبتطوره من جيل من الكتّاب إﱃ الجيل التاﱄ‪،‬‬ ‫يعيد تعريف اﻷماكن القومية‪ ،‬ويتخيل أماكن أخرى عابرة للحدود القومية‪.‬‬ ‫بدأ أدب شتات جزر الهند الغربية عﲆ يد س‪ .‬ل‪ .‬ر‪ .‬جيمس )‪ C. L. (R. James‬الذي‬ ‫انتقل إﱃ إنجلﱰا سنة ‪ ١٩٣١‬ليكتب مؤلفاته وينﴩها‪ .‬وتعد روايته »زُقاق ِم ْن ِتي« )‪(١٩٣٦‬‬ ‫أول رواية كاريبية تصدر ﰲ إنجلﱰا‪ ،‬وهي رواية تسلط الضوء عﲆ القضايا الكاريبية‪،‬‬ ‫وتُ ْدرِج لهجات الكاريبية ﰲ نسيجها‪ .‬وتصور الرواية مجموعة بيوت تطل عﲆ فناء ﰲ‬ ‫مدينة ميناء إسبانيا‪ ٦٢‬من منظور هينز وهو شاب ينتمي للطبقة الوسطى‪ ،‬ويقيم ﰲ‬ ‫هذا اﳌكان إقامة مؤقتة‪ .‬وكانت معرفة بطل الرواية بالدنيا مستمدة من الكتب‪ ،‬وكان‬ ‫ﰲ البداية يَ ْق َن ُع ﻼحظة ج انه من غرفته‪ ،‬وبالتدريج يتزايد انخراطه ﰲ حياتهم‪ ،‬ويفقد‬ ‫براءته‪ ،‬ويدخل ﰲ معمعة مجتمع ترينيداد الواعي بالفروق الطبقية والعرقية واﳌﲇء‬ ‫‪٦٩‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫باﻷمور الجنسية‪ .‬وقد تم اتهامه ﰲ نهاية القصة بارتكاب أع ل جنسية غ مﴩوعة‪.‬‬ ‫كان جيمس رائدا ً‪ ،‬وكذلك كان إ‪ .‬ر‪ .‬بريثويت )‪ (E. R. Braithwaite‬الذي هاجر إﱄ‬ ‫إنجلﱰا ﰲ ثﻼثينيات القرن العﴩين والذي صارت روايته »إﱃ سيدي‪ ،‬مع كل الحب«‬ ‫)‪ (١٩٥٩‬وكذلك الفيلم اﳌ ُْستَلْ َهم منها )‪ (١٩٦٧‬في بعد عﻼم ًة مهم ًة‪ ،‬ﻷن أدب شتات‬ ‫جزر الهند الغربية ﰲ بريطانيا العظمى يدخل مرحلتَه اﻷوﱃ التأسيسية إﻻ ﰲ أواخر‬ ‫اﻷربعينيات من القرن العﴩين ووصول اﳌهاجرين عﲆ سفينة »ويندرش«‪.‬‬ ‫إن عبارة »جيل ويند َرش«– اﳌستمدة من السفينة الحربية‪ /‬سفية الركّاب )‪SS Empire‬‬ ‫‪ (Windrush‬التي بدأتْ ﰲ نقل اﳌهاجرين من جزر الهند الغربية ومهاجرين آخرين‬ ‫إﱃ إنجلﱰا ﰲ يونيو ‪ ،١٩٤٨‬وهو حدث صار يرمز لبدايات بريطانيا اﳌعاﴏة ذات‬ ‫العرقيات اﳌتعددة وﻹعادة تشكيل الهوية القومية – يدل عﲆ الهجرة بعد الحرب‬ ‫العاﳌية الثانية من منطقة الكاريبي ومستعمرات سابقة أخرى‪ .‬ﰲ أواخر اﻷربعينيات‬ ‫وطوال الخمسينيات من القرن العﴩين‪ ،‬هاجر إﱄ انجلﱰا جورج ﻻمنج)‪George‬‬ ‫‪ ، (Lamming‬وصمويل سيلفون)‪ ، (Samuel Selvon‬وف‪ .‬س‪ .‬نايبول)‪(V. S. Naipul‬‬ ‫‪ ،‬وويلسون هاريس)‪ ، (Wilson Harris‬باﻹضافة إﱃ ك ّتاب آخرين أقل شهرة مثل‬ ‫إدجر ميتلهولزر)‪ ، (Edgar Mittelholzer‬وأندرو سو )‪ ، (Andrew Salkey‬وروجر‬ ‫ميس)‪ ، (Roger Mais‬و ُروي هيث)‪ ،(Roy Heath‬ومايكل أنتو )‪(Michael Anthony‬‬ ‫‪ .‬وكانت التحديات التي تواجههم شاقة‪ ،‬خاصة وأن أدبهم الجديد ذلك يكن له‬ ‫ناﴍون وﻻ قراء وﻻ حتى موضوع مطروق‪ ،‬ولكنهم وصلوا ﰲ وقت الﱰجمة اﻷدبية‪ ،‬وكان‬ ‫باﻹمكان أن تقوم بعض اﳌؤسسات بتشجيعهم ودعمهم مثل‪ :‬هيئة اﻹذاعة الﱪيطانية‬ ‫و ُدور نﴩ مثل أندريه ديوتش )‪ (Andre Deutsch‬وهاين ن )‪(Heinemann‬‬ ‫ولونج ن )‪ (Longman‬وفيﱪ& فيﱪ)‪ .(Faber & Faber‬وكان الﱪنامج اﻹذاعي »أصوات‬ ‫أقباسا من هذه النار اﻷدبية الجديدة لجمهور بريطانيا والج ه اﻷخرى‬ ‫كاريبية« يبث ً‬ ‫في وراء البحار‪ .‬وصار هذا الﱪنامج »أهم حافز أد للكتابة اﻹبداعية الكاريبية باللغة‬ ‫اﻹنجليزية« )‪.(٢٠٠٠ Wambu‬‬ ‫ومن كبار الكتاب الذين ساعدهم الﱪنامج عﲆ بدء مشوارهم اﻷد الكاتب جورج‬ ‫ﻻمنج‪ ،‬ومن ب رواياته رواية »ﰲ قلعة جِلدي« )‪ (١٩٥٣‬ورواية »اﳌهاجرون« )‪.(١٩٥٤‬‬ ‫تعود رواية »ﰲ قلعة جلدي« إﱃ الريف الذي عاش فيه اﳌؤلف طفولته ﰲ باربادوس ﰲ‬ ‫‪٧٠‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫ثﻼثينيات وأربعينيات القرن العﴩين‪ ،‬وتروي نشأة ولد ﰲ قرية يكاد أهلها ﻻ يعرفون‬ ‫شيئا عن تاريخهم؛ وتﴪد الرواية اكتساب الوعي لدى الفرد واﳌجتمع ﰲ مستعمرة تكاد‬ ‫تنتهي فيها العﻼقات اﻹقطاعية ب السادة ُم ﱠﻼك اﻷراﴈ والع ّ ل السود‪ .‬وتبدأ رواية‬ ‫»اﳌهاجرون« من حيث انتهت رواية »ﰲ قلعة جلدي«‪ ،‬إذ تت ّبع الرحلة البحرية التي يقوم‬ ‫بها الشاب الذي ترك جزيرته اﻷصلية ويسافر مع مجموعة أخرى من رفاقه الذين ينتمون‬ ‫لجزر الهند الغربية إﱃ إنجلﱰا‪ .‬و«البداية اﻷفضل« التي يسعى كل منهم إﱃ تحقيقها‬ ‫تكتنفها الكث من العقبات‪ ،‬ومن هذه العقبات‪ :‬صعوبة الحصول عﲆ مسكن ووظيفة‪،‬‬ ‫وتضييق الﴩطة عليهم‪ ،‬وجهلهم بطبيعة الحياة ﰲ بريطانيا‪.‬‬ ‫وقد سافر سام سيلفون إﱃ لندن عﲆ السفينة نفسها التي أقل ْﱠت ﻻمنج من جزر الهند‬ ‫الغربية إﱃ لندن‪ .‬وكتب سيلفون جز ًءا من روايته »شمس أك إﴍاقاً« أثناء هذه الرحلة‬ ‫البحرية العابرة للمحيط اﻷطلنطي‪ .‬وأشهر رواياته »لندنيون يشعرون بالوحدة« )‪(١٩٥٦‬‬ ‫تتخذ شكل سلسلة من الفصول الوصفية القص ة التي يتم ﴎدها من منظور ضم‬ ‫الغائب ﳌوﳻ ألويتا‪ ،‬وهو مهاجر من ترينيداد يعيش ﰲ لندن منذ عﴩ سنوات وصار‬ ‫معتادا عﲆ مساعدة القادم من جزر الهند الغربية وأفريقيا عﲆ اﻻستقرار ﰲ لندن‪.‬‬ ‫والجانب الكوميدي ﰲ الرواية يخفف من وطأة الواقع القاﳼ اﳌتمثل ﰲ الفصل العرقي‬ ‫والعنﴫية‪ .‬وﰲ السبعينيات والث نينيات من القرن العﴩين‪ ،‬ظل سيلفون يلقى الضوء‬ ‫عﲆ تجارب اﳌهاجرين‪ُ ،‬متَتَبﱢ ًعا مص و)سوء(حظوظ وجوﻻت بطل رواياته ﰲ روايته‬ ‫»موﳻ صاع ًدا« )‪ (١٩٧٥‬وروايته »موﳻ مهاج ًرا« )‪.(١٩٨٣‬‬ ‫إن ف‪ .‬س‪ .‬نايبول وويلسون هاريس أغزر الروائي إنتاجا من ب الجيل اﻷول من‬ ‫اﳌهاجرين من جزر الهند الغربية‪ /‬جزر الكاريبي‪ .‬وتجمع روايات نايبول بطريقة تحويلية‬ ‫ب عناﴏ الس ة الذاتية والعناﴏ التاريخية‪ ،‬وتستجيب لل زق والقضايا اﳌعاﴏة‪ ،‬ليس‬ ‫ﰲ منطقة الكاريبي وبريطانيا العظمى فحسب‪ ،‬بل وكذلك ﰲ الدول النامية‪ .‬وروايته‬ ‫»شارع ميجيل« — وهي أول رواية كتبها وإن كانت الثالثة ﰲ النﴩ— تصور حيا داخل‬ ‫اﳌدينة ﰲ مدينة ميناء إسبانيا من وجهة نظر فتى ينشأ ويﱰعرع ﰲ ذلك الحي‪ ،‬وتصوير‬ ‫الفتى لذلك الحي ينتقل لنا بطريقة غ مباﴍة ﻷنه ر من خﻼل عملية مفارقة وسخرية‬ ‫تتمثل ﰲ اكتشافات اﳌراهق وتساؤﻻته وتشكيكاته وانقشاع أوهامه وأخ ًا رحيله عن‬ ‫الجزيرة‪ .‬أما روايته »اﳌ ُ َدلﱢك الغامض« )‪ (١٩٥٧‬فﱰوي س ة )متخيﱠلة( بطريقة متعاطفة‬ ‫‪٧١‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



‫وساخرة ﰲ آن ﳌ ُ َعالِج يُدعى جانش يصعد من أصوله القروية ﰲ قرية بجزر الهند‬ ‫الﴩقية ليصبح مؤلفاً ومفكرا ً وسياسياً ورجل دولة ينال الكث من اﻷوسمة‪ .‬وتلقى رواية‬ ‫»حق اﻻقﱰاع ﰲ إلف ا« )‪ (١٩٥٨‬الضوء عﲆ اﻷوضاع السياسة ﰲ ريف ترينيداد حيث‬ ‫تؤدي الوﻻءات العرقية الضيقة واﻷحقاد والﻼمباﻻة بالفنون واﻵداب إﱃ تزوير عمليات‬ ‫التح ﱡول إﱃ الد قراطية‪ .‬وتتناول روايته »منزل للسيد ب ِْسواز« )‪ (١٩٦١‬أحوال ترينيداد‬ ‫ﰲ إبّان الحقبة اﻻستع رية التي عاشها أجداد اﳌؤلف وأبواه‪ ،‬وتصور انتقال اﳌستعمرة‬ ‫من الحياة الريفية إﱃ اﳌجتمع الحﴬي الحديث‪ .‬ومع أن الكاتب رسم شخصية بطل‬ ‫الرواية عﲆ غرار شخصية والده‪ ،‬نجد أن شعور بسواز بعدم اﻻنت ء يشبه شعور نايبول‬ ‫به‪ .‬ويظهر اﳌغﱰبون واﳌهاجرون واﳌنف ﱡيون ﰲ العديد من روايات نايبول الﻼحقة‪ .‬ففي‬ ‫رواية »الرجال اﳌقلﱢدون« )‪ ،(١٩٦٧‬يكتب بطل الرواية رالف سينج‪ ،‬وهو رجل أع ل‬ ‫ﰲ منتصف العمر وسياﳼ كاريبي اختار اﳌنفى طواعية‪ ،‬ذكرياته‪ ،‬ويعﱪ عن إحساسه‬ ‫اﳌتزايد باﻻغﱰاب عن كل من اﳌجتمع الكاريبي ومجتمع لندن‪ .‬وتروي روايته الفائزة‬ ‫بجائزة البوكر »ﰲ دولة حرة« )‪ (١٩٧١‬رحلة إﱃ عا الفوﴇ ﰲ دولة إفريقية‪ ،‬وكذلك‬ ‫اﻷمر ﰲ رواية مهمة أخرى له‪ ،‬أﻻ وهي روايته »منحنى ﰲ النهر« )‪ ،(١٩٧٩‬فالراوي‬ ‫فيها—وهو مهاجر وصاحب محل من أصول هندية مسلمة— يصور أفريقيا ﰲ مرحلة‬ ‫ما بعد اﻻستع ر وما تقع فيه من دورات متعاقبة لتنمية منقوصة وتدهور وخراب‪.‬‬ ‫وتُقرأ رواية »لغز الوصول« )‪ (١٩٨٧‬عﲆ أنﱠها محاولة للتوفيق ب ما ورثه اﳌهاجر من‬ ‫اﳌرحلة اﻻستع رية والتغ ات اﻻجت عية والثقافية التي حدثت ﰲ إنجلﱰا ﰲ عﴫ ما‬ ‫بعد اﻹمﱪيالية‪ ،‬وتعيد تفس مفهوم الهوية الﱪيطانية ﰲ العﴫ الحاﱄ‪ .‬و كن أيضا‬ ‫توسع‬ ‫قراءتها عﲆ أنها تعب عن هوية جديدة عابرة للقوميات‪ ،‬وهو اﳌوضوع الذي ّ‬ ‫نايبول ﰲ تناوله ﰲ روايته »طريق ﰲ العالَم« )‪.(١٩٩٤‬‬



‫ويلسون هاريس روا ومفكﱢر له رؤية تنبؤية‪ ،‬وتستلهم أع لُه مصاد َر من الكاريبي‬ ‫وأمريكا الجنوبية )مثل أساط الهنود الحمر( وتستلهم كذلك الﱰاث اﻷد الغر ككل‪.‬‬ ‫وكان ﻷع له الروائية وكذلك غ الروائية مثل كتابه »رح ُم اﳌكانِ ‪ :‬الخيال العابر للثقافات«‬ ‫)‪ (١٩٨٣‬تأث ملحوظ عﲆ الجيل الثا من الكاريبي الناطق باﻹنجليزية‪ .‬وتجمع‬ ‫رواياته ﰲ أسلوبها وجنسها الﴪدي ب اﻷسطوري والواقعي الرائع‪ ،‬وتتﻼعب باﳌتقابﻼت–‬ ‫مثل القاهر واﳌقهور‪ ،‬العا القديم والعا الجديد‪ ،‬اﻷحياء واﳌو – حيث يُظْ ِه ُر الﱰاب َط‬ ‫ب كل الثنائيات اﳌتعارضة‪ .‬وروايته »قﴫ الطاووس« )‪ ،(١٩٦٠‬التي تع ﱡد أحد أجزاء‬ ‫‪٧٢‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫رباعيته »رباعية جويانا« )‪ ،(١٩٦٣-١٩٦٠‬عبارة عن مزيج من اﻷحﻼم واﻷحداث البسيطة‬ ‫تجس ُد شخصي ُة البط ِل‬ ‫الهادفة‪ ،‬وتعيد تخيﱡ َل أسطورة إل ُدو َرادو )‪ ،٦٣(El Dorado‬وفيها ﱢ‬ ‫َد ْن والطاقم اﳌرافق له الغزا َة اﻹسبان الذين ينتمون لعﴫ قديم‪ .‬وتروي رحلة اﳌجموعة‬ ‫ﰲ داخل غابة ممطرة‪ ،‬وهي ﰲ ذلك تستدعى رواي َة جوزيف كونراد »قلب الظﻼم«‬ ‫)‪ ،(١٩٠٢‬ولكنها ﻻ تنتهي بانقشاع الوهم ك حدث ﰲ رواية كونراد‪ ،‬بل تنتهي باحتفال‬ ‫واستنارة‪ ،‬وهي ﰲ ذلك تشبه إﱃ ح ّد بعيد »الكوميديا اﻹلهية« التي تأثر بها هاريس تأثرا‬ ‫كب ا‪ ،‬فهاريس دا ا ما ي ي أع له باستلهام الﱰاث اﻷد من ثقافات مختلفة حول العا‬ ‫وكذلك يستلهم عناﴏ من بلده اﻷم ﰲ جزر الكاريبي‪ .‬وﰲ رواياته التالية مثل »ع خيال‬ ‫اﳌآتة« )‪ ،(١٩٦٥‬و«الصعود إﱃ أوماي« )‪ ،(١٩٧٠‬و«رفاق النهار والليل« )‪ ،(١٩٧٥‬و«شجرة‬ ‫الشمس« )‪ ،(١٩٧٨‬و«ثﻼثية اﳌهرجان« )‪ ،(١٩٩٣‬و«جونز تاون« )‪ (١٩٩٦‬يواصل هاريس‬ ‫إعادة تخ ﱡيل الهوية اﻹنسانية ﰲ أواخر القرن العﴩين‪ .‬ومن خﻼل استدعاء أشباح التاريخ‬ ‫اﳌؤ لثنائية العا القديم‪ /‬العا الجديد‪ ،‬وتوظيف الﱰاث الشعبي واﻷساط باعتبارها‬ ‫مركبات عابرة للقوميات‪ ،‬تُعتﱪ روايات هاريس ﰲ اﳌقام اﻷول ف ﱠن ممر ِ‬ ‫ات العبور ب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الخﻼص‪.‬‬ ‫البحث ﰲ التاريخ‪ ،‬وف ﱠن‬ ‫الثقافات اﳌختلفة‪ ،‬وف ﱠن تح ﱡو ِل الوعي‪ ،‬وف ﱠن‬ ‫خﻼل النصف اﻷول من القرن العﴩين‪ ،‬كانت الكاتبة اﳌولودة ﰲ الدومينيكان ج ريز‬ ‫)‪ (Jean Rhys‬هي الكاتبة الكاريبية الوحيدة التي اشتهرت عاﳌيا‪ ،‬بداية من مجموعتها‬ ‫القصصية »الضفة اليﴪى وقصص أخرى« )‪ (١٩٢٧‬وخاصة روايتها »بحر سارجاسو‬ ‫الواسع« )‪ (١٩٦٦‬التي تروي قصة أنطوانيت كوزواى‪ ،‬وهي الزوجة اﻷوﱃ لـــ إدوارد‬ ‫روتشيسﱰ ﰲ رواية »ج اير« )‪ (١٨٤٧‬للكاتبة الﱪيطانية تشارلوت برونتي)‪Charlotte‬‬ ‫‪ ، (Bronte‬وتؤسس ريز ﰲ روايتها هذه وذ ًجا ﻹعادة الكتابة اﻷدبية سيتبناه ويط ﱢوره‬ ‫الكتّاب الذين جاؤوا بعدها‪.٦٤‬‬ ‫الطريق‪ ،‬ظهر جيل ثانٍ ﰲ اﳌملكة‬ ‫وبعد أن م ﱠهد ﻻمنج وسيلفون ونايبول وهاريس وريز‬ ‫َ‬ ‫اﳌتحدة من الكتّاب الذين ترجع أصولهم إﱃ جزر الهند الغربية‪ /‬جزر الكاريبي‪ ،‬بداية من‬ ‫سبعينيات القرن العﴩين حتى التسعينيات منه‪ ،‬و كن الحديث عن هؤﻻء الكتاب من‬ ‫خﻼل ثﻼث زوايا عﲆ اﻷقل‪ ،‬وهي‪ :‬الكاتبات الﻼ يصورن تجارب النزوح ورؤيتهن الخاصة‬ ‫للموضوعات التي أدخلها الجيل اﻷول من الكتّاب الذكور؛ غلبة الكتّاب الذين تعود‬ ‫جذورهم إﱃ جوايانا؛ ومتابعة تطوير مﴩوع إعادة تص ﱡو ِر التاريخ الكاريبي واستكشاف‬ ‫‪٧٣‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫الهوية اﳌعاﴏة‪ ،‬خاصة بالتأكيد عﲆ جوانب الهوية العابرة للثقافات والعابرة للقوميات‪.‬‬ ‫تطورت الروايات التي كتبتها مهاجرات من اﳌنطقة الكاريبية ﰲ أمريكا الش لية أﴎع‬ ‫من تطورها ﰲ اﳌملكة اﳌتحدة‪ ،‬بعد نﴩ الكاتبة اﳌولودة ﰲ بروكل باوﻻ مارشال)‪Paula‬‬ ‫‪ (Marshall‬بنﴩ روايتها »بنت بُ ﱢن ﱠية‪ ،‬بيوت الحجر اﻷسمر« ﰲ عام ‪ ،١٩٥٩‬وهي رواية ترصد‬ ‫حياة اﳌهاجرين الباربادوس ﰲ نيويورك‪ .‬وعﲆ الجانب اﻵخر‪ ،‬ﰲ اﳌملكة اﳌتحدة‪ ،‬كانت‬ ‫الروايات اﳌكتوبة بأقﻼم نسائية غائبة عن اﻻزدهار اﻷد الذي حدث ﰲ الخمسينيات‬ ‫من القرن العﴩين‪ ،‬و يبدأ نﴩ روايات الكاتبات التي تتناول تجارب النساء إﻻ ﰲ‬ ‫السبعينيات والث نينيات من القرن العﴩين‪ .‬تروي لنا رواية م ل هودج)‪Merle‬‬ ‫ولب أيها القرد« ‪ (١٩٧٠) ٦٥‬قصة نشأة فتاة ﰲ ترينيداد‪ ،‬وانتقالها من‬ ‫‪» (Hodge‬نا ِد ﱢ‬ ‫القرية إﱃ اﳌدينة‪ ،‬والﴫاعات اﻷخﻼقية الناتجة عن ذلك اﻻنتقال‪ ،‬ثم رحيلها ﰲ النهاية إﱃ‬ ‫توسع م ل هودج نطاق القصص التي كانت تروى عن الطفولة‬ ‫إنجلﱰا‪ .‬وﰲ هذه الرواية‪ّ ،‬‬ ‫ﰲ جزر الهند الغربية‪ ،‬م نجده مرويا من منظور ذكوري ك ﰲ رواية ﻻمنج »ﰲ قلعة‬ ‫جلدي«‪ ،‬ورواية نايبول »شارع ميجيل«‪ ،‬ورواية أنتو »سنة ﰲ سان فرناندو« )‪،(١٩٦٥‬‬ ‫عﲆ سبيل اﳌثال‪ .‬الكاتبة ب يل جيلروي)‪ (Beryl Gilroy‬اﳌولودة ﰲ جويانا هاجرت إﱃ‬ ‫إنجلﱰا ﰲ عام ‪ ،١٩٥٢‬وتنتمي لجيل يسبق الجيل الذي تنتمي له م ل هودج‪ .‬وقد نﴩت‬ ‫جيلروي س تها الذاتية بعنوان »اﳌعلمة السوداء« )‪ ،(١٩٧٦‬وتروي فيها تجربتها كمديرة‬ ‫مدرسة سوداء ﰲ مدينة صغ ة تابعة للندن‪ .‬وبعد ذلك نﴩت روايات مثل رواية »منزل‬ ‫فرانجيبا « )‪ ،(١٩٨٦‬وتص ّور فيها حياة امرأة مسنة تعيش ﰲ دار كاريبية للمسنﱢ ‪ ،‬وهي‬ ‫بذلك تتناول بشكل غ مباﴍ جان ًبا من جوانب الهجرة يظل ﰲ خلفية الصورة‪ ،‬أﻻ وهو‪:‬‬ ‫مص من يﱰكهم اﳌهاجر ﰲ موطنه من أهل وأصدقاء‪.‬‬ ‫تتناول رواية »عدم اﻻنت ء« )‪ (١٩٨٥‬للكاتبة جوان رايﲇ)‪ (Joan Riley‬اﳌولودة ﰲ‬ ‫جاميكا محنة الفتيات اﳌهاجرات السوداوات ﰲ إنجلﱰا؛ وتروى قصة هياسينث‪ ،‬الفتاة‬ ‫ذات الحادية عﴩة‪ ،‬التي تتعرض للتن ﱡمر ﰲ اﳌدرسة‪ ،‬وتتع ﱠرض للﴬب واﻻعتداء الجنﴘ‬ ‫ﰲ اﳌنزل‪ .‬وت ُلقي اﳌجموع ُة القصصية التي اشﱰكت رايﲇ ﰲ تحريرها مع براير وود )‪Briar‬‬ ‫‪ (Wood‬بعنوان »ارحل لتبقى‪ :‬قصص اﳌنفى واﻻنت ء« )‪ (١٩٩٦ Riley & Wood‬نظر ًة‬ ‫أوسع وأك تن ﱡو ًعا عﲆ تجارب اﳌهاجرين‪ ،‬وهو اﻷمر الذي يُﱪز تن ﱡو َع هذه التجارب وثراءها‪.‬‬ ‫وجريس نيكولز )‪ (Grace Nichols‬وجانيس شاينبورن )‪ (Janice Shinebourne‬وبول‬ ‫ميلفيل )‪ (Pauline Melville‬ثﻼث كاتبات من جوايانا أيضا هاجرن إﱃ اﳌملكة اﳌتحدة‬ ‫‪٧٤‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫أو أقمن فيها إقامة مؤقتة‪ .‬رواية »س ء صباح كاملة« )‪ (١٩٨٦‬لنيكولز ورواية »ساعة«‬ ‫)‪ (١٩٨٦‬لشاينبورن تصطبغان بصبغة نسائية في ترويانه‪ ،‬فك ﱞُل منه تتناول انتقال فتاة‬ ‫أو أﴎة من القرية إﱃ اﳌدينة ﰲ جويانا ﰲ أثناء الﴫاع من أجل اﻻستقﻼل ﰲ الستينيات‬ ‫من القرن العﴩين‪ .‬ونﴩت الكاتبة واﳌمثلة بول ميلفيل مجموعت قصصيت وه‬ ‫»مح ﱢول الشﱠ ك ِل« )‪ ،(١٩٩٠‬و«هجرة اﻷشباح« )‪ ،(١٩٩٩‬ك نﴩتْ رواية بعنوان »حكاية‬ ‫اﳌتكلم من بطنه« )‪(١٩٩٧‬؛ وتجمع هذه اﻷع ل ب أساط الهنود الحمر واستكشاف‬ ‫الهوية واﳌكان بطريقة ما بعد استع رية وواقعية سحرية‪ .‬وتربط ب هذه اﻷع ل‬ ‫الثﻼثة براعة اﻷسلوب وموضوع تح ﱡول الشكل‪ :‬بداية من مح ﱢول الشكل الذي يستحﴬ‬ ‫تجليات مختلفة ووصوﻻ إﱃ اﳌتكلم من بطنه واﻷشباح اﳌهاجرة‪ ،‬مثل الرئيس الذي يعود‬ ‫إﱃ القرية التي يسخر سكانها الهنود الحمر من فيديو لجنازته‪ .‬وتستمتع ميليفل بتحويل‬ ‫العيوب إﱃ مزايا وبالسخرية والهجاء؛ فهي بعيدة عن اللباقة وخفيفة الظل ﰲ آن‪.‬‬ ‫وتصور أع ل الكاتب الﱰينيدادي شيفا نايبول )‪ (Shiva Naipaul‬والكاتب الجوايا‬ ‫روي أُ‪ .‬ك‪ .‬هيث )‪ (Roy A. K. Heath‬مدى اﻹحباط والفشل الذي وصل إليه الفرد‬ ‫ﰲ اﳌجتمعات الكاريبية‪ .‬درس شيفا )اﻷخ اﻷصغر الراحل للكاتب ف‪ .‬س‪ .‬نايبول( أيضا‬ ‫ﰲ جامعة اكسفورد‪ ،‬حيث درس اللغة الصينية‪ .‬وهو معروف أيضا ككاتب أدب رحﻼت؛‬ ‫وتبدو رواياته أك سخرية وكآبة من روايات أخيه‪ .‬وتدور أحداث رواية »ال اعات«‬ ‫)‪ ،(١٩٧٠‬ورواية »صائدو الطيور« )‪ (١٩٧٣‬ﰲ ترينيداد‪ .‬وتدور أحداث روايته »دولة‬ ‫حارة« )‪(١٩٨٣‬؛ ونُﴩت ﰲ الوﻻيات اﳌتحدة اﻷمريكية بعنوان »الحب واﳌوت ﰲ دولة‬ ‫حارة«( ﰲ مدينة متخ ﱠيلَة اسمها جورج تاون ﰲ دولة جويانا‪ ،‬حيث يجد مليون شخص‬ ‫أنفسهم »محصورين ﰲ مكان مف ﱠر غ تﴬبه الشمس يفصل اﳌحيط عن اﻷدغال« )ص‪:‬‬ ‫‪ .(٥‬باﳌثل‪ ،‬تتميز روايات هيث باستخدام أسلوب اﳌدرسة الواقعية واﳌدرسة الطبيعية؛‬ ‫وهاجر هيث إﱃ إنجلﱰا ﰲ عام ‪ ،١٩٥١‬وامتهن مهنة التدريس واﳌحاماة‪ ،‬و ينﴩ أول‬ ‫كتبه إﻻ ﰲ عام ‪ .١٩٧٤‬وتظل أشهر رواياته هي »ثﻼثية أرمسﱰونج«‪ ،‬وهي تضم‪ :‬رواية‬ ‫»منذ حرارة النهار« )‪ (١٩٧٩‬ورواية »جيل واحد« )‪ ،(١٩٨١‬ورواية »جِي ِنثَا« )‪.(١٩٨١‬‬ ‫وبطل هذه الثﻼثية رجل خشن الطباع وليس لديه قوة شخصية أو خﱪة أو مستوى‬ ‫تعليم‪ ،‬ويجد نفسه دا ا خارج السيطرة ﰲ اﳌواقف التي ﻻ يستطيع السيطرة عليها‪.‬‬ ‫وتروي رواياتُ هيث حياة جيل من عائلة تنتمي ﳌدينة جورج تاون‪ ،‬وتؤرخ مدى‬ ‫التفاعل ما ب الطائفة والطبقة اﻻجت عية والطباع واﻷخﻼق والعواطف ﰲ جويانا ﰲ‬ ‫القرن العﴩين‪.‬‬ ‫‪٧٥‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫الجيل اﻷول من الكتّاب اﳌهاجرين‬ ‫ﰲ الخمسينيات والستينيات من القرن العﴩين‪ ،‬دشّ ن ُ‬ ‫من جزر الهند الغربية الروايات والقصص واﳌوضوعات ونحتوا ﻷنفسهم هويّات أدبية‬ ‫قام الجيل الثا بتوسيعها ﻻحقًا‪ .‬وبحلول الث نينيات والتسعينيات من القرن العﴩين‪،‬‬ ‫أصبحت ميز ًة أن تكون كاتبا ذا أصول مختلطة أو متعددة الثقافات مهاج ًرا من‬ ‫اﳌستعمرات السابقة‪ .‬ونرى لدى الكتّاب الكاريبي الذين برزوا عﲆ الساحة اﻷدبية ﰲ‬ ‫تلك الفﱰة تأث َ نايبول الذي سافر كث ا وكتب عن مجموعة من القضايا اﳌعاﴏة‪ ،‬ونرى‬ ‫كذلك تأث هاريس الذي كان يقيم الجسور دا ا ب القارات وب التقاليد والذي كان‬ ‫دا ا يستجوب اﳌاﴈ‪.‬‬ ‫ومثل نايبول‪ ،‬كتب كاريل فيليبس)‪ (Caryl Phillips‬كتب رحﻼت ومقاﻻت وروايات‪،‬‬ ‫وكتب كذلك مﴪحيات وسيناريوهات لﻺذاعة والتليفزيون والسين ‪ .‬وتُظهر أع ل‬ ‫الشاعر والروا واﳌﴪحي فريد داجويار)‪ (Fred D›Aguiar‬تأثره بهاريس‪ ،‬ا فيها من‬ ‫واقعية عجائبية واهت مه عﲆ مستوى اﳌوضوعات بالزمن والذاكرة والعﻼقة ب اﻷحياء‬ ‫واﻷموات‪ .‬يستكشف داجويار صدمات التاريخ التي ما زالت تطاردنا وتعقيدات النفس‬ ‫البﴩية‪ .‬تدور أحداث روايته »أطول ذاكرة« )‪ (١٩٩٤‬ﰲ أمريكا ﰲ بدايات القرن التاسع‬ ‫عﴩ‪ ،‬وتروي قصة عبد يتم القبض عليه بعد أن يش ﱢهر به أبوه بالتب ّني‪ ،‬ثم يُ ْجلَد حتى‬ ‫اﳌوت‪ .‬وتبدأ الرواية بالعبارة التالية‪» :‬إ ّن اﳌستقبل ما هو إﻻ مزي ًدا من اﳌاﴈ ينتظر‬ ‫الحدوث«‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫تقﴢ موضوع الزمن‪ ،‬وتستلهم‬ ‫وتواصل رواية داجويار الثانية »عزيزي اﳌستقبل« )‪ (١٩٩٦‬ﱢ‬ ‫مصادر متباينة‪ ،‬مثل هاريس وهـ‪ .‬ج‪ .‬ويلز )‪ .(H. G. Wells‬وتدمج روايتُه »إطعام‬ ‫اﻷشباح« )‪ (١٩٩٧‬التاري َخ بالعجائبي‪ ،‬وتعود ﰲ التاريخ إﱃ الطريق الوسطى‪ ٦٦‬الشه ة‬ ‫بالسوء وإﱃ حادثة مسجلة تاريخيا ﰲ عامي ‪ ١٨٣٣-١٨٣٢‬حيث قام قبطان سفينة بإلقاء‬ ‫‪ ١٣٠‬عب ًدا من عﲆ م السفينة وهي ﰲ طريقها إﱃ جزر الهند الغربية‪ .‬ﰲ ﴎد داجويار‬ ‫اﳌًتَ َخ ﱠيل لﻸحداث‪ ،‬تتمكن عبدة اسمها ِمنْتَا تم إلقاؤها من عﲆ م السفينة من التعلق‬ ‫بالسفينة والصعود عليها من جديد واﻻختباء عﲆ متنها‪ .‬وتحصل عﲆ ورق وأقﻼم ريش‬ ‫درست ﰲ إحدى مدارس الرهبان‬ ‫من صندوق القبطان — وكانت عﲆ قدر من التعليم إذ‬ ‫ْ‬ ‫الهولندية—وتكتب يومياتها‪ ،‬وت ُستَ ْخ َدم هذه اﳌذكرات كدليل ﰲ محاكمة القبطان ﻻحقًا‬ ‫ﰲ بريطانيا‪ .‬وتكتب منتا )وداجويار( ل »يُط ِع اﻷشباح«‪ ،‬وهي مسؤولية أخﻼقية‬ ‫‪٧٦‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫لﻼعﱰاف بأ ﱠن اﻷموات جزء من اﻷحياء‪ ،‬وأ ّن التاريخ ﻻ يُ ْح َ ﰲ العادة ويظل دا ا غ‬ ‫مكتملٍ ‪ .‬ويكتب اﻷكاد ي والشاعر والروا اﳌولود ﰲ جويانا ديفيد دابيدين )‪David‬‬ ‫‪ (Dabydeen‬روايات مصقولة فنيا عن هوية الشتات‪ .‬ففي روايته »اﻻختفاء« )‪،(١٩٩٣‬‬ ‫يذهب أحد اﳌهندس اﳌهاجرين الذين ترجع أصولهم إﱃ جوايانا وأفريقيا إﱃ إنجلﱰا‬ ‫ليعمل ﰲ مﴩوع ضخم لﱰميم ودعم جدار بحري ﰲ مدينة دانزم ‪ .‬ويسكن هناك‬ ‫عند امرأة ﰲ منتصف العمر اسمها السيدة رذرفورد‪ ،‬وكانت هذه السيدة قد عاشت‬ ‫اﳌهندس اﳌقيم عندها‬ ‫عدة سنوات مع زوجها ﰲ إفريقيا أثناء عﴫ اﻻستع ر‪ .‬وتع ﱢرف‬ ‫َ‬ ‫عﲆ إنجلﱰا التي كانت ﰲ اﳌاﴈ‪ .‬وتستحﴬ الرواية رواية نايبول »لغز الوصول« ورواية‬ ‫»السلﱠم الﴪي« )‪ ،(١٩٦٣‬وإن كانت تختلف عنه ﰲ اﻻتجاه وطريقة التناول‪ ،‬ك‬ ‫هاريس ﱡ‬ ‫لو كانت اﳌوضوعات ما بعد اﻻستع رية يعد من اﳌمكن تناولها بأسلوب كتّاب الجيل‬ ‫اﻷول‪ .‬وتتﻼعب روايته اﳌروية بﱪاعة »مس ة عاهرة« )‪ (١٩٩٩‬جموعة من اللوحات‬ ‫للرسام ويليام هوجارث)‪ (William Hogarth‬الذي ينتمي للقرن‬ ‫والنقوش اﳌحفورة ّ‬ ‫الثامن عﴩ‪ ،‬ويتخ ﱠي ُل قصة حياة أحد العبيد من جزر الهند الغربية يظهر ﰲ لوحة الطبق‬ ‫‪٦٨‬‬ ‫رقم )‪ (٢‬لهوجارث ‪ .٦٧‬وتنتقل الرواية‪ ،‬عن طريق الفﻼش باك‪ ،‬من مسقط رأس َمنْ ُجو‬ ‫ﰲ إفريقيا إﱃ اﻷمريكت وإنجلﱰا‪ ،‬حيث يخدم العب ُد اللور َد مونتيج اليهودي والعاهرة‬ ‫)أي‪ ،‬مول هاكاباوت‪،‬الشخصية الرئيسة ﰲ أع ل هوجارث( عﲆ التواﱄ‪ .‬ويقوم منجو ﰲ‬ ‫شيخوخته بإمﻼء قصته عﲆ شخص يُد َعى السيد برينجل من لجنة إلغاء العبودية‪.‬‬ ‫والقصص ما بعد اﻻستع رية الخاصة بشتات الكتّاب‬ ‫ر ا استنفدتْ أغراضَ ها الرواياتُ‬ ‫ُ‬ ‫الذين ينتمون لجزر الهند الغربية‪ /‬جزر الكاريبي‪ ،‬وهي روايات وقصص تنتج عن التغ‬ ‫السياﳼ فحسب‪ ،‬وإ ا نتجت أيضا عن الهجرة بعد الحرب العاﳌية الثانية إﱃ اﳌملكة‬ ‫اﳌتحدة وأمريكا‪ .‬إ ّن اﳌبالغات وﳌسات اﳌعارضة كشكل فني عند ميلفيل وداجويار‬ ‫ودابيدين توحي بقوة دفع متطورة نحو التغي ‪ ،‬ك توحي بالبحث عن اتجاهات‬ ‫جديدة‪ .‬إن اﳌوضوعات التي تناولَها الجيل اﻷول– ومنها الوصول إﱃ مرحلة الوعي ﰲ‬ ‫اﳌستعمرات‪ ،‬والهجرة‪ ،‬والهوية الجديدة ﰲ الحواﴐ –تح ّولت إﱃ موضوعات أخرى‬ ‫تركز عﲆ اﻷحداث التاريخية اﳌسكوت عنها وإعادة النظر ﰲ التاريخ‪ ،‬وعﲆ التعددية‬ ‫الثقافية‪ ،‬وعﲆ الظلم وعدم اﳌساواة ب البﴩ‪ ،‬مع أ ﱠن هذه اﳌوضوعات ﻻ تقتﴫ عﲆ‬ ‫الشتات بالتأكيد‪ .‬وسيواصل كتاب الجيل الثا والجيل الثالث من اﳌهاجرين من جزر‬ ‫اﻻندماج ﰲ النطاق اﻹج ﱄ للروايات والقصص اﳌكتوبة‬ ‫الهند الغربية‪ /‬جزر الكاريبي‬ ‫َ‬ ‫‪٧٧‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫باللغة اﻹنجليزية‪ ،‬ك أنهم سيق ّدمون رؤى جديدة للنظر إﱃ اﳌملكة اﳌتحدة اﳌتعددة‬ ‫ثقافيا وإﱃ العالَم ككل حيث تتواصل مآﳼ التﴩيد‪ ،‬واﻻختﻼفات الثقافية‪ ،‬واﻻنت ءات‬ ‫والهويّات العابرة للثقافات‪.‬‬



‫‪٧٨‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫روايات البريطانيين السود‬ ‫أبيجيل ُوورد‬



‫‪٦٩‬‬



‫الرواية التي يكتبها الﱪيطانيون السود مجال يتسع باطراد من مجاﻻت اﻷدب ﰲ القرن‬ ‫العﴩين والحادي والعﴩين‪ .‬ويُستخدم مصطلح »أدب الﱪيطاني السود«)‪Black‬‬ ‫‪ (British literature‬منذ انينيات القرن العﴩين‪ ،‬ولكنه مصطلح مث للجدل ﻷن‬ ‫مصطلحي »الﱪيطا « و«اﻷسود« معقﱠدان بطريقة مضلﱢلَة ويسبﱢبان مشكﻼت تصنيفيﱠة‬ ‫لدى الكتﱠاب والنقﱠاد عﲆ حد السواء‪ .‬ولقد عرض الشاعر والروا فريد داجويار )‪Fred‬‬ ‫‪ (D›Aguiar‬اعﱰاضاته ﰲ مقالة له بعنوان »ضد أدب الﱪيطاني السود«‪ ،‬ذاه ًبا إﱃ أن‬ ‫اﳌصطلح يه ﱢمش إبداع السود‪ ،‬ويفشل ﰲ أن يعﱰف بأنه جزء من الهوية الﱪيطانية‪،‬‬ ‫وليس شيئا منفصﻼ عنها )ص‪ .(١٠٦ :‬ثم إن وضع ج عة من اﻷدباء – كالﱪيطاني‬ ‫السود– ﰲ سلسة واحدة قد يؤدي إﱃ اﳌجانسة التنميطية )‪ ،(homogenization‬أي‬ ‫إﱃ تجاهل الفروق الفردية ب أبناء مجموعة متنوعة من الشعوب‪ .‬ك أن هناك‬ ‫الكث ين من الكتّاب »الﱪيطاني السود« يقيمون اﻵن خارج اﳌملكة اﳌتحدة‪ ،‬مثل كاريل‬ ‫فيليبس )‪ (Caryl Phillips‬وجورج ﻻمنج)‪ (George Lamming‬وآخرين‪ ،‬م يجعل‬ ‫هذه التسمية ﻻ تنطبق عليهم بوجه خاص‪ .‬ويرى الناقد اﻷد جون ماكلويد)‪John‬‬ ‫‪ (McLeod‬أ ﱠن العناﴏ العابرة للقوميات ﰲ جزء كب من كتابات السود ﰲ بريطانيا‬ ‫قد تتعرض لﻺغفال عند النظر إﱃ هذه الكتابات عﲆ أنها بريطانية فقط )‪ ،٢٠٠٢‬ص‪:‬‬ ‫‪ .(٥٩‬ويستخدم بعض النقّاد مصطلح »كتابات السود ﰲ بريطانيا«)‪Black writing‬‬ ‫‪ (in Britain‬كتعب بديل ﰲ محاولة منهم لتج ﱡنب دﻻﻻت اﻻنغﻼق اﳌاثلة ﰲ مصطلح‬ ‫»الﱪيطاني السود«‪ ،‬م يوحي – بدﻻ من هذا اﻻنغﻼق – بإمكانية الحركة والتغاير‬ ‫والهجرة‪ ،‬م يستحﴬ تأكيد اﳌنظﱢر الثقاﰲ ستيورات ُهول عﲆ أ ﱠن هويّات أهل الشتات‬ ‫»تنتج نفسها وتعيد إنتاجها عﲆ الدوام وبشكل متج ﱢدد« )ص ‪.(٤٠٢‬‬ ‫ويذكر اﳌؤرخ بيﱰ فراير)‪) (Peter Fryer‬ص‪ (١ :‬أ ﱠن السود موجودون ﰲ بريطانيا‬ ‫منذ العصور الرومانية‪ ،‬وأ ﱠن أقدم كتابات أدبية )ﴎدية أو غ ﴎدية( كتبها السود ﰲ‬ ‫بريطانيا هي حكايات وقصائد العبيد ﰲ القرن الثامن عﴩ التي كتبها كتّاب من أمثال‬ ‫‪٧٩‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫أولوده إيكويانو)‪ ،(Olaudah Equiano‬وإجناتيوس سانتشو)‪،(Ignatius Sancho‬‬ ‫وم ي برنس)‪ .(Mary Prince‬وﰱ القرن العﴩين‪ ،‬بالرغم من أن كتّابا مثل س‪ .‬لـ‪.‬‬ ‫ر‪ .‬جيمز )‪ (C. L. R. James‬وأونا مارسون)‪ (Una Marson‬كانوا ارسون الكتابة ﰲ‬ ‫بريطانيا ﰲ ثﻼثينات القرن العﴩين‪ ،‬فإن وصول سفينة ويندروش ﰲ ‪ ٢٢‬يونيو ‪١٩٤٨‬‬ ‫وعﲆ متنها )‪ (٤٩٢‬من اﳌهاجرين الكاريبي كان لحظة حاسمة ﰲ وصول السود إﱃ‬ ‫بريطانيا؛ إذ شهدت »فﱰة ويندرش« هجرة العديد من اﻷدباء من أمثال ﻻمنج وسام‬ ‫سيلفون وويلسون هاريس وب يل جيلروي)‪ (Beryl Gilroy‬وف‪ .‬س‪ .‬نايبول)‪V. S.‬‬ ‫‪ (Naipaul‬وأندرو ُسو ِ )‪ .(Andrew Salkey‬ويﻼحظ أ ﱠن الروايات والقصص القص ة‬ ‫التي كتبها هؤﻻء اﳌهاجرون ﰲ فﱰة ما بعد الحرب العاﳌية الثانية تدور أحداثها غالبا‬ ‫ﰲ اﳌراكز الحﴬية الﱪيطانية‪ ،‬وخاصة ﰲ لندن؛ وتتميّز بتعب ها عن اﻹحساس باﻻغﱰاب‬ ‫والﴫاع ﰲ ظل مناخ اجت عي ﻻ يرحم ﰲ ذلك الوقت‪ .‬تناول الكتﱠاب ﰲ أواخر أربعينيات‬ ‫القرن العﴩين فصاع ًدا التوترات العرقية اﳌتصاعدة بشكل خط التي بلغت ذروتها ﰲ‬ ‫‪ ١٩٥٨‬بأحداث الشغب ﰲ نوتنجهام ونوتنج هيل‪ .‬بالطبع يكن اﳌهاجرون الكاريبيون‬ ‫هم غ البيض الوحيدون ﰲ بريطانيا ﰲ ذلك الوقت‪ ،‬فلقد تزايدت أيضا هجرة اﻵسيوي‬ ‫الجنوبي واﻷفارقة منذ عام ‪ ١٩٤٨‬إﱃ ح س ّن التﴩيعات التي تق ﱢيد الهجر َة ﰲ ‪١٩٦٢‬‬ ‫و‪ ١٩٦٨‬وأخ ا ﰲ ‪ ،١٩٧١‬عندما ق ﱠيد »قانون الهجرة«‪ ٧٠‬ﴍوط الهجرة اﻷولية بشدة‪.٧١‬‬ ‫وروايتا بوتﴚ إ يتشيتا )‪ (Buchi Emecheta‬اللتان تشبهان الس ة الذاتية‪ ،‬وه رواية‬ ‫ﰲ الحفرة« )‪ (١٩٧٢‬ورواية »مواطنة من الدرجة الثانية« )‪ (١٩٧٤‬ثّﻼن ﰲ نظر الكث ين‬ ‫الﴫاع من أجل الوجود الذي كانت تخوضه مهاجرة نيج ية ﰲ بريطانيا ﰲ ستينيات‬ ‫القرن العﴩين؛ فبطلة الرواية‪ ،‬وهي أم شابة تجد دع من زوجها‪ ،‬تعا من العنﴫية‬ ‫العرقية ضدها كسوداء والعنﴫية الجنسية ضدها كامرأة‪ ،‬باﻹضافة إﱃ صعوبات الحصول‬ ‫عﲆ مأوي لعائلتها الصغ ة وصعوبة تربية أوﻻدها وسط مخاوف السكان البيض من‬ ‫زيادة عدد السكان السود ﰲ اﳌنطقة‪.‬‬ ‫وقد شهدت تسعينيات القرن العﴩين جيﻼ ثانيا من الكتاب الﱪيطاني السود يتناولون‬ ‫فتناولت روايتا كاريل فيليبس »كمﱪدج«‬ ‫العبودية العابرة للمحيط اﻷطلنطي ﰲ رواياتهم‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫)‪ (١٩٩١‬و«عبور النهر« )‪ ،(١٩٩٣‬ورواية س‪ .‬أ‪ .‬مارتن)‪» (S. I. Martin‬عالَم ﻻ يُقارن«‬ ‫)‪ ،(١٩٩٦‬وروايتا فريد داجويار »أطول ذاكرة« )‪ (١٩٩٤‬و«إطعام اﻷشباح« )‪ ،(١٩٩٧‬ورواية‬ ‫ديفيد دابيدين )‪» (David Dabydeen‬مس ة عاهرة« )‪ (١٩٩٩‬العﻼقة ب اﳌخاوف‬ ‫‪٨٠‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫الحالية لﱪيطانيا ﰲ أواخر القرن العﴩين ) ا فيها اﳌخاوف العرقية اﳌتصاعدة( وماﴈ‬ ‫العبيد ﰲ بريطانيا الذي عادة ما يتعرض للتجاهل‪ ،‬وكل رواية تتناول ذلك بطريقتها‪ .‬ك‬ ‫ظهرت أيضا كتابات مهمة لك ّتاب بريطاني من أصل أسيوي‪ ،‬ا فيها روايتا حنيف‬ ‫قريﴚ )‪» (Hanif Kureishi‬بوذا الضواحي« )‪ (١٩٩٠‬و«اﻷلبوم اﻷسود« )‪،(١٩٩٥‬‬ ‫وروايتا م ا ِس َيال )‪» (MeeraSyal‬أنا وأنيتا« )‪ (١٩٩٦‬و«الحياة ليست كلها ضحكًا«‬ ‫)‪(١٩٩٩‬؛ وتﴪد روايتا ِسيال تجارب اﻷسيويات الشابات ﰲ اﳌجتمع الﱪيطا ‪ .‬ومن‬ ‫الروايات اﻷخرى التي كتبها الﱪيطانيون السود‪ ،‬سواء أكانوا من الكتاب اﳌهاجرين أم من‬ ‫الكتاب الذين ولدوا ﰲ بريطانيا ﰲ تلك الفﱰة‪ ،‬أع ل أندريا ليفي )‪ (Andrea Levy‬وبِن‬ ‫أوكري)‪ (Ben Okri‬وكورتيا نيوﻻند )‪ (Courttia Newland‬وجا كاي)‪(Jackie Kay‬‬ ‫وديران أديبايو)‪ . (Diran Adebayo‬وتتناول رواية أديبابو »نوع من اﻷسود« )‪(١٩٩٦‬‬ ‫هويات وسياسات الﱪيطاني السود ﰲ اﳌدن‪ ،‬ﰲ ح أن رواية »البوق« )‪ (١٩٩٨‬لجا‬ ‫كاي حدود الجيندر)‪ (gender‬والهوية الجنسية )‪ (sexuality‬ﰲ القصة الشاعرية عن‬ ‫عازف البوق جوس مودي الذي يرتدي مﻼبس نسائية‪.‬‬ ‫وﰲ مطلع هذا القرن الحادي والعﴩين‪ ،‬فازت رواية زادي سميث)‪(Zadie Smith‬‬ ‫»أسنان بيضاء« )‪ (٢٠٠٠‬بالعديد من الجوائز اﻷدبية– وهي من الروايات اﻷك مبي ًعا‬ ‫وثنا ًء– بسبب رصدها الساخر لـ »اﻷرض السعيدة اﳌتعددة ثقافيا« )ص‪ ،(٤٦٥ :‬ك أن‬ ‫تكملة هذه الرواية ﰲ روايت ﻻحقت ﰲ روايتها » َر ُجل اﻷوتوغراف« )‪ (٢٠٠٢‬وروايتها‬ ‫مت مكانتها باعتبارها واحد ًة من أك الكتّاب نجا ًحا ﰲ‬ ‫»عن الج ل« )‪ (٢٠٠٥‬د ﱠع ْ‬ ‫بريطانيا‪ .‬ومثل حنيف قريﴚ‪ ،‬عاد ًة ما تقارن زادي سميث بريطانيا بالوﻻيات اﳌتحدة‬ ‫من أجل استكشاف هويات الﱪيطاني السود‪ ،‬ﰲ ح أن الرواية الشعرية التي كتبتْها‬ ‫ب ناردين إيفاريستو )‪ (Bernardine Evaristo‬بعنوان »فاتنة اﻹمﱪاطور« )‪(٢٠٠١‬‬ ‫تعق ُد مقارن ًة تاريخية ب لندن ﰲ عﴫ الرومان وبريطانيا ﰲ القرن الحادي والعﴩين‪.‬‬ ‫وتستخدم إيفاريستو قصة ُزلَ ْي َخا‪ ،‬وهي شابة سوداء كانت تعيش ﰲ عام )‪ (٢١١‬بعد‬ ‫اﳌيﻼد‪ ،‬لتناقش قضايا معاﴏة تتعلق بال ِعرق والطبقة اﻻجت عية والجيندر‪ .‬و زج‬ ‫رواياتها »فاتنة اﻹمﱪاطور« و«ﻻرا« )‪ (١٩٩٧‬و«س ّياح عاطفيون« )‪ (٢٠٠٥‬ب الن والشعر‬ ‫والسيناريو‪ ،‬وبالتاﱄ تساهم إيفارستو إسهاما جري ًئا ﰲ رواية الﱪيطاني السود‪ ،‬وتتحدى‬ ‫حدود هذا النوع اﻷد اﳌتطور باستمرار‪.‬‬ ‫‪٨١‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫هوامش المراجع والمترجم‪:‬‬ ‫الفصل الثا‬ ‫‪1- Ruppel, Richard. «Colonial Fiction». The Encyclopedia of Twentieth‬‬‫‪Century Fiction». Vol. 1: Twentieth-Century British and Irish Fiction. Ed.‬‬ ‫‪Brian W. Shaffer. West Sussex: Blackwell Publishing Ltd, 2011. Pp. 77-81.‬‬



‫اﳌرسل‪ ،‬فهي‬ ‫‪ -٢‬كلمة رواية هنا ترجمة لكلمة )‪ (fiction‬اﻹنجليزية عﲆ سبيل اﳌ َجاز َ‬ ‫تعني اﻷدب الن ي‪ ،‬واﳌقصود به القصص والروايات ختلف أنواعها التي تعتمد عﲆ‬ ‫الخيال والتخييل ﰲ أسلوبها‪ ،‬حتى وإن كانت مستل َهمة من أحداث واقعية‪ ،‬ييزا لها عن‬ ‫القصص التي نجدها ﰲ كتب التاريخ عﲆ سبيل اﳌثال‪ .‬والكلمة ﰲ اﻹنجليزية مشتقّة‬ ‫من كلمة ﻻتينية عنى يختلق أو يشكّل أو يصيغ‪ ،‬وهذا اﻻشتقاق هو أساس معناها‬ ‫اﳌصطلحي ﰲ اﻷدب‪ :‬أي نصوص ﴎدية مكتوبة بحيث تندرج ﰲ إطار اﻷدب‪ ،‬وﻻ عﻼقة‬ ‫ﻷحداثها بالواقع التاريخي اﳌ ُ َعاش‪ ،‬حتى وإن كانت تستند إﱃ هذا الحدث التاريخي‬ ‫أو الشخﴢ أو ذاك‪ ،‬ﻷن أساسها الصناعة الفنية واﻹبداع‪ .‬وحتى عندما يستلهم الكاتب‬ ‫أحداثا من الواقع ﰲ قصصه ورواياته‪ ،‬فإن هذه اﻷحداث مجرد مادة خام تخضع عﲆ يد‬ ‫والصب ﰲ إطار منظور ﴎدي مع ثّل الرؤية الفنية‬ ‫اﳌبدع للتخييل والحذف واﻹضافة‬ ‫ﱢ‬ ‫للكاتب )اﳌراجِع(‪.‬‬ ‫ﴫ النهضة ﰲ أوربا دو ًرا كب ًا ﰲ التمهيد لظهور اﻻستع ر وإشعال نزعة‬ ‫‪ -٣‬لعب ع ُ‬ ‫التوسع ﰲ الجغرافيا لدى الدول اﻷوربية‪ ،‬إذ أن من مقومات هذه النهضة اﻻستكشافات‬ ‫ﱡ‬ ‫الجغرافية التي كانت ﻷهداف اقتصادية وتجارية بقدر ما كانت ﻷهداف علمية‪ .‬و كننا‬ ‫أن نقول إن العلم كان مجرد أدارة لتعزيز هذا التوسع ﰲ اﳌكان‪ .‬فاكتشاف اﻷمريكت‬ ‫واستيطانه عن طريق اﳌستعمرات الزراعية أوﻻ‪ ،‬ثم القوة العسكرية التي احتاجها‬ ‫تأم هذه اﳌستعمرات ثانيا‪ ،‬يكن بغرض علمي أو جغراﰲ‪ ،‬وإ ا كان بغرض البحث‬ ‫عن الذهب وال وات واﳌحاصيل الزراعية غ اﳌوجودة ﰲ أوروبا‪ .‬فلم تدعم الحكومات‬ ‫اﻷوروبية‪ ،‬وخاصة الﱪتغالية واﻹسبانية‪ ،‬رحﻼت اﻻستكشاف ﰲ البداية إﻻ ﻷن اﳌستكشف‬ ‫أغروها بال وات الهائلة التي كنها أن تجنيها من وراء مثل هذه الرحﻼت‪ .‬والدليل عﲆ‬ ‫ذلك أن رحﻼت اﻻستكشاف تتوقف عند اﻻكتشاف‪ ،‬وإ ا كان هذا اﻻكتشاف هيدا‬ ‫‪٨٢‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫لطريق اﻻحتﻼل اﳌباﴍ ﻻحقا )اﳌراجع(‪.‬‬ ‫‪ -٤‬تفتّقت أذهان الحكومات الغربية عن فكرة مؤ ّداها‪ :‬ﳌاذا نحتفظ باﳌجرم ﰲ بﻼدنا‬ ‫ونبني لهم السجون وننفق عﲆ إعاشتهم‪ ،‬ما دام بإمكاننا أن ننفيهم من بﻼدنا ليعشوا ﰲ‬ ‫اﳌستعمرات الجديدة ونتّقي ﴍهم؟ وهي فكرة استع رية ا ًما‪ ،‬ﻷن هذه الحكومات‬ ‫كانت تنظر إﱃ بﻼدها عﲆ أنها ثل الخ والطهر وبالتاﱄ ﻻ مكان للمجرم فيها‪ ،‬ﰲ ح‬ ‫أن البﻼد اﻷخرى – اﻵخر – هي أرض دنسة تناسب اﳌجرم واللصوص وقطّاع الطرق‪.‬‬ ‫واستمرت هذه الفكرة )عل ّو اﻷنا ﰲ مقابل دونية اﻵخر( طوال عﴫ اﻻستع ر‪ ،‬وما زالت‬ ‫آثارها موجودة حتى يومنا هذا بعد أن زال اﻻستع ر الرسمي )اﳌراجع(‪.‬‬ ‫‪ -٥‬إذ أراد الروائيون بهذه القصص أن يهيئوا الرأي العام لقبول فكرة اﻻستع ر‪ ،‬فكانوا‬ ‫بذلك خدما لﻺمﱪيالية )اﳌﱰجم(‪.‬‬ ‫‪ -٦‬يقول مفكرو ما بعد اﻻستع ر إ ﱠن اﳌعرفة تتناسب مع القوة تناسبا طرديا )اﳌﱰجم(‪.‬‬ ‫‪ -٧‬هناك فاصل زمني يزيد عن قرن من الزمان ب مﴪحية شكسب ورواية روبنسون‬ ‫كروسو التي نﴩها مؤلفها دانيال ديفو ﰲ نهاية العقد الثا من القرن الثامن عﴩ‪.‬‬ ‫وبالرغم من أن اﻻستع ر الﱪيطا يكن قد ظهر ﰲ عﴫ شكسب ‪ ،‬نجد أن شكسب‬ ‫كان سبّاقا ﰲ استﴩاف الواقع‪ .‬وﻻ يظهر لنا موقف شكسب من اﻻستع ر بوضوح ﰲ‬ ‫مﴪحياته‪ ،‬ويرجع ذلك إﱃ طبيعة اﳌﴪح بوجه عام‪ .‬ففي الرواية عﲆ سبيل اﳌثال‪،‬‬ ‫هناك وصف وهناك منظور ﴎدي ) عنى الزاوية التي ينظر الراوي لﻸحداث من خﻼلها(‬ ‫ومنظور إج ﱄ يتضح من تكامل كل مكونات النص الﴪدي و كننا أن نستشف منه‬ ‫بسهولة موقف اﳌؤلف من القضية التي يتناولها‪ .‬ولكن طبيعة اﳌﴪح تقوم عﲆ الحوار‬ ‫دون تبئ ظاهر لﻸحداث‪ ،‬أي أن شخصية اﳌؤلف ﻻ تظهر ﰲ النص اﳌﴪحي بأي شكل‪،‬‬ ‫اللهم إﻻ إذا ظهرت ﰲ اﻹرشادات اﳌﴪحية التي قد نستشف منها منظو ًرا ﴎديا بشكل‬ ‫أو بآخر‪ .‬وحتى ﰲ هذا الجانب‪ ،‬كان شكسب مقﻼ ﰲ استع له لﻺرشادات اﳌﴪحية‬ ‫)اﳌراجع(‪.‬‬ ‫‪ -٨‬أفرا بِن )‪ (AphraBehn‬كاتبة مﴪح وشاعرة وروائية ومﱰجمة بريطانية عاشت ﰲ‬ ‫القرن السابع عﴩ )‪ ،(١٦٨٩-١٦٤٠‬وكانت جريئة ﰲ كتاباتها‪ ،‬وهي أول كاتبة إنجليزية‬ ‫‪٨٣‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫تكسب قوت يومها من نتاج كتاباتها‪ ،‬ولها إسهامات أدبية متميزة‪ ،‬وخاصة ﰲ اﳌﴪح‬ ‫والرواية‪ .‬وينسب لها البعض فضل ريادة الرواية اﻹنجليزية‪ ،‬ﻷنها نﴩت روايتها‬ ‫»اورونوكو« ﰲ عام ‪ ،١٦٨٨‬ﰲ ح أن الرواية التي يقول معظم النقاد – الذكور ﰲ الغالب‬ ‫– أنه بداية الرواية اﻹنجليزية‪ ،‬وهو رواية روبنسون كروسو لدانيال ديفو‪ ،‬ف ُنﴩت ﰲ‬ ‫عام ‪ .١٧١٩‬وتتميز روايتها اورونوكو بأنها أول رواية إنجليزية تسلّط الضوء عﲆ معاناة‬ ‫اﳌستعبَ ِدين وعﲆ تجارة الرقيق وعﲆ الظلم الذي تعرضت له أفريقيا وعﲆ ما يقﱰفه‬ ‫اﳌستع ِمر ﰲ حق اﳌستع َمر‪ .‬وتدور أحداث الرواية ﰲ إحدى اﳌستعمرات الﱪيطانية اﻷوﱃ‬ ‫ﰲ أمريكا )اﳌراجع(‪.‬‬ ‫‪ -٩‬الهمجي النبيل )‪ (noble savage‬شخصية تظهر كث ا ﰲ الروايات واﻷع ل اﻷدبية وكتب‬ ‫الرحﻼت التي تص ّور اﻻحتكاك ب الثقافات أو احتﻼل دولة لدولة أخرى‪ .‬وكلمة )‪(savage‬‬ ‫مشتقة ﰲ اﻹنجليزية من الكلمة الفرنسية )‪ (sauvage‬التي تعني ال ّﱪي أو اﳌتوحش‪،‬‬ ‫وهي مشتقة بدورها من كلمة ﻻتينية عنى الغابة‪ .‬ويدل اﳌفهوم ﰲ اﻹنجليزية عﲆ‬ ‫الشخص الذي ثّل اﻵخر الذي تفسده الحضارة‪ ،‬م يوحي بأن البﴩ أخيار بطبعهم‪،‬‬ ‫ولكن الحضارة هي التي ح ّولتهم وأفسدتهم‪ .‬وظهر اﳌصطلح ﰲ اﻹنجليزية ﻷول مرة ﰲ‬ ‫مﴪحية لجون درايدن بعنوان »غزو غرناطة«‪ ،‬ومن الواضح أنه ظهر ﰲ سياق استع ري‪،‬‬ ‫حيث يرسم اﳌستع ِمر عن اﳌستع َمر ﰲ ذهنه صورة سلبية تص ّوره عﲆ أنه فاسط ومنحط‬ ‫وهمجي وشهوا ‪ ،‬وما إﱃ ذلك من صفات سلبية تناقض الصفات الجميلة التي يتصف‬ ‫بها اﳌستع ِمر‪ .‬ولكنه يتفاجأ بوجود شخصيات تناقض هذه الصورة التي رسمها لﻶخر‪،‬‬ ‫فيصفه بالنﱡبل‪ ،‬وﰲ الوقت ذاته يُبقي عﲆ وصفه بالهمجية‪ .‬وبالرغم من أن اﳌفهوم يدل‬ ‫ﰲ ظاهره عﲆ وصف حسن‪ ،‬نرى أنه ثّل خﻼصة النزعة اﻻستع رية‪ ،‬ﻷنه يدل عﲆ أن‬ ‫اﻵخر همجي – ﰲ نظر اﳌستع ِمر – سواء أكان نبيﻼ أم غ نبيل )اﳌراجع(‪.‬‬ ‫‪ -١٠‬رواية روبنسون كروسو ﻻ تتناول اﻻستع ر بصفته مؤسس ًة رسميةً‪ ،‬ولكن بصفته عمﻼ‬ ‫فرديا يكون فيه الفرد – اﳌتمثّل ﰲ بطل الرواية اﻹنجليزي روبنسون كروسو‪ ،‬وهو مغامر‬ ‫إنجليزي سعى وراء اﳌكسب من خﻼل التجارة ﰲ اﻷساس وتتحطّم سفينته ﰲ عرض البحر‬ ‫فيضطر للبقاء ﰲ جزيرة قرابة ثﻼث عا ًما – وذ ًجا مص ﱠغ ًرا للمؤسسة اﻻستع رية‪ ،‬أو‬ ‫تجﲆ ﰲ‬ ‫للفكر اﻻستع ري ذاته‪ ،‬وتحمل هذه الرواية بذور هذا الفكر اﻻستع ري الذي ّ‬ ‫مؤسﴘ ﰲ غالبية روايات اﳌستعمرات في بعد‪ :‬فوقية اﻷنا‪/‬دونية اﻵخر‪ ،‬اﻻستعباد‪،‬‬ ‫شكل ّ‬ ‫‪٨٤‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



‫فرض لغة اﳌستع ِمر‪ ،‬تجريد اﳌستع َمر من هويته واسمه ولغته وديانته‪ ،‬الخ )اﳌراجع(‪.‬‬



‫‪ -١١‬يعني اﻻسم فرايدي يوم الجمعة‪ ،‬وهو اليوم الذي ظهر فيه فرايدي عﲆ الجزيرة‪،‬‬ ‫مؤﴍ عﲆ هوية اﻹنسان ويتخذه منذ‬ ‫ولذلك أطلقه عليه كروسو‪ .‬اﻻسم بوجه عام ّ‬ ‫أول يوم ﰲ حياته ويقﱰن به طوال حياته‪ ،‬ك أنه يوحي بالخصوصية والتفرد‪ .‬ويحدثنا‬ ‫القرآ ُن الكريم عن أن أول ﳾء تف ّرد به سيدنا آدم عﲆ اﳌﻼئكة هو أن الله علّمه اﻷس ء‬ ‫كلها‪ .‬وأيا كانت طبيعة هذه اﻷس ء – أس ء موجودات‪ ،‬أس ء صفات‪ ،‬أﴎار إلهية‪،‬‬ ‫الخ – فإنها تدل عﲆ أن اﻷس ء خاصية بﴩية م ّيز الله سﻼسة البﴩ بها‪ ،‬وإن كان هذا‬ ‫ﻻ ينفي أن للمﻼئكة أس ء‪ .‬وكون كروسو يج ّرد فرايداي من اسمه اﻷصﲇ – لدرجة أننا‬ ‫ﻻ نعرف اسمه اﻷصﲇ هذا وﻻ يهتم كروسو عرفته وﻻ بذكره ﰲ الرواية – يدل عﲆ أن‬ ‫كروسو ﻻ يعﱰف بوجود فرايداي وﻻ بصفته وﻻ بخصوصيته وﻻ بهويته‪ .‬وعﲆ الرغم من‬ ‫أن اﻻسم الذي يطلقه عليه يبدو عشوائيا ﻷنه تصادف أنه اسم اليوم الذي رآه فيه‪ ،‬نجد‬ ‫أنه يكتسب دﻻﻻت دينيه‪ ،‬وهو اﻷمر الذي يس ّوغ لكروسو تجريد فرايداي من ديانته‬ ‫وتحويله إﱃ الديانة اﳌسيحية التي يؤمن بها كروسو )اﳌراجع(‪.‬‬ ‫‪ -١٢‬اﳌذهب الﱪوتستانتي )اﳌﱰجم(‪.‬‬ ‫‪ -١٣‬وهذا من اﳌفارقات ﰲ روايات اﳌستعمرات‪ ،‬فاﻷنا ﻻ كن أن تخضع لﻼستعباد أو‬ ‫اﻻستغﻼل الجنﴘ‪ ،‬ﰲ ح أنه من الطبيعي ﰲ نظر اﳌستع ِمر أن يكون اﻵخر ُعرضة‬ ‫مسيحي الديانة ﰲ‬ ‫لﻼستعباد أو اﻻنتهاك أو اﻻستغﻼل الجنﴘ‪ .‬وبالرغم من أن اﳌستع ِمر‬ ‫ّ‬ ‫الغالب‪ ،‬نرى أنه ينظر للمستع َمر نظرة اليهود لﻸغيار ﰲ التلمود والتوراة‪ ،‬فهم ﻻ حقوق‬ ‫لهم وإ ا خلقهم الله ﰲ حالة أد من مستوى اﻷنا ل يخدموا من ثّلون هذه اﻷنا‬ ‫)اﳌراجع(‪.‬‬ ‫‪ -١٤‬هي رواية )‪ (Confessions of a ug‬وكلمة )‪ ( ug‬ﰲ اللغة اﻹنجليزي تعني‬ ‫اﳌجرم أو البلطجي الذي يتسم بالعنف والقوة‪ .‬وكانت تش ﰲ الهند إﱃ ج عة من قطّاع‬ ‫قضت عليهم بريطانيا ﰲ ثﻼثينيات القرن التاسع عﴩ‪ .‬والكلمة مشتقة‬ ‫الطرق والسفاح‬ ‫ْ‬ ‫من كلمة هندية عنى اﳌحتال واللص‪ ،‬وهي بدورها مشتقة من كلمة سنسكريتية باﳌعنى‬ ‫ذاته‪ .‬وأظن أن الكلمة العربية »الث ّﱠج« مشتقة من هذه الكلمة السنسكريتية‪ ،‬فتعني ﰲ‬ ‫العربية سفك الدماء والصب واﻹسالة‪ ،‬واقتﴫ معنى سفك الدماء فيها عﲆ سفك دماء‬ ‫‪٨٥‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫ال َه ْدي واﻷضاحي‪ .‬وكانت ج عة الث ﱢﱠج ﰲ الهند مجموعة من قطّاع الطرق والقتلة يعبدون‬ ‫اﻹلهة كاﱄ )‪) (Kali‬وهي إلهة يعبدها الهندوس وتعتﱪ إلهة الزمن والخلق والدمار‬ ‫والقوة‪ ،‬وتوصف بأنها مد ﱢمرة قوى الﴩ واﻷم اﳌقدسة وأم الكون( ويقطعون الطرق‬ ‫ويشنقون ضحاياهم عﲆ سبيل الشع ة الدينية )اﳌراجع(‪.‬‬ ‫‪ -١٥‬كلمة هجاء هنا ترجمة للكلمة اﻹنجليزية )‪ ، (satire‬والكلمة العربية أقرب كلمة‬ ‫لﱰجمة اﳌصطلح اﻹنجليزي بالرغم من أن هناك فروقًا ثقافية ﰲ معنى الهجاء ب‬ ‫الثقافت العربية والغربية‪ .‬فالهجاء ﰲ العربية – ك يتجﲆ ﰲ شعر الهجاء – هجاء‬ ‫ﻷشخاص وهجوم عليهم وانتقاص من قدرهم‪ ،‬وكان دافعه قَ َبلِيا ﰲ اﻷساس‪ :‬أي أنه ﻻ‬ ‫شﱰط أن يكون اﳌهج ﱡو سيﱢئًا‪ ،‬وإن كانت بعض قصائد الهجاء تنبع من اعتزاز العر‬ ‫يُ َ َ‬ ‫ببعض الصفات النبيلة‪ ،‬وعندما ﻻ يجدها فيمن أمامه يقوم بالهجوم عليه ﰲ شخصه‬ ‫وﴍفه وأصله ونسبه وصفاته ما إﱃ ذلك‪ .‬أما الهجاء ﰲ الثقافات الغربية فيغلب عليه‬ ‫انتقاد الرذائل والصفات السلبية دون الهجوم عﲆ من يتسم بهذه الس ت الذميمة‪ ،‬وإن‬ ‫ك ّنا ﻻ نعدم وجود قصائد هجاء غربية تهاجم اﻷشخاص ﰲ حد ذاتهم‪ ،‬ك هاجم الشاعر‬ ‫اﻹنجليزي جون درايدن أحد منافسيه ﰲ شعره‪ ،‬عﲆ سبيل اﳌثال‪ .‬والهجاء الغر يستخدم‬ ‫الفكاهة أو اﳌفارقة أو السخرية أو اﳌبالغة أو زج بينها ﰲ هجائه وانتقاده لغباء الناس‬ ‫ورذائلهم )اﳌراجع(‪.‬‬ ‫‪ -١٦‬الجيندر)‪ (gender‬هو مفهوم الذكورة واﻷنوثة من وجهة نظر اجت عية‪ ،‬وليس من‬ ‫الجانب البيولوجي الجسدي‪ :‬أي صورة الرجل واﳌرأة ﰲ اﳌجتمع وكيف ينظر اﳌجتمع‬ ‫له ‪ ،‬وهي صورة متغ ة من مجتمع ﻵخر‪ ،‬ومن عﴫ ﻵخر داخل اﳌجتمع الواحد‪ ،‬ومن‬ ‫طبقة اجت عية أو فئة من الناس إﱃ طبقة أو فئة أخرى داخل اﳌجتمع الواحد ﰲ العﴫ‬ ‫الواحد‪ .‬وهاجم النسويون مفهوم الجيندر ووصفوه بأنه ُمركﱠب اجت عي ﻻ يقوم عﲆ‬ ‫دليل‪ ،‬وإ ا يقوم ﰲ الغالب عﲆ مزاعم الرجال ونظرتهم للمرأة ك يريدون لها أن تكون‪،‬‬ ‫أو ك يريدون لها أن تخضع لهذه الصورة عن نفسها‪ .‬ويرون فيه تهميشا للمرأة وتشييئًا‬ ‫لها وتحويلها إﱃ آخر أو إﱃ البطة السوداء ﰲ مجتمع ذكوري )اﳌراجع(‬



‫‪٨٦‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬ ‫‪17- McLeod, John. «Postcolonialism and Fiction». The Encyclopedia of‬‬ ‫‪Twentieth-Century Fiction. Vol. 3: Twentieth-Century World Fiction. Ed.‬‬ ‫—‪John Clement Ball. West Sussex: Blackwell Publishing Ltd, 2011. Pp. 1284‬‬ ‫‪1289.‬‬



‫‪ -١٨‬الدراسات البينية )‪ (interdisciplinary studies‬دراسات ﻻ تقتﴫ عﲆ دراسة‬ ‫مجال واحد من مجاﻻت اﳌعرفة‪ ،‬وإ ا تدرس اﳌوضوع من منظور علم أو مجال‬ ‫معرفي أو أك )اﳌراجع(‪.‬‬ ‫‪ -١٩‬تناول أدب ما بعد اﻻستع ر العديد من القضايا مثل‪ :‬الحدود‪ ،‬واﻻنت ء‪ ،‬والهوية‪،‬‬ ‫واﳌواقف تجاه الثقافات اﳌختلفة‪ ،‬واﻹزاحة‪ ،‬ووحشية النظام القضا ‪ ،‬ومدي القوة‬ ‫التاريخية للثقافات اﻷصلية التي تم احﻼلها وتشويهها‪ ،‬وأخ ا ً وجود م اث ثقاﰲ ثري‬ ‫وأك قدما وأك تحررا من تلك الثقافة اﻷوربية‪ .‬و يستطع هؤﻻء الكتاب التوغل بعمق‬ ‫ﰲ مناهضتهم للوجود اﻻستع ري؛ نظرا لسيطرة الغرب عﲆ مراكز الحركات اﻷدبية هناك‬ ‫)اﳌﱰجم(‪.‬‬ ‫‪ -٢٠‬عنى هل انتهى اﻻستع ر فعﻼ ونحن حاليا ﰲ عﴫ يخلو من هذا اﻻستع ر اما‪،‬‬ ‫وظلت آثاره وعواقبه‬ ‫أم أن اﻻستع ر اختفى ظاهريا عﲆ اﳌستوى العسكري أو اﻻحتﻼل‬ ‫ْ‬ ‫حاﴐة ﰲ حياة الدول التي كانت خاضعة لﻼستع ر وثقافتها وآدابها؟ )اﳌراجع(‪.‬‬ ‫‪ -٢١‬بدأ العﴫ الحديث ﰲ أوروبا منذ عام )‪ (١٥٠٠‬للميﻼد تقريبا‪ .‬ومفهوم الحديث‬ ‫أو اﳌعاﴏ أو الجديد وأمثالها مفهوم غ مح ﱠدد‪ ،‬فهو يختلف من مكان ﻵخر ومن‬ ‫ثقافة ﻷخرى‪ ،‬ففي الثقافة العربية عﲆ سبيل اﳌثال بدأ العﴫ الحديث مع قدوم‬ ‫الحملة الفرنسية إﱃ مﴫ ﰲ أواخر القرن الثامن عﴩ اﳌيﻼدي حسب رأي من ينظرون‬ ‫للحملة الفرنسية عﲆ أنها فتح جاء بالنور والحضارة إﱃ العا العر ‪ ،‬ﰲ ح أننا نجد‬ ‫اﳌؤرخ واﳌنظﱢرين الذين ينظرون للحملة الفرنسية عﲆ أنها احتﻼل مباﴍ يؤ ّرخون‬ ‫للعﴫ الحديث ببشائر النهضة العربية التي ظهرت عﲆ مدار القرن الثامن عﴩ اﳌيﻼدي‬ ‫)اﳌراجع(‪.‬‬ ‫‪٨٧‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫‪ -٢٢‬دراسات اﳌناطق )‪ (Area Studies‬أو )‪ (Regional Studies‬علم بيني يدرس اﳌناطق‬ ‫الجغرافية أو الثقافية أو القومية‪ ،‬ويقع ﰲ منطقة بينية ب العلوم اﻻجت عية والعلوم‬ ‫اﻹنسانية‪ ،‬ويركز عﲆ دراسة مناطق جغرافية معينة أو مناطق ذات طابع ثقاﰲ‪ ،‬ويعتمد ﰲ‬ ‫دراسته عﲆ علوم ومجاﻻت مثل اللغويات واﻷدب والدراسات الثقافية والعلوم السياسية‬ ‫التوسع اﻻستع ري للقوى‬ ‫والتاريخ وعلم اﻻجت ع والجغرافيا‪ ،‬الخ‪ .‬وترجع جذوره إﱃ ﱡ‬ ‫اﻷوروبية ﰲ القرن الثامن عﴩ وما رافق هذا التوسع من محاوﻻت أكاد ية لدراسة لغات‬ ‫الشعوب التي احتلوها وثقافاتهم وتنظي تهم اﻻجت عية وما إﱃ ذلك )اﳌراجع(‪.‬‬ ‫‪ -٢٣‬مصطلح تعص ّي )‪ ، (periodizing term‬واﳌقصود بالتعص هنا تقسيم التاريخ‬ ‫أو أي ﳾء إﱃ عصور )‪ .(periodization‬ويدل هنا عﲆ أن ما بعد اﻻستع ر كان مجرد‬ ‫مرحلة تاريخية تالية لعﴫ اﻻستع ر والتخلص منه‪ .‬وﻻحقا تحول ما بعد اﻻستع ر‬ ‫من مجرد الدﻻلة عﲆ الفﱰة التالية للتحرر من اﻻستع ر إﱃ كونه فلسفة وأيديولوجية‬ ‫متشعبة)اﳌراجع(‪.‬‬ ‫‪ -٢٤‬النظرية النقدية )‪ (critical theory‬نظرية تنقد وتق ّيم اﳌجتمع والثقافة من خﻼل‬ ‫تطبيق اﳌعارف اﳌوجودة ﰲ العلوم اﻹنسانية والعلوم اﻻجت عية‪ ،‬ونشأتْ ﰲ البداية‬ ‫ﰲ النقد اﻷد وعلم اﻻجت ع‪ .‬وتدرس اﻷدب والثقافة عﲆ وجه الخصوص من خﻼل‬ ‫الكشف عن القوى والبِنى اﻻجت عية والتاريخية واﻷيديولوجية التي تساهم ﰲ إنتاجه‬ ‫وتق ّي ُده ﰲ الوقت ذاته )اﳌراجع(‬ ‫‪ -٢٥‬اﳌنهج الثقاﰲ أو النزعة الثقافية أو الحتمية الثقافية )‪ (culturalism‬يركز عﲆ‬ ‫أهمية الثقافة باعتبارها القوة التي تنظﱢم أمور اﻹنسان‪ ،‬فالثقافة هي التي تح ﱢدد طبيعة‬ ‫ومنغلق عﲆ ذاته‪ ،‬وﻻ كن للمرء أن يﱰك‬ ‫عضوي ومتكامل‬ ‫كل‬ ‫اﻷفراد وتفك هم‪ ،‬وهي ﱞ‬ ‫ٌ‬ ‫ﱞ‬ ‫ثقافته أو يتخلص منها‪ .‬وهنا تتحول الثقافة إﱃ أيديولوجية سياسية‪ .‬والثقافات متفاوتة‬ ‫ومتباينة‪ ،‬ولكن كل ثقافة متجانسة داخليا‪ .‬والثقافة هي التي تشكﱢل نظرة اﳌرء للحياة‪،‬‬ ‫وبالتاﱄ تجعله ﻻ يستطيع أن يفهم الثقافات اﻷخرى‪ ،‬وهو اﻷمر الذي يجعل وجود‬ ‫مستحيﻼ‪ .‬وهي ترتبط بالقومية إﱃ حد كب ‪ ،‬أو كننا القول‬ ‫ً‬ ‫حقوق إنسان عاﳌية أم ًرا‬ ‫بأن القومية ثﱢل فر ًعا أو مك ﱢونًا أساسيا من مكونات اﳌنهج الثقاﰲ أو النزعة الثقافية‬ ‫)اﳌراجع(‪.‬‬ ‫‪ -٢٦‬ويروي محمد الطه ﰲ كتابه )الﴩق وثﻼثة رحالة فكتوري ( ‪» -‬تقبل اﳌستعمر كأ ٍخ‪،‬‬ ‫‪٨٨‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



‫متحﴬ ومتفوق‪ ،‬بدﻻً ِم ْن رؤيته عدوا ُمحتﻼ )‪) (١-١٧٠‬اﳌﱰجم(‪.‬‬



‫‪ -٢٧‬ينبغي التمييز هنا ب الﴩق )‪ (East‬كمكان جغراﰲ طبيعي‪ ،‬والﴩق )‪(Orient‬‬ ‫كمفهوم ثقاﰲ‪ ،‬فالﴩق كمفهوم ثقاﰲ ﻻ يوجد إﻻ ﰲ مخ ﱢيلة وأذهان وفكر الغربي ‪ ،‬إذ‬ ‫اخﱰعوه ليكون اﻵخر النقيض لهم الذي س ّوغ لهم احتﻼله وقهره ونهب ثرواته تحت‬ ‫دعوى نقل النور والعلم والحضارة له‪ .‬ويتسم هذا الﴩق الثقاﰲ بكل الس ت اﳌناقضة‬ ‫للس ت التي نحها الغربيون ﻷنفسهم ويصفون أنفسهم بها‪ :‬فإذا كانوا متحﴬين‬ ‫ومثقف وعقﻼني ومتدين ومستن ين‪ ،‬فالﴩقيون من وجهة نظرهم متخلفون‬ ‫وجاهلون وشهوانيون وكفّار وظﻼميون‪ .‬باختصار‪ ،‬مفهوم الﴩق هنا ﻻ يدل عﲆ مكان‬ ‫جغراﰲ وإ ا عﲆ صورة ذهنية ﰲ رؤى اﻷوروبي ليست لها عﻼقة بواقع من ترسمهم‬ ‫هذه الصور ُة )اﳌراجع(‪.‬‬ ‫‪ -٢٨‬غالبا ما يﱰجم اﳌﱰجمون عنوان كتاب )‪ ( e History of Sexuality‬بـ »تاريخ‬ ‫الجنسانية«‪ ،‬والجنسانية كلمة غريبة عﲆ اللغة العربية‪ ،‬فاﳌقصود بالكلمة اﻹنجليزية‬ ‫القدرة الجنسية والتوجهات أو اﳌيول الجنسية والنشاط الجنﴘ والهوية الجنسية‪ .‬وكلها‬ ‫معانٍ موجودة ﰲ كلمة الجنس باللغة العربية‪ .‬أما كتاب فوكو‪ ،‬فهو كتاب نُﴩ ﰲ أربعة‬ ‫أجزاء ويدرس مفهوم الجنس من وجهة نظر ثقافية والخطاب الجنﴘ ككل ﰲ العا‬ ‫الغر )اﳌراجع(‪.‬‬ ‫‪ -٢٩‬خطابية )‪ (discursive‬مشتقة من كلمة خطاب )‪ .(discourse‬وتدل الكلمة ﰲ‬ ‫اﻹنجليزية ﰲ اﻷساس عﲆ الكﻼم‪ ،‬والتواصل الشفاهي أو اﳌكتوب‪ .‬وﰲ علم اللغة‪ ،‬يدل‬ ‫عﲆ النص اﳌكتوب أو اﳌحادثة‪ ،‬ومن هنا يأ مصطلح تحليل الخطاب بوصفه منه ًجا‬ ‫لتحليل بنية النصوص أو اﻷقوال اﻷطول من الجملة‪ ،‬ويأخذ ﰲ اعتباره السياق اﻻجت عي‬ ‫باﻹضافة إﱃ السياق اللغوي‪ .‬وتعني كلمة الخطاب أيضا مجموع اللغة والكل ت‬ ‫واﳌصطلحات واﻷفكار اﳌستخدمة ﰲ مجال فكري مع أو ﰲ م رسة معينة من قبيل‬ ‫الخطاب الديني والخطاب اﻷد والخطاب السياﳼ‪ ،‬الخ‪ .‬أما عند ميشيل فوكو ومن تبعه‬ ‫من اﳌنظّرين اﻻجت عي ‪ ،‬فيعني الخطاب مجموعة من التسلسﻼت أو العﻼمات التي‬ ‫توصل اﳌعنى في ب اﻷشخاص واﻷشياء‬ ‫يتيح للعﻼمات أن ّ‬ ‫تشك ُﱢل ُمر ﱠكبًا أو كيانًا ُم ًج ﱠر ًدا ُ‬ ‫والعبارات‪ .‬عنى آخر‪ ،‬الخطاب نظام مج ﱠرد ّثل شفرة القواعد واﳌ رسات واﻷفكار‬ ‫‪٨٩‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫والنظريات واﻷخﻼقيات‪ ،‬الخ‪ ،‬التي تحكم مجال مع من مجاﻻت اﳌعرفة‪ .‬وهنا يقارب‬ ‫مفهو ُم الخطاب مفهو َم اللغة أو اللسان )‪ (langue‬عند فردينان دي سوس أو نظام‬ ‫الكفاءة اللغوية )‪ (competence‬عند تشومس )اﳌراجع(‪.‬‬ ‫‪ -٣٠‬كلمة هيمنة )‪ (hegemony‬ﰲ اللغة اﻹنجليزية مشتقة من كلمة يونانية قد ة‬ ‫عنى القيادة أو الزعامة‪ ،‬وتعني سيطرة دولة عﲆ دولة أخرى سياسيا أو اقتصاديا أو‬ ‫عسكريا‪ .‬وكانت تعني عند اﻹغريق سيطرة دولة من اﳌدن الدول عﲆ اﳌدن الدول‬ ‫اﻷخرى‪ .‬وﰲ القرن التاسع عﴩ‪ ،‬اكتسب اﳌصطلح معنى الغلبة الثقافية أو اﻻجت عية‬ ‫بحيث تهيمن ج عة عﲆ الج عات اﻷخرى داخل اﳌجتمع أو الدولة‪ .‬ثم صار اﳌصطلح‬ ‫يعني قيام ج عة أو نظام سياﳼ بفرض نفوذه غ اﳌست َح ﱢق ﰲ مجتمع مع ‪ .‬وصار‬ ‫يعني أيضا هيمنة دولة ثقافيا وسياسيا وجغرافيا عﲆ دولة أخرى‪ ،‬مثل نفوذ القوى‬ ‫اﻻستع رية عﲆ آسيا وأفريقيا‪ .‬وﰲ نظام اﻻستع ر الثقاﰲ أو اﻹمﱪيالية الثقافية‪ ،‬يعني‬ ‫ﲇ دول ٌة قوية السياسة الداخلية والطبيعة اﻻجت عية عﲆ دولة أخرى‪ .‬أما‬ ‫اﳌصطلح أن ُ َ‬ ‫بالنسبة للهيمنة الثقافية ﰲ اﳌاركسية التي ثّلها جرامﴚ هنا‪ ،‬فتعني الهيمنة أن تقوم‬ ‫الطبقة الحاكمة بتقديم نظام ِقي ِمها وعاداتها وأخﻼقها ومبادئها عﲆ أنها هي الصحيحة‬ ‫التي ينبغي اتباعها وتب ّنيها باعتبارها رؤية العالَم القو ة‪ .‬وﻻ يتم ذلك عن طريق القوة‪،‬‬ ‫وإ ا من خﻼل إقناع الشعوب اﳌستضعفة أو قبولها بهذا النظام باعتباره ثّل نظرتها‬ ‫للعا وللحياة‪ .‬وهنا علينا أن يز ب الحكم السلطوي اﻻستبدادي الذي يفرض هيمنته‬ ‫أو سلطته بالقوة‪ ،‬والهيمنة الثقافية التي ﻻ تص هيمنة ونفوذًا إﻻ إذا قبل بها اﳌفروضة‬ ‫عليهم وارتضوها دستو ًرا لحياتهم )اﳌراجع(‪.‬‬ ‫‪ -٣١‬غالبا ما يﱰجم اﻹنجليز عبارة جاك دريدا ترجمة خاطئة‪ ،‬فالعبارة اﻷصلية )‪iln›y a‬‬ ‫‪ (pas de hors-texte‬تعني ك وضّ ح دريدا ذاته أنه ﻻ يوجد ﳾء آخر خارج النص أو‬ ‫ﻻ يوجد للنص خارج‪ ،‬وﻻ تنفي وجود العالَم خارج اللغة والنص‪ ،‬وإ ا تعني أننا ﻻ يحق‬ ‫لنا أن نقرأ شيئا عﲆ أساس ما هو موجود خارجه‪ ،‬وﻻ كننا أن نش إﱃ أي ﳾء أمامنا‬ ‫إﻻ من خﻼل عمليات التأويل التي نقوم بها بناء عﲆ ثقافتنا والخطاب الذي يحكمنا‪.‬‬ ‫وبالتاﱄ تعني عبارة دريدا أنه ﻻ يوجد ﳾء خارج السياق‪ .‬فعندما أذكر رواية »فساد‬ ‫اﻷمكنة« لصﱪي موﳻ عﲆ سبيل اﳌثال‪ ،‬فإن عبارة »فساد اﻷمكنة« ﻻ تعني فقط الرواية‬ ‫التي كتبها صﱪي موﳻ‪ ،‬وإ ا تعني أيضا الرواية عناها الذي ارتسم ﰲ ذهني بناء عﲆ‬ ‫تأويﲇ لها )اﳌراجع(‪.‬‬ ‫‪٩٠‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫‪ -٣٢‬ال َعتَبِي)‪ (liminal‬صفة مشتقة من الكلمة الﻼتينية )‪ (limen‬التي تعني ال َعتَ َبة‬ ‫)‪ .(threshold‬والعتبيّة أو الحدية أو الطرفية )‪ (liminality‬هي السمة أو الحالة‪.‬‬ ‫وا ُستُع ِمل اﳌصطلح ﰲ البداية ﰲ اﻷن وبولوجيا لوصف مرحلة وسطى أو برزخ يكون‬ ‫فيه اﳌرء ﻻ إﱃ هنا وﻻ إﱃ هناك‪ ،‬وكان يط ّبق عﲆ طقوس العبور أو انتقال اﳌرء من‬ ‫مكانة أو حالة اجت عية إﱃ أخرى‪ ،‬كطقوس انتقال الصبي إﱃ مرحلة البلوغ‪ ،‬والعتب ّية‬ ‫توسع معنى‬ ‫تصف وجوده ﰲ وسط الطقوس‪ ،‬فﻼ هو ما زال صبيا‪ ،‬وﻻ هو صار بالغًا‪ .‬ثم ﱠ‬ ‫اﳌصطلح وامتد ليشمل الظواهر الثقافية والسياسية وما إﱃ ذلك‪ ،‬باﻹضافة إﱃ احتفاظه‬ ‫عناه اﻷصﲇ‪ .‬ويحدث ذلك ﰲ العادة ﰲ فﱰات التغ ﱡ أو الفﱰات اﻻنتقالية‪ ،‬فينهار نظام‬ ‫سلسا أو مطاو ًعا أو ل ﱢينًا أو مرنًا‪ ،‬وهي حاﻻت أو س ت تسمح‬ ‫ما أو يتفكﱠك‪ ،‬م يجعله ً‬ ‫بظهور وتشكﱡل نظام جديد يحل محلّه‪ .‬ففي فﱰات الثورات عﲆ سبيل اﳌثال‪ ،‬ينهار النظام‬ ‫الحاكم ؤسساته وترسانته‪ ،‬وهو اﻷمر الذي يجعل قبضته غ محكمة ويجعل سلطته‬ ‫محل نزاع أو رخوة‪ ،‬م يساعد عﲆ ظهور نظام جديد يحل محله‪ .‬والعتب ّية تُطلق عﲆ‬ ‫اﳌرحلة اﻻنتقالية ذاتها حيث ﻻ يكون اﳌجتمع تابعا للنظام القديم ويكون النظام الجديد‬ ‫يتشكﱠل بعد‪ .‬وهو مفهوم أقرب ﳌفهوم الﱪزخ ﰲ الثقافة العربية واﻹسﻼمية )اﳌراجع(‪.‬‬ ‫‪ -٣٣‬ويضيف د‪ .‬جميل حمداوي أ ّن هذه النظرية هي خليط من اﳌناهج والتحليﻼت‪،‬‬ ‫وقا ة عﲆ اﻻنتقاء واﻻصطفاء اﳌنهجي‪ ،‬وك أن عينات البحث محدودة ك عند‬ ‫إدوارد سعيد‪ ،‬و تأت هذه النظرية بالجديد باﳌقارنة مع نظريات الخطاب اﻻستع ري‬ ‫الكﻼسي )اﳌﱰجم(‪.‬‬ ‫‪ -٣٤‬النصيﱠة أو ماهية النصوص أو طبيعة النصوص )‪ (Textuality‬عناها العام هي‬ ‫الس ت التي ﻻ بد أن تتوفّر ﰲ اﳌادة اﳌكتوبة أو الخطاب نطلق عليه كلمة نص أو‬ ‫كل الس ت التي يز محتوى ما‬ ‫نصفه بأنه نص‪ .‬وﰲ النظرية النقدية‪ ،‬تشمل النص ﱠي ُة ﱠ‬ ‫أو ماد ًة ما ﳌوضوع للدراسة‪ .‬وﻻ تقتﴫ عﲆ الكلمة اﳌكتوبة‪ ،‬وإ ا تشمل أيضا تركيب‬ ‫الكل ت ﰲ نص وتأويل القارئ له‪ .‬أي هي التي تشك ُﱢل أو تك ﱢو ُن نصا ما بطريقة محددة‪.‬‬ ‫ومن ب س ت النص الت سك اللغوي والﱰابط عﲆ مستوى اﳌفاهيم واﻹبﻼغ )أي ﻻ بد‬ ‫أن يحتوي النص عﲆ معلومات جديدة يبلﱢغُها للقارئ(‪ ،‬وقابليته للفهم )أيا كان حجم‬ ‫الجمهور اﳌستهدف به النص(‪ ،‬الخ‪ .‬ولكن مفهوم النص بوجه عام مفهوم نخبوي ﰲ أحيان‬ ‫كث ة ﰲ الثقافة الغربية‪ ،‬فمدرسة النقد الجديد عﲆ سبيل اﳌثال كانت تفضّ ل مصطلح‬ ‫‪٩١‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫شخصا كتبه وبالتاﱄ تتأثر‬ ‫»النص« عﲆ مصطلح »العمل«‪ ،‬ﻷن العمل اﻷد يُف َ َْﱰ ُض أن ً‬ ‫صناعة أو كتابة هذا اﳌؤلف بحياته ومواقفه الفكرية‪ ،‬وهم كانوا يعارضون هذه الفكرة‪.‬‬ ‫وكذلك اﻷمر بالنسبة للبنيوية التي قالت وت اﳌؤلف )ومن قبله موت اﻹله(‪ ،‬وبالتاﱄ ﻻ‬ ‫نفت فكرة اﻹبداع ذاتها وقالت مثل قال الجاحظ‪،‬‬ ‫يوجد مؤلف له سلطة عﲆ النص‪ ،‬ك‬ ‫ْ‬ ‫ولكن ﰲ سياق مختلف‪ ،‬إن اﳌعا مطروحة أو ملقاة عﲆ الطرقات‪ ،‬وﻻ يوجد ابتكار فيها‪،‬‬ ‫ﻷن اللغة موجودة قبل وجود اﳌؤلف‪ ،‬والثقافة موجودة ﰲ اللغة قبل وجود اﳌؤلف أيضا‪،‬‬ ‫وﻻ كن للكاتب إﻻ أن يقوم بدور اﳌج ﱢمع الذي يج ّمع مك ّونات نص جديد من اﳌواد‬ ‫الخام اﳌوجودة من قبل ﰲ اللغة والثقافة والتقنيات اﻷدبية‪ .‬ومن هنا قال البنيويون إن‬ ‫أي نص هو ﰲ جوهره غ مكتمل ﻷن اكت له يحدث من خﻼل فهمه الذي سيتحقق‬ ‫ﻻحقًا عﲆ يد القارئ‪ .‬ك قالوا بفكرة النص الباطن )‪ (subtext‬الذي يدل عﲆ اختفاء جزء‬ ‫أو مستوى من مستويات النص )اﳌراجع(‪.‬‬ ‫‪ -٣٥‬التابع )‪ (subaltern‬مصطلح يدل عﲆ ال ﱡرتب الدنيا ﰲ الجيش الﱪيطا ‪ ،‬واﳌصطلح‬ ‫مشتق من الكلمة الﻼتينية )‪ (subalternus‬التي تعني اﻷد أو اﻷقل من أي شخص آخر‪.‬‬ ‫ويُستعمل اﳌصطلح ﰲ النظرية النقدية ودراسات ما بعد اﻻستع ر للدﻻلة عﲆ سكان‬ ‫اﳌستعمرات الذين يقعون خارج نطاق هرمية السطلة ﰲ اﳌستع َمرة سياسيا واجت عيا‬ ‫واقتصاديا‪ ،‬وبالتاﱄ ليست لهم مكانة ﰲ عاصمة اﻹمﱪاطورية‪ .‬وهو مفهوم أقرب ﳌفهوم‬ ‫اﻷشخاص الـ »بدون« ﰲ بعض اﳌجتمعات الخليجية‪ ،‬أي ﻻ ينتمون للمواطن وﻻ ينتمون‬ ‫للمقيم ‪ .‬ﱠ‬ ‫اﳌصطلح‪ ،‬ﰲ معرض حديثه عن الهيمنة الثقافية‪،‬‬ ‫وصك أنطونيو جرامﴚ هذا‬ ‫َ‬ ‫ليصف به الج ِ‬ ‫عات اﻻجت عية التي يتم استبعادها من مؤسسات اﳌجتمع اﻻقتصادية‬ ‫َ‬ ‫واﻻجت عية وبالتاﱄ حرمانها من أصواتها السياسية أو أدوارها السياسية‪ .‬ويُستَ ْع َمل‬ ‫اﳌصطلح ﰲ دراسات ما بعد اﻻستع ر لوصف الطبقات اﻻجت عية الدنيا والج عات‬ ‫ُ‬ ‫اﻻجت عية التي ثّل اﻵخر ويتم استبعادها وزحزحتها نحو هامش اﳌجتمع‪ .‬وتلفت‬ ‫جياتريسبيفاك انتباهنا إﱃ أن مصطلح التابع ﻻ يدل فقط عﲆ اﳌقموع أو اﻵخر‪ ،‬ففي‬ ‫نظرية ما بعد اﻻستع ر يدل اﳌصطلح عﲆ كل شخص وكل ﳾء بعيد عن اﻹمﱪيالية‬ ‫الثقافية‪ .‬ومن أشكال التابع أن غ الغربي ﻻ تلكون أي نوع من اﳌعرفة من وجهة‬ ‫نظر الغرب‪ .‬وعندما يجدون عندهم معرفة يتم النظر إليها عﲆ أنها أساط أو تراث‬ ‫شعبي‪ ،‬فالتابع ﻻ يحق له أن يفكر إﻻ ﰲ إطار طرق التفك الغربية‪ ،‬إذا كان يريد لصوته‬ ‫أن يُس َمع وتكون له حيثية‪ :‬أي باختصار ﻻ بد أن يتفرنج أهل البلدان التي كانت خاضعة‬ ‫لﻼستع ر حتى يكون لهم صوت)اﳌراجع(‪.‬‬ ‫‪٩٢‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫‪ -٣٦‬رد اﻻعتبار أو ر ّد الصاع بالصاع من خﻼل الكتابة )‪ (writing back‬مفهوم من‬ ‫مفاهيم نظرية ما بعد اﻻستع ر‪ ،‬وهو يعتﱪ النقيض أو الثورة عﲆ مفهوم التابع الذي‬ ‫ألقينا عليه الضوء ﰲ الهامش السابق‪ .‬فك ذكرنا‪ ،‬يتم النظر إﱃ التابع أو أهل اﳌستعمرات‬ ‫عﲆ أنهم ليس لهم صوت خارج صوت اﳌركز أو العاصمة أو اﳌستع ِمر‪ .‬وعﻼقة التابع‬ ‫بالكتابة تطورت عﱪ ثﻼث مراحل ك يقول بيﱰ باري )‪ ،(Peter Parry‬ويختﴫها ﰲ‬ ‫ثﻼث كل ت‪ .(adopt, adapt and adept) :‬تتمثل اﳌرحلة اﻷوﱃ ﰲ أن التابع يتبنى‬ ‫وجهة نظر اﳌستع ِمر ﰲ كتابته عﲆ مستوى الرؤية واﻷسلوب وس ت الشكل الفني‬ ‫باعتبارها النموذج اﻷمثل ﰲ الكتابة‪ .‬وﰲ اﳌرحلة الثانية‪ ،‬ينتقل من مرحلة التبني أو‬ ‫اﻻعت د إﱃ مرحلة التكييف أو التطويع‪ ،‬فيأخذ الشكل الفني اﳌمثﱢل للمستع ِمر ويك ّيفه‬ ‫عﲆ ظروفه وبيئته وحياة مجتمعه‪ .‬وﰲ اﳌرحلة الثالثة ينتقل إﱃ التمرد واﻹبداع الفردي‪.‬‬ ‫والكلمة التي يستعملها باري )‪ (adept‬ﰲ حد ذاتها وذج لهذا التمرد‪ ،‬فاللغة اﻹنجليزية‬ ‫تستخدمها كاسم ونعت لوصف الشخص البارع أو اﳌاهر للغاية‪ ،‬ولكنها تُستخدم هنا‬ ‫عﲆ أنها فعل‪ ،‬خﻼفا ﳌا هو شائع ﰲ اﻹنجليزية‪ .‬وﰲ هذه اﳌرحلة‪ ،‬يﱰك الكاتب التقليد‬ ‫اﳌاثل ﰲ اﳌرحلة اﻷوﱃ واﻹسهام الجز اﳌاثل ﰲ اﳌرحلة الثانية‪ ،‬وينتقل إﱃ اﻹسهام اﳌغاير‬ ‫والثوري والجذري‪ ،‬فيقدم رؤية بديلة أو مناهضة لرؤية اﳌستع ِمر ويقوم بتقويض تقنيات‬ ‫الكتابة وتجريب تقنيات جديدة ويغ ّ الصورة اﳌرسومة عنه عندما كان تاب ًعا‪ ،‬ويخلخل‬ ‫نظام اللغة اﻹنجليزية‪ ،‬لدرجة أنه تعد هناك لغة إنجليزية واحدة‪ ،‬وإ ا صارت هناك‬ ‫لغات إنجليزية متعددة ﻻ كن النظر إليها عﲆ أنها »تابعة« للغة اﻹنجليزية الﱪيطانية‬ ‫)اﳌراجع(‪.‬‬ ‫‪ -٣٧‬اﳌقصود باﻹزاحة )‪ (displacement‬ابتعاد اﳌرء عن ثقافته وموطنه سواء أكان‬ ‫ذلك عن طريق السفر أو الهجرة أو التهج أو التﴩيد أو الخروج‪ ،‬الخ‪ ،‬بشكل طوعي‬ ‫أو قﴪي )اﳌراجع(‪.‬‬ ‫‪ -٣٨‬الغريب )‪ (exotic‬يعني اﳌث أو الطريف أو الذي يتصف بالغرابة ﻷنه وارد من بلد‬ ‫غريب أو مكان بعيد أو من موطن ﻻ يعرف عنه من يصفه بالغرابة شي ًئا‪ .‬فيعني ﰲ علم‬ ‫النبات مثﻼ النباتات التي يتم جلبها من أماكن أو بلدان أجنبية وزراعتها ﰲ بيئة جديدة‬ ‫مختلفة اما‪ .‬وﰲ نظرية ما بعد اﻻستع ر ونظرية اﻻستﴩاق عﲆ سبيل اﳌثال‪ ،‬تعني‬ ‫اتجاها ﰲ الفنون واﻵداب اﻷوروبية يفت فيه الفنانون واﻷدباء بأفكار وأساليب وحياة‬ ‫‪٩٣‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫دول أجنبية ويصورونها عﲆ أنها تتسم بالسحر والروعة والفانتازيا‪ ،‬ك نجد ف لوحات‬ ‫اﳌستﴩق عن الحياة ﰲ اﳌﴩق‪ ،‬وك نجد ﰲ تصويرهم لـ »الحريم«‪ .‬وﰲ الغالب‬ ‫اﻷعم‪ ،‬ث ُﱢل هذا التصوير الفني واﻷد رؤي َة الفنان واﻷدباء‪ ،‬وﻻ يعﱪ بالﴬورة عن واقع‬ ‫البلدان والثقافات التي يصورونها‪ .‬وهذا »الغريب« نقيض صورة »اﻵخر« التي يتم تصوير‬ ‫البلدان والثقافات نفسها من منظور استعﻼ ‪ .‬أي هناك منظوران‪ ،‬وكل منه تنميطي‬ ‫بطريقته‪ :‬اﳌنظور اﳌنبهر الذي يتمثل ﰲ »الغريب« واﳌنظور اﻻستعﻼ الذي يتمثل ﰲ‬ ‫»اﻵخر« )اﳌراجع(‪.‬‬ ‫الفصل الرابع‪:‬‬ ‫‪39- Harting, Heike. «Migration, Diaspora, and Exile in Fiction». The‬‬ ‫‪Encyclopedia of Twentieth-Century Fiction. Vol. 3: Twentieth-Century‬‬ ‫‪World Fiction. Ed. John Clement Ball. West Sussex: Blackwell Publishing‬‬ ‫‪Ltd, 2011. Pp. 1221—1225.‬‬



‫‪ -٤٠‬يدل مصطلح )‪ (ventriloquism‬أو )‪ (ventriloquy‬عﲆ التكلﱡم من البطن‪ ،‬ك‬ ‫يفعل مح ﱢرك ال ﱡد َمى‪ ،‬ف ُيصد ُر صوتًا ﻻ نراه يُصدره‪ ،‬وإ ا نسمعه ك لو كان بعي ًدا عنه وك‬ ‫لو كان يخرج من الدمية ذاتها‪ ،‬ونجده أيضا ﰲ شخصية الوسيط الروحا الذي تتكلم‬ ‫الروح عﲆ لسانه‪ ،‬وﰲ جلسات طرد الجن من الجسم عندما يتكلم الجن عﲆ لسان‬ ‫الشخصية اﳌمسوسة‪ .‬ويش اﳌصطلح من الوجهة الثقافية وﰲ الدراسات النقدية إﱃ أن‬ ‫صوت الكاتب ليس صاد ًرا منه أو نابعا منه‪ ،‬وكأنه ليس له صوته الخاص‪ ،‬ويتكلم بلسان‬ ‫ج عة أخرى أو ثقافة أخرى )اﳌراجع(‪.‬‬ ‫‪ -٤١‬رواية التكوين )‪ (Bildungsroman‬رواية تتناول سنوات التكوين ﰲ حياة البطل‬ ‫أو البطلة‪ ،‬والخﱪة التي يكتسبها طوال هذه السنوات عﲆ مستوى التجارب الحياتية أو‬ ‫الوعي أو النمو الروحي‪ ،‬وما إﱃ ذلك‪ .‬واﳌصطلح مكون ﰲ اللغة اﻷﳌانية من كلمت ‪ :‬وه‬ ‫)‪ (Bildung‬التي تعني »تعليم« و)‪ (roman‬التي تعني رواية‪ .‬وتركز الرواية عﲆ و البطل‬ ‫عﲆ اﳌستوى النفﴘ واﻷخﻼقي وسنوات تكوينه عند اﻻنتقال من الطفولة واﳌراهقة إﱃ‬ ‫مرحلة البلوغ‪ .‬ويقابلها ﰲ اﻹنجليزية أحيانا مصطلح »قصة البلوغ« )‪coming-of-age‬‬ ‫‪ ،(story‬وغالبا ما ينتقل البطل من بيئة إﱃ أخرى أو ينطلق ﰲ مغامرة أو يهاجر أو يدخل‬ ‫‪٩٤‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫ﰲ سلسلة تجارب جديدة عليه تختﱪ شخصيته وتن ّميها وتجعله يكتسب خﱪة بالحياة‬ ‫والدنيا من حوله‪ ،‬ك ﰲ رواية »شاورما« للكاتب السودا ع د البليك )اﳌراجع(‪.‬‬ ‫‪ -٤٢‬عبودية اﻻنتقال )‪ (indenture‬مصطلح تاريخي يعود للقرن السابع عﴩ والثامن‬ ‫عﴩ ﰲ التاريخ اﻷمري حيث كان اﳌهاجرون اﻷوربيون يقضون فﱰة يعملون فيها عند‬ ‫مالك اﻷرض كثمن ﳌواصﻼتهم أو انتقالهم عﱪ اﳌستعمرة التي تلكها‪ ،‬وذلك من خﻼل‬ ‫توقيع عقد مع اﳌالك‪ ،‬وكانت النتيجة أن نصف اﳌهاجرين تقريبا قﴣ كل منهم فﱰة‬ ‫ثﻼث سنوات ﰲ العبودية‪ .‬والكلمة كانت تستخدم قبل ذلك للدﻻلة عﲆ نوع من العقود‬ ‫)اﳌراجع(‪.‬‬ ‫الفصل الخامس‬ ‫‪43- Su, John J. «Postcolonial Fiction of the African Diaspora». The‬‬ ‫‪Encyclopedia of Twentieth-Century Fiction». Vol. 1: Twentieth-Century‬‬ ‫‪British and Irish Fiction. Ed. Brian W. Shaffer. West Sussex: Blackwell‬‬ ‫‪Publishing Ltd, 2011. Pp. 294-298.‬‬



‫‪ -٤٤‬عند كﻼم النقاد الغربي عن اﻷدب اﻷفريقي أو حتى أفريقيا بوجه عام‪ ،‬يتجاهلون‬ ‫دول ش ل أفريقيا اما‪ ،‬ك لو كانت ﻻ تنتمي ﻷفريقيا‪ .‬فيقصدون باﻷدب اﻷفريقي‬ ‫الدول التي تقع جنوب الصحراء الكﱪى‪ .‬وهي نظرة استع رية ﰲ اﻷساس‪ .‬أوﻻ‪ ،‬يستند‬ ‫مفهومهم ﻷفريقيا عﲆ نظرة عنﴫية أو استع رية تعتﱪ أفريقيا مجموعة من الدول‬ ‫أو اﻷراﴈ التي ليس لها تاريخ وﻻ حضارة وﻻ أية هوية تجعلها تقف عﲆ قدم اﳌساواة‬ ‫مع الغرب‪ .‬وبالتاﱄ‪ ،‬عندما يجدون أنهم ﻻ كنهم أن يُنكروا حضارة وتاريخ دول ش ل‬ ‫أفريقيا يقومون باستبعادها من أفريقيا ﰲ تص ﱡورِهم للقارة‪ .‬ثانيا‪ ،‬فكرة اﻷدب اﻷفريقي‬ ‫ذاتها فكرة عنﴫية ﻷنها تنظر إﱃ أفريقيا ككل عﲆ أنها كتلة أو خريطة ص ّ ء ﻻ تظهر‬ ‫عليها معا أو منارات مت يزة هنا وهناك‪ .‬أي يتم باختصار تجميع كل دول أفريقيا ﰲ‬ ‫كيان واحد بﻼ معا ويتم النظر إليه عﲆ أنه آخر يحتل مكانة أد بكث من مكانة‬ ‫الذات أو اﻷنا اﻷوروبية‪ .‬وهذا يناﰲ الواقع الذي يقول إن لكل دولة ظروفها وتاريخها‬ ‫وهويتها وأساط ها وآدابها ونظرتها للحياة وللعا من حولها‪ ،‬وما إﱃ ذلك‪ .‬والتفت النقّاد‬ ‫واﳌنظّرون ﰲ دول أفريقية كث ة ﰲ اﻵونة اﻷخ ة إﱃ عنﴫية هذا التصنيف – اﻷدب‬ ‫اﻷفريقي –وبدؤوا بالفعل ﰲ تفكيك هذا اﳌفهوم وﰲ تحرير العقل اﻷفريقي والعقل‬ ‫الغر من هذه النظرة اﻻستع رية )اﳌراجع(‪.‬‬ ‫‪٩٥‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫‪ -٤٥‬أكونكوو)‪ (Okonkwo‬هو بطل رواية »عندما تتداعى اﻷشياء« للكاتب النيج ي‬ ‫تشنوا أتشيبي‪ .‬وبداية الرواية باسم البطل هنا ﴐبة موجهة للمنظور اﻻستع ري ككل‪،‬‬ ‫ﻷن أتشيبي بدأ روايته بالتأكيد عﲆ هوية اﻻسم لدى البطل‪ ،‬وهو اﻷمر الذي يتح ّدى‬ ‫الطرق اﻷوروبية ﰲ تصوير شخصيات اﻷفارقة ﰲ رواياتهم‪ ،‬حيث كانت الشخصيات‬ ‫اﻷفريقية بﻼ اسم‪ ،‬ويتم النظر إليها عﲆ أنها كائنات هﻼمية بﻼ هوية وبﻼ قوام‪ .‬وأﴍنا ﰲ‬ ‫هامش سابق عند الحديث عن الرواية اﻻستع رية ﰲ معرض تعليقنا عﲆ رواية روبنسون‬ ‫كروسو‪ ،‬ورأينا كيف أن روبنسون كروسو بطل الرواية الﱪيطا يهتم حتى عرفة اسم‬ ‫الشخصية التي سﱰافقه طوال أحداث الرواية‪ ،‬ومنحه اس ً من عنده‪ ،‬وهو اسم فرايداي‬ ‫ﻷنه التقاه عﲆ الجزيرة ﰲ يوم جمعة‪ ،‬وكأن فرايداي يكن له وجود قبل أن يراه‬ ‫روبنسون كروسو ويس ﱢميه‪ .‬وهي تسمية ذات بُعد ديني أيضا‪ ،‬وكأن ديانة فرايداي قبل أن‬ ‫يح ّوله كروسو إﱃ اﳌسيحية يكن لها وجود‪ .‬فاﳌستع ِمر هنا ﻻ يعﱰف باسم اﳌستع َمر وﻻ‬ ‫بلغته وﻻ بديانته وﻻ بأي شكل من أشكال هويّته‪ ،‬فﻼ هوية له من وجهة نظر اﳌستع ِمر‬ ‫ينسف استخدا ُم أتشيبي‬ ‫إﻻ من خﻼل الصفات التي يلصقها به هذا اﳌستع ِمر‪ .‬ومن هنا ُ‬ ‫ﻻسم البطل النيج ي من أول كلمة ﰲ بداية الرواية وحتى نهايتها الرؤي َة اﻻستع رية ﰲ‬ ‫النظر إﱃ اﻷفارقة )اﳌراجع(‪.‬‬ ‫‪ -٤٦‬لذا نجد ﰲ رواية )اﳌريض اﻹنجليزي( للكاتب الكندي من أصل س ﻻن )مايكل‬ ‫أونداتﴚ( أ ﱠن جميع الشخصيات اﻹنجليزية مشوهة عن عمد كأنه نوع من اﻻنتقام؛ وﰱ‬ ‫رواية )موسم الهجرة إﱃ الش ل( للكاتب السودا الطيب صالح ينتقم بطل الرواية من‬ ‫اﻹنجليز عن طريق اغتصاب أكﱪ عدد ممكن من النساء اﻹنجليزيات )اﳌﱰجم(‪.‬‬ ‫‪ -٤٧‬بلغ عدد سكان نيج يا ﰲ تعداد ‪ ٢٠١٩‬أك من ‪ ٢٠٠‬مليون نسمة )‪٢٠٠٩٦٢٤١٧‬‬ ‫نسمة( )اﳌراجع(‪.‬‬ ‫‪ -٤٨‬اﳌفارقة )‪ (irony‬عبارة عن تبايُن ب شيئ ‪ :‬ب ظاهر الكﻼم واﳌعنى اﳌقصود ﰲ‬ ‫اﳌفارقة القولية )‪ ، (verbal irony‬وب التوقعات والنتيجة الفعلية ك ﰲ مفارقة اﳌوقف‬ ‫)‪ (situational irony‬أو مفارقة القدر )‪ ،(irony of fate‬وب الجهل الذي يُظه ُره‬ ‫الشخص واﳌعرفة الكب ة التي تلكها ك ﰲ اﳌفارقة السقراطية )‪، (Socratic irony‬‬ ‫وب اﳌعلومات التي يعرفها الجمهور والتي تجهلها الشخصيات عﲆ خشبة اﳌﴪح ك ﰲ‬ ‫‪٩٦‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫اﳌفارقة اﳌﴪحية )‪ . (dramatic irony‬واﳌقصود باﳌفارقة ﰲ سياق الرواية أن أهل البطل‬ ‫ﻻ يعرفون عنه شيئا وهو يحدثهم عن الورطة التي وجد نفسه فيها‪ ،‬ويشعر بالحاجة‬ ‫إﱃ العودة إﱃ الوطن‪ ،‬فتأتيه رسالة من أهله تطالبه بالعودة إﱃ الوطن )اﳌراجع(‪.‬‬ ‫‪ -٤٩‬اليوروبا )‪ (Yorupa‬لغة يتكلم بها سكان غرب أفريقيا وعدد الناطق بها ‪ ٤٠‬مليونًا‬ ‫تقريبًا‪ ،‬ونجدها ﰲ دول مثل نيج يا وبِن وس اليون وليب يا‪ ،‬ومناطق أخرى من أفريقيا‪،‬‬ ‫ك نجد بعض الناطق بها ﰲ اﻷمريكت وأوروبا‪ .‬واليوروبا ج عة عرقية تقطن غرب‬ ‫أفريقيا‪ ،‬ويبلغ عدد أفرادها ‪ ١٠٥‬مليون شخص تقري ًبا‪ ،‬ومعظمهم يعيشون ﰲ نيج يا‬ ‫حيث ثّل اليوروبا فيها حواﱄ ‪ ٪ ٢١‬من مجموع السكان )اﳌراجع(‪.‬‬ ‫‪ -٥٠‬اﻹجبو )‪ (Igbo‬أو اﻹيبو )النطق اﻷول هو اﳌوجود ﰲ اللغة اﻹنجليزية اﻷمريكية‪،‬‬ ‫والنطق الثا هو اﳌوجود ﰲ اللغة اﻹنجليزية الﱪيطانية( هي اللغة اﳌحلية التي تتكلم‬ ‫بها قبائل اﻹجبو‪ ،‬وهي ج عة عرقية ﰲ جنوب ﴍق نيج يا‪ .‬ويتكلم بها حواﱄ ‪ ٢٧‬مليون‬ ‫شخص‪ ،‬وتشمل ما يزيد عن ‪ ٢٠‬لهجة )اﳌراجع(‪.‬‬ ‫‪ -٥١‬ﰲ لغة اليوروبا‪ ،‬اﻷبيكو )‪ (Abiku‬كلمة مكونة من مقطع ‪ :‬اﳌقطع )‪ (abi‬الذي‬ ‫يعني »الذي ُولِ َد« واﳌقطع )‪ (iku‬الذي يعني »اﳌوت«‪ ،‬وبالتاﱄ تعني الكلمة تقري ًبا‬ ‫»اﳌق ﱠدر له أن وت«‪ .‬وتعني الكلمة ككل أرواح اﻷطفال الذين وتون قبل الوصول إﱃ‬ ‫سن البلوغ‪ ،‬وليس بعد الوﻻدة بفﱰة قص ة ك يذكر اﳌؤلف هنا‪ .‬فالطفل الذي وت‬ ‫قبل أن يبلغ الثانية عﴩة سنة من العمر يُطلق عليه أبيكو‪ .‬وتعود روح هذا الطفل إﱃ‬ ‫رحم اﻷم ِمرا ًرا ل تولد من جديد مرا ًرا كذلك‪ .‬وهناك اعتقاد بأن الروح ﻻ تنوي اﻹقامة‬ ‫ﰲ الدنيا‪ ،‬وبالتاﱄ ﻻ تباﱄ بآﻻم اﻷم وﻻ معاناتها وﻻ مشاكلها )اﳌراجع(‪.‬‬ ‫الفصل السادس‬ ‫‪52- Mallot, J. Edward. «Postcolonial Fiction of the British South Asian‬‬ ‫‪Diaspora». The Encyclopedia of Twentieth-Century Fiction». Vol. 1:‬‬ ‫‪Twentieth-Century British and Irish Fiction. Ed. Brian W. Shaffer. West‬‬ ‫‪Sussex: Blackwell Publishing Ltd, 2011. Pp. 298-303.‬‬



‫‪٩٧‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫‪ -٥٣‬ترجمة للمفهوم )‪ ،(the Untouchable‬أي اﳌمنوع ﳌسه أو اﻻقﱰاب منه‪ .‬وهم‬ ‫ﰲ الثقافة الهندوسية مجموعة من الناس ثلون الطائفة الدنيا ﰲ الهندوسية‪ ،‬وممنوع‬ ‫اﻻحتكاك بهم ﻷن هذا اﻻحتكاك يدنﱢس الطائفة العليا‪ ،‬وقد يدل اﳌصطلح أيضا عﲆ‬ ‫الهندوس الذين دون طائفة‪ ،‬أي خارج النظام الطائفي اما ﻷنهم ﻻ يستحقون أن يكونوا‬ ‫داخله‪ .‬وأعلن الدستور الهندي لعام ‪ ١٩٤٩‬والدستور الباكستا لعام ‪ ١٩٥٣‬تجريم‬ ‫هذا التقسيم الطائفي‪ .‬واﳌصطلح اﳌستخدم اﻵن للدﻻلة عليهم هو الطائفة اﳌجد َولَة‬ ‫)‪) (scheduled caste‬اﳌراجع(‪.‬‬ ‫‪ -٥٤‬رواية الشطﱠار )‪ (picaresque novel‬رواية ترصد مغامرات وغد أو نذل‪ ،‬ولكنه يتمتع‬ ‫بالظرف ومحبوب الشخصية‪ ،‬ينتمي للطبقات الدنيا ﰲ اﳌجتمع‪ .‬ويقتات عﲆ ظُر ِفه‬ ‫ِ‬ ‫وح َيلِه وذكائه ﰲ مجتمع فاسد أصﻼ‪ .‬وتستخدم رواية الشطّار اﻷسلوب الواقعي الذي‬ ‫تزج بالهجاء والسخرية والفكاهة‪ ،‬ونشأتْ هذه الروايات ﰲ إسبانيا ﰲ القرن السادس‬ ‫عﴩ )واﳌصطلح مشتق أصﻼ من اللغة اﻹسبانية( وانتﴩت ﰲ أوروبا وظلت مزدهرة‬ ‫لقرابة قرن من الزمان‪ .‬ولكن اﳌصطلح ذاته يتم صكه إﻻ ﰲ بداية القرن التاسع عﴩ‪.‬‬ ‫وهي عاد ًة ما تُروى بضم اﳌتكلم ك لو كانت س ة ذاتية‪ ،‬والشخصيات فيها ﻻ تتطور‪،‬‬ ‫ك أن الحبكة فيها ضعيفة‪ .‬وتأثرت الروايات ﰲ العﴫ الحديث بأسلوبها بشكل أو بآخر‪،‬‬ ‫وخاصة في يتعلق بﴪد مغامرات اﻷبطال أثناء رحﻼتهم‪ .‬و كننا أن ننظر إﱃ س ة عﲇ‬ ‫الزيبق ﰲ اﻷدب العر عﲆ أنها رواية شطﱠار)اﳌراجع(‪.‬‬ ‫‪ -٥٥‬كلمة )‪ (rigamarole‬أو )‪ (rigmarole‬من الكل ت ذات التاريخ الطويل والغامض‬ ‫ﰲ اللغة اﻹنجليزية‪ :‬فكانت تدل ﰲ البداية )ﰲ العصور الوسطى( عﲆ إحدى ألعاب‬ ‫الحظ ﰲ الغالب‪ ،‬ثم انتقلت لتدل عﲆ وثيقة يكتبها النبﻼء ﻹعﻼن وﻻئهم للملك‪ .‬وتتميز‬ ‫اللعبة بالعشوائية‪ ،‬إذ تُكتب الحروف عﲆ ورقة تشبه القرطاس‪ ،‬وكل حرف مربوط بخيط‬ ‫يوصل إﱃ نص مكتوب‪ ،‬ويقوم الﻼعب باختيار حرف ليتم سحب الخيط ومعرفة النص‬ ‫الذي يرمز له هذا الحرف أو يحيل إليه ﰲ اللعبة‪ ،‬ومن هنا يأ معنى الكلمة الذي يدل‬ ‫عﲆ قصة طويلة مليئة باﻻستطرادات‪ .‬وللكلمة ﰲ الوقت الحاﱄ عدة معا ‪ :‬منها معنى‬ ‫الكﻼم الطويل اﳌمل اﳌﲇء باﻻستطراد؛ اﻹجراء اﳌعقد الروتيني‪ ،‬ك ﰲ اﳌصالح الحكومية؛‬ ‫الكلمة التي ليست لها معنى؛ العبارات اﳌر ِبكَة الطويلة اﳌليئة بالطنطنة وتخلو من‬ ‫اﳌعنى وﻻ تﱰابط مع بعضها البعض ﰲ معناها‪ .‬وفضّ لنا هنا ترجمتها بـ »اﳌتق ّعرة« ﻷنها‬ ‫‪٩٨‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫خاصة بالكل ت واللغة‪ ،‬وﻷن الراوي ﰲ الرواية يستخدمها للسخرية من اللغة اﻹنجليزية‬ ‫ذاتها‪ ،‬عندما يتم التحدث بكﻼم كب أو اشتقاقات صعبة ﻻ يفهم منها مستخدم اللغة‬ ‫شيئا كث ًا )اﳌراجع(‪.‬‬ ‫‪ -٥٦‬التقويض )‪ (subversion‬مصطلح مشتق من فعل ﻻتيني )‪ (subvertere‬عنى‬ ‫»يقلب من أسفل«‪ .‬ويستخدم ﰲ السياسة منذ فﱰة طويلة‪ .‬فبدﻻ من اﻻنقﻼب عﲆ‬ ‫الحاكم واﻻستحواذ عﲆ الحكم‪ ،‬يتم نقض القيم واﳌبادئ التي يقوم عليها نظام مع ‪،‬‬ ‫أو العمل بقيم ومبادئ مناقضة لها بهدف تغي النظام اﻻجت عي القائم وما يتعلق‬ ‫به من سلطة وهرم ﱠية ومعاي اجت عية‪ ،‬وما إﱃ ذلك‪ .‬وفي بعد الحداثة وما بعد‬ ‫البنيوية والنسوية وغ ها‪ ،‬انتقل اﳌصطلح إﱃ اﻵداب والفنون والثقافة بوجه عام لتقويض‬ ‫اﻷسس التي يقوم عليها وضع ثقاﰲ مع ‪ ،‬مثل تقويض اﻷسس التي يقوم عليها اﳌجتمع‬ ‫الذكوري أو التي تقوم عليها الهيمنة الثقافية من خﻼل طرح رؤى وأساليب مغايرة لها‬ ‫والﱰويج لهذه الرؤى واﻷساليب‪ .‬ومع أن جوهر اﳌفهوم ظل باقيا‪ ،‬نجد أنه تحول من‬ ‫مناهضة السلطة السياسية إﱃ مناهضة جميع أشكال السلطة ﰲ الفنون واﻵداب‪ ،‬كسلطة‬ ‫اﳌؤسسة‪ ،‬وسلطة أيديولوجية معينة تهيمن عﲆ اﻵداب والفنون‪ ،‬وسلطة التمثيل الفني‬ ‫واﻷد ‪ ،‬وسلطة الرؤى اﻻستع رية‪ ،‬وسلطة العنﴫية‪ ،‬وسلطة التحيز ضد جنس من‬ ‫الجنس ‪ ،‬وسلطة اﻷسلوب والتعب ذاتها‪ .‬فعﲆ سبيل اﳌثال‪ ،‬بدﻻ من إبراز رؤية واحدة‬ ‫مهيمنة ﰲ النص‪ ،‬يتم الجمع ب رؤيت متناقضت ومتصارعت ‪ ،‬ويُﱰَ ُك اﻷمر للقارئ‬ ‫ليحكم بينه ‪ ،‬أو إعادة ﴎد حكاية شعبية ولكن من منظور مختلف ينسف اﻷسس التي‬ ‫كان اﳌنظور السابق اﳌهيمن يقوم عليها‪ ،‬مثل فعلت الكث ات من الكاتبات النسويات‬ ‫ﰲ إعادة كتابة القصص الشعبية التي تظهر فيها اﳌرأة لتخليص اﳌرأة من السلبية التي‬ ‫فعلت الشاعرة‬ ‫كان يسجنها فيها الرواة الذكور أو ﻹبراز إمكانات اﳌرأة وفاعليتها‪ ،‬ك‬ ‫ْ‬ ‫اﻹسكتلندية كارول آن َدﰲ ﰲ ديوانها »زوجة العالَم« حيث أعادت ﴎد قصص الكث ات‬ ‫من النساء من اﻷدب واﻷساط والتوراة واﻹنجيل والﱰاث الشعبي من منظور اﳌرأة وليس‬ ‫من منظور الرجل‪ ،‬اﻷمر الذي يؤدي إﱃ تقويض الرؤية التي كانت تقوم عليها اﳌرويات‬ ‫السابقة من جهة‪ ،‬واﳌساهمة ﰲ خلق رؤية جديدة ومجتمع جديد من جهة أخرى‪ .‬ومن‬ ‫س ت هذا اﻷدب أيضا السخرية والفكاهة ومحاولة زيادة الوعي لدى القارئ‪ ،‬ومحاولة‬ ‫جعله ينجذب للنص‪ ،‬وتنمية التفك النقدي أو الناقد لدى القارئ‪ ،‬واستخدام أساليب‬ ‫مغايرة لﻸساليب التي يعتاد عليها القارئ‪ ،‬وما إﱃ ذلك من تقنيات مغايرة تزعزع الوضع‬ ‫‪٩٩‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫الراهن عﲆ مستوى اﻷسلوب والرؤية والنوع اﻷد واللغة وآليات التمثيل والتصوير‬ ‫الفني واﻷد )اﳌراجع(‪.‬‬ ‫‪) -٥٧‬أعلم ]يقول كيب‪/‬أحد الشخصيات الهندية اﳌهاجرة طوعا إﱄ اﳌملكة اﳌتحدة[‬ ‫أنني لو رفعت كأس الشاي بطريقة خاطئة؛ سأطرد وأُنفَى‪ .‬وإذا أخطأت رابطة العنق‬ ‫سأجلد‪ .‬هل هي السفن التي منحتكم تلك القوة؟ هل هي‪ ،‬ك قال أخي‪ ،‬ﻷ ﱠن لديكم‬ ‫التواريخ واﳌطابع؟( )رواية مايكل أنداتﴚ‪/‬اﳌريض اﻹنجليزي‪. (٢٨٣ :‬‬ ‫‪ -٥٨‬يقتل رشدي وإ ا قتل من ترجم الرواية )اﳌﱰجم(‪.‬‬ ‫‪ -٥٩‬ﰲ سياق الرواية‪ ،‬جوناثان بريدج ن )‪ (Jonathan Bridgeman‬شخص إنجليزي‬ ‫هندي قُ ِت َل ﰲ بومباي‪ ،‬وهنا يستوﱄ بطل الرواية عﲆ جواز سفره عﲆ اﳌركب التي‬ ‫كان من اﳌفﱰض أن يعود عليها إﱃ بريطانيا‪ ،‬ويعيش ب اﻹنجليز ك لو كان جوناثان‬ ‫بريدج ن الحقيقي‪ ،‬ﻷنه لديه الوثائق التي تدعمه ويتقن اللكنة اﻹنجليزية التي كنه‬ ‫من أﻻ ينكشف أمره‪ .‬والرواية ﰲ مجملها تسخر من مفهوم الهوية حسب مفهوم الناس‪،‬‬ ‫وتؤكد أن هذه الهوية ليست ثابتة وأن اﻷسس الطبقية والثقافية التي تقوم عليها ليست‬ ‫متينة أو راسخة ك يبدو؛ وتسخر كذلك من تقليد اﻷشخاص الذين ينتمون لثقافات‬ ‫البلدان التي كانت خاضعة لﻼستع ر ويعيشون ب اﳌستع ِمرين ويقلدون سلوكياتهم‬ ‫ولغتهم و ط حياتهم‪ .‬وتناول برنارد شو موضوع السخرية من ثبات مفهوم الهوية‬ ‫من قبل ﰲ مﴪحيته »بج ليون« لينسف اﻷساس الطبقي الذي يقوم عليه اﳌجتمع‬ ‫اﻹنجليزي‪ .‬وتناوله فؤاد اﳌهندس وشويكار ﰲ مﴪحية »سيد الجميلة« أيضا )اﳌراجع(‪.‬‬ ‫غساﻻت عامة‬ ‫غسالة عامة أو مكان به ّ‬ ‫‪ -٦٠‬اﳌغسلة العامة )‪ (launderette‬عبارة عن ّ‬ ‫تعمل بالعمﻼت اﳌعدنية و كن ﻷي أحد أن يستخدمها ليغسل ويجفف مﻼبسه )اﳌراجع(‪.‬‬ ‫الفصل السابع‬ ‫‪61- Weiss, Timothy. «Postcolonial Fiction of the West Indian/ Caribbean‬‬ ‫‪Diaspora». The Encyclopedia of Twentieth-Century Fiction». Vol. 1:‬‬ ‫‪Twentieth-Century British and Irish Fiction. Ed. Brian W. Shaffer. West‬‬ ‫‪Sussex: Blackwell Publishing Ltd, 2011. Pp. 303-308.‬‬



‫‪١٠٠‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫‪ -٦٢‬مدينة ميناء إسبانيا )‪ (Port of Spain‬هي عاصمة جهورية ترينيداد وتوباجو وهي‬ ‫أكﱪ مدينة ﰲ الدولة بعد مدينة سان ف ناندو )اﳌراجع(‪.‬‬ ‫‪ -٦٣‬إلدورادو تعني مكان فيه خ ات وثروات كث ة‪ .‬وهي دولة أو مدينة كان الناس‬ ‫يعتقدون أنها توجد ﰲ أمريكا الجنوبية‪ .‬وتعني العبارة ﰲ اﻹسبانية »الذهبي«‪ ،‬باﻹشارة‬ ‫إﱃ شخص أو مكان أو مدينة أو دولة أو إمﱪاطورية‪ ،‬حسب تطور اﻷسطورة وتنوعاتها‪.‬‬ ‫وأصل اﻷسطورة أن زعيم قبيلة أسطورية ﰲ شعب اﳌويسكا ﰲ كولومبيا‪ ،‬غطّى نفسه‬ ‫بﱪادة الذهب ﰲ طقس من طقوس اﳌبتدئ أو طقوس الدخول ﰲ طريقة أو درب‬ ‫أسطوري خاص وغطس ﰲ بركة جواتافيتا‪ .‬وقام الس وولﱰ راليه الﱪيطا بحملت‬ ‫للبحث عن بﻼد الذهب ﰲ القرن السادس عﴩ‪ .‬وانتقلت اﻷسطورة إﱃ اﻵداب والفنون‬ ‫وصارتْ رم ًزا ثريا للحلم وال اء )اﳌراجع(‪.‬‬ ‫‪ -٦٤‬كانت ب ث مجنونة‪ ،‬ولذا ظلت حبيسة مهمشة ﰲ الرواية اﻷصلية‪ ،‬ولكن )ريز( تتيح‬ ‫لها فرصة الكﻼم‪ ،‬ك تتيح لـ )روشسﱰ( فرصة الدفاع عن نفسه؛ وهذا مثل من أمثلة‬ ‫اﻻختﻼف ب كتابات الغرب ﰲ أثناء الفﱰة اﻻستع رية وكتابات الﴩق ﰲ فﱰة ما بعد‬ ‫اﻻستع ر )اﳌﱰجم(‪.‬‬ ‫فضلت ترجمة عنوان الرواية هكذا وعنوانها باﻹنجليزية )‪،(Crick Crack, Monkey‬‬ ‫‪-٦٥‬‬ ‫ُ‬ ‫ﻷن تعب )‪ (Crick Crack‬تعب خاص بطريقة محددة ﰲ الح الشفاهي‪ ،‬إذ ينادي‬ ‫الراوي عﲆ الجمهور ويقول )‪ (crick‬فيلبي الجمهور نداءه بقول )‪ ، (crack‬وهو نوع‬ ‫من الح اﻷدا الذي يتطلب وجود را ٍو أو منشد أو ٍ‬ ‫حاك ووجود حكاية شفاهية‬ ‫ووجود جمهور يستمع ويعلق ويتفاعل مع الراوي‪ .‬وينتﴩ هذا اﻷسلوب ﰲ منطقة‬ ‫جزر الكاريبي وله جذور ﰲ الثقافة الحكائية الشفاهية اﻷفريقية‪ .‬ويقوم فيها الجمهور‬ ‫بدور الجوقة والجمهور معا‪ .‬ويبدأ فيه الراوي بقول بعض الفوازير للجمهور‪ ،‬ويقوم‬ ‫الحاﴐون بحل هذه الفوازير‪ ،‬وهي فوازير معروفة ﰲ وسط الجمهور‪ .‬وبعد أن تنتهي‬ ‫جولة الفوازير‪ ،‬تبدأ القصة‪ .‬ويوجد ناد ﰲ بريطانيا باسم )‪ (Crick Crack Club‬تأسس‬ ‫ﰲ عام ‪ ،١٩٨٨‬والهدف منه‪ ،‬ك يعلن مؤسسوه‪ ،‬تطوير الح باعتباره فنا من الفنون‬ ‫التي تقوم عﲆ اﻷداء‪ ،‬وتعريف الجمهور بالكم الهائل من الحكايات والقصص واﻷساط‬ ‫واﳌﻼحم الشعبية‪ .‬ويقوم النادي بإعادة ح القصص الﱰاثية شفاهة‪ .‬وﻻ يعني ذلك أن‬ ‫‪١٠١‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫أسلوبهم يعتمد عﲆ ح شفاهي للقصة‪ ،‬مثل كان يفعل رواة الس عندنا عﲆ سبيل‬ ‫اﳌثال‪ ،‬أو اﻹنشاد أو اﻹلقاء أو القراءة‪ ،‬فإعادة الح عندهم هو أداء قصة من خﻼل‬ ‫الكلمة اﳌنطوقة لجمهور مع ﰲ سياق مع ‪ ،‬وبالتاﱄ يتميز بالفورية واﳌباﴍة )ك لو‬ ‫حي( ﰲ اﻷداء‪ .‬ك أنه عمل ج عي‪ ،‬ومن آن‬ ‫كان مذاعا عﲆ الهواء مباﴍة أو ﰲ بث ّ‬ ‫ﻵخر يكرر الراوي نداءه ويكرر اﳌستمعون‪ /‬الجوقة‪ /‬الجمهور تلبيتهم لندائه‪ .‬وﻻ يشﱰط‬ ‫أن يكون النداء والتلبية ظاهرين بشكله ‪ ،‬فقد يتحققان من خﻼل اﻹ اء والتلميح‬ ‫واﳌﻼحظات التي يبديها الراوي أو الجمهور م يضمن تواصل اشﱰاك الجمهور مع الراوي‬ ‫ﰲ اﻷداء‪ .‬ويستخدم الراوي لغة حكائية تجعل الجمهور قادرا عﲆ تخ ﱡيل اﻷحداث ك لو‬ ‫كانت تُع َرض ﰲ رأسه )اﳌراجع(‪.‬‬ ‫‪ -٦٦‬الطريق الوسطى )‪ (Middle Passage‬هي الطريق أو اﳌعﱪ ما ب سواحل أفريقيا‬ ‫وس ﱢم َي ْت بالطريق‬ ‫والعا الجديد آنذاك )القارت اﻷمريكت ( عﱪ اﳌحيط اﻷطلنطي‪ُ .‬‬ ‫الوسطى ﻷن تتوسط مسارين آخرين‪ :‬الطريق اﻷوﱃ هي نقل اﻷﴎى أو اﳌستعبَدين‬ ‫بالقوة من داخل أفريقيا إﱃ اﳌوانئ اﻷفريقية عﲆ ساحل اﳌحيط اﻷطلنطي‪ .‬ثم شحنهم‬ ‫ﰲ السفن الواقفة ﰲ اﳌيناء‪ .‬وبعد تحرك السفن تبدأ الطريق الوسطى إﱃ أن تصل السفن‬ ‫إﱃ سواحل اﻷمريكت ‪ .‬وبعد تفريغ شحنة »العبيد« تبدأ الطريق الثالثة واﻷخ ة‪ :‬أي‬ ‫يتم نقل العبيد لبيعهم ﰲ اﳌستعمرات أو اﳌزارع‪ .‬وكان التجار اﻷوروبيون أو الﴩكات‬ ‫اﻷوروبية تحمل البضائع من أوروبا وتنتقل لبيعها ﰲ اﳌوانئ اﻷفريقية‪ ،‬ثم تشﱰي العبيد‬ ‫أو تأﴎ من تجدهم عﲆ السواحل وتستعبدهم‪ .‬وعند الوصول إﱃ اﻷمريكت تبيع العبيد‬ ‫وتشﱰى بضاعة من هناك لتعود بها إﱃ أوروبا‪ .‬وكان ‪ ٪ ١٥‬تقريبا من اﻷفارقة اﳌستع َب ِدين‬ ‫وتون عﲆ م السفن عﲆ هذه الطريق الوسطى‪ .‬وكانت نسبة من وتون ﰲ أفريقيا‬ ‫أثناء عملية القبض عليهم أو أﴎهم ونقلهم إﱃ السفن الراسية عﲆ سواحل أفريقيا أكﱪ‬ ‫من ذلك بكث ‪).‬اﳌراجع(‬ ‫‪ -٦٧‬وليام هوجارث )‪ (١٧٦٤-١٦٩٧‬رسام وفنان إنجليزي‪ ،‬قام ﰲ عام ‪ ١٧٣١‬برسم‬ ‫مجموعة من اللوحات )تم تدم ها ﻻحقًا( وﰲ عام ‪ ١٧٣٢‬مجموعة من النقوش اﳌحفورة‬ ‫عﲆ أسطح وأطباق معدنية‪ ،‬بعنوان »تقدم عاهرة« أو »مس ة عاهرة« )‪A Harlot›s‬‬ ‫‪ .(Progress‬وتصور هذه اللوحات والنقوش قصة حياة امرأة شابة ت ُد َعى م‪ .‬هاكاباوت‪،‬‬ ‫وهي امرأة تنتقل من اﻷرياف إﱃ لندن وتتحول إﱃ عاهرة‪ .‬وتتخذ اللوحات والنقوش‬ ‫شكل الﴪد اﳌتتابع أو اﳌتتالية الفنية‪ :‬ففي اللوحة اﻷوﱃ‪ ،‬نرى امرأة عجوزًا تدح ج ل‬ ‫‪١٠٢‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫اﳌرأة الشابة وتقﱰح عليها اﻻشتغال بعمل مربح‪ .‬وﰲ اللوحة الثانية‪ ،‬نراها مع عشيق‬ ‫لها‪ .‬وﰲ اللوحة الثالثة‪ ،‬تتحول إﱃ عاهرة بالفعل ويتم القبض عليها‪ .‬وﰲ اﳌشهد الرابع‪،‬‬ ‫نجدها تﴬب نبات القنب ﰲ السجن لفصل مكوناته مثل اﻷلياف وغ ها‪ .‬وﰲ اﳌشهد‬ ‫الخامس‪ ،‬تحتﴬ من جراء أحد اﻷمراض اﳌنقولة جنسيا‪ .‬وﰲ اﳌشهد السادس‪ ،‬وت‬ ‫بالفعل ﰲ عمر الثالثة والعﴩين‪ .‬أما بالنسبة للوحة‪/‬الطبق رقم ‪ ٢‬الذي تستلهمه الرواية‬ ‫هنا‪ ،‬فك ذكرنا أعﻼه‪ ،‬يتم تصويرها فيه عﲆ أنها عشيقة‪ ،‬أما بالنسبة للتفاصيل‪ :‬فهي‬ ‫عشيقة تاجر يهودي ثري‪ ،‬ونستشف ذلك من الرسومات واللوحات اﳌستلهمة من التوراة‬ ‫اﳌوجودة ﰲ خلفية اﳌشهد‪ .‬وتتأنق ﰲ ملبسها ومقتنياتها‪ ،‬ويوجد لها خادم من جزر الهند‬ ‫الغربية‪ ،‬ك يوجد لديها قرد‪ .‬ووجود الخادم والقرد يوحيان بأن ثروة التاجر اليهودي‬ ‫ناتجة من تجارته ﰲ اﳌستعمرات‪ .‬ويوجد ﰲ شقتها أدوات تجميل وقناع م يتم ارتداؤه‬ ‫ﰲ الحفﻼت التنكرية‪ ،‬ك أن اللوحات التي تزين شقتها توحي بعﻼقاتها الجنسية العابرة‬ ‫الكث ة‪ ،‬وبغياب الوازع اﻷخﻼقي لديها‪ .‬وتظهر ﰲ اللوحة وهي تزحزح منضدة لتﴫف‬ ‫انتباه التاجر اليهودي عن عشيق آخر يتسلل خار ًجا )اﳌراجع(‪.‬‬ ‫‪ -٦٨‬منجو ‪ Mungo‬هو اسم العبد الذي ينتمي إﱃ جزر الهند الغربية الذي يظهر ﰲ‬ ‫لوحة هوجارث اﳌذكور ﰲ الهامش السابق )اﳌراجع(‪.‬‬ ‫الفصل الثامن‬ ‫‪69- Abigail Ward. «Black British Fiction». The Encyclopedia of Twentieth‬‬‫‪Century Fiction». Vol. 3: Twentieth-Century World Fiction. Ed. Brian W.‬‬ ‫‪Shaffer. West Sussex: Blackwell Publishing Ltd, 2011. Pp. 985-986.‬‬



‫ْﴫ حق اﻹقامة عﲆ اﻷشخاص اﳌولودين‬ ‫‪ -٧٠‬قانون صدر ﰲ عام )‪ (١٩٧١‬ﰲ بريطانيا يُق ِ ُ‬ ‫ﰲ بريطانيا أو اﳌقيم فيها ﳌدة ﻻ تقل عن خمس سنوات عند صدور القانون )اﳌراجع(‪.‬‬ ‫‪ -٧١‬الهجرة اﻷولية )‪ (primary immigration‬مصطلح يُطلق عﲆ هجرة العائل أو‬ ‫اﻷعزب إﱃ بلد أخرى يحسن ظروفه اﻻقتصادية ويستطيع اﻹنفاق عﲆ أﴎته ﰲ بلده‬ ‫اﻷصلية إذا كان متزوجا‪ .‬وبعد أن يستقر ﰲ البلد الجديد قد يأ بأفراد أﴎته ليقيموا‬ ‫معه‪ ،‬م يُعرف بالهجرة الثانوية )‪ . (secondary immigration‬والكث من الدول تضع‬ ‫قيودا عﲆ مثل هذا النوع من الهجرة‪ ،‬وإن كانت تسمح ﳌن استوطنوا بالفعل وأخذوا‬ ‫الجنسية عن طريق الهجرة اﻷولية باﻹتيان بذوييهم لﻼستيطان واﻹقامة معهم )اﳌراجع(‪.‬‬ ‫‪١٠٣‬‬



Original Text



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



Colonial Fiction Richard Ruppel Colonial fiction may be defined as fiction set in what was once the colonial world, the world that European powers colonized starting in the “Age of Discovery” and ending in the mid-twentieth century, when Europe divested itself of its colonies. In this fiction, typically, white, male protagonists leave Europe as explorers, adventurers, soldiers, traders, administrators, or, occasionally, exiled criminals to encounter a foreign world of exotic jungles, deserts, illnesses, and, especially, peoples and cultures. These fictions commonly represent the colonial world in conventional terms, which may or may not correspond to the colonial world that can be recovered in letters, newspaper accounts, and other records available both in the European home country and in the former colony itself. These conventions were, and continue to be, influential in shaping perceptions of the lands and peoples of the former colonies. Great Britain began telling itself colonial stories even before it became a colonial power. Shakespeare’s The Tempest, written at the very beginning of the seventeenth century, before England had settled colonies in North America or begun its conquest of India, can be read as a colonial allegory. Prospero and his daughter, Miranda, are shipwrecked on an island, where Prospero frees one of its inhabitants, Ariel, who agrees to become Prospero’s servant. The other “native,” Caliban, is less tractable. Although he is taught English and is well treated, he repays Prospero’s kindness by attempting to rape Miranda, so Prospero keeps him enslaved by force. Prospero’s magic gives him the power to control the island, just as superior technologies and weapons would give European countries control of their colonial possessions. Ariel represents the “Westernized natives” that appear in later narratives – a more or less willing Friday figure who accepts his servitude with little schooling. Prospero needs only to offer occasional threats to keep Ariel in line, and he promises to free Ariel once Prospero accomplishes his plans to regain his authority back in Italy. Caliban, on the other hand, represents the treacherous other who must



١٠٥



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



be subdued by force given his openly expressed desire to rape a white woman. As in so many later colonial stories, Prospero brings reason, morality, and order to the island – to his proto-colonial outpost – rewarding the subservient and punishing those who resist his authority



The next important colonialist work, Oroonoko (1688) by Aphra Behn, is also one of the earliest English novels. Unlike the vast majority of colonial fictions, the protagonist here is an African; and though the narrator is English, several of the English characters are introduced as villains. Despite these divergences from the general trends in colonial fiction, Oroonoko never questions the institution of slavery, and the two protagonists, Oroonoko and Imoinda, are so exceptional in their physical beauty, intelligence, and nobility, that they cannot be seen as arguments against European imperialism. They cannot, in other words, be seen as representative, non-European characters. But Oroonoko does provide the earliest representation of the noble savage in the English novel The most influential work of colonial literature, Daniel Defoe’s Robinson Crusoe (1719), was published just as Britain was building its empire in North America, the Indian subcontinent, and elsewhere, but it touches upon no English colonial possessions at all. Crusoe is captured and enslaved in North Africa, settles in the Portuguese colony of Brazil, and is shipwrecked on a deserted island that he eventually claims as his own colonial possession. Despite its lack of direct concern with Britain’s colonies, however, Robinson Crusoe is the seminal work of colonial fiction. It includes nearly all of the features we have come to associate with the genre. After Crusoe saves Friday from his enemies – who, like Friday, are native to South America and who are just about to kill and eat him – Friday is given and immediately accepts his status as Crusoe’s servant. In what has become its most famous scene, Friday prostrates himself before Crusoe and places Crusoe’s foot on his head. Crusoe gives him – and Friday accepts – the name “Friday” – not a name either of them, or contemporary readers, would have accepted had Friday been a white man. Crusoe teaches Friday English, though he never thinks of learning Friday’s language, and Friday quickly embraces Christianity. Friday is distinguished from his peers physically, morally, and intellectually, and he serves Crusoe loyally, cheerfully, and amusingly until he is killed in a sequel novel, The Further Adventures of Robinson Crusoe



١٠٦



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



(1719). Friday is the original for a long line of “native sidekicks,” from Rudyard Kipling’s Gunga Din, to Joseph Conrad’s Dain Waris in Lord Jim.



Many other features of Robinson Crusoe became conventions of colonial fiction. European moral superiority and, especially, the absolute truth of the Christianity Crusoe embraces over the course of the novel remain unquestioned in the colonial works that follow. When Crusoe escapes captivity early in the novel and sails along the African coast, the forbidding landscape and people are represented as strange, even fantastic. Crusoe domesticates his island, becomes its lord, and claims it absolutely as his own – practices that are repeated and remain unquestioned in both the reality and fiction of colonial conquest. Women have almost no role in the novel – Crusoe’s relationship with Friday is far more compelling than his one romantic relationship with a woman. Indeed, the marginalization or complete absence of women is a key feature of the vast majority of colonial fiction, which is written by men for an audience of men and boys. Britain’s conquest of India in the eighteenth and nineteenth centuries fueled popular interest in the Indian subcontinent. Sir Walter Scott’s The Surgeon’s Daughter (1827) includes “Oriental” despots, a dashing English hero, and a young Englishwoman who must be saved from being enslaved by a lustful sultan. Philip Meadows Taylor’s Confessions of a Thug (1839), a popular sensation and a favorite of Queen Victoria, traces the life of Ameer Ali, a member of the Thuggee clan who waylays, robs, and kills travelers in southern India. The British Empire reached its height at the end of the nineteenth century, and Rider Haggard wrote the most popular African fiction of that period. King Solomon’s Mines (1885) concerns an “Oriental” despot, King Twala; a superior African servant of the English protagonists, Umbopa, who gains the kingship of Kukuanaland after the evil King Twala is killed; and a romance between a white protagonist, Captain Good, and a beautiful African, Foulata. Like most such interracial romances in colonial fiction, this one is doomed – Foulata dies in a struggle with an evil African witch, Gagool. Haggard’s She (1887) concerns another doomed biracial romance, this one between the protagonist Leo Vincey and the African Ustane, a deadly African landscape, and racist representations of Africans; but Haggard here introduces a twist on the “Oriental” despot: She is an immortal white woman, Ayesha.



١٠٧



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



Rudyard Kipling’s fiction was even more popular than Haggard’s. His Plain Tales from the Hills (1888b), a collection of short stories published when he was only 22, made him famous. Kipling’s colonial fiction focuses on the expatriate English community in India – its administrators, soldiers, journalists, and adventurers – and includes all the colonialist conventions: fiercely loyal Indian servants, treacherous “Westernized natives,” deprecated “half-castes,” doomed biracial romances, corrupt Indian rulers, antagonistic landscapes, and an unshakable faith that the English were India’s natural rulers. Although Kipling’s fiction is often read as thoroughly pro-imperial and racist, his representations of Indian culture, especially in his best novel, Kim (1901), are comparatively nuanced and sympathetic.



Many of Kipling’s stories, however, and the hundreds of popular fictions like them, represent the colonial world in the same stereotypical terms: corrupt native rulers oppress their people, represented as downtrodden, longsuffering, and trapped in a static culture. Characters of mixed race, referred to derogatorily as “half-castes” and nearly always the subject of ridicule, as well as characters identified as “Westernized natives,” are either mocked for their imperfect efforts to align themselves with and imitate European culture or are treated as sinister – men whose outward acceptance of Western language, culture, and religion masks their treacherous allegiance to their native culture. The many Friday figures of colonial fiction represent the opposite of the “Westernized native”; they are loyal and happily subservient. In their most characteristic act, they die in defense of their white master. Non-white women are represented as alluring but taboo; love affairs between white men and non-white women, though not unusual, are almost never successful. The nefarious tropical landscape is another trope of this literature; jungles are “poisonous” and are often inhabited by “bushmen” scarcely differentiated from the jungle itself. The above tropes, combined with an underlying confidence in white racial superiority, made colonial fiction a dependable promoter of Britain’s imperial conquests. But there were always countertrends. Philip Meadows Taylor was married to Mary Palmer, whose ancestry was both English and Indian; and his representations of Indian life in his novels are well informed and sympathetic. Kipling’s stories contain all the standard colonial tropes, yet he could also represent India and Indians with great warmth and, contrarily, English men and women as strikingly cold.



١٠٨



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



Joseph Conrad’s Heart of Darkness (1902) is paradoxical in this regard in that it both reproduces and undercuts conventional representations of the colonial world; while several critics (beginning with the Nigerian novelist Chinua Achebe) have dismissed it as a racist text, others have deemed it the greatest work of anti-colonial English fiction. Although Heart of Darkness blandly mocks Westernized natives – one is described as “a dog in a parody of breeches” another as an overfed “boy” – and sometimes represents Africans as mere accessories of the forbidding jungle, it also fundamentally undermines all colonial conquests, and its depiction of discarded, dying African workers is one of the most potent anti-colonial scenes in English literature. The murderous, rapacious Kurtz, the European at the heart of the novella who rules his bit of the Congo with extreme brutality, highlights the dubious nature of the colonial aim of bringing light and civilization to the dark corners of the world.



Conrad’s four Malay novels, Almayer’s Folly (1895), An Outcast of the Islands (1896), Lord Jim (1900), and The Rescue (1920) also can be classified as colonial fictions that both promote and undercut conventional representations of colonial situations. The most important of the four, Lord Jim, is, like Heart of Darkness, an interrogation of the possibility that even the most well intentioned, enlightened Englishmen have the capacity or right to rule in a colonized world. The protagonist, Jim, who becomes Tuan (or, in English, “Lord”) Jim in the fictional Malay village of Patusan, begins his rule successfully but, like Kurtz, ultimately brings ruin to his community and destroys himself. The conventions of colonial literature persist in popular novels and, especially, film. But the counter-trend that treated these conventions with growing skepticism is prevalent in some of the most significant fiction of the twentieth century. Two later modern novels, E. M. Forster’s A Passage to India (1924) and George Orwell’s Burmese Days (1934), anticipate the end of British rule on the Indian subcontinent and feature British protagonists caught in a dysfunctional colonialist web of corruption and racial bigotry. In A Passage to India, the protagonist Cyril Fielding takes a job in India as a school headmaster and befriends an Indian doctor, Aziz, who is accused of assaulting an Englishwoman, Adela Quested. By taking sides with Aziz, Fielding finds himself at odds with the expatriate English community. The



١٠٩



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



novel debates the possibility of successful friendships between Indians and Britons, meanwhile debunking various entrenched colonialist tropes. Aziz, scorned as a “spoilt, Westernized native,” is a better surgeon than his English superior, Major Callendar; and the chief of police is convinced of Aziz’s guilt because he takes it for granted that all non-white males lust after white women. In reality, Aziz finds Adela unattractive; and the British policeman, blinded by his sense of racial superiority, cannot fathom that standards of beauty differ from one culture to another. Aziz is found innocent, yet the novel, despite this positive resolution, ends on a note of skepticism regarding the possibility of bridging the British/Indian social and political divide.



Burmese Days, a bleak satire on English rule in Burma, is far less hopeful. The protagonist, John Flory, a timber merchant, hates colonial rule in Burma but does not have the courage to oppose it openly or to leave the country. He befriends Dr. Veraswami, who loves all things English and may become the first Burmese native invited to join the English Club in the fictional Burmese district of Kyauktada. The novel mocks the notions of British racial superiority and the benefits of British rule, and ends darkly, with Flory’s suicide By the last third of the twentieth century, the colonial era – during which European and other dominant nations took administrative, financial, military, and social control of countries in Africa, Asia, the Americas, and the Pacific Islands – was over, as former colonies gained their independence. But the effects of colonialism persist, and many of those effects were anticipated by Conrad’s Nostromo (1904), the first important postcolonial novel. Set in the fictional Latin American nation of Costaguana, Nostromo reveals how former colonial powers dominate the economies and politics of former colonies. As in Heart of Darkness and Lord Jim, the Europeans in Costaguana, who dominate the local economy, believe they are bringing order and progress. In fact, they bring only slight material prosperity, do little to improve the situation of the common people, and are themselves morally corrupt. In the end, many destroy themselves. Chinua Achebe’s Things Fall Apart (1958), set in Nigeria in the late nineteenth century and focused on the life of Okonkwo, a powerful but flawed Igbo warrior, is the first canonical novel in English to treat the colonial encounter entirely from the point of view of a colonized people. Igbo life is portrayed in all its rich complexity, while the English are represented as a corrosive power that destroys the balanced tribal life of Okonkwo’s people.



١١٠



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



Critics who analyze colonial literature (often identified as working within colonial discourse theory) have profoundly affected our understanding of colonial literature. By examining historical records, critics have unearthed the distance between the literary representations of the colonial encounter and its historical actuality. Drawing on the work of Sigmund Freud, Jacques Lacan, and others, they have revealed the ways colonial literature reflects a particular colonialist psychology, most often detrimental to both colonizers and colonized. They have explored gender and sexual relations, the role played by women and race, and the many other ways in which the long, complex history of Great Britain’s colonial encounters has been both recreated in and formed by its imaginative literature SEE ALSO: Fictional Responses to Canonical English Narratives (WF); Migration, Diaspora, and Exile in Fiction (WF); Postcolonial Fiction of the African Diaspora (BIF); Postcolonial Fiction of the British South Asian Diaspora (BIF); Postcolonial Fiction of the West Indian/ Caribbean Diaspora (BIF); Postcolonialism and Fiction (WF).



١١١



References and Suggested Readings



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



Achebe, C. (1958). Things Fall Apart. London: Heinemann. Achebe, C. (1977). An Image of Africa: Racism in Conrad’s Heart of Darkness. Massachusetts Review, 18, 282–94. Brantlinger, P. (1988). Rule of Darkness: British Literature and Imperialism, 1830–1914. Ithaca, NY: Cornell University Press. Bristow, J. (1991). Empire Boys: Adventures in a Man’s World. New York: HarperCollins. Conrad, J. (1895). Almayer’s Folly. London: T. Fisher Unwin. Conrad, J. (1896). An Outcast of the Islands. London: T. Fisher Unwin. Conrad, J. (1898). An Outpost of Progress. In Tales of Unrest. London: T. Fisher Unwin. (First published in serial form in Cosmopolis in 1897.) Conrad, J. (1900). Lord Jim. Edinburgh: Blackwood. Conrad, J. (1902). Heart of Darkness. In Youth: A Narrative and Two Other Stories. Edinburgh: Blackwood. (First published in serial form in Blackwood’s Magazine, 1899.) Conrad, J. (1904). Nostromo. London: Harper. Conrad, J. (1920). The Rescue. London: J. M. Dent. Fanon, F. (2007). Black Skin, White Masks (trans. R. Philcox). New York: Grove. (Original work in French published, 1952.) Forster, E. M. (1924). A Passage to India. London: Arnold. Foucault, M. (1972). The Archaeology of Knowledge (trans. A. M. Sheridan Smith). New York: Pantheon. (Original work in French published 1969.) Gates, H. L. (ed.) (1985). Race, Writing, and Difference [special issue]. Critical Inquiry, 12(1). Green, M. (1979). Dreams of Adventure, Deeds of Empire. New York: Basic Books. Greenberger, A. J. (1969). The British Image of India: A Study of the Literature of Imperialism, 1880–1960. Oxford: Oxford University Press. Haggard, H. R. (1885). King Solomon’s Mines. London: Cassell.



١١٢



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



Haggard, H. R. (1887). She: A History of Adventure. London: Longman. (First published in serial form in The Graphic 1886–7.) Hobson, J. A. (1961). Imperialism: A Study [1902]. London: Allen and Unwin. Holden, P., &Ruppel, R. J. (eds.) (2003). Imperial Desire: Dissident Sexualities and Colonial Literature. Minneapolis: Minnesota University Press.



JanMohamed, A. R. (1988). Manichean Aesthetics: The Politics of Literature in Colonial Africa. Amherst: University of Massachusetts Press. Kipling, R. (1888a). Plain Tales from the Hills. Calcutta: Thacker, Spink. Kipling, R. (1888b). The Story of the Gadsbys. Allahabad: A. H. Wheeler. Kipling, R. (1898). The Day’s Work. London: Macmillan. Kipling, R. (1901). Kim. London: Macmillan. Lane, C. (1995). The Ruling Passion: British Colon Allegory and the Paradox of Homosexual Desire. Durham, NC: Duke University Press. Lane, C. (ed.) (1998). The Psychoanalysis of Race. New York: Columbia University Press. Levi-Strauss, C. (1961). Tristes tropiques (trans. J. Russell). New York: Criterion. (Original work published 1955.) McClintock, A. (1995). Imperial Leather: Race, Gender, and Sexuality in the Colonial Contest. New York: Routledge. Miller, C. (1986). Blank Darkness: Africanist Discourse in French. Chicago: University of Chicago Press. Orwell, G. (1934). Burmese Days: A Novel. New York: Harper. Parry, B. (1998). Delusions and Discoveries: India in the British Imagination, 1880–1930. London: Verso. Said, E. (1978). Orientalism. London: Routledge and Kegan Paul. Sharpe, J. (1993). Allegories of Empire: The Figure of Woman in the Colonial Text. Minneapolis: University of Minnesota Press. Singh, B. (1934). A Survey of Anglo-Indian Fiction. London: Curzon. Torgovnick, M. (1990). Gone Primitive: Savage Intellects, Modern Lives. Chicago: University of Chicago Press.



١١٣



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



Postcolonialism and Fiction John Mcleod



Postcolonialism is a term used to signify a large, varied, and interdisciplinary body of academic scholarship that is primarily concerned with the social and cultural impact of European colonialism and modes of resistance to it. Although “postcolonialism” might imply a coordinated or common approach by those who pursue it, the terrain of postcolonialism is much more diverse than the term might imply. There is much debate about the merits and debits of postcolonial scholarship, about whether or not postcolonialism meaningfully furthers the ongoing resistance to colonialism and its enduring political and imaginative legacies, and indeed about how to spell the term (with a hyphen, as in “postcolonialism,” or without?). To enter the field of postcolonialism is to enter a markedly contested area of academic study characterized by internal dissent, conflict, and lack of consensus. Yet nearly all postcolonial scholars, regardless of their intellectual position, are motivated by a common political and often moral objection to the advent of European colonialism at the dawn of modernity and to the geopolitical realities and modes of thought that have endured after formal colonization has ended in most of the once colonized world. Rather than celebrate the contemporary world order as one liberated from the divisive, exploitative, and often murderous operations of colonialism – which usually involved the settlement of foreign lands by European powers against the will of indigenous peoples – postcolonial scholars expose how the material and imaginative practices of colonialism have endured in the late twentieth and twenty first centuries. Prior to postcolonialism’s emergence as a key academic term in the 1980s, the study of colonialism, anti-colonial resistance, and decolonization was primarily the remit of disciplines such as economics, political studies, and area studies, often influenced by Marxist political philosophy and the Marxistinfluenced nationalist independence movements in many once colonized locations (sub-Saharan Africa, for example). The term “postcolonial” then demarcated merely a recent era in international relations and in the life of once colonized locations. As Neil Lazarus describes it, by the early 1970s “postcolonial” was “a periodizing term, an historical and not an ideological



١١٥



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



concept. It bespoke no political desire or aspiration, looked forward to no particular social and political order” (2). We might say that before the 1980s, “postcolonial” functioned more like a noun than an adjective: it named a political or historical point of fact, an aspect of reality rather than a way of apprehending reality. This changed once the term was used to describe not a concrete set of facts or circumstances but a particular condition, a strategic way of thinking that did not simply emerge after decolonization but began during the period of colonization itself.



Postcolonialism as we understand it today evolved rapidly in the 1980s for two related reasons: the impact of critical theory and the advent of a more “culturalist” approach in the academy to the seemingly concrete matters of history, politics, and society. Beginning in the late 1970s, several key intellectuals mobilized the insights of structuralist and poststructuralist critical theory, especially from francophone philosophers, in approaching colonialism and resistance. In different ways, they provocatively argued that modes of thinking and imagining were not of secondary importance to the fortunes of colonies but were actually fundamental to the machinery of colonialism. In his groundbreaking work Orientalism (1985 [1978]), Edward W. Said argued that the British and French colonization of the Middle East would not have been possible without the European creation of a complex web of knowledge about foreign lands. The production of this knowledge – in arts and sciences, from poetry to painting to philosophy to medicine – helped to intellectually and morally justify the dispossession and governance of colonized peoples, while sculpting a style of thinking that naturalized the perceived contrast between the rational, civilized, advanced West and the illogical, barbaric, backwards East or “Orient.” “Orientalism” was Said’s term for this style of thinking, which named something that didn’t actually exist. “It is not merely there,” he argued; rather, “the Orient is an idea that has a history and a tradition of thought, imagery, and vocabulary that have given it reality and presence in and for the West” (4, 5). Said’s argument drew upon three critical theorists. First, he was indebted to the work of Michel Foucault, who in Discipline and Punish (1977) and The History of Sexuality (1979) had argued that power was fundamentally discursive and therefore inseparable from the creation and pursuit of knowledge. Second, Said looked to Antonio Gramsci in describing Orientalism as a form of “hegemony,” a strategic and self-serving form of knowledge created by one class or group



١١٦



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



but disseminated to others as a natural or true image of reality. Third, Said was influenced by the Algerian-born French thinker Jacques Derrida’s argument that we cannot think about the world beyond the forms of knowledge we make about it – a point often crudely summarized by the maxim “There is nothing outside of the text.”



Said’s preoccupation with the discursive footings of colonialism as a structure of power and mode of authority was shared by two postcolonial thinkers who had migrated to the West from India, Homi K. Bhabha and Gayatri Chakravorty Spivak. They helped establish postcolonialism as a familiar term, partly because (unlike Said) Bhabha and Spivak readily used the term “postcolonial” to signify a transformative mode of thought that challenges and moves beyond Orientalist or “colonialist” ways of understanding the world. In essays published in the 1980s and reprinted in his landmark book The Location of Culture (1994), Bhabha developed Said’s historically specific work into a more abstract schema of “colonial discourse,” often taking examples from the British colonial period in South Asia. Influenced by Jacques Lacan’s psychoanalytically oriented theories of language, Bhabha argued that colonial discourse was as an ambivalent, highly unstable, and selfsplitting phenomenon that could never hold in place what it most desired – a stable worldview in which colonizer and colonized were neatly differentiated and opposed. For Bhabha, postcolonialism both identified and valued the essential slipperiness and untidiness of discourse, rather than accepting the seemingly stable, totalizing, or “holistic” concepts at the fulcrum of European thought: civilization, identity, race, the nation, even modernity itself: “The postcolonial perspective resists the attempt at holistic forms of social explanation. It forces a recognition of the more complex cultural and political boundaries that exist on the cusp of these often opposed political spheres” (173). His postcolonialism named an entirely new way of thinking – liminal, unstable, postlogical – that challenged the ways knowledge had been conventionally formulated and pursued. Meanwhile, in her complex and often abstruse critical writings collected in books such as In Other Worlds (1988) and Outside in the Teaching Machine (1993), Spivak pursued postcolonialism through Derrida’s thought. Just as Derridean deconstruction highlights the precariousness of all structures of thought that attempt to solidify particular value structures or binary



١١٧



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



oppositions, Spivak sought to expose colonialist modes of representation as, first, constitutive of Western philosophy and its envisioning of the world’s order; and, second, as inherently unstable and essentially questionable. For Spivak, too, the postcolonial critic was responsible for challenging received knowledge about the world and negotiating new modes of thought. Together with Said, Bhabha’s and Spivak’s work firmly established postcolonialism as a field of study with distinct conceptual currency by the early 1990s.



These critics have been hugely influential in characterizing postcolonial studies in general, but their work has also provoked three particular and enduring complaints about postcolonialism. First, much of their scholarship (especially Bhabha’s and Spivak’s) is written in an especially challenging fashion, at times bordering on the baffling and impenetrable, leading postcolonialism’s detractors to condemn it as elitist, hyper-theoretical, and drunk on jargon. Second, much postcolonial thinking questions not just those discourses that helped colonialism survive but also such key political resources of anticolonial dissidence as Marxism and anti-colonial nationalism. These are condemned as fatally compromised because they accept unthinkingly some key concepts of Western-derived politics and culture, and once colonized peoples are therefore seen to be trafficking in the very stable or “holistic” forms of knowledge and politics that subjected them in the first place. Unsurprisingly, some of postcolonialism’s fiercest critics have been Marxist scholars: Aijaz Ahmad’s In Theory (1992), E. San Juan, Jr.’s Beyond Postcolonial Theory (1998), and Benita Parry’s Postcolonialism: A Materialist Critique (2004) object passionately to the dismissal of anticolonial dissidence as intellectually suspect. Third, postcolonialism’s enthusiasm for critical theory has been denounced as a further turn to “culturalism” in academic thought, with issues of power and politics selfservingly considered primarily as matters of representation, discourse, and textuality. As James Procter defines it, “culturalism” denotes “the tendency to foreground and explore the central role of culture in maintenance of (neo) colonial power and postcolonial dissidence” (173), but this foregrounding raises questions about postcolonialism’s perceived contempt for empiricism and cheerful exploration of the minutiae of discourse and language. Said, Bhabha, and Spivak trained as English literature scholars and draw frequently upon literary examples, so it is perhaps not surprising that they



١١٨



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



see colonialism and its legacies as centrally a matter of culture. Indeed, the development of postcolonialism is indebted to literary studies in the anglophone world, and the emergence of postcolonialism is firmly linked to the fortunes of literary fiction about colonization and its legacies, a relationship that has been mutually constitutive and beneficial. The emergence of new kinds of fiction and a fresh generation of English-language writers in the 1980s stimulated interest in postcolonial theory, while postcolonialism’s critical concerns and new lexis – with its emphasis on Orientalism, ambivalence, the subaltern, “writing back” – have made possible ways of naming and reading a distinct body of fiction as postcolonial. It is now not uncommon to study “postcolonial fiction” as a distinct subgenre, considered to possess its own particular poetics and set of concerns (see Fraser 2000).



Postcolonial fiction as we understand it today has developed through three phases. The first includes twentieth-century writing before the late 1970s by authors from key locations of the British Commonwealth – Africa, Canada, the Caribbean, South Asia, and the South Pacific – which has been considered postcolonial only belatedly. Their fiction, which often portrayed the experiences of living in a country with a history (ongoing or recent) of British colonialism, sometimes had a distinct political agenda in challenging colonial ways of seeing with alternative, often indigenous-based forms of cultural knowledge, as in Chinua Achebe’s fable of Nigeria before and during colonialism, Things Fall Apart (1958). In other works the newly independent governments of former colonies were critically appraised, as in Ayi Kwei Armah’s coruscating critique of Ghanaian independence, The Beautyful Ones Are Not Yet Born (1968). Still other writers depicted the vicissitudes of daily life with less concern for politics, as in V. S. Naipaul’s depiction of colonial Trinidad in Miguel Street (1959) and A House for Mr. Biswas (1961); some appeared more attuned to the imperious social and cultural attitudes of the British than the purview of the colonized. These texts were then read as part of a wider body of literary fiction named “Commonwealth literature”; and while local political issues were acknowledged as important, most Commonwealth critics were more concerned with the alleged universal qualities of form or theme that transcended vulgar history or politics; they therefore sought common ground among diverse Commonwealth writings and between them and British works. Only from the 1980s did this extensive archive of Commonwealth fiction become thought of as postcolonial, as



١١٩



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



it was rapidly re-evaluated in terms of postcolonialism’s broader remit to challenge colonialist or Orientalist modes of thought. At times this led to the radical reappraisal of writers from once colonized countries if they seemed not to support a postcolonial attitude or politics, as the example of Naipaul infamously evidenced.



The second kind of postcolonial fiction emerged in tandem with the establishment of postcolonialism. Said, Bhabha, and Spivak were well educated, well-to-do migrants from the Middle East or South Asia to the US or Britain, and for some commentators it is no coincidence that postcolonialism seems especially interested in the migratory and cosmopolitan experiences of a privileged postcolonial intelligentsia. From the early 1980s a new generation of writers emerged – often Oxbridge-educated and relatively wealthy – who were migrants or children of migrants from the so-called Third World to the First, and whose innovative fictional endeavors appeared to make perfect sense when read through postcolonial lenses. A key example is Salman Rushdie, whose novel Midnight’s Children (1981) narrates the fortunes of twentieth-century India through the fantastical figure of Saleem Sinai, whose love of storytelling and questioning of received history seem more magical than realist – perfectly in tune with the antipathy for empiricism and holistic forms of social explanation detected within postcolonialism. As Rushdie explains in an important essay, his literary vision of India owed as much to his migration as a schoolboy from India to Britain as to oral forms of Indian storytelling or other indigenous cultural resources; migration enabled a particular way of seeing the world that scholars could explain through the newly minted vocabulary of postcolonialism – especially the fact that “those of us who [have migrated] have been forced by cultural displacement to accept the provisional nature of all truths” (12). Midnight’s Children anticipated a large body of fiction, distinctly metropolitan yet indebted to an experience of cultural plurality, that thematized the difficult experience of migration to or within Western nations, such as Timothy Mo’s novel of the Chinese in 1960s London, Sour Sweet (1982). Such texts often experimented with new fictional forms to express the migrant’s partial, plural vision of the world, as in Michael Ondaatje’s novel In The Skin of a Lion (1987), which begins with a quotation from John Berger: “Never again will a single story be told as if it is the only one” (Ondaatje, n.p.). This type of writing epitomized postcolonial fiction in its initial years and helped cement the widespread



١٢٠



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



academic assumption that postcolonialism was a profoundly metropolitan and cosmopolitan endeavor. Rushdie himself produced the decade’s most enduring metropolitan postcolonial fiction, The Satanic Verses (1988), which expressed in its challenging, innovative form its attempt to repudiate received ways of understanding the world from the migrant’s perspective – although the dangers of critiquing inherited knowledge and belief were grimly underlined in the furore surrounding the book’s publication in the Islamic world.



Since the early 1990s, in its third phase, postcolonial fiction has become firmly established as a robust category supported by a large literary critical apparatus that includes conferences, scholarly books, and international journals. Some writers have pursued the critical investigation and evaluation of once colonized locations in their work, often engaging with predominant cultural myths or exploring the consequences of political change in the aftermath of colonialism. In his novels of Australia, Peter Carey has dealt with the settler nation’s contemporary condition in The Tax Inspector (1991) and the myths of its turbulent convict past in True History of the Kelly Gang (2000). The South African J. M. Coetzee has offered challenging visions of apartheid’s aftermath in his award-winning book Disgrace (1999), while Rohinton Mistry offers a chilling narrative of the mid-1970s Indian Emergency (when democratic government was suspended) in A Fine Balance (1995). That said, while each of these novels can exemplify postcolonialism’s wider critical project in their challenges to received knowledge, there remains the danger that in reading them as such we impose upon them the political or ethical agenda of postcolonialism, and recently it has no longer been as easy as it was to assume a rapport between postcolonialism and fictional representations of colonialism, decolonization, and migration. Indeed, many writers of so-called postcolonial fiction object to the term “postcolonial” because of its perceived restrictiveness. In addition, some postcolonial critics have become suspicious of the remarkable popularity of postcolonial fiction in the contemporary global marketplace, as evidenced by the number of postcolonial novels that win literary prizes such as Britain’s Man Booker Prize. As Graham Huggan argues in The Postcolonial Exotic (2001), the recent penchant for publishing and celebrating postcolonial fiction might actually work against the goals of postcolonialism by packaging postcolonial fiction as an exotic entertainment



١٢١



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



for First World consumers keen to sample a little foreign spice. The production of the “postcolonial exotic” may be the West’s attempt to defuse and contain the unruly consequences of postcolonial critique found in fictional texts, but it also calls into question the effectiveness of postcolonialism itself to effect meaningful change both within and beyond the rarefied academy. Furthermore, postcolonialism’s validity has been challenged by the emergence recently of fiction by Indigenous, Aboriginal, or First Nations peoples in the settler colonies of Canada, Australia, and New Zealand. Fiction by figures such as the Maori writer Patricia Grace questions the applicability of metropolitan models of the postcolonial to certain cross-cultural conflicts, while inviting us to contemplate the extent to which the postcolonial rhetoric may conceal ongoing forms of colonial imagination and exploitation – not just between once colonized and metropolitan locations but within them too. It is crucial, therefore, to realize that literary fiction makes possible the means to investigate critically the shortcomings and blind spots of postcolonialism as a scholarly pursuit, just as much as it may prove “in practice” the objectives of postcolonialism as a transformative mode of thought. SEE ALSO: Children’s and Young Adult Fiction (WF); The City in Fiction (WF); Critical Theory and Fiction (WF); English Studies, the Academy, and Fiction (WF); Historical Fiction (WF); Migration, Diaspora, and Exile in Fiction (WF); Politics/Activism and Fiction (WF); Postcolonial Fiction of the African Diaspora (BIF); Postcolonial Fiction of the British South Asian Diaspora (BIF); Postcolonial Fiction of the West Indian/ Caribbean Diaspora (BIF); The Publishing Industry and Fiction (WF); Queer/Alternative Sexualities in Fiction (WF); Realism/Magic Realism (WF).



١٢٢



References and Suggested Readings



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



Ahmad, A. (1992). In Theory: Classes, Nations, Literatures. London: Verso. Ashcroft, B. Griffiths, G. & Tiffin, H. (1989). The Empire Writes Back: Theory and Practice in Post-Colonial Literatures. London: Routledge. Bhabha, H. K. (1994). The Location of Culture. London: Routledge. Boehmer, E. (2005). Colonial and Postcolonial Literature. Oxford: Oxford University Press. Foucault, M. (1977). Discipline and Punish The Birth of the Prison (trans. A. Sheridan). London: Allen Lane. Foucault, M. (1979). The History of Sexuality, vol. 1: An Introduction (trans. R. Hurley). London: Allen Lane. Fraser, R. (2000). Lifting the Sentence: A Poetics of Postcolonial Fiction. Manchester: Manchester University Press. Huggan, G. (2001). The Postcolonial Exotic: Marketing the Margins. London: Routledge. Lazarus, N. (ed.) (2004). The Cambridge Companion to Postcolonial Literary Studies. Cambridge: Cambridge University Press. McLeod, J. (2000). Beginning Postcolonialism. Manchester: Manchester University Press. Ondaatje, M. (1987). In the Skin of a Lion. Toronto: McClelland and Stewart. Parry, B. (2004). Postcolonialism: A Materialist Critique. London: Routledge. Procter, J. (2007). Culturalist Formulations. In J. McLeod (ed.), The Routledge Companion to Postcolonial Studies. London: Routledge, pp. 173–80. Rushdie, S. (1991). Imaginary Homelands: Essays and Criticism 1981–1991. London: Granta. Said, E. W. (1985). Orientalism. [1978] London: Penguin. Said, E. W. (1993). Culture and Imperialism. London: Chatto and Windus. San Juan, E. (1998). Beyond Postcolonial Theory. New York: St. Martin’s.



١٢٣



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



Spivak, G. C. (1988). In Other Worlds: Essays in Cultural Politics. London: Routledge. Spivak, G. C. (1993). Outside in the Teaching Machine. London: Routledge. Young, R. J. C. (2001). Postcolonialism: An Historical Introduction. Oxford: Blackwell.



١٢٤



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



Migration, Diaspora, and Exile in Fiction Heike Harting



The terms “migration,” “diaspora,” and “exile” operate variously as thematic, theoretical, historical, social, and critical categories for reading twentiethcentury world fiction in English. Their meanings overlap to a degree, since all three terms are concerned with the cultural and political representation of individuals or groups that, by force, necessity, or volition, move across given national, geographical, and psychological borders. On many occasions, narratives of diaspora, exile, and migration rethink and reimagine the foundational character and legitimacy of such concepts as identity, history, memory, and place. Thematically, these narratives explore traditional and contemporary notions of home and homelessness, displacement, cultural and national belonging and unbelonging. Historically, they reflect the massive movements of migration that mark the twentieth century and were caused by the break-up of the European empires and the changing geopolitics of now independent former colonies, as well as the rise of globalization. Works of fiction as varied as Mavis Gallant’s short stories and Romesh Gunesekera’s novels can be affiliated with one or more of these terms and events. However, diaspora, migration, and exile can be unwieldy or imprecise categories of cultural critique, often serving as interchangeable or blanket terms covering the extremely varied effects of large-scale movements of people as a result of decolonization and neocolonialism, civil and global warfare, poverty, dispossession, political violence, modernization, urbanization, or environmental catastrophes. Contemporary postcolonial writers, critics, and intellectuals therefore increasingly insist on more distinct usages of these terms and call, moreover, for a careful reading of the ways in which matters of race, ethnicity, gender, sexuality, ability, and class inflect the meaning of each of them in different narrative contexts. This insistence seeks to establish how these interrelated concepts work together and to support contemporary constructions of cultural identity and difference, nation formation, and practices of global citizenship on their own terms. Yet, the particularity of these terms remains frequently overshadowed by their shared dominant biblical genealogy. In third sermon of in the book of Deuteronomy, Moses warns the people of Israel that those who will not obey



١٢٥



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



God’s laws will be “scatter[ed] . . . among all people, from the one end of the earth even unto the other; and there [they shall] serve other gods, which neither thou nor thy fathers have known, even wood and stone” (28:64). Read etymologically, diaspora refers to the Greek word speiro, meaning “the scattering of seeds,” and the preposition dia (“over”). To be scattered by force, then, is to be removed from an original or promised homeland and, thus, to be thrown into a state of diasporic exile, a terrifying punishment that entails perpetual wandering and migration, which, in turn, alters the social behavior, cultural and moral practices, and affective constitution of the exiled subjects. In fact, diasporic exile as described in Deuteronomy induces a state of nervous restlessness, mental and physical unease, “doubt [and] fear” (28:66), insecurity, a “trembling heart, and failing eyes, and sorrow of mind” (28:65). It also brings about both the fragmentation of what appeared to be a previously cohesive group into a state of social and political vulnerability and the longing for wholeness. In its literary articulations, the state of exile or banishment is often accompanied by a nostalgic yearning for a return to one’s native homeland, an origin the exile retrospectively tends to romanticize as a place frozen in time, which can lead to further disillusion upon return.



What remains pertinent to the literary representation of exile is its affective structure and logic: the profound feeling of loss and homelessness. Yet, while the Homeric epics mythologize the experience of exile as a journey of heroic redemption and return, modern and late modern writers such as James Joyce, George Lamming, Jean Rhys, and Derek Walcott emphasized the ambiguities and historically nuanced experiences of exile. In Voyage in the Dark (1969 [1934]), Rhys’s early autobiographical novel of migration from the Caribbean to London, Anna Morgan, the narrator, notices that her arrival in England felt “as if a curtain had fallen, hiding everything I had ever known. It was almost like being born again” (7). On the one hand, the opening of the novel promises a modernist narrative of exile as the possibility of a new beginning beyond the confines of history. On the other hand, it signals a rupture in Anna’s emotional constitution and identity. The latter is increasingly shaped by her sense of cultural difference, displacement, and homelessness. The novel’s representation of exile is suspended between the two metaphors of rebirth and abortion. Rhys’s use of metaphor draws attention to the contiguity between modernist and postcolonial narratives of identity and exile, while the particular choice of metaphor stresses the social inequities



١٢٦



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



of power to which the female exile from the colonial periphery is subjected. The metaphor of cultural or spiritual rebirth is a conventional trope through which to dramatize the transformative effects of migration and exile and is also common in the fiction of Toni Morrison, Jamaica Kincaid, and Salman Rushdie. The trope of abortion, however, shows the ways in which exile is physically and materially experienced as both a wound, literally inscribed on the body, and a melancholic journey toward death. More importantly, it signifies a particularly gendered experience of exile, namely one of loss and sexual exploitation. Indeed, the trauma of being exiled from their land and body and mother tongue, and, subsequently, of being caught in structures of poverty, racial apartheid, and sexual violence constitutes the protagonists’ experience of exile in the fiction and poetry of such black writers as Bessie Head (e.g., A Question of Power, 1974), Joan Riley (The Unbelonging, 1985), Ben Okri (Incidents at the Shrine, 1986), Buchi Emecheta (Second-Class Citizen, 1974), Tsitsi Dangarembga (Nervous Conditions, 1989), and Dionne Brand (Sans Souci and Other Stories, 1988). As theme and fictional subgenre, exile occupies a central if not defining position in pre- and post World War II writing. Although critics tend to distinguish between voluntary exile (often associated with the literary community of American expatriates in Paris between the World Wars) and, variously, internal, religious, sexual, political, and cultural exile, in the fiction of many postcolonial writers these forms of exile frequently overlap and constitute a complex response to the experience of colonialism, empire, and its aftermath. In both his fiction and critical work, the Barbadian George Lamming recognizes that “to be an exile is to be alive” (24). At the same time, exile figures as a contradictory state replete with “complications,” especially “when the exile is . . . of colonial orientation” (24). Uprooted by the machinations of imperial trade and “exiled from his own name” (15), history, culture, country, and language, the colonial exile has no choice but to migrate. Once relocated to the metropolitan center, she is forced to experience herself through a binary relationship of self and other. Indeed, subjected to discriminatory representations and the racism of white mainstream society, the exile sees herself as other and remains torn between poles of belonging and unbelonging, here and there, margin and center, all of them reinforcing the perpetual postponement of arrival, understood as the development of a sense of home that can accommodate cultural multiplicity and contradiction.



١٢٧



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



Early works by Lamming (The Emigrants, 1954), Sam Selvon (The Lonely Londoners, 1956), Ama Ata Aidoo (Our Sister Killjoy, 1977), and Austin Clarke (The Meeting Point, 1967), provide extended mediations on the contradictions of exile in the urban spaces of London or Toronto, focusing on the psychological and cultural effects of systemic racism suffered by colonial exiles and their need to adapt to an environment that categorically rejects them. Here, narrative fragmentation and linguistic experiments with creolized English signal less the postmodern condition of the exile than his or her cultural displacement, communal location, and aptitude for survival.



For many post-World War II writers of the former British Empire, the form and experience of exile and migration that most accurately describes their own situation and that of their fictional characters is poignantly articulated in Edward Said’s influential essay “Reflections on Exile” (2001). Said insists that exile exists in a dialectical relationship with the concept of the nation, which occupies a central position in migrant and diasporic fiction. The dialectic of nation and exile operates through what Charles Taylor calls “the politics of recognition,” which influence the exile’s inclusion within or exclusion from a more or less cohesive national identity in his or her new environment. The nation state can offer no resolution to the pains of exile or the exiled person’s “discontinuous state of being” (Said 177). Instead, the exile dreams of remaking the broken fabric of her or his community into a “new whole” (177), which can lead to the imposition of an exclusionary group identity, a tendency that the Tanzanian Canadian writer M. G. Vassanji has critically explored in his fiction. But, as Said points out, the exile is also imbued with an “originality of vision” (186) that recognizes the provisional nature of home and the plurality of cultures. In its most optimistic configuration, exile constitutes a “nomadic” (186) or, in the words of the Guyanese writer Wilson Harris, a “cross-cultural” state of being and imagining that can unsettle cultural and political norms (241). Unlike the idea of exile, the most widely used notions of migration in literary criticism lack the former’s immediacy and implied political violence. Migration commonly refers to the movement – not the scattering – of people from one country to another and the concomitant conflicts of belonging, although Shalini Puri (2003) has recently noted the importance of representations of migration within particular regions in postcolonial (and



١٢٨



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



particularly Caribbean) writing. Migration, however, is a controversial term because it privileges mobile subjects over those unable to leave their land of origin and furthermore implies their entitlement to return. As a term that covers the making of transnational and hybrid cultural identities, migration plays a central role in the works of such major writers as, among others, Salman Rushdie (The Satanic Verses, 1988), Bharati Mukherjee (Jasmine, 1989), V. S. Naipaul (The Enigma of Arrival, 1987), Neil Bissoondath (A Casual Brutality, 1988), and Jamaica Kincaid (Lucy, 1990). As Rushdie explains in his pivotal collection of essays Imaginary Homelands (1991), migration constitutes a double process of severance from one’s homeland and of being “borne across the world” (17). In this process of individual and cultural translation, time and place become opaque, interrupted, and distorted, so that history gives rise to memory, certainty to uncertainty, identity to metaphor, and “actual cities” to “imaginary homelands, Indias of the mind” (10). Therefore, what is lost can no longer be reclaimed as authentic, and the migrant writer is confronted with the narrative reinvention of the world, which is both a postmodern and a postcolonial project. The migrant, then, is a metaphorically and literally “translated” (17) subject, endowed with a dual or “stereoscopic vision” (19) and engaged in a “struggle of memory against forgetting” and power (14). Indeed, as Rushdie emphasizes, migration is a universal condition, and the “migrant intellect roots itself in itself, in its own capacity for imagining and reimagining the world” (280). Interestingly, Rushdie’s novel The Satanic Verses portrays the ways in which history bestows upon the migrant a fixed (and typically unflattering) role in the social and political imaginary of the metropolitan society, creating a sense of profound physical, intellectual, and linguistic alienation. The novel’s representation of the migrant’s condition is less festive than that offered in Rushdie’s essays. In fact, as the profession of one of the novel’s protagonists implies – and as is also suggested in Pauline Melville’s fiction – the migrant is a cultural ventriloquist caught in metaphors not of his own making. Nevertheless, Rushdie’s vision of migration remains a solitary and individualistic vision with little room for collective agency or the historical transformation of communities. In a different context, however, migration can also signal a state of escape, survival, and change. In the field of black women’s studies, migration connotes a complex network of material and symbolic detours and relocations through which to trigger rituals of cultural healing. A key novel in this context is Kincaid’s Lucy, in which the migrant



١٢٩



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



experience shapes the novel’s genre as a Bildungsroman and, thematically, affords Lucy a historical and personal distance from her native Caribbean island and controlling mother. Although migration instills contradictory desires and notions of belonging, it also enables Lucy to recuperate a sense of herself as an artist. As both a literary trope and material experience, migration thus challenges notions of cultural authenticity, foregrounding the ways in which identities emerge instead through the complex politics of representation.



Although the idea of diaspora is not new, its current popularity in the social sciences and humanities is a relatively recent phenomenon, commonly associated with the inaugural issue of the journal Diaspora, published in 1991. If exile and migration are concepts of identity dialectically tethered to dominant notions of the nation state, the idea of diaspora refers to postnational and transnational concepts of identity. It negotiates the human and cultural consequences of the failure of nation states in the wake of globalization and the aftermath of imperialism. Critics generally distinguish between older formations of diaspora, including the Jewish, Armenian, Palestinian, and African diasporas, and the new, transnational ones, including the South Asian and East Asian diasporas. This division, however, highlights a predicament. On one hand, diaspora denotes the global scattering of a group that identifies itself not exclusively through its homeland but, as dramatized in the fiction of Amitav Ghosh (The Shadow Lines, 1988) and M. G. Vassanji (No New Land, 1991), through a shared cultural imaginary, historical traumas, narratives of survival, and new forms of communication and community building. Thus, diaspora risks being idealized as the paradigmatic social and cultural condition of globalization. On the other hand, each diaspora is shaped by its particular geography, culture, and history, and thus articulates its own claims to political and national autonomy. In contemporary fiction, the notion of diaspora can be applied as both a descriptive term (Cohen 1997) and a category of cultural knowledge production (Brah 1996). The descriptive use of diaspora stresses the symbolic and literal significance of an ancestral home, the unifying force of a collective memory, and the nostalgic longing for a return to an increasingly elusive homeland. It thus harbors the reactionary potential of diasporas and the danger of a simplified narrative of diasporic identity based on an “absolutist approach to ‘race’ and ethnicity” (Gilroy 1993, 98). Hanif Kureishi’s short



١٣٠



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



stories (e.g., “My Son the Fanatic,” 1994) and novels (The Buddha of Suburbia, 1990) exemplify the contradictions of diaspora as they engage with two very different dangers: the rise of fundamentalist diasporic identities, and the coopting of diasporic communities into the nation state’s “sedative” politics of multiculturalism (Kamboureli 82).



As a category of cultural critique, the term “diaspora” functions as a theoretical concept and narrative strategy through which can be seen the historical continuities and ruptures in the making of social, cultural, and national space. In this context, the critical work of Stuart Hall, James Clifford, Homi Bhabha, Rey Chow, R. Radhakrishnan, Smaro Kamboureli, Lisa Lowe, and Paul Gilroy has been particularly influential. Despite some theoretical differences, all of these critics understand diaspora as an unfinished process of historical detours, connections, and differences between various cultures and experiences of displacement. They emphasize that diaspora “is defined, not by essence or purity, but by the recognition of a necessary heterogeneity and diversity; by a conception of “identity” which lives with and through, not despite, difference; by hybridity” (Hall 244). Writers such as Dionne Brand (At the Full and Change of the Moon, 1999), Zadie Smith (White Teeth, 2000), Michael Ondaatje (Anil’s Ghost, 2000), and David Dabydeen (The Intended, 1991) have provided nuanced portraits of the experience of diaspora, including its inflection with queer longings and genealogical unmoorings. They unfailingly insist that the state of cultural hybridity encompasses a painful desire for an impossible wholeness and is fractured by historical and sexual violence and racism. Their fiction also examines the disruptive histories – slavery and indenture, the conquest of the Americas, the European Enlightenment – that haunt their characters’ diasporic presents and determine how the dialectic of “roots” and “routes” structures their lives. Although the phenomenon of diaspora is often wrongly conflated with the particular experience of African peoples, the concept’s impetus toward reimagining modernity itself and breaking the traditional and seemingly natural bond between “place, location, and consciousness” (Gilroy 2000, 123) has been instrumental to writers of various diasporas. In this light, diaspora has been productive and enabled writers to explore the proximity rather than distance between different groups of violently dispersed peoples.



١٣١



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



SEE ALSO: Black British Fiction (WF); The City in Fiction (WF); Critical Theory and Fiction (WF); English Studies, the Academy, and Fiction (WF); Globalization and the Novel (BIF); Postcolonial Fiction of the African Diaspora (BIF); Postcolonial Fiction of the British South Asian Diaspora (BIF); Postcolonial Fiction of the West Indian/Caribbean Diaspora (BIF); Postcolonialism and Fiction (WF).



References and Suggested Readings Brah, A. (1996). Cartographies of Diaspora. London: Routledge. Braidotti, R. (1992). The Exile, the Nomad and the Migrant. Women’s Studies International Forum, 15(1), 7–10. Brown-Guillory, E. (2006). Middle Passages and the Healing Place of History: Migration and Identity in Black Women’s Literature. Columbus: Ohio State University Press. Chambers, I. (1994). Migrancy, Culture, Identity. London: Routledge. Chow, R. (1993). Writing Diaspora: Tactics of Intervention on Contemporary Cultural Studies. Bloomington: Indiana University Press. Clifford, J. (1997). Routes: Travel and Translation in the Late Twentieth Century. Cambridge, MA: Harvard University Press. Cohen, R. (1997). Global Diasporas: An Introduction. Seattle: Washington University Press. Gilroy, P. (1993). The Black Atlantic: Modernity and Double Consciousness. Cambridge, MA: Harvard University Press. Gilroy, P. (2000). Against Race: Imagining Political Culture Beyond the Color Line. Cambridge, MA: Harvard University Press. Gurr, A. (1981). Writers in Exile: The Identity of Home in Modern Literature. Brighton: Harvester. Hall, S. (2003). Cultural Identity and Diaspora. In J. E. Braziel& A. Mannur (eds.), Theorizing Diaspora. Oxford: Blackwell, pp. 233–46. Harris, W. (1999). Selected Essays of Wilson Harris: The Unfinished Genesis of the Imagination (ed. A. Bundy). London: Routledge.



١٣٢



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



Kamboureli, S. (2000). Scandalous Bodies: Diasporic Literature in English Canada. Don Mills, ON: Oxford University Press.



King, R., Connell, J., & White, P. (1995). Writing across Worlds: Literature and Migration. London: Routledge. Lamming, G. (1960). The Pleasures of Exile. London: Michael Joseph. Mishra, V. (2007). The Literature of the Indian Diaspora. London: Routledge. Naficy, H. (1999). Home, Exile, Homeland. London: Routledge. Puri, S. (ed.) (2003). Marginal Migrations: The Circulation of Cultures within the Caribbean. Oxford: Macmillan Caribbean. Radhakrishnan, R. (1996). Diasporic Mediations: Between Home and Location. Minneapolis: University of Minnesota Press. Rhys, J. (1969). Voyage in the Dark [1934]. London: Deutsch. Rushdie, S. (1991). Imaginary Homelands: Essays and Criticism 1981–1991. London: Granta. Said, E. (2001). Reflections on Exile. In Reflections on Exile and Other Literary and Cultural Essays. London: Granta, pp. 173–86. Taylor, C. (1992). Multiculturalism and the “Politics of Recognition”. Princeton: Princeton University Press.



١٣٣



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



Postcolonial Fiction of the African Diaspora John J. Su



The phrase “postcolonial fiction of the African diaspora” typically refers to those works written since the 1950s by African immigrants and their descendants. The era of decolonization on the African continent began in 1957 with the independence of Ghana, and the political turmoil across Africa during the next two decades, combined with the need in Great Britain for cheap labor in the aftermath of World War II, led to significant waves of migration through the 1960s. Writing by so-called “black Britons” has gained increasing prominence and prestige since the 1960s, and has played a crucial role in a rethinking of what constitutes Britishness in a post-imperial context. A variety of factors make generalizations about African diaspora writing very difficult. The immense cultural, religious, and ethnic diversity of Africa means that the life experiences of a West African immigrant such as Buchi Emecheta differ considerably from those of an East African such as Abdulrazak Gurnah. The identity categories used in Great Britain can cause further confusion. Well into the 1990s, it was common to use the term “black Briton” indiscriminately to refer to immigrants from Africa, the British West Indies/ Caribbean, and South Asia. Salman Rushdie, the most famous contemporary author of South Asian descent, identified himself with this term in his non-fictional essays during the 1980s. The complex biographies of many expatriate authors also make classification difficult and often idiosyncratic. G. V. Desani and Doris Lessing, for example, have not been characterized as belonging to the African diaspora, although the former was born in Africa and the latter spent a significant portion of her childhood there. Many of the authors from the British West Indies were descended from African slaves, including Sam Selvon, George Lamming, David Dabydeen, and Caryl Phillips. Yet West Indian or Caribbean literature has been seen as a separate phenomenon. In part, this is because Caribbean migration was more concentrated in the aftermath of World War II, and the arrival in 1948 of the SS Empire Windrush with 492 passengers from the West Indies provides a very convenient marker for the beginning of contemporary West Indian literature in Great Britain. The cohesiveness



١٣٥



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



of West Indian or Caribbean authors was further cemented in the 1950s by the BBC production of Caribbean Voices, a radio show that highlighted the works of authors including Selvon, Lamming, and V. S. Naipaul.



No equivalent landmark date exists for immigrant writers from Africa, though 1555 is often listed as the year in which Africans first were brought to Britain. Evidence suggests that Africans were in Britain centuries earlier, as soldiers in Caesar’s army, but in 1555 five Africans were brought to Britain to learn English in order to serve as translators for the rapidly expanding slave trade. The emphasis on this date is important because it links the presence of Africans in Britain to the emergence of capitalism and imperialism. Prior to the twentieth century, literature written in Britain by Africans was dominated by the issue of slavery. While slavery was abolished in Great Britain in 1807, the presence of abolitionist speakers from the United States kept the issue in the forefront of Britain through the 1860s and beyond. The two “fathers” of African literature in Britain, Ignatius Sancho and Olaudah Equiano, both produced autobiographical works, Letters of the Late Ignatius Sancho, an African (1998 [1782]) and The Interesting Narrative of the Life of Olaudah Equiano, or Gustavus Vassa, Written by Himself (2001 [1789]) respectively. The two have often been characterized as polar opposites, Sancho as an assimilationist and Equiano as a militant on behalf of African cultures. C. L. Innes (2002) suggests that the opposition is overstated, but it has provided the basic paradigm for understanding African diaspora literature prior to the twentieth century. The publication of Chinua Achebe’s Things Fall Apart in 1958 is often seen as a crucial moment in the development of postcolonial literature generally and African literature specifically. While Achebe himself spent only limited time in Great Britain, the thematic concerns of his first novel shaped the writings of subsequent expatriate Africans. Perhaps the most significant development in his work was the focus on questions of nationhood for the former colonies of the British Empire: would such nations attempt to restore pre-colonial societies, model themselves on Western democracies, or create some kind of hybrid system of governance? The conspicuous critique of Christianity is apparent throughout Achebe’s writings, and many of the authors who followed him. Whereas Equiano and other African writers of the eighteenth and nineteenth century consistently invoked the rhetoric and authority of Christianity on behalf of the cause of abolition, the tendency among twentieth-century postcolonial authors is to highlight the ways in



١٣٦



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



which Christianity promoted British imperialism and denigrated not simply the religious beliefs among the colonized populations but also their cultural traditions and practices. Achebe understood the novel as crucial not only to the conceptualization of Englishness but also to imperial portraits of Africa. The novels of Rudyard Kipling, Joyce Cary, and Joseph Conrad helped to promote among the English middle classes the perception that Africa was a land without history, peopled only by violent and promiscuous savages. Achebe’s project of rewriting colonial history from the perspective of the colonized is signaled from the very first word of Things Fall Apart, which is the name Okonkwo. In Conrad’s Heart of Darkness (1902), not a single African is named, denying the inhabitants of the continent not only cultural histories but personal histories. Writers who would follow Achebe – including his countrymen Buchi Emecheta and Ben Okri, and Abdulrazak Gurnah of Zanzibar/Tanzania – tended to differ from the Windrush generation of Caribbean authors including Selvon, Lamming, and Vic Reid in their interest in portraying postcolonial violence and civil war (V. S. Naipaul is an exception, portraying civil wars in works such as A Bend in the River, 1979, and Half a Life, 2001), though these conflicts are depicted as occurring in Africa. Achebe, Emecheta, and Okri all portrayed the horrors of the Biafran War (1967–70), the Nigerian civil war that shook the entire continent. As the most populous nation in Africa and possessing significant oil reserves, Nigeria was long seen as the Great Exemplar for the continent. Works such as Achebe’s Anthills of the Savannah (1988 [1987]), Emecheta’s Destination Biafra (1982), and Okri’s Booker Prize-winning The Famished Road (1991) all focused on the civil war as a moment of profound disillusionment as anti-colonial liberation struggles were replaced by ethnic conflicts. Achebe’s and Okri’s novels both demonstrate profound anxiety that the civil war demonstrated the failure of Africans to move beyond the colonial era and to develop national identities that would transcend narrower ethnic and tribal affiliations. Rather than making a radical break with the colonial past, postcolonial nations seemed doomed to relive ethnic and tribal conflicts that were cultivated by the British in order to prevent a united resistance. “What must a people do to appease an embittered history,” asks one of the protagonists of Anthills of the Savannah at the end of the novel, mourning the unending cycle of violence in her country (204).



١٣٧



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



Gurnah’s work also portrays postcolonial violence in his native Tanzania, where the black majority overthrew an Arab elite that had been in the country for centuries. Gurnah differs from Achebe in focusing less on the conflicts themselves than on the exiles such conflicts produce, and this difference might be taken to be emblematic of African diaspora writers. From his first novel, Memory of Departure (1987), onward, Gurnah explores the experiences of Africans who feel at home neither in Africa nor in Great Britain. In a world seemingly consumed by violence, Gurnah’s protagonists find themselves on an endless pilgrimage, whether it is Hassan Omar working on a cargo ship at the end of Memory of Departure or Yusef running away to join German troops in Paradise (1994). Gurnahseems unwilling to portray a moment of final reconciliation between his protagonists and their families; between warring ethnic and religious groups; between a colonial past and a postcolonial present. Readers never discover the ultimate fate of either Omar or Yusef. In a later novel, such as Admiring Silence (1996), the unnamed narrator finds himself with an uncertain future after being left by his English partner Emma and their teenage daughter Amelia. The letter he receives from his family in Zanzibar ends with the words “Come home,” which the narrator cannot read as anything other than cruel irony: for 20 years, he never told them about Emma and he grossly fabricated his descriptions of them to her. Buchi Emecheta added a new dimension to the portrayals of life in Britain by male writers in the 1950s and 1960s: the experiences of African women and their struggles with sexism in both Britain and Africa. In a trilogy comprised of In the Ditch (1972), Second-Class Citizen (1974), and The Bride Price (1976), Emecheta depicts the struggles of Adah to acquire an education and to support her children. The sexism of Ibo culture is described from the very first paragraphs of Second Class Citizen: her parents were so disappointed that their first child was not a boy that they did not even bother to record her birth date. Her mother tries to prevent her child from getting an education; her family forces her to marry as a teenager; her husband Francis exploits her for her income. Emigrating to Britain in hopes of finding a better life, Adah confronts the increasing cruelty of her husband as well as discrimination in her new homeland for being black and female. Emecheta emphasizes the connections between racism and sexism: after discovering that in the eyes of the English she is a “second-class citizen,” Adah slowly discovers that in the eyes of Francis, “a woman was a second-class human.” Francis’s own



١٣٨



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



frustration with the demeaning treatment he receives in Great Britain is taken out on Adah, and he becomes progressively more abusive. Jealous of her job, her growing independence, and her literary aspirations, he burns the novel she has been writing (entitled The Bride Price) as well as her passport, their marriage certificate, and their children’s birth certificates. The end of the novel leaves Adah forced to care for five children, unable to get the English legal system to protect her from Francis or to compel him to support his family, yet looking forward to the possibility of building a better future for herself and her children. Emecheta, like most of the other African and Afro-Caribbean expatriate authors of her generation, employs conventions of Western literary realism in her writing. This is significant because, by the 1970s, many white English authors including John Fowles and Angela Carter were engaging in experiments with style, language, and narrative voice that would eventually be referred to as postmodern. The preference for realism among expatriate writers in Great Britain from former colonies is due to several factors. First, the conventions of realism correspond well with the expectations of a reading public that saw the fiction of postcolonial authors as a kind of sociological testimony. Much as Equiano was expected to testify to the dehumanizing effects of slavery, Gurnah, Emecheta, and other postwar authors were expected to testify to the dehumanizing effects of colonialism. The often playful experiments with language and convention that were characteristic of so-called postmodern literature were typically seen as incompatible with a responsibility to portray the horrors of colonial and postcolonial violence. Second, the conventions of realism enabled postcolonial authors to infuse the British novel with language and idioms taken from their home countries. Sam Selvon has been celebrated for “creolizing” the British novel, drawing on the everyday language of West Indian immigrants; similar efforts can be found among authors of the African diaspora. Since the nineteenth century, self-proclaimed realists such Stendhal insisted that the novel should present the language and experiences of everyday life. In Stendhal’s words, “a novel is a mirror, taking a walk down a big road” (342), not some romantic portrait of aristocracy filled with complex imagery and artifice. Authors such as Emecheta and Gurnah capture this spirit a century later, portraying the squalor in which many immigrants lived.



١٣٩



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



Ben Okri’s most celebrated novel, The Famished Road, indicates that expatriate authors have become increasingly innovative formally. The Famished Road has been celebrated as a work of magic realism or postmodernism, though Okri himself has downplayed such characterizations. Okri has suggested that his writing represents a form of realism, one informed by cultural and spiritual beliefs that would be foreign to many British readers: “So what seems like surrealism or fantastic writing actually is not fantastic writing, it’s simply writing about the place in the spirit of the place. I’m not trying in the slightest to produce strange effects” (quoted in Arana & Ramey 147). The stated intent is not incompatible with postmodernism, which like modernism before it drew heavily from the cultures of colonial territories. The novel follows the adventures of Azaro, an abiku child. Abiku in Yoruba, or ogbanje in Ibo, refers to a spirit-child that dies shortly after birth, and continually returns to its mother’s womb in a cycle of birth and death. The abiku/ ogbanje has been portrayed in the work of Nigerian authors including Achebe, Okri, and Wole Soyinka. For Okri, the abiku functions as a kind of metaphor for Nigeria itself, a postcolonial nation that “dies” with the Biafran War shortly after its “birth” as a nation in 1960. Okri explores the same question that haunted Achebe in Anthills of the Savannah: what might be necessary to end an apparently seemingly endless cycle of violence? There is significant evidence that the term “postcolonial” may be beginning to outlive its usefulness as a term to describe the writings of expatriate Africans and their descendants. “Postcolonial” emphasizes the ways in which authors continue to be defined by the dynamics of a colonial center and periphery. Without denying that forms of imperialism continue to exist, many younger authors (particularly those who were born in Britain) are more interested in moving beyond the binaries of white/black, colonizer/colonized, civilized/ savage that have been integral to the defense of British colonialism and its critique by postcolonial literature. Victoria Arana and Lauri Ramey (2004), for example, use the term “neo-millennial avant-garde artists” to describe authors such as Andrea Levy, Bernardine Evaristo, and Diran Adebayo. Adebayo’s Some Kind of Black (1996) and My Once upon a Time (2000) portray a multicultural London that looks radically different from the city portrayed half a century earlier in Sam Selvon’s The Lonely Londoners (1956). Since the 1990s, the British reading public as a whole has demonstrated an increasing appetite for such multicultural fictions. Such an appetite is, no



١٤٠



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



doubt, not completely different from the Orientalist fantasies that led Britons to consume the writings of Kipling and Conrad. However, it increasingly appears to be the case that Britons have accepted if not embraced the idea that Britishness is being reinvented in ways that incorporate the cultural attitudes and norms of its African, Afro-Caribbean, and South Asian populations. SEE ALSO: Black British Fiction (WF); Colonial Fiction (BIF); East African Fiction (WF); Globalization and the Novel (BIF); London in Fiction (BIF); Migration, Diaspora, and Exile in Fiction (WF); Postcolonial Fiction of the British South Asian Diaspora (BIF); Postcolonial Fiction of the West Indian/ Caribbean Diaspora (BIF); Postcolonialism and Fiction (WF); Southern African Fiction (WF); West African Fiction (WF).



١٤١



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



References and Suggested Readings



Achebe, C. (1958). Things Fall Apart. London: Heinemann. Achebe, C. (1988). Anthills of the Savannah [1987]. New York: Anchor. Acheson, J., & Ross, S. C. E. (eds.) (2005). The Contemporary British Novel. Edinburgh: Edinburgh University Press. Adebayo, D. (1996). Some Kind of Black. London: Virago. Adebayo, D. (2000). My Once upon a Time. London: Abacus. Arana, R. V., & Ramey, L. (eds.) (2004). Black British Writing. Basingstoke: Palgrave Macmillan. Ashcroft, B., Griffiths, G.,&Tiffin, H. (eds.) (1989). The Empire Writes Back: Theory and Practice in Post-Colonial Literatures. London: Routledge. Baucom, I. (1999). Out of Place: Englishness, Empire, and the Locations of Identity. Princeton: Princeton University Press. Bhabha, H. K. (1994). The Location of Culture. London: Routledge. Emecheta, B. (1972). In the Ditch. London: Barrie and Jenkins. (Rev. edn. published 1979.) Emecheta, B. (1974). Second-Class Citizen. London: Allison and Busby. Emecheta, B. (1976). The Bride Price. New York: Braziller. Emecheta, B. (1982). Destination Biafra. London: Allison and Busby. Equiano, O. (2001). The Interesting Narrative of the Life of Olaudah Equiano, or GustavusVassa, Written by Himself [1789] (ed. W. Sollors). New York: Norton. Fishburn, K. (1995). Reading BuchiEmecheta: Cross-Cultural Conversations. Westport, CT: Greenwood. Gikandi, S. (1996). Maps of Englishness: Writing Identity in the Culture of Colonialism. New York: Columbia University Press. Gilroy, P. (1987). “There Ain’t No Black in the Union Jack”: The Cultural Politics of Race and Nation. London: Hutchinson. Gurnah, A. (1987). Memory of Departure. London: Jonathan Cape.



١٤٢



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



Gurnah, A. (1994). Paradise. London: Hamish Hamilton.



Gurnah, A. (1996). Admiring Silence. London: Hamish Hamilton. Head, D. (2002). The Cambridge Introduction to Modern British Fiction, 1950–2000. Cambridge: Cambridge University Press. Innes, C. L. (2002). A History of Black and Asian Writing in Britain, 1700– 2000. Cambridge: Cambridge University Press. Innes, C. L. (2007). The Cambridge Introduction to Postcolonial Literatures in English. Cambridge: Cambridge University Press. Lee, A. R. (ed.) (1995). Other Britain, Other British: Contemporary Multicultural Fiction. London: Pluto. Naipaul, V. S. (1979). A Bend in the River. London: Deutsch. Naipaul, V. S. (2001). Half a Life. London: Picador. Okri, B. (1991). The Famished Road. London: Jonathan Cape. Rushdie, S. (1991). Imaginary Homelands: Essays and Criticism 1981–1991. London: Granta. Sancho, I. (1998). Letters of the Late Ignatius Sancho, an African [1782] (ed. V. Carretta). New York: Penguin. Selvon, S. (1956). The Lonely Londoners. London: Allan Wingate. Stendhal. (2003). The Red and the Black: A Chronicle of 1830 [1830] (trans. B. Raffel). New York: Modern Library Tew, P. (2004). The Contemporary British Novel. London: Continuum.



١٤٣



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



Postcolonial Fiction of



The British South Asian Diaspora J. Edward Mallot Multicultural fiction writers have been highly visible in the United Kingdom for several years, but no group has received more popular success and critical attention than the South Asian diaspora. Following the 1981 publication of Salman Rushdie’s Midnight’s Children, author after author has garnered mass acclaim, record-breaking advances, and prestigious awards – so much so that an alleged “Booker backlash” emerged by the late 1990s, even as some claimed that “the future of English Literature is Indian” (Ranasinha 63). Ruvani Ranasinha notes that these Anglophone writers “become highly visible as mediators, cultural translators, and spokespersons” (10) – despite their sometimes dubious, tenuous claims on “authenticity,” or their often professed reluctance to represent entire ethnic communities. The term “British Asian,” like so many markers of collective identity, has a complicated and manufactured history. Rushdie and others had long selfidentified as “black British,” an umbrella term denoting minority communities and ethnic literatures. Over the course of the 1980s and 1990s, however, theorists, authors, and audiences questioned both its political efficacy and its aesthetic implications, following Stuart Hall’s assertion that the “black British” label created a problematic hegemony incapable of representing the ethnic diversity of contemporary culture (1996b [1987], 166). Likewise, Susheila Nasta cautions against the subsequent, more specific label “South Asian,” which “inevitably flattens a diverse range of backgrounds,” effectively allowing the white majority to once again “divide and rule” (6). Further, the term “British Asian,” or “British South Asian,” literature fails to specify which individuals are referenced, or by which criteria. Does the term include Sam Selvon and V. S. Naipaul, immigrants of South Asian descent but usually associated with the West Indian diaspora? Does it represent Mulk Raj Anand and G. V. Desani, both important early examples of “British Asian” writing, who came to prominence in the UK but then returned to India? Does the term necessarily imply fiction about South Asia or about Britain? Does it suggest



١٤٥



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



political agenda or aesthetic sensibility, the author’s citizenship or residence, the text’s readership or subject matter?



If the term “British Asian fiction” seems relatively recent, so does its practice. The West Indian and African diasporas, led by figures such as Selvon, Naipaul, and Buchi Emecheta, found audiences in the UK well before any substantial, sustained emergence of Indian English literature. South Asians had, of course, been living in Britain at least as far back as 1700 and, after the postwar/ decolonization era, eventually formed the nation’s largest minority ethnic group. But with few exceptions the English reading public did not embrace subcontinental novelists. Ranasinha notes that South Asians found British audiences as social historians, not as creative writers; even by the 1950s, Indian fiction was understood as a “commercial liability in metropolitan publishing houses,” with the result that would-be novelists either failed to win contracts or tempered politicized representations of difference (12). Some individuals did attain genuine UK readerships. Anand maintained associations with the Bloomsbury group; his Untouchable (1935) and Coolie (1936) illuminate the conditions of the poor in colonial India. Desani produced an unexpected hit with All about H. Hatterr (1948), a curious picaresque novel charting the title character’s comic quest for Enlightenment. The initial “H,” Hatterr claims, stands for “Hindustaniwalla,” one of many surprising linguistic subversions he terms “rigamarole English” (2007 [1948], 37). As Nasta observes, Desani’s fiction immediately announces itself as subversive, challenging contemporary conventions of language, genre, and style; All about H. Hatterr prefigures the postmodern sensibilities of Rushdie, who has acknowledged some stylistic indebtedness to the work. A handful of novelists, such as Attia Hosain and Kamala Markandaya, produced multiple works during the mid-century period, and are today recognized as key figures of early British Asian writing. But despite individual successes – such as Hosain’s Sunlight on a Broken Column (1961) and Markandaya’s Nectar in a Sieve (1954) – British Asian fiction still lacked the consistent readership of Selvon and Naipaul. Perhaps surprisingly, in the 1970s three India-themed novels won the prestigious Booker Prize – all written by Europeans (J. G. Farrell, Ruth Prawer Jhabvala, Paul Scott). This lack of direct “Indian” representation changed swiftly and dramatically in 1981, with Midnight’s Children. The magical odyssey of Saleem Sinai – born



١٤٦



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



at the stroke of India’s independence – wowed audiences and critics alike, quickly assuming canonical status. In 1993, the novel won the “Booker of Bookers” award; in 2008, British readers named Midnight’s Children the best winner of the competition’s 40-year history. According to Ranasinha, the work “propelled South Asian Anglophone writing into the mainstream” (59), and British minority writers have often claimed that Rushdie’s success not only inspired their own efforts, but helped make a broader audience possible for multicultural artists. For white audiences, the author became the de facto representative of South Asia, with increasingly complicated implications by the end of the 1980s.



Rushdie has always proven a controversial novelist, seemingly inviting criticism with his depictions of Indira Gandhi in Midnight’s Children and various Pakistani historical figures in Shame (1983). But few could have anticipated the international furor surrounding his 1988 work The Satanic Verses. The author argued that this was a story about immigration and exile, hybridized identities and metamorphoses – “a love song,” he would explain later, “to our mongrel selves” (1991, 394). The novel’s twinned protagonists, arriving in England and quickly transforming into an angel and a devilish goat, find that their new physical attributes reflect English stereotyping. The white majority controls the immigrants because they “describe us . . . They have the power of description, and we succumb to the pictures they construct” (1997 [1988], 174). Saladin Chamcha learns that he must reject all such attempts to define him, and instead embrace each part of his “mongrel self.” Rushdie’s work also includes dream sequences about the prophet Muhammad’s life and the early development of Islam, including the infamous and long-contested “satanic verses.” The author’s radical reimagining of Muslim history angered communities throughout the world, ultimately resulting in assassinations, riots, disruptions in diplomatic relations and international trade, and the death decree from Ayatollah Khomeini. The world was reminded of the sheer power of literature to provoke and to endanger; Rushdie himself went into hiding for several years. If Midnight’s Children increased the visibility of British Asian writing at the beginning of the 1980s, The Satanic Verses exposed its political potential at the decade’s end. The crisis transformed multicultural British writing altogether, raising the visibility of “black British” authors to unprecedented heights while shattering the imagined coherence of the “black British” community.



١٤٧



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



Rushdie’s themes of immigration and exile, assimilation, and intolerance have frequently featured in other British Asian fiction. The protagonist of Markandaya’s The Nowhere Man (1972) mistakenly believes that he’s assimilated so successfully that he’s “more English than the English” (1973 [1972], 72). Only after injustices and attacks from increasingly hostile neighbors does he realize that “I have been transformed into a stranger” (241) – not the magical transmutation of Rushdie’s immigrants, but similar in spirit and effect. In contrast, Hari Kunzru’s debut The Impressionist (2002) features Pran Nath, so gifted at assimilation that he becomes a sort of “everywhere man,” adopting a series of identities ranging from upper-class Indian brat to crossdressed sex worker, Victorian schoolboy, missionary orphan, English university student, imperial anthropologist’s assistant, and African desert nomad. In Britain, his light skin and carefully modulated accent allow him to pass as “Jonathan Bridgeman”; at every turn the young man searches for signs of Englishness to adopt, so that it “sinks a little deeper into his skin” (247). His performance as Jonathan Bridgeman is so convincing that the beautiful and mysterious Astarte Chapel rejects him for being too typical, breaking his heart by telling him that “You’re the most English person I know” (332). In starkly different fashion, Rushdie, Markandaya, and Kunzru each explore the value of assimilation, the construct of an alleged “essential Englishness,” the limits and pitfalls of colonial mimicry. Monica Ali’s hugely successful Brick Lane (2003) perhaps surprisingly touches on similar themes, its protagonist Nazneen exposed to conflicting strategies of adapting to life in east London. An arranged marriage brings the young woman from Bangladesh to Brick Lane. Her husband, Chanu, is often well meaning, but significantly older, generally hapless, and a poor match for her romantic aspirations; Nazneen later finds herself drawn to the young, handsome, politically active Karim. But Ali’s protagonist observes and adapts, negotiating a London life increasingly on her own terms. Surrounded by characters either determined to preserve Bangladeshi collective identity or determined to assimilate completely, she learns to establish her own rules and expectations. Ultimately she rejects both husband and lover, deciding to stay in Britain with her children. In the novel’s oft-cited closing scene, Nazneen takes the girls ice skating. While one daughter protests that “you can’t skate in a sari,” Nazneen sees potential for her own appropriations of Englishness and Asianness. “This is England,” she replies. “You can do whatever you like” (369).



١٤٨



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



Multicultural British fiction boasts several high-profile female authors – Zadie Smith and Andrea Levy among the most famous – and Brick Lane places Ali at the forefront of women novelists. But while Ali may be the most recognizable name, several others received significant critical attention during the post-Midnight’s Children period. Ravinder Randhawa’s A Wicked Old Woman (1987) has been considered an important early example of feminist British Asian fiction. Its central character, Kulwant, disguises herself as the “wicked old woman” of the title, a masquerade that invites her to explore the unstable nature of identities more broadly. But Kulwant’s wanderings in “old woman” disguise allow Randhawa to introduce a variety of other women, each struggling to come to terms with hybridity, prejudice, and intergenerational conflict. The complicated, interweaving narrative strands include Maya, conducting research on madness in the Asian community for a television documentary, and Rani, who barely survives a brutal attack. Shellshocked and hospitalized, Rani recovers only when the other women “heal” her through collective storytelling. Farhana Sheikh’s unorthodox narrative The Red Box (1991) features Raisa, whose interviews with young female students illuminate prejudice and violence plaguing ethnic minorities in secondary schools. In Atima Srivastava’s Transmission (1992), the female protagonist struggles with the complexities of “second-generation” life, as she prepares a television program about the HIV/AIDS crisis. In a principal plotline of Meera Syal’s Life Isn’t All Ha Ha Hee Hee (1999), Tania prepares a documentary about contemporary British Asians, starring close friends Chila and Sunita. But Tania’s project exposes them in such stark, unflattering light that the film threatens to tear the friendships apart. Writers and audiences have long been acutely aware of the politics of representation, even more so following the scandal of the Satanic Verses affair. Cultural critics have written extensively and forcefully about the lack of representation for minorities in mainstream British media, and the complicated political ramifications of what representations do exist; repeatedly, novelists have explored these issues in their fiction. This concern with self-definition and mainstream access connects Syal to the works of Hanif Kureishi, already famous for 1980s screenplays such as My Beautiful Laundrette. Kureishi’s stature in British ethnic literary criticism nearly rivals Rushdie’s own; Sukhdev Sandhu considers him the most important figure “responsible for dragging Asians in England into the



١٤٩



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



spotlight” (230). Without question, he provides critical insight and exposure to the status and concerns of the British-born children of Asian immigrants; in particular, his work illuminates often unexpected distinctions between firstand second-generation experience. “My name is Karim Amir,” the protagonist of The Buddha of Suburbia (1990) begins, “and I am an Englishman born and bred, almost. I am often considered to be a funny kind of Englishman, a new breed as it were, having emerged from two old histories” (1991 [1990], 3). “Not proud” of his Englishness, Karim is hardly “Pakistani” either, mirroring Kureishi’s own insistence that he identifies, first and foremost, as a Londoner. Ranasinha argues that Kureishi’s work “parodies the idea of homogeneous, distinct, racially defined communities” (222). The determined mess of identity in The Buddha of Suburbia – neither expressing nor exploiting nor rejecting ethnicity entirely – places Karim in what Mark Stein has called not simply “post-ethnicity,” but “posed-ethnicity” (115), employing expected markers of difference on occasion, but undercutting any notion that identity can be confined to race alone. Hence Karim’s acting career, beginning with a disastrously comic turn as Mowgli and ending as token minority soap opera character, parallels his tendency to view ethnicity itself as performance.



Like Kureishi, a host of second-generation writers have come to literary prominence; many investigate the oft-called “in-between” or “caught between” cultural positions of British-born Asians. Syal’s comic Bildungsroman, Anita and Me (1996), introduces a girl growing up in an intolerant rural England in the 1960s. Nadeem Aslam’s bleak, violent novel Maps for Lost Lovers (2004) explores tensions within British Asian families. As the community in the “Desert of Loneliness” struggles to understand the disappearance of unmarried lovers Jugnu and Chanda, family matriarch Kaukab attempts to come to terms with a country still foreign and hostile, and children even stranger and more hateful. Her efforts to maintain Muslim piety may reflect the stereotype of Asian immigrants, but in this work the younger generation sometimes embraces a still stronger fundamentalism. In this sense, Aslam’s novel echoes a group of texts exploring the rise of radical Islam in British Asian youth. Kureishi’s 1997 story “My Son the Fanatic,” in which a wholly secular Pakistani immigrant becomes horrified at his son’s turn to fundamentalism, now seems hauntingly prescient of the September 11 and July 7 terrorist acts. His second novel, The Black Album (1995), explores similar terrain, its plot largely concerned with youth anger against white



١٥٠



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



Britain generally, and Rushdie’s Satanic Verses specifically. Ali’s Brick Lane community fails to cohere in the wake of September 11 and its own political infighting; in a seemingly life-reflecting-art moment, production of the novel’s film adaptation was suspended in 2006 when some residents protested alleged anti-Muslim, anti-Bangladeshi plotlines. In Moshin Hamid’s The Reluctant Fundamentalist (2007), the title character responds to post-9/11 intolerance by joining an activist Islamic organization in Pakistan. Assimilation has proven a consistent key issue for British Asian texts, but its principal terms have changed in the wake of recent global violence; these authors explore the reasons behind the rise of youth-based political activism, and its potential consequences for the body politic.



Memory – of home and homeland, of pre-colonial and pre-independence conditions, of life before England, of the basic tenets of non-Western tradition, religion, and culture – provides fertile territory for British multicultural fiction. In British Asian writing, texts of and about memory tend to take two forms. In one vein, authors look back to particular political periods in sub-continental history. A. Sivanandan’s When Memory Dies (1997) charts waves of communal violence inflicted against Tamil minorities in both pre- and post-independence Sri Lanka. Rushdie’s Shame and Mohammed Hanif’s A Case of Exploding Mangoes (2008) reflect on the political power players of post-independence Pakistan, in distinctly postmodern and often damningly satiric fashion. In another vein, exiled characters cast a nostalgic eye back to sub-continental homelands, such as in Sunetra Gupta’s Memories of Rain (1992). In Romesh Gunesekera’s Reef 1994 and The Sandglass (1998), characters’ longing for Sri Lanka remains compromised both by ongoing communal violence and by the gaps, errors, and inventions of memory itself. For Nasta, Gunesekera’s prosesuggests “a poetics of diaspora inwhichreturnisnolongerpossible, andthefilters of fragmented memory no longer provide an untroubled or celebratory route to an ‘imaginary homeland’ ” (213). As various literary characters and cultural theorists attest, returning home – in memory or in reality – is no longer a simple, viable option. Stuart Hall argues that “Migration is a one way trip. There is no ‘home’ to go back to. There never was” (1996a [1987], 115). Nor is return necessarily desirable for descendants of immigrants, or those



١٥١



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



who have fought to immigrate to and to stay in the UK. Markandaya’s protagonist may have found himself “a nowhere man,” but the second and third generations, headed by Kureishi, more frequently position themselves as British, challenging and expanding the very notion of Britishness in their lives and works. Indeed, Kureishi and Kunzru now typically place their fictions outside ethnic communities or questions of difference; far from being “nowhere novelists,” they now seek to explore contemporary Britain more broadly. Thus it may soon be the case that “British Asian fiction” no longer denotes literature about ethnic/cultural identity, or even necessarily about the United Kingdom; as writer after writer achieves prominence, the relatively new field promises even wider audiences and areas of inquiry in the decades ahead. This does not mean, however, that narratives of arrival are a thing of the past; many authors explore the still significant numbers of newcomers, and their determination to remain and prosper. Manzu Islam’s Burrow (2004) concerns an illegal immigrant in contemporary London. Even as authorities close in around him, he maintains that England “is not as difficult as it used to be. At least we have learnt how to defend ourselves and shout for what is due to us . . . We had to do it because England is all we have by way of a home . . . We will do anything to survive; we’re going to survive” (291). SEE ALSO: Black British Fiction (WF); Colonial Fiction (BIF); Indian Fiction (WF); Migration, Diaspora, and Exile in Fiction (WF); Pakistani Fiction (WF); Postcolonial Fiction of the African Diaspora (BIF); Postcolonial Fiction of the West Indian/Caribbean Diaspora (BIF); Postcolonialism and Fiction (WF); Sri Lankan Fiction (WF)



١٥٢



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



References and Suggested Readings Ali, M. (2003). Brick Lane. New York: Scribner’s.



Anand, M. R. (1935). Untouchable. London: Lawrence and Wishart. Anand, M. R. (1936). Coolie. London: Lawrence and Wishart. Aslam, N. (2004). Maps for Lost Lovers. New York: Knopf. Desani, G. V. (2007). All about H. Hatterr [1948]. New York: New York Review of Books. Gunesekera, R. (1994). Reef. New York: New Press. Gunesekera, R. (1998). The Sandglass. London: Granta. Gupta, S. (1992). Memories of Rain. New York: Grove. Hall, S. (1996a). Minimal Selves [1987]. In H. A. Baker, Jr., M. Diawara, & R. H. Lindeborg (eds.), Black British Cultural Studies: A Reader. Chicago: University of Chicago Press, pp. 114–19. Hall, S. (1996b). New Ethnicities [1987]. In H. A. Baker, Jr., M. Diawara, & R. H. Lindeborg (eds.), Black British Cultural Studies: A Reader. Chicago: University of Chicago Press, pp. 163–72. Hamid, M. (2007). The Reluctant Fundamentalist. Orlando, FL: Harcourt. Hanif, M. (2008). A Case of Exploding Mangoes. New York: Knopf. Hosain, A. (1961). Sunlight on a Broken Column. New Delhi: Penguin. Islam, M. (2004). Burrow. Leeds: Peepal Tree. Kunzru, H. (2002). The Impressionist. New York: Dutton. Kureishi, H. (1991). The Buddha of Suburbia [1990]. New York: Penguin. Kureishi, H. (1995). The Black Album. London: Faber and Faber. Kureishi, H. (1996). My Beautiful Laundrette and Other Writings. London: Faber and Faber. (Play originally published 1986.) Kureishi, H. (2005). My Son the Fanatic [1997]. In The Word and the Bomb. London: Faber and Faber, pp. 61–74. Markandaya, K. (1954). Nectar in a Sieve. London: Putnam’s.



١٥٣



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



Markandaya, K. (1973). The Nowhere Man [1972]. London: Allen Lane.



Nasta, S. (2002). Home Truths: Fictions of the South Asian Diaspora in Britain. Basingstoke: Palgrave Macmillan. Ranasinha, R. (2007). South Asian Writers in Twentieth-Century Britain: Culture in Translation. Oxford: Clarendon. Randhawa, R. (1987). A Wicked Old Woman. London: Women’s Press. Rushdie, S. (1981). Midnight’s Children. London: Jonathan Cape. Rushdie, S. (1991). Imaginary Homelands: Essays and Criticism 1981–1991. London: Granta. Rushdie, S. (1997). The Satanic Verses [1988]. New York: Picador. Sandhu, S. (2003). London Calling: How Black and Asian Writers Imagined a City. London: HarperCollins. Sheikh, F. (1991). The Red Box. London: Women’s Press. Sivanandan, A. (1997). When Memory Dies. London: Arcadia. Srivastava, A. (1992). Transmission. London: Serpent’s Tail. Stein, M. (2004). Black British Literature: Novels of Transformation. Columbus: Ohio State University Press. Syal, M. (1996). Anita and Me. New York: New Press. Syal, M. (1999). Life Isn’t All Ha HaHeeHee. London: Doubleday.



١٥٤



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



Postcolonial Fiction of The West Indian/Caribbean Diaspora Timothy Weiss



In the Caribbean, one émigré writer recollects, “you grow up knowing that you’re going to leave” (Philip 230). That seems to be a given for writers tobe of the West Indies/Caribbean basin, whose diaspora includes the United States, Canada, and Great Britain. For the Anglophone Caribbean, London has long served as a de facto cultural capital, and with the post-World War II surge of migration, its West Indian population grew significantly. By 1961 an estimated 172,000 West Indians had immigrated to the UK, and by 1981 500,000 people of West Indian background lived there. Diasporic literature begins as a literature of immigration, later becoming a migrating literature constantly reformulating its sense of place and identity. “Migration creates the desire for home, which in turn produces the rewriting of home” (Conde & Lonsdale 1999). In its beginnings, diasporic literature exists on the margins of national literatures, whether British, American, or Canadian; as it evolves from one generation of writers to the next it redefines national spaces and imagines transnational ones. West Indian diasporic literature began with C. L. R. James, who went to England in 1931 to write and publish books. His Minty Alley (1936) is the first West Indian novel published in England focusing on West Indian subject matter and incorporating West Indian dialects. Minty Alley portrays a Port of Spain barrack-yard through the eyes of a middle-class young man, Haynes, who temporarily lodges there. Knowing the world through books and content at first to observe his neighbors from the privacy of his room, he gradually becomes more involved in their lives, sheds his innocence, and enters the fray of color-conscious, sexually charged lower-class Trinidadian society. James was a pioneer – as was E. R. Braithwaite who also emigrated to England in the 1930s and whose To Sir, With Love (1959), both the book and the film (1967), later became an important popular landmark – for it was not until the late 1940s and the arrival of Empire Windrush emigrants that West Indian disaporic literature in Great Britain entered its first, definitive phase.



١٥٥



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



The rubric “Windrush generation” – derived from the troopship/passenger vessel the SS Empire Windrush which began carrying West Indians and other emigrants to England in June 1948, an event that came to symbolize the beginnings of contemporary, multiracial Britain and the reshaping of national identity – designates this postwar migration from the Caribbean (and other former colonies). George Lamming, Samuel Selvon, V. S. Naipaul, and Wilson Harris, as well as lesser known writers such as Edgar Mittelholzer, Andrew Salkey, Roger Mais, Roy Heath, and Michael Anthony, all immigrated to England in the late 1940s and 1950s. The challenges they faced were daunting given that there existed neither publishers nor readers, nor even an established subject matter, for this new literature, but they arrived at a time of literary transition, when their work could be encouraged and supported by institutions such as the British Broadcasting Corporation (BBC) and publishing houses such as Andre Deutsch, Heinemann, Longman, and Faber and Faber. The radio program Caribbean Voices transmitted sparks from this new literary flame to metropolitan and overseas audiences and became “the single most important literary catalyst for Caribbean creative writing in English” (Wambu 2000). George Lamming, whose novels include In the Castle of My Skin (1953) and The Emigrants (1954), was one important writer whose career the program helped launch. Returning to the rural landscape of his childhood in Barbados in the 1930s and 1940s, In the Castle of My Skin recounts a boy’s growing up in a village where people have little or no knowledge of their history; the novel relates the coming to awareness of the individual and the community in a colony where feudal relations between white landlords and black workers are coming to an end. The Emigrants picks up where In the Castle of My Skin leaves off, tracing the voyage of the young man who has left his native island, traveling with other West Indians to England. The “better break” that each seeks is circumscribed by the barriers they encounter such as difficulty in finding lodging and employment, harassment by police, and their own ignorance of life in Britain. Sam Selvon traveled on the same passenger ship as Lamming from the West Indies to London and composed parts of his first novel, A Brighter Sun (1952), during the transatlantic crossing. His best known work, The Lonely Londoners (1956), takes the form of a series of vignettes recounted from the



١٥٦



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



third-person point of view of Moses Aloetta, a Trinidadian immigrant who has lived in London for 10 years and has gotten into the habit of helping new arrivals from the West Indies and Africa get settled there. Its comic elements counterpoint a harsh reality of segregation and racism. During the 1970s and 1980s Selvon continued to reflect on the immigrant experience, tracing his protagonist’s (mis)fortunes and peregrinations in Moses Ascending (1975) and Moses Migrating (1983).



V. S. Naipaul and Wilson Harris stand out as the most prolific novelists of the first generation of West Indian/Caribbean émigrés. Naipaul’s novels combine, in a transformative manner, autobiographical and historical elements, and respond to contemporary predicaments and issues – not only in the Caribbean and Great Britain, but in the developing world. Miguel Street (1959), his first written but third published work, portrays an inner-city neighborhood of Port of Spain through the eyes of a boy growing up there, rendering it indirectly through the ironic process of the adolescent’s discoveries, questionings, disillusionment, and eventual departure from the island. The Mystic Masseur (1957) writes a sympathetic yet satiric (fictional) biography of a healer, Ganesh, who rises from his East Indian village origins to become author and intellectual, politician and decorated statesman. The Suffrage of Elvira (1958) looks at politics in rural Trinidad, where narrow ethnic loyalties, jealousies, and philistinism trump processes of democratization. A House for Mr. Biswas (1961) treats the colonial Trinidad of the author’s grandparents and parents, recording a colony’s transition from a rural to an urban, modern society. Although its protagonist is modeled on the author’s father, Biswas’s sense of not belonging is also Naipaul’s. Expatriates, immigrants, and exiles figure in several later novels: in The Mimic Men (1967) Ralph Singh, a middleaged businessman and self-exiled West Indian politician, writes his memoirs and simmers in his alienation from both Caribbean and London societies. The Booker Prize-winning In a Free State (1971) recounts a journey into disorder in an African country, as does another important novel, A Bend in the River (1979), whose narrator, an immigrant shop owner of Indian Muslim origin, depicts a postcolonial Africa caught in cycles of half-development, deterioration, and destruction. The Enigma of Arrival (1987) has been read as a novel that reconciles an immigrant’s colonial heritage with the sociocultural changes of post-imperial England, reinterpreting what it means to be British today; it can also be read as an expression of a new transnational



١٥٧



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



identity, explored further in A Way in the World (1994).



Wilson Harris is a visionary novelist and theorist whose works draw from Caribbean and South American sources (e.g., Amerindian mythology) as well as the whole Western literary tradition; not only his fiction but also non-fictional works such as The Womb of Space: The Cross-Cultural Imagination (1983) have influenced second-generation Anglo-Caribbean writers. Mythopoeic and marvelously real in style and genre, Harris’s fiction engages in a play of opposites – conqueror and conquered, Old and New World, the living and the dead – where all oppositions are shown to be interrelated. A mixture of dream and parable, Palace of the Peacock (1960), part of The Guyana Quartet (1960–3), reimagines a version of the El Dorado myth/legend, with the principal character of Donne and his crew embodying the conquistadores of an earlier epoch. The crew’s journey to the interior of a rain forest recalls Conrad’s Heart of Darkness (1902), yet unlike the latter, the narrative ends not in disillusionment but in celebration and illumination, more like The Divine Comedy, a major influence on Harris who repeatedly makes a point of drawing on literary traditions from around the world as well as on native Caribbean materials. Novels such as The Eye of the Scarecrow (1965), Ascent to Omai (1970), Companions of the Day and Night (1975), The Tree of the Sun (1978), The Carnival Trilogy (1993), and Jonestown (1996) continue Harris’s reimagining of late twentieth-century human identity. Conjuring up the ghosts of tormented Old World–New World history, employing folklore and myth as translational vehicles, Harris’s fiction is above all an art of crosscultural passages, transformation of consciousness, historical quest, and redemption. During the first half of the twentieth century, Dominican-born Jean Rhys was the only Caribbean woman writer to achieve an international reputation, beginning with The Left Bank and Other Stories (1927) and especially with Wide Sargasso Sea (1966), which tells the story of Antoinette Cosway, first wife of Edward Rochester of Charlotte Bront€e’s Jane Eyre (1847), and establishes a model of literary rewriting that later authors would adopt and develop further. The way having been paved by Lamming, Selvon, Naipaul, Harris, and Rhys, from the 1970s through the 1990s a second generation of writers of West Indian/Caribbean background emerged in the UK, and these writers can be



١٥٨



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



discussed from at least three perspectives: women writers, who give us their own accounts of the experience of displacement and their particular shaping of themes introduced by first-generation male writers; the predominance of Guyanese writers; and further development of the project of revisioning Caribbean history and exploring contemporary identity, especially with a multicultural, transnational emphasis. Diasporic fiction by women of Caribbean background developed sooner in North America than in the UK, with Brooklyn-born Paula Marshall publishing Brown Girl, Brownstones (1959), which recounts the lives of Barbadian immigrants in New York. In the UK, on the other hand, fiction by women writers was absent from the literary boom of the 1950s; it was not until the 1970s and 1980s that novels by women about women’s experiences began to be published. Merle Hodge’s Crick Crack, Monkey (1970) tells the story of a girl’s growing up in Trinidad, her movement from village to city and the resulting conflicts of moral sensibility that this brings, and her eventual departure for England. Hodge’s novel expands the range of accounts of West Indian childhood, told from male perspectives in Lamming’s In the Castle of My Skin, Naipaul’s Miguel Street, and Anthony’s The Year in San Fernando (1965), for example. Guyanese-born Beryl Gilroy emigrated to England in 1952 and belongs to an earlier generation than does Hodge; she published the autobiographical Black Teacher (1976), which chronicles her experience as a black headmistress in a London borough, and after that, novels such as Frangipani House (1986), which portrays an aging woman in a Caribbean retirement home and thus treats indirectly an aspect of emigration that remains in the background: the fate of family and friends the emigrant leaves behind.



Jamaican-born Joan Riley’s novel, Unbelonging (1985), examines the plight of black immigrant girls in England, recounting the story of 11-yearold Hyacinth who is bullied at school and beaten and sexually abused at home. The co-edited collection Leave to Stay: Stories of Exile and Belonging (Riley & Wood 1996) takes a larger, more varied view of the immigrant experience, demonstrating its multiplicity and richness. Grace Nichols, Janice Shinebourne, and Pauline Melville are three other Guyanese writers who immigrated to or sojourned in the UK. Nichols’s Whole of a Morning Sky (1986) and Shinebourne’s Timepiece (1986) take a female slant in their narratives, each treating a girl’s or family’s movement from village to city in Guyana during the struggle for independence in the 1960s. Author and actor Pauline Melville has published



١٥٩



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



short story collections, Shape-Shifter (1990) and The Migration of Ghosts (1999), and a novel, The Ventriloquist’s Tale (1997), combining Amerindian legends with postcolonial, magically real explorations of identity and place. Stylishness and the theme of metamorphosis link the three works: from the space-shifter, who conjures up different manifestations, to the ventriloquist and migrating ghosts, such as a president who returns to a village whose Amerindian inhabitants laugh at a video of his funeral. Melville enjoys turning the tables, poking fun and satirizing; she is at once irreverent and lighthearted.



Trinidadian Shiva Naipaul and Guyanan Roy A. K. Heath chart individuals’ desperation and failures in West Indian/Caribbean communities. The deceased, younger brother of V. S. Naipaul, Shiva also attended Oxford where he studied Chinese; equally known as a travel writer, his fiction can be even more caustic and grimmer than his brother’s. Fireflies (1970) and The Chip-Chip Gatherers (1973) take place in Trinidad; A Hot Country (1983; published in the US as Love and Death in a Hot Country) is set in a fictionalized Georgetown, Guyana, where a million people find themselves “trapped in the sun-stunned vacuum separating ocean from jungle” (5). The realist-naturalist mode likewise distinguishes novels of Heath, who immigrated to England in 1951 and then embarked on a career as a teacher and an attorney, not publishing his first book until 1974. His best-known novels remain The Armstrong Trilogy, comprising From the Heat of the Day (1979), One Generation (1981), and Genetha (1981). Their protagonist, a rough-tempered man with neither backbone nor background, finds himself always somewhat out of control in situations beyond his mastery. Recounting the lives of two generations of a Georgetown family, Heath’s novels chronicle the interplay of caste, class, manners, morals, and passions in twentieth-century Guyana. In the 1950s and 1960s first-generation West Indian émigré writers in Britain initiated the narratives and themes and carved out creative identities that the second-generation would expand; by the 1980s and 1990s to be writers of mixed or multicultural background from former colonies had become an advantage. We see the influence of Naipaul, who traveled often and wrote about an array of contemporary issues, and Harris, who was always a bridge builder between continents and traditions and who constantly interrogates the past, on West Indian writers who came into prominence during that period. Like Naipaul,



١٦٠



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



Caryl Phillips has written travel books, essays, and novels – as well as plays and scripts for radio, television, and film. The works of Fred D’Aguiar, poet, playwright and fiction writer, show the imprint of Harris, with their aspects of the marvelously real and their thematic interest in time, memory, and the relationship between the living and the dead. D’Aguiar explores the traumas of history that continue to haunt us and the complexity of the human spirit. The Longest Memory (1994), set in early nineteenth-century America, recounts the story of a slave who is captured after being denounced by his foster father and then whipped to death. “The future is just more of the past waiting to happen,” The Longest Memory begins, and D’Aguiar’s second fictional work, Dear Future (1996), continues an investigation of time, drawing on such disparate sources as Harris and H. G. Wells. Feeding the Ghosts (1997) combines history with the marvelous, turning to the infamous Middle Passage and one recorded incident in 1832–3 of a ship’s captain who jettisoned 130 slaves en route to the West Indies. In D’Aguiar’s imaginative account, one slave thrown overboard, Mintah, manages to cling to the ship, climb back on board, and conceal herself. She gets paper and quills from the captain’s chest – she has been educated in a Dutch mission – and keeps a journal, which is brought as evidence to the trial against the captain later in Britain. Mintah (and D’Aguiar) write to “feed the ghosts,” a moral responsibility to acknowledge that the dead are part of the living and that history is often untold and always unfinished. Another Guyanese-born author David Dabydeen, a scholar, poet, and novelist, writes crafted fiction about diasporic identity. In Disappearance (1993) an immigrant and Afro-Guyanese engineer goes to England to work on a large-scale project to shore up a sea wall in the town of Dunsmere; there he lodges with a middle-aged woman, Mrs. Rutherford, who lived a number of years with her husband in colonial Africa and who introduces her lodger to a bygone England. The novel evokes Naipaul’s The Enigma of Arrival as well as Harris’s The Secret Ladder (1963), although in both cases with a shift of attitude and tone, as if postcolonial themes can no longer be treated in the manner of first-generation writers. The skillfully narrated A Harlot’s Progress (1999) plays against William Hogarth’s series of eighteenth century paintings and engravings, imagining the life story of a West Indian slave who appears in Plate 2; the narrative moves in flashbacks from Mungo’s birthplace in Africa to the Americas and England, where he serves, in turn, Lord Montague, a Jew, and a prostitute (i.e., Moll Hackabout, the central figure of Hogarth’s



١٦١



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



engravings). As an elderly man Mungo dictates his story to a Mr. Pringle of the Committee for the Abolition of Slavery.



It may be that postcolonial fiction of the West Indian/Caribbean diaspora, which came about as a result not only of political change but also of postWorld War II immigration to the UK and America, has run its course. The extravagances and touches of parody in Melville, D’Aguiar, and Dabydeen suggest an evolving dynamic and a search for new directions. The themes of the first generation, such as coming to awareness in the colony, emigration, and new identity in the metropolis, have transformed into other themes that focus on untold histories and revisionings of history, on multicultural identities, and on human inequalities and injustice, though certainly not limited to the diaspora. Second- and third-generation West Indian/Caribbean diasporic writers will continue to blend into the whole range of fiction written in English as well as present new perspectives on a multicultural United Kingdom and world where the drama of displacement, cultural differences, and transcultural allegiances and identities carries on. SEE ALSO: Black British Fiction (WF); Colonial Fiction (BIF); Fictional Responses to Canonical English Narratives (WF); Globalization and the Novel (BIF); London in Fiction (BIF); Migration, Diaspora, and Exile in Fiction (WF); Postcolonial Fiction of the African Diaspora (BIF); Postcolonial Fiction of the British South Asian Diaspora (BIF); Postcolonialism and Fiction (WF); West Indian Fiction (WF).



١٦٢



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



References and Suggested Readings



Arnold, A. J. (ed.) (2001). A History of Literature in the Caribbean, vol. 2: English-and-Dutch Speaking Regions. Amsterdam: John Benjamins. Braithwaite, E. R. (1959). To Sir, with Love. Bath: Chivers. Cond_e, M., & Lonsdale, T. (eds.) (1999). Caribbean Women Writers: Fiction in English. New York: St. Martin’s. Cudjoe, S. R. (ed.) (1990). Caribbean Women Writers: Essays from the First International Conference. Amherst: University of Massachusetts Press. Dabydeen, D. (1993). Disappearance. London: Secker and Warburg. Dabydeen, D. (1999). A Harlot’s Progress. London: Vintage. D’Aguiar, F. (1994). The Longest Memory. London: Vintage. D’Aguiar, F. (1996). Dear Future. New York: Pantheon. Gilroy, B. (1976). Black Teacher. London: Cassell. Gilroy, B. (1986). Frangipani House. London: Heinemann. Gilroy, P. (1993). The Black Atlantic: Modernity and Double Consciousness. Cambridge, MA: Harvard University Press. Glissant,E ´ . (1997). Poetics of Relation (trans. B. Wing). Ann Arbor: University of Michigan Press. Harris, W. (1960). Palace of the Peacock. London: Faber and Faber. Harris, W. (1963). The Secret Ladder. London: Faber and Faber. Harris, W. (1983). The Womb of Space: The Cross-Cultural Imagination. Westport, CT: Greenwood. Harris, W., & Bundy, A. J. M. (eds.) (1999). Selected Essays of Wilson Harris: The Unfinished Genesis of the Imagination. London: Routledge. Heath, R. A. K. (1979–81). The Armstrong Trilogy, comprising From the Heat of the Day, One Generation, Genetha. New York: Persea. Hodge, M. (1970). Crick Crack, Monkey. Oxford: Heinemann. James, C. L. R. (1936). Minty Alley. London: Secker and Warburg.



١٦٣



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



King, B. (2004). The Oxford English Literary History, vol. 13: 1948–2000: The Internationalization of English Literature. Oxford: Oxford University Press. Lamming, G. (1953). In the Castle of My Skin. London: Michael Joseph. Lamming, G. (1954). The Emigrants. London: Michael Joseph. Maes-Jelinek, H. (2006). The Labyrinth of Universality: Wilson Harris’s Visionary Art of Fiction. Amsterdam: Rodopi. Melville, P. (1990). Shape-Shifter. London: Women’s Press. Melville, P. (1997). The Ventriloquist’s Tale. London: Bloomsbury. Melville, P. (1999). The Migration of Ghosts. London: Bloomsbury. Naipaul, S. (1970). Fireflies. Harlow: Longman. Naipaul, S. (1973). The Chip-Chip Gatherers. Harlow: Longman. Naipaul, S. (1983). A Hot Country. London: Hamish Hamilton. (Published in US as Love and Death in a Hot Country. New York: Penguin, 1985.) Naipaul, V. S. (1961). A House for Mr. Biswas. New York: Penguin. Naipaul, V. S. (1967). The Mimic Men. New York: Vintage. Naipaul, V. S. (1971). In a Free State. New York: Vintage. Naipaul, V. S. (1979). A Bend in the River. New York: Vintage. Naipaul, V. S. (1987). The Enigma of Arrival. New York: Knopf. Naipaul, V. S. (1994). A Way in the World. New York: Knopf. Nair, S. (1996). Caliban’s Curse: George Lamming and the Revisioning of History. Ann Arbor: University ofMichigan Press. Nasta, S. (2002). Home Truths: Fiction of South Asian Diaspora in England. New York: Palgrave Macmillan. Nichols, G. (1986). Whole of a Morning Sky. London: Virago. Philip, M. N. (1993). Writing a Memory of That Place [interview]. In J. Williamson, Sounding Differences: Conversations with Seventeen Canadian Women. Toronto: University of Toronto Press. Riley, J. (1985). The Unbelonging. London: Women’s Press.



١٦٤



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



Riley, J., & Wood, B. (eds.) (1996). Leave to Stay: Stories of Exile and Belonging. London: Virago. Selvon, S. (1956). The Lonely Londoners. New York: Longman. Selvon, S. (1975). Moses Ascending. New York: Heinemann. Selvon, S. (1983). Moses Migrating. New York: Three Continents. Shinebourne, J. (1986). Timepiece. Leeds: Peepal Tree.



Wambu, O. (ed.) (2000). Hurricane Hits England: An Anthology of Writing about Black Britain. New York: Continuum. (Originally published as Empire Windrush: Fifty Years of Writing about Black Britain. London: Gollancz, 1998.) Webb, B. J. (1992). Myth and History in Caribbean Fiction: AlejoCarpentier, Wilson Harris, and Edouard Glissant. Amherst: University of Massachusetts Press. Weiss, T. F. (1992). On the Margins: The Art of Exile in V. S. Naipaul. Amherst: University of Massachusetts Press.



١٦٥



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



Black British Fiction Abigail Ward



Black British fiction is an expanding area of twentieth- and twenty-firstcentury literature. The term “black British literature” has been used since the 1980s, but it has been controversial because both “black” and “British” are deceptively complex terms that cause problems of categorization for writers and critics. Novelist and poet Fred D’Aguiar raised his objections in his essay “Against Black British Literature,” arguing that the term marginalizes black creativity and fails to recognize it as part of, rather than distinct from, Britishness (106). There is, equally, a danger of homogenization – of failing to recognize the diversity of peoples within this grouping. Moreover, as many “black British” authors now reside outside the UK – Caryl Phillips and George Lamming, among others – the label seems particularly inappropriate for them. As literary critic John McLeod has argued, the transnational elements of much black writing in Britain may be compromised by viewing the work as solely British (2002, 59). “Black writing in Britain,” an alternative phrase deployed by some critics, is an attempt to avoid the closed-off nature of “black British,” suggesting instead the potential for movement, heterogeneity, and migration, recalling cultural theorist Stuart Hall’s emphasis on diasporic identities “constantly producing and reproducing themselves anew” (402). As the historian Peter Fryer has noted (1), there has been a black presence in Britain since Roman times, and the earliest literary writings in existence (fictional or otherwise) by black people in Britain are the eighteenth-century slave narratives and poems by such figures as Olaudah Equiano, Ignatius Sancho, and Mary Prince. In the twentieth century, although authors like C. L. R. James and Una Marson were writing in Britain in the 1930s, the docking of the SS Empire Windrush with 492 Caribbean immigrants on June 22, 1948 was a crucial moment of arrival. The “Windrush period” saw the migration of such literary figures as Lamming, Sam Selvon, Wilson Harris, Beryl Gilroy, V. S. Naipaul, and Andrew Salkey. The postwar novels or short stories by these writers were often set in Britain’s metropolitan centers, typically London, and are characterized by a sense of alienation andstruggle in the unforgiving social climate of the time. Authors of the late 1940s onward often wrote



١٦٧



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



of the dangerously intensifying racial tensions that culminated in the 1958 Nottingham and Notting Hill riots. Of course, Caribbean migrants were not the only non-whites in Britain at this time; South Asian and African migration also intensified from 1948 until the passing of repressive legislation in 1962, 1968, and finally 1971, when the Immigration Act severely restricted primary immigration. Buchi Emecheta’s semiautobiographical novels In the Ditch (1972) and Second-Class Citizen (1974) epitomized for many the struggle to exist as a female Nigerian migrant in 1960s Britain. Her protagonist, a young mother with an unsupportive husband, experiences both racism and sexism, and has the added complications of finding accommodation for, and raising, her young family amid white fears of a growing black population.



The 1990s saw the subject of transatlantic slavery explored in novels by a second generation of black British writers. Caryl Phillips’s Cambridge (1991) and Crossing the River (1993), S. I. Martin’s Incomparable World (1996), Fred D’Aguiar’s The Longest Memory (1994) and Feeding the Ghosts (1997), and David Dabydeen’s A Harlot’s Progress (1999) all explored, in diverse ways, the relationship between current concerns of late twentieth-century Britain (including ongoing racial anxieties) and Britain’s oft-ignored slave past. Some important British Asian writing also appeared, including Hanif Kureishi’s The Buddha of Suburbia (1990) and The Black Album (1995), and Meera Syal’s Anita and Me (1996) and Life Isn’t All Ha Ha Hee Hee (1999), the latter novels recounting young Asian female experiences of British life. Other black British fiction produced in this period by migrant or Britishborn authors includes writing by Andrea Levy, Ben Okri, Courttia Newland, Jackie Kay, and Diran Adebayo. Adebayo’s Some Kind of Black (1996) explored urban black British identities and politics, while Jackie Kay’s novel Trumpet (1998) exploded boundaries of gender and sexuality in the poetic story of transvestite jazz trumpeter Joss Moody. At the turn of the century, Zadie Smith’s acclaimed bestseller White Teeth (2000), with its ironic investigation of “Happy Multicultural Land” (465), won several literary prizes, and follow-up novels The Autograph Man (2002) and On Beauty (2005) reinforced her stature as one of Britain’s most successful contemporary authors. Like Kureishi, Smith often uses the United States as a comparative site for exploring black British identities, whereas Bernardine Evaristo’s novel in verse The Emperor’s Babe (2001) makes a



١٦٨



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



historical comparison between Roman Londinium and twenty-first-century Britain. Evaristo uses the story of Zuleika – a young black woman living in 211 AD – to raise contemporary race, class, and gender issues. With her careful blend of prose, poetry, and script in The Emperor’s Babe, and in Lara (1997) and Soul Tourists (2005), Evaristo makes a bold contribution to black British fiction and challenges the limits of this continually developing genre.



SEE ALSO: The City in Fiction (WF); Indian Fiction (WF); London in Fiction (BIF); Migration, Diaspora, and Exile in Fiction (WF); Postcolonial Fiction of the African Diaspora (BIF); Postcolonial Fiction of the British South Asian Diaspora (BIF); Postcolonial Fiction of the West Indian/Caribbean Diaspora (BIF); Postcolonialism and Fiction (WF); West African Fiction (WF); West Indian Fiction (WF).



١٦٩



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬



References and Suggested Readings



Ball, J. C. (2004). Imagining London: Postcolonial Fiction and the Transnational Metropolis. Toronto: University of Toronto Press. D’Aguiar, F. (1989). Against Black British Literature. In M. Butcher (ed.), Tibisiri: Caribbean Writers and Critics. Sydney: Dangaroo, pp. 106–114. Fryer, P. (1984). Staying Power: The History of Black People in Britain. London: Pluto. Hall, S. (1993). Cultural Identity and Diaspora. In P. Williams & L. Chrisman (eds.), Colonial Discourse and Post-Colonial Theory: A Reader. Hemel Hempstead: Harvester Wheatsheaf, pp. 392–403. Low, G., & Wynne-Davies, M. (eds.) (2006). A Black British Canon?Houndsmills: Palgrave Macmillan. McLeod, J. (2002). «Some Problems with “British” in a “Black British Canon”. Wasafiri, 36, 56–9. McLeod, J. (2004). Postcolonial London: Rewriting the Metropolis. Abingdon: Routledge. Owusu, K. (ed.) (2000). Black British Culture and Society: A Text Reader. London: Routledge. Procter, J. (ed.) (2000). Writing Black Britain 1948–1998: An Interdisciplinary Anthology. Manchester: Manchester University Press. Procter, J. (2003). Dwelling Places: Postwar Black British Writing. Manchester: Manchester University Press. Sesay, K. (ed.) (2005). Write Black Write British: From Post-Colonial to Black British Literature. Hertford: Hansib. Smith, Z. (2000). White Teeth. London: Hamish Hamilton. Stein, M. (2004). Black British Literature: Novels of Transformation. Columbus: Ohio State University



١٧٠



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫المراجع في سطور‬



‫ولد ج ل محمد عبد الرؤوف محمد الجزيري ﰲ ‪ ٢‬أغسطس ‪ ١٩٧٣‬بجهينة‪،‬‬ ‫محافظة سوهاج‪ ،‬مﴫ‪ .‬كاتب قصة وشاعر ومﱰجم وناقد ودكتور جامعي‪ .‬تخرج ﰲ‬ ‫قسم اللغة اﻹنجليزية بكلية اﻵداب بسوهاج ‪ .١٩٩٥‬حصل عﲆ اﳌاجست من قسم‬ ‫اللغة اﻹنجليزية بآداب القاهرة ‪١٩٩٨‬عن رسالة بعنوان »تحوﻻت اﳌنظور ﰲ شعر‬ ‫روى فولر‪ ،«١٩٦١ – ١٩٣٦‬ثم عﲆ الدكتوراه من قسم اللغة اﻹنجليزية بآداب ع‬ ‫شمس عام ‪ ٢٠٠٢‬عن رسالة بعنوان »جوانب الﴪد ﰲ شعر روجر ماكجوف ‪١٩٦٧‬‬ ‫– ‪ .«١٩٨٧‬يعمل منذ عام ‪ ١٩٩٩‬بقسم اللغة اﻹنجليزية بكلية الﱰبية بالسويس‪،‬‬ ‫جامعة السويس ﴫ‪ ،‬ويعمل حاليا بقسم اللغات والﱰجمة بكلية اﻵداب والعلوم‬ ‫اﻹنسانية بجامعة طيبة باﳌدينة اﳌنورة‪.‬‬ ‫ﳌزيد من اﳌعلومات عن اﳌراجع‪:‬‬



‫‪١٧١‬‬



‫نظرية ما بعد اﻻستعمار والرواية‬ ‫المترجم في سطور‬



‫ولد أﴍف إبراهيم محمد زيدان ﰲ ‪ ٤‬سبتمﱪ ‪ ١٩٧٣‬بقرية‬ ‫صناديد‪ ،‬مركز طنطا‪ ،‬محافظة الغربية‪ ،‬مﴫ‪ .‬تخرج ﰲ قسم‬ ‫اللغة اﻹنجليزية بكلية اﻵداب بطنطا ‪ .١٩٩٥‬حصل عﲆ‬ ‫اﳌاجست من قسم اللغة اﻹنجليزية بآداب ع شمس ‪٢٠٠٠‬‬ ‫رسالة بعنوان »الواقع والخيال ﰲ روايات جون فاولز«‪ ،‬ثم‬ ‫عﲆ الدكتوراه من قسم اللغة اﻹنجليزية بآداب ع شمس‬ ‫عام ‪ ٢٠٠٣‬عن رسالة بعنوان » اﻷكاد يون والرواية«‪ .‬عمل‬ ‫منذ عام ‪ ٢٠٠٣‬حتي ‪ ٢٠٠٥‬بقسم اللغة اﻹنجليزية بكلية‬ ‫الﱰبية للبنات بحفر الباطن )السعودية(‪ ،‬وعمل أيضا بكلية‬ ‫اﻷداب والعلوم اﻹنسانية )جامعة اﻷم سطام‪/‬السعودية(‪،‬‬ ‫ويعمل حاليا بكلية اﻵداب‪/‬جامعة بور سعيد‪ .‬نﴩ كتابان‬ ‫عن الرواية الكندية‪ ،‬وآخر ﰲ اللغة اﻹنجليزية بعنوان )الرد‬ ‫بالكتابة ﰲ الرواية الحديثة‪ :‬قراءة ما بعد استع رية(‪،‬‬ ‫والعديد من اﳌقاﻻت اﳌﱰجمة والنقدية‪.‬‬ ‫للتواصل مع اﳌﱰجم‪:‬‬



‫موبايل‪٠٠٢٠١٠٠٩٠٤٩٣٦٦ :‬‬



‫‪١٧٢‬‬



‫د‪ .‬أﴍف زيدان‬