13 0 317 KB
نصائح العباد شرح محمد نووي بن عمر الجاوي على
املنبهات على اإلستعداد ليوم املعاد تأليف شهاب الدين أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقالني ( 258 777هـ)
بسم اهلل الرحمن لرحيم أرفع الصفات ،وأشهد أن ال إله إال اهلل وحده العلم َ الحمد هلل الذى جعل َ
خص من شاء من عباده بالمآثر الحكمية ،وأشهد أن ال شريك له الذى ّ خصه اهلل تعالى بجميع كماالت العبودية ،وصلى محمدا عبده ورسوله الذى ّ اهلل على سيدنا محمد الذى مألّ اهلل تعالى قلبه صلى اهلل عليه وسلم من جالله
جل وعال ،وعينه صلى اهلل عليه وسلم من جماله األسنى فصار صلى األعلى ّ اهلل عليه وسلم مسرورا منصورا ،وعلى آله وأصحابه والسالكين على منهجه
فنالوا خيرا وافرا. سا ِوى محمد نووى بن عمر الجاوي: (أما بعد) :فيقول المرتجى غَ ْف َر َ الم َ
هذا شرح وضعته على الكتاب المشتمل على المواعظ للعالمة الحافظ الشيخ شهاب الدين أحمد بن علي بن محمد بن أحمد الشافعي الشهير بابن خجر العسقالني ثم المصري تغمده اهلل تعالى برحمته آمين ،وسميته( :نصائح العباد فى بيان ٍ ألفاظ منبه ٍ ات على اإلستعداد ليوم المعاد) .وأسأل اهلل الكريم أن ينفع به المسلمين ،وأن يجعله ذخيرة إلى يوم الدين آمين. (بِس ِم ِ الرِح ِ يم) وتسن عند ابتداء كل أمور غير مح ّقرات ،فإن الر ْح َم ِن َّ اهلل َّ ْ تركها فى أولها أتة بها فى أثنائها بقوله "بسم اهلل فى أوله وآخره"( .الحم ُد ِ هلل كل ِح ْي ٍن) أي زمان قل أوكثر (وأَوقَ ٍ ات ْْ) وهي أزمنةٌ محدودةٌ ،وهي من فى ِّ َْ خاص على ٍ عطف ٍ العطف من اهلل ومن غيره ( َعلَى َر ُس ْو ِله) الصالةُ) أي عام ( َو َّ ُ إلى كافّة الخلق (أَش َْر ِ الخل ِْق) وهو كل ما أوجده اهلل تعالى على تقدي ٍر ف َ ْ َ ات ِْ) أي المخلوقات مطلقا أو التى فى األرض ،فهي أوجب ْته الحكمةُ (والبَ ِريَّ ْ
من عطف المرادف أو من عطف الخاص على العام ،فسيدنا محمد صلى اهلل أفضل الخلق كلهم. عليه وسلم ُ هات على اإلستعداد ليوم المعاد) ( َه ِذهِ) أي المستحضرة فى الذهن ( ُمنبِّ ٌ َ التأهب ألجل ِ وقت الرجوِع إلى اهلل تعالى (فإ ّن منها) أي المنبهات أي على ّ شرة) الع َ (ما يكون َمثْـنَى) أي زوجين زوجين (ومنها ما يكون ثُالَثَى ،إلى تمام َ آثار، وأربع عشرَة، األخيار خمسةٌ وأربعون ،والبواقى ٌ وجملةُ المقاالت مائتان َ ُ التبرك بإتيان حديثين شريفين جليلين: وأنا اآلن أريد َ
فالحديث األول) :أجازني به العالمة الشيخ محمد الخطيب الشامي ثم ( ُ
المدني الحنبلي وهو ابن عثمان بن عباس بن عثمان ،عن مشايخه متصال إلى ذر الغِفاري رضي اهلل عنه عن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم فيما يرويه أبى ّ عن رلبه عز وجل ،قال تعالى(( :يا ِعب ِ ادي إني َح َّرْم ُ ُّ ْم على نَـ ْف ِسي ّ َ ت الظل َ وجعلْتُهُ بـيـنَ ُكم مح َّرما فال تَظَالَموا ،يا ِعب ِ ض ٌّ ادي ُكلُّ ُك ْم َ ال إالَّ من َه َديْـتُهُ َ َ َ َ َْ ْ ُ َ ً ُ ِ ِ ِ فاستَطْعِ ُمونى فاستَـ ْه ُد ْونى أ َْهد ُك ْم ،يا عبَادي ُكلُّ ُك ْم َجائِ ٌع إالّ من أَط َْع ْمتُهُ ْ ْ ادي ُكلُّ ُكم َعا ٍر إالّ من َكسوتُهُ فاستَ ْكسونى أَ ْكس ُكم ،يا ِعب ِ أُطْعِم ُكم ،يا ِعب ِ ادي َ َْ َ ُ ْ ْ ْ ْ ْ ُ ِ َّها ِر وأنا أَغْ ِف ُر ُّ فاستَـغْ ِفرونى أَغْ ِف ْر لَ ُك ْم، إِنَّ ُك ْم تُ ْخطئُو َن بِاللَّْي ِل َوالنـ َ وب جميعا ْ الذنُ َ يا ِعب ِ ض ُّرونِي َولَ ْن تَـ ْبـلُغُوا نَـ ْفعِي فَـتَـ ْنـ َف ُعونِي ،يا ض ِّري فَـتَ ُ ادي إِنَّ ُك ْم لَ ْن تَـ ْبـلُغُوا َ َ ِ ِعب ِ ِ س ُك ْم َو ِجنَّ ُك ْم َكانُوا على أَتْـ َقى قَـل ِ ادي لو أ َّ ْب َر ُج ٍل َ َن أ ََّولَ ُك ْم َوآخ َرُك ْم َوإنْ َ َن أ ََّولَ ُكم و ِ وِ ْكي َشيئًا ،يا ِعب ِ اد ذلك في مل ِ ادي لو أ َّ آخ َرُك ْم اح ٍد ِمنْ ُك ْم ما َز َ ْ َ ُ ْ َ َ ْب رج ٍل و ِ اح ٍد ما نَـ َقص ذلك من مل ِ ِ ِ ْكي ُ َ س ُك ْم َوجنَّ ُك ْم َكانُوا على أَفْ َج ِر قَـل ِ َ ُ َ َوإنْ َ يد و ِ ِ آخرُكم وإِنْس ُكم و ِجنَّ ُكم قَاموا في ِ ٍ شيئا ،يا ِعب ِ ادي لو أ َّ اح ٍد َ َن أ ََّولَ ُك ْم َو َ ْ َ َ ْ َ ْ ُ َ صع َ ِ ِ ِ ت ُك َّل إِنْ ٍ ص سأَلُونِي فَأَ ْعطَْي ُ ص ذلك م َّما ع ْندي إالّ كما يَـ ْنـ ُق ُ سان َم ْسأَلَتَهُ ما نَـ َق َ َ فَ َ
ِ ِ ِ ِ ُح ِ يها لَ ُك ْم ثُ َّم أ َُوفِّي ُك ْم ال ِْم ْخيَ ُ صَ ط إذا أُ ْدخ َل الْبَ ْح َر ،يا عبَادي إنما ه َي أَ ْع َمالُ ُك ْم أ ْ وم َّن إال إِيَّ َ غير ذلك فال يَـلُ َ اهان فَ َم ْن َو َج َد َخ ْيـ ًرا فَـلْيَ ْح َم ْد اهللََ ،وَم ْن َو َج َد َ سهُ)). نَـ ْف َ (والحديث الثانى) :أجازني به العالمة السيد أحمد المرصفي المصري بعد أن أجازني به السيد عبد الوهاب بن ألحمد فرحات الشافعي ،عن النبي صلى اهلل مشايخه مسلسال باألولية إلى عبد اهلل بن عمرو بن العاص عن ّ الر ِ الر ْح َم ُن تبارك وتعالى ْار َح ُموا َم ْن فِي اح ُمو َن يَـ ْر َح ُم ُه ْم َّ عليه وسلم أنه قالَّ (( : ِ الس َم ِاء)) ،والمعنى :الراحمون لمن فى األرض من األرض يَـ ْر َح ْم ُك ْم من في َّ آدمي وحيوان لم يؤمر بقتله باإلحسان إليهم يحسن الرحمن إليهم ،اِ ْرحموا من غير عاقل بالشفقة تستطيعون أن ترحموه من أصناف مخلوقاته تعالى ولو َ عليهم ودعائكم لهم بالرحمة والمغفرة يرحمكم المالئكة ،ومن رحمته عامة
ألهل السماء الذين هم أكثر من أهل األرض .وال يجوز لشخص أن يدعو لجميع المسلمين بغفر جميع ذنوبهم أو يدعو لفقير بنحو مائة دينار وليس له جهة يتسهل منها ذلك ويقول هذا من الرحمة بالخلق ألنه مخالف لنصوص الشرع اهـ .رؤي الغزالي فى النوم فقيل له :ما فعل اهلل بك؟ ،فقال أوقفني بين فصرت أذكر أعمالي ،فقال :لم أقبلها، علي؟، يديه ،وقال لي :بم ُ َ قدمت ّ وأنت قبلت منك ذات يوم نزلت ذبابةٌ على مداد قلمك لتشرب منه َ وإنما ُ أخذت حظها رحمة بها ،ثم قال تعالى :امضوا كت الكتابة حتى ْ تكتب فتر َ الجزم بعبدي إلى الجنة .وفى قوله صلى اهلل عليه وسلم "يرحمكم" روايتان، ُ والرفع على أنه جملة دعائية ،وهو أولى ألن دعائه على أنه جواب األمر، ُ صلى اهلل عليه وسلم غير مردود.
ومن أسباب حسن الخاتمة :المواظبة على هذا الدعاء ،وهو" :اللهم أك ِرْم هذه األمةَ المحمديةَ بجميل عوائدك فى الدارين إكراما لمن جعلتها من أمته صلى اهلل عليه وسلم ". اللهم ومنها :المواظبة على هذا الدعاء بين سنة الصبح وفرضه ،وهوّ " : اغفر ألمة سيدنا محمد ،اللهم ارحم أمة سيدنا محمد ،اللهم استر أمة سيدنا محمد ،اللهم اجبر أمة سيدنا محمد ،اللهم أصلِ ْح أمة سيدنا محمد ،اللهم ِ عاف أمةَ سيدنا محمد ،اللهم احفظ أمة سيدنا محمد ،اللهم ارحم أمة سيدنا محمد رحمة عامة يا رب العالمين ،اللهم اغفر ألمة سيدنا محمد مغفرة عامة فر ْج عن أمة سيدنا محمد فرجا عاجال يا رب يا رب العالمين ،اللهم ّ العالمين". ومنها :مالزمة هذا الدعاء ،وهو" :يا رب كل شيء بقدرتك على كل شيء اغفر لي كل شيء ،وال تسألني عن كل شيء ،وال تحاسبني فى كل شيء، ْ وأعطني كل شيء" .اهـ
اب الثُـنَائي بَ ُ وفيه ثالثون موعظة ،أربعة أخبار والباقى آثار .ونعنى باألخبار أقوال النبي صلى اهلل عليه وسلم ،وباآلثار أقوال الصحابة والتابعين. ( ِ فم ْنهُ) أي فالمقالة األولى من المنبهات الثنائية (ما ُروي عن النبي صلى ضل ِم ْنـ ُهما :ا ِإليْما ُن بِ ِ اهلل َوالنَـ ْف ُع اهلل عليه وسلم أنه قالَ :خ ْ َ صلَتَان الَ َش ْي َء أَفْ َ ُ َ ِ ْم ْسلِ ِم ْي َن) بالمقال أو بالجاه أو بالمال أو بالبدن .قال رسول اهلل صلى اهلل لل ُ
عليه وسلم" :من أَصبح الَ يـ ْن ِوي الظُلْم َعلَى أ ٍ ِ َصبَ َح َحد غُف َر لَهُ َما َجنَىَ ،و َم ْن أ ْ َ َ ْ َْ َ َ َ يـن ِوي نصرَة المظْلُوِ ض ِاء حاج ِ َج ِر َح َّج ٍة َم ْبـ ُرْوَرْة" .وقال ة ق و م َ الم ْسلِ ِم َكانَ ْ َ ت لَهُ كأ ْ َ َ ُ َْ ُ ْ َ َ ْ َ ب العِب ِ اس لِلن ِ اد إِلَى اهللِ تعالى أَنْـ َف ُع النَ ِ ض ُل األ ْع َمال َّاسَ ،وأَفْ َ َح ُّ َ عليه السالم" :أ َ الس ُرْوِر َعلَى قَـل ِ ف َع ْنهُ َك ْرباً أ َْو إِ ْد َخ ُ الم ْؤِم ِن ،يَط ُْر ُد َع ْنهُ ُج ْو ًعا أ َْو يَ ْك ِش ُ ْب ُ ال ُ ِ ِ الشر ُك بِاهللِ يـ ْق ِ صلَتَان الَ َش ْي َء أَ ْخبَ ُ ض ْى لَهُ َديْـنًا"َ ( .و َخ ْ َ ث) أي أنجس (م ْنـ ُه َماْ : والض ُّر لِل ُْم ْسلِ ِم ْي َن) فى أبدانهم أو أموالهم ،فإن جميع أوامر اهلل تعالى ترجع ُ ِ يموا َّ الصالةَ إلى خصلتين :التعظيم هلل تعالى والشفقة لخلقه ،كقوله تعالى" :أَق ُ َوآتُوا َّ ك" [لقمان: الزَكاةَ" [البقرة ،]37 :وقوله تعالى" :ا ْش ُك ْر لِي َولَِوالِ َديْ َ .]43
فقلت مررت فى بعض سياحتي براهب، روي عن أويس أنه قالُ " : ُ رد المظالم وخ ّفة الظهر من ياراهب ،ما أول درجة يرقاها المريد؟ ،قالّ :
عمل وعليه تبعةٌ أومظلمةٌ. التبعات ،فإنه ال يصعد للعبد ٌ
ِ ِ س ِة ال ُْعلَ َم ِاء) ( َو) المقالة الثانية (قَ َ السالَ ُمَ :علَْي ُك ْم ب ُم َجالَ َ ال) النبي ( َعلَْيه َ أي العاملين (و ْ ِ ْح َك َم ِاء) أي العالمين بذات اهلل تعالى المصيبين است َم ِاع َكالَِم ال ُ َ ت بِنُوِر ال ِ ِ ْح ْك َم ِة) أي الميِّ َ ْب َ فى أقوالهم وأفعالهم (فَِإ َّن اهللَ تَـ َعالَى يُ ْحيي الْ َقل َ ِ ِ المطَ ِر) وفى رواية الطبراني عن أبى العلم النافع ( َك َما يُ ْحيِي األَ ْر َ الم ْيتَةَ ب َماء َ ض َ ِ ِ ِ ماء" .وفى رواية: اء َو َسائلُوا ُ العلَماءَ َو َخالطُوا ُ الح َك َ س ْوا ال ُكبَر َ حنيفة " َجال ُ "جالِس العلماء و ِ ط ال ُكبَراَ َء" أي فإ ّن العلماء ثالثة الح َكماَ َء َو َخالِ ْ َ ْ ََُ َ َ ب ُ صاح ْ أقسام :العلماء بأحكام اهلل تعالى وهم أصحاب الفتوى ،والعلماء بذات اهلل فقط ،وهم الحكماء ففى مداخلتهم تهذيب لألخالق ألنهم أشرقت قلوبهم بمعرفة اهلل وأشرقت أسرارهم بأنوار جالل اهلل والعلماء بالقسمين وهم الكبراء
فإن مخالطة أهل اهلل تكسب أحواال سنية والنفع باللحظ فوق النفع باللفظ فمن نفعك لحظه نفعك لفظه ومن ال فال .وكان السهروردي يطوف فى بعض مسجد الخيف بمنى يتصفح الوجوه ،فقيل له فيه ،فقال :إن هلل عبادا إذا نظروا إلى شخص أكسبوه سعادة فأنا أطلب ذلك .قال النبي صلى اهلل عليه العلماء وال ُف َق ِ ِ ِ ِ هاء فَـي ْبتَِليهم اهلل بِثَالَ ِ ث من ُ َ َ وسلمَ " :سيَأْتي َزَما ٌن َعلى أ َُّمتي يَف ُّرْون َ بلِيَّ ٍ سلِّط اهللُ تعالى عليهم ات ،أ ُْو َ َ الها يَـ ْرفَ ُع اهللُ البركةَ من كسبهم ،والثانيةُ يُ َ سلطاناً ظالما ،والثالثة يخرجون من الدنيا بغير ٍ إيمان". ( َو) المقالة الثالثة ( َع ْن أَبِ ْى بَ ْك ٍر الصديق رضي اهلل عنهَ :م ْن َد َخ َل ال َق ْبـ َر ِ ِ ٍ ب البَ ْح َر بِالَ َس ِف ْيـنَ ٍة) أي فيغرق غرقا بالَ َزاد) أي من العمل الصالح (فَ َكأَنَّ َما َرك َ
ت في ال خالص له إالّ بمن ينقذه ،كما قال صلى اهلل عليه وسلم" :ما الميّ ُ المغو ِ ث" أي الطالب ألن يغاث. قبرهِ إالّ كالغَريق ِّ
( َو) المقالة الرابعة ( َع ْن ُع َم َر رضي اهلل عنه) نقل عن الشيخ عبد المعطي السمالوي" :أن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال لجبريل عليه السالمِ : ف لِ ْي ص ْ حسنَ ِ خصرتُها، والشجر أقالماً لَما دادا ات ُع َم َر ،فقال :لوكانت البحار ِم ً ْ ُ ُ ََ ف لِي ح ِ ِ عمر حسنةٌ من حسنات أبى بكر". سنَات أبى بكر ،فقالُ : فقال :ص ْ ْ َ َ ( ِع ُّز ال ُدنْـيا بِالم ِ ِ ِ ِ صالِ ِح األَ ْعم ِ ال) أي فال تتغوى أمور الدنيا وال ال َوع ُّز اآلخ َرة بِ َ َ َ َ لصلح إالّ باألموال وال تتغوى أمور اآلخرة وال تصلح إالّ باألعمال الصالحة. ( َو) المقالة الخامسة ( َع ْن ُعثْ َما َن رضي اهلل عنهَ :ه ُّم ال ُدنيَا ظُل َْمةٌ فِ ْى ْب ،وه ُّم ِ اآلخ َرةِ نُـ ْوٌر فِى ال َقل ِ ْب) أي الحزن فى األمور المتعلقة بالدنيا صار ال َقل ِ َ َ ْ
منوًرا للقلب. مظلِما فى القلب ،والحز ُن فى األمور المتعلقة باآلخرة صار ِّ همنا وال َم ْبل َغ علمنا. اللهم ال تجعل الدنيا أكبر ّ ( َو) المقالة السادسة ( َع ْن َعلِ ٍّي رضي اهلل عنه) وكرم وجهه ( َم ْن َكا َن فِ ْى ِ ِ ِِ ب الم ْع ِ طَلَ ِ ار فِ ْى صيَ ِة َكانَ ْ ب العِل ِْم َكانَ ْ ت َ ت النَ ُ الجنَّةُ ف ْى طَلَبهَ ،وَم ْن َكا َن ف ْى طَلَ ِ َ طَلَبِ ِه) أي من اشتغل فى العلم النافع الذى ال يجوز للبالغ العاقل جهله كان فى الحقيقة طالبا للجنة ولرضا اهلل تعالى ،ومن كان مريدا للمعصية كان فى الحقيقة طالبا للنار ولسخط اهلل تعالى. ٍ صى اهللَ َك ِريْ ٌم) ( َو) المقالة السابعة ( َع ْن يَ ْحيَى بْ ِن ُم َعاذ رضي اهلل عنهَ :ما َع َ
أي حميد الفعال ،وهو من يكرم نفسه بالتقوى وباإلحتراس عن المعاصى ( َوالَ ضلها (علَى ِ مصيب فى اآلخ َرةِ َح ِك ْي ٌم) أي آثر ال ُدنْـيَا) أي ال ق ّدمها وال ف ّ َ ٌ َ أفعاله ،وهو من يمنع نفسه من مخالفة عقله السليم.
( َو) المقالة الثامنة ( َع ِن األَ ْع َم ِ ش) اسمه سايمان بن مهران الكوفي (رضي صِ بح ِديْنِ ِهَ ،وَم ْن ف ِر ِ س َمالِ ِه التَـ ْق َوى َكلَّ ْ لس ُن َع ْن َو ْ اهلل عنهَ :م ْن َكا َن َرأْ ُ ت األَ ُ ف ُخسر ِ صِ ان ِديْنِ ِه) والمعنى من س َمالِ ِه ال ُدنْـيَا َكلَّ ْ ْس ُن َع ْن َو ْ َْ َكا َن َرأْ ُ ت األَل ُ أسس تمسك على التقوى بامتثال أوامر اهلل تعالى واجتناب المعاصى بأن ّ أفعاله بموافقات الشرع فله حسنات كثيرة ال تحصى ،ومن تمسك على أمور سيئات كثيرة عجزت األلسن عن ذكر ذلك بالعدد. مخالفات للشرع فله ٌ ( َو) المقالة التاسعة ( َع ْن ُس ْفيَا َن الثَـ ْوِري رضي اهلل عنه) وهو شيخ اإلمام مالك ( ُك ُّل م ْع ِ صيَ ٍة) ناشئة ( َع ْن َش ْه َوةٍ) أي اشتياق النفس إلى شيء (فَِإنَّهُ يُـ ْر َجي َ غُ ْفرانُـ َها) أي المعصية (وُك ُّل م ْع ِ صيَ ٍة) نشأت ( َع ْن كِْب ٍر) أي دعوى الفضل (فَِإنَّهُ َ َ َ
صيةَ إِبلِيس َكا َن أَصلُها) أي المعصية ( ِمن ِ ِ الك ْب ِر) يزعم ْ َ َ الَ يُـ ْر َجي غُ ْف َرانُـ َها ألَ َّن َم ْع َ ْ ْ َ َصلُ َها آدم) عليه خير من سيدنا آدم ( َو) أل ّن ( َزلَّةَ) سيدنا ( َ السالم ( َكا َن أ ْ َ أنه ٌ ش ْه َوةِ) بسبب اشتياقه إلى ذوق ثمرة شجرة الشهوة المنهي عنها. ِم َن ال َ ض الزه ِ َّاد) وهم الذين احتقروا الدنيا ولم ( َو) المقالة العاشرة ( َع ْن بَـ ْع ِ ُ تحمله ( َو ُه َو ب َذنْـبًا) أي ّ يبالوا بها ،بل أخذوا منها قدر ضرورتهم ( َم ْن أَ ْذنَ َ بتحمله (فَِإ َّن اهللَ يُ ْد ِخلُهُ النَ َار َو ُه َو يَـ ْب ِكى) ألن يَ ْ ض َح ُ ك) أي والحال أنه يفرح ّ ِ حياء من اهلل حقه أن يندم ويستغفر اهلل تعالى لذلك ( َوَم ْن أَطَ َ اع َو ُه َو يَـ ْبكى) ً ِ الجنَّةَ تعالى وخوفا منه تعالى على تقصيره فى تلك الطاعة (فَِإ َّن اهللَ يُ ْدخلُهُ َ ك) أي يفرح غاية الفرح لحصول مطلوبه وهو عفو اهلل تعالى. َو ُه َو يَ ْ ض َح ُ ( َو) المقالة الحادية عشرة ( َع ْن بَـ ْع ِ الح َك َم ِاء) أي األولياء( :الَ تَ ْح ِق ُرْوا ض ُ ش َّع ِ ِ ِ ار) ب ِّ ب م ْنـ َها ال ُذنُـ ْو ُ ال ُذنُـ ْو َ ب الكبَ ُ الصغَ َار) أي ال ُتع ّدوها صغارا (فَِإنَّـ َها الَ تَـتَ َ ُ
وأيضا ربما يكون غضب اهلل تعالى فى تلك الصغار.
صغِ ْيـ َرةَ َم َع ( َو) المقالة الثانية عشرة (عن النبي صلى اهلل عليه وسلم :الَ َ ص َرا ِر) فإنها بالمواظبة عليها تَـ َعظّم فتصير كبيرًة ،وأيضا أنها على عزم ا ِإل ْ استدامتها تصير كبيرًة فإن نية المرء فى المعاصى كانت معصية ( َوالَ َكبِْيـ َرَة َم َع ا ِإل ْستِغْ َفا ِر) أي التوبة بشروطها فإن التوبة تمحو أثر الخطيئة وإن كانت كبيرة.
روى هذا الحديث الديلمي عن ابن عباس ،لكن بتقديم الجملة األخيرة عن
األولى (و) المقالة الثالثة عشرة (قِيل :ه ُّم العا ِر ِ ف الثنَاءُ) أي مراد العارف باهلل َْ َ َ َ الثناء على اهلل تعال بجميل صفاته (وه ُّم ِ المع ِرض عن الزاه ِد ال ُد َعاءُ) أي مراد ْ ََ َ
الزا ئد قدر الحاجة من الدنيا بقلبه الدعاء ،وهو التضرع إلى اهلل تعالى بسؤال ِ الز ِاه ِد العا ِرف َربُّهُ) ال الثواب وال الجنة ( َو َه َّم َ ما عنده من الخير (ألَ َّن َه َّم َ سهُ) أي منفعة نفسه من الثواب والجنة ففرق بين من همته الحور ومن همته نَـ ْف ُ رفع الستور. ( َو) المقالة الرابعة عشرة ( َع ْن بَـ ْع ِ الح َك َم ِاء) أي أطبّاء القلوب ،وهم ض ُ األولياء (من تَـوهَّم أ َّ ِ ت م ْع ِرفَـتُهُ بِ ِ ِ ِ اهلل) والمعنى من ظن َن لَهُ َوليًّا أ َْولَى م َن اهلل قَـلَّ ْ َ َْ َ َ َّم أن له ناصرا أقرب من اهلل وأكثر نصرًة منه فإنه لم يعرف اهلل تعالى ( َوَم ْن تَـ َوه َ ِِ أ َّ عدوا َن لَهُ َع ُد ًّوا أَ ْع َدى ِم ْن نَـ ْف ِس ِه قَـلَّ ْ ت َم ْع ِرفَـتُهُ بِنَـ ْفسه) أي ومن ظن أن له ّ واللوامة فإنه لم يعرف نفسه. أقوى من نفسه األمارة ّ
الصدِّيْ ِق رضي اهلل عنه فِ ْى قَـ ْولِ ِه ( َو) المقالة الخامسة عشرة ( َع ْن أَبِى بَ ْك ٍر ِّ اد فِي الْبَـ ِّر َوالْبَ ْح ِر" [الروم ]34 :قال) أي أبو بكر فى سُ تَـ َعاَلى" :ظَ َه َر الْ َف َ تفسير ذلك ("البَـ ّر ُه َو اللِسا ُنَ ،والبَ ْحر ُه َو ال َقل ُ ِ ِّ بالسب سا ُن) ّ ُ س َد الل َ ْب؛ فَإ َذا فَ َ َ مثال (ب َك ْ ِ ِ ْب) َ س َد ال َقل ُ ت َعلَْيه النُـ ُف ْو ُ س )،أي األشخاص من بنى آدم ( َوإذَا فَ َ ت َعلَْي ِه الَمالَئِ َكةُ" ).قيل :الحكمة فى أن اللسان واحد تنبيه بالرياء مثال (بَ َك ْ يهمه وفى خي ٍر .وقيل :أل ّن اللسان للعبد فى أنه ال ينبغى أن يتكلم إالّ فيما ّ الذاكر بكل لغات كان ذكره للمذكور الواحد وهو اهلل تعالى ،وكذلك القلب
بخالف نحو العين واألذن فإنه يتع ّدد ،قيل ألن الحاجة إلى السمع والبصر أكثر من الحاجة إلى الكالم اهـ .وإنما شبّه القلب بالبحر لشدة عُ ْمقه واتساعه
اهـ.
الملُ ْو َك َعبِْي ًدا) فإن ( َو) المقالة السادسة عشرة (قِ ْي َل" :إِ َّن ال َ ش ْه َو َة تُ َ صيِّـ ُر ُ العبِْي َد ُملُ ْوًكا) ألن العبد بصبره ينال ما صيِّـ ُر َ الص ْبـ َر يُ َ من أحب شيئا فهو عبده ( َو َ قصة سيدنا الكريم ابن الكريم ابن يريد (أالَ تَـ َرى) أي أال يصل علمك (إِلَى) ّ ف) الصديق ابن يعقوب الصبور ابن إسحاق الحليم الكريم لبن الكريم (يُـ ْو ُس َ األواه هليهم السالم ( َوُزلَْي َخا؟ ") فإنها أحبت سيدنا يوسف ابن إبراهيم الخليل ّ نعاية الحب وهو يصبر على مكرها وأذيّتها. ِ ( َو) المقالة السابعة عشرة (قِ ْي َل" :طُْوبَى) أي الخير الكثير (ل َم ْن َكا َن َع ْقلُهُ أ َِم ْيـ ًرا) بأن يقتدي بمراد عقله الكامل ( َو َه َواهُ) أي ميالن نفسه إلى ما التشتهيه من غير داعية الشرع (أ ِ هالك شدي ٌد َس ْيـ ًرا) أي ممنوعا من ذلك ( َوَويْ ٌل) أي ٌ (لِمن َكا َن َهواهُ أ َِميـرا) بأن أرسلها إلى مشتهياتها (و َع ْقلُهُ أ ِ َس ْيـ ًرا") أي ممنوعا َْ َ َ ًْ من نحو التفكر فى نعم اهلل تعالى وفى عظمته تعالى. ( َو) المقالة الثامنة عشرة (قِ ْي َلَ " :م ْن الح َر َام) النصيحة ويخشع لها ( َوَم ْن تَـ َر َك َ ت فِ ْك َرتُهُ") على مصنوعات اهلل تعالى الدالة على إحياء اهلل ص َّف ْ الحالَ َل َ ( َوأَ َك َل َ
ب َر َّق ّْ قَـلْبُهُ) فيقبل تَـ َر َك ال ُذنُـ ْو َ فى المطعوم والملبوس وغيرهما
تأمل تعالى الخلق بعد الموت وعلى وحدته تعالى وقدرته وعلمه ،وذلك بأن ّ
بفكره وتدبّر بعقله أن اهلل تعالى خلقه من نطفة فى الرحم فجعلها علقةً ثم وشق لها سمعا وبصرا مضغةً ثم خلق منها لحما وعظما وعروقا وأعصابا ّ سهل الخروج للجنين من بطن أمه وألهمه ارتضاغ الثدي وجعله فى وأعضاء ثم ّ ً
أول األمر بال أسنان ثم أنبت له األسنا َن ثم أسقطها وأزالها عند سبع سنين ثم أعادها مرة أخرى وجعل اهلل تعالى أحوال العبد متغيرة من ِ صغر إلى كبر ومن شباب إلى هرم ومن صحة إلى سقم وجعل العبد كل يوم ينام ويستيقظ،
وكذلك شعوره وأظفاره كلما سقط منها رجع إلى ما كان ،وكذلك الليل والنهار يتناوبان كلما ذهب أحدهما جاء اآلخر ،وكذلك الشمس والقمر والنجوم والسحاب والمطر كلها تجىء وتذهب ،وكذلك القمر ينمحق كل شهر ثم يتكامل ثم ينمحق ،وكذلك الكسوف للشمس والقمر حيث يذهب الضوء منها ثم يعود ،وكذلك األرض تكون يابسة ثم يُـ ْنبت اهللُ فيها النبات ثم يذهب
قادر منها فتعود يابسة ثم تنبت مرة بعد أخرى ،فالذى ق َدر على ذلك كله ٌ الفكر فى ذلك على إحياء الموتى بعد فنائهم فى األرض ،فعلى العبد أن يُ ْكثر َ
حتى يقوى إيمانه بالبعث بعد الموت ويعلم أن اهلل يبعثه ويجازيه بأعماله ،فعلى
قدر قوة إيمانه بذلك يجتهد فى الطاعات واجتناب المخالفات للشرع. ض األَنْبِي ِاء" :أ ِ ( َو) المقالة التاسعة عشرة (أ ُْو ِح َي إِلَى بَـ ْع ِ َط ْع ِن ِْ ْي فِ ْي َما َ ِِ ِ ك") أي فيما دعوتك إلىما فيه الصالح ونهيتك ص ْحتُ َ أ ََم ْرتُ َ ك َوالَ تَـ ْعصن ْى ف ْي َما نَ َ عما فيه الفساد.
ِ ضو ِ ان ِ اهلل تَـ َعالَى ( َو) المقالة العشرون (قِ ْي َل" :إِ ْك َم ُ ال َ الع ْق ِل اتِّـبَاعُ ِر ْ َ و ِْ اب َس َخ ِط ِه") أي فخالف ذلك جنون. اجتنَ ُ َ اض ِل والَ وطَن للِج ِ ِ ِ اه ِل") ( َو) المقالة الحادية والعشرون (ق ْي َل" :الَ غُ ْربَةَ لل ْف ِ َ َ َ ْ أي بلد كان، مكرما َ معظَّما عند الناس فى ّ أي المتصف بالعلم والعمل كان َ فكان كل بلد عنده وطنا ولوكان غريبا ،والجاهل بخالف ذلك. اع ِة ِعنْ َد ِ اهلل قَ ِريْـبًا َكا َن ( َو) المقالة الثانية والعشرون (قيلَ " :م ْن َكا َن بِالطَ َ بَـ ْي َن النَ ِ شا اس غَ ِريْـبًا") أي من استأنس باشتغال طاعة اهلل تعالى صار ُم ْستَـ ْو ِح ً عن الناس.
(و) المقالة الثالثة والعشرون (قِيل" :حرَكةُ ًْ الطَ ِ ِ الم ْع ِرفَ ِةَ ،ك َما أ َّ َن َ اعة َدل ْي ُل َ َ ْ َ ََ ِ ِ الحيَاةِ") والمعنى أن إتيان العبد الطاعة هلل تعالى عالمة َح َرَكةَ الج ْس ِم َدل ْي ُل َ ت ،أل ّن قلت قلّ ْ على معرفته هلل ،فإذا كثرت الطاعة كثرت المعرفة ،وإذا ْ الظاهر مرآة الباطن.
( َو) المقالة الرابعة والعشرون (قَ َ ال النَبِ ُّي صلى اهلل عليه وسلم" :أ ْ َصلُ ب ال ُدنْـيا) وهي ما زاد عن الحاجة (وأَصل ج ِمي ِع ِ الفتَ ِن َم ْن ُع َج ِم ْي ِع َ َ ُْ َ ْ الخطَايَا ُح ُّ َ الع ْش ِر َوال َزَكاةِ") وهذا من عطف العام على الخاص ،ألن العشر خاص بالزروع ُ والثمار ،والزكاة شاملة لذلك ولزكاة النقد واأنعام ولزكاة البدن.
ِ الم ِق ُّر بِالتَـ ْق ِ ص ْْي ِر) أي بالعجز عن ( َو) المقالة الخامسة والعشرون (ق ْي َلُ : الطاعة (أب ًدا م ْحمو ٌد ،وا ِإلقـْرار بِالتَـ ْق ِ ص ْي ِر َعالَ َمةُ ال َقبُـ ْو ِل) ألنه إشارة إلى عدم َ َ ُْ َ َ ُ
العجب والكبر.
( َو) المقالة السادسة والعشرون (قِ ْي َلُ :ك ْف َرا ُن النِ ْع َم ِة لُْؤٌم) أي عدم شكر ص ْحبَةُ األَ ْح َم ِق) وهي واضع الشيء فى غير النعمة دليل على دناءة النفس ( َو ُ
محله مع العلم بقبحه ( ُش ْؤٌم) أي غير مبارك ،كما روى الطبراني عن بشير أنه صلى اهلل عليه وسلم قالِ " : وده، اص ِرم األَ ْح َم َق" بكسر الهمزة والراء أي اقطع ّ ْ
سراقة وقد يسرق طبعك منه. والمعنى ال تصاحبه لقبح حالته وألن الطباع ّ صلَ ِ تان َم ْن وروى الترمذي عن ابن عمر أ ّن َّ النبي صلى اهلل عليه وسلم قالَ " :خ ْ ِ ِ وم ْن لَ ْم تَ ُكونَا فِ ِيه لَ ْم يَ ْكتُْبهُ اهللُ َشاكِراً وال كانَتا فيه َكتَبَهُ اهلل شاكراً صابًِراَ ، صابًِراَ :م ْن نَظََر في ِدينِ ِه إلى َم ْن ُه َو فَـ ْوقَهُ فاقـْتَ َدى بِهِ ونَظََر في ُدنْياهُ إلى َم ْن َ ِ ُهو ُدونَهُ فَح ِم َد اهلل على ما فَ َّ ِ ِ وم ْن نَظََر في َ ضلَهُ بِه َعلَْيه َكتَبَهُ اهلل شاكراً صابًِراَ ، َ َ
ِدينِ ِه إلى من ُهو ُدونَهُ ونَظَر في ُدنْياهُ إلى من ُهو فَـوقَهُ فَ ِ ف َعلى ما فاتَهُ لَ ْم أس َ َْ َ ْ َْ َ َ َ يَ ْكتُْبهُ اهلل شاكِراً وال صابًِرا" اهـ .هذا الحديث جامع لجميع أنواع الخير. المجزو: ( َو) المقالة السابعة والعشرون (قال الشاعر ):من بحر الكامل ّ (يَا َم ْن بِ ُدنْـيَاهُ ا ْشتَـغَ ْل ...قَ ْد غَ َّرهُ طُْو ُل األَ َمل أ ََو لَ ْم يَـ َز ْل فِ ْى غَ ْفلَ ٍة َ ...حتَّى َدنَا ِم ْنهُ األَ َجل المو ُ ِ الع َمل ص ْن ُد ْ وقُ َ ت يَأت ْي بَـغْتَةً َ ...وال َق ْبـ ُر ُ َْ ِ ت إِالَّ بِاألَ َجل) مو َ إِ ْ صبِ ْر َعلى أ َْه َوال َها ...الَ ْ وروى الديلمي أنّه صلى اهلل عليه وسلم قال" :تَـ ْر ُك ُّ الص ْب ِر الدنْيا َأم ُّر ِم َن َّ السي ِ ِ وف في َسبِ ِ َح ٌد إِالَّ أَ ْعطَاهُ اهللُ ِمثْ َل َما يل اهللَ ،والَ يَـ ْتـ ُرُك َها أ َ وأ َش ُّد م ْن َحط ِْم َّ ُ ض الثَـنَ ِاء ِم َن النَ ِ اس ،فإنه من اءَ ،وتَـ ْرُك َها قِلَّةُ األَ ْك ِل َوال َ يُـ ْع ِطى ال ُ ش ْب ِع َوبُـغْ ُ ش َه َد َ
أحب الثناء من الناس أحب الدنيا ونعيمها ومن سره النعيم كل النعيم فليدع
الدنيا والثناء من الناس" .وروى ابن ماجه أنه صلى اهلل عليه وسلم قال" :من اآلخرةَ جمع اهلل َشملَه وجعل ِغناه في قَـ ْلبِ ِه وأَتَـ ْته ال ُّدنْـيا ر ِ ِ اغ َمةًَ ،وَم ْن كانت نِيَّتُهُ َ َ َ َ ُ ْ ُ َ َ َ َ َ ُ َ ُ َ َ الدنْـيَا فَـ َّر َق اهللُ َعلَْي ِه أ َْم َرهُ َو َج َع َل فَـ ْق َرهُ بين َع ْيـنَـ ْي ِه ولم يَأْتِهِ ِم َن ُّ كانت نِيَّتُهُ ُّ الدنْـيَا ِ ب لَهُ". إِالَّ َما ُكت َ ف ب ِن جح َد ٍر ( ِ (و) المقالة الثامنة والعشرون ( َعن أبِى ب ْك ٍر) ُدلَ ِ الش ْبلِ ِّي َْ ْ َ َرِح َمهُ اهلل) بغدادي المولد والمنشأ صحب الجنيد ومن فى عصره مالكي
المذهب عاش سبعا وثمانين سنة ومات سنة أربع وثالثين وثالثمائة وقبره
ِ ِ ِ ال) فى مناجاته إلهي (إنّي ين) باهلل تعالى (قَ َ ببغداد ( َو ُه َو م ْن ُعظَ َماء َ العا ِرف َ أِ ب أَ ْنَ أ ََهب لَ َ ِ سنَاتِي َم َع فَـ ْق ِري) أي احتياجي للحسنات ُح ُّ َ ك َجم ْي َع َح َ ب ّْ َسيِّ ِد ْي) بحذف ف الَ تُ ِح ُّ ض ْع ِفي) أي عجزي عن إكثار العبادات (فَ َك ْي َ ( َو ُ ي ب لِ ْي) أي تسمح لي ( َج ِم ْي َع َسيِّئَاتي َم َع ِغنَ َ اك َم ْوالَ َ حرف النداء (أَ ْن تَـ َه َ َعنِّي) أي عذابي فإ ّن سيئاتي ال تضرك وحسناتي ال تنفعك ،وقد أجازني بعض الفضالء أن أقرأ بعد صالة الجمعة سبع مرات هذه األبيات الثالثة من بحر
الوافر: ت لِل ِْف ْر َد ْو ِ الج ِح ْيم إلَ ِهي لَ ْس ُ أقوى َعلى نا ِر َ س أ َْهالً َ ...والَ َ ك غَافِ ُر ال َذنْ ِ الع ِظ ْي ِم ب لِ ْي تَـ ْوبَةً َوا ْغ ِف ْر ذُنُـ ْوبي ...فَِإنَّ َ ب ِْ َ فَـ َه ْ َو َع ِاملْنِ ْي ُم ًع َاملَةَ ال َك ِريْ ِم َ ...وتُـثْبِتُنِي َعلَى النَـ ْه ِج ال َق ِويْ ِم (حكاية) قدم الشبلي على ابن مجاهد فعانقه ابن مجاهد وقبل بين عينيه فسئل عن ذلك ،فقال :رأيت النبي صلى اهلل عليه وسلم فى النوم وقد أقبل الشبلي ،فقام النبي صلى اهلل عليه وسلم إليه وقبل بين عينيه ،فقلت :يا رسول اهلل أتفعل هذا بالشبلي؟ قال نعم ،إنه لم يصل فريضة إال وهو يقرأ خلفها اء ُك ْم َر ُس ٌ ول ِم ْن أَنْـ ُف ِس ُك ْم} إلى آخر اآليتين ويقول :صلى اهلل عليك يا {لََق ْد َج َ محمد ،فسألت الشبلي عما يقوله بعد الصالة فذكر مثله. ِ ِ س ( َو) المقالة التاسعة والعشرون (قَ َ ال) أي الشبلي (إ َذا أ ََر ْد َ ت أَ ْن تَستَأن َ باهلل) أي يسكن قلبك مع اهلل وال ينفر منه (فَ ِ ِ ك) أي فاقطع ش ِم ْن نَـ ْف ِس َ استَـ ْوح ْ ْ مودات نفسك .سئل الشبلي بعد موته عن حاله فى المنام ،فقال :قال اهلل لي: ّ
غفرت لك؟ ،قلت بصالح عملي ،قال :ال .قلت: بم ُ يا أبا بكر أتدرى َ بإخالص عبوديتي ،قال :ال .قلت :بحجي وصومي وصالتي ،قال :ال .قلت بهجرتي للصالحين ولطلب العلم .قال :ال .قلت :إلهي فبِ َم؟ ،فقال تعالى: أتذكر حين كنت تمشى فى درب بغداد فوجدت هرة صغيرة قد أضعفها البرد وهي تنزوى من شدته فأخذتها رحمة لها وأدخلتها فى فَـ ْر ٍو كان عليك وقايةً لها ،فقلت :نعم .فقال تعالى :برحمتك لتلك الهرة رحمتك.
صلَ ِة) أي ( َو) المقالة الثالثون (قَ َ الو ْ ال) أي الشبلي (لَْو ذُقـْتُ ْم َحالَ َو َة َ ال ُق ْرب مع اهلل تعالى (لَ َع َرفْـتُ ْم َم َر َارةَ ال َق ِط ْيـ َع ِة) أي البُـ ْعد عنه تعالى ،فإنه عذاب اللهم ْارُزقْنِي عظيم عند أهل اهلل تعالى .وكان من دعائه صلى اهلل عليه وسلمَّ " : ك ال َك ِريْ ِم َو َّ ك". الش ْو َق إِلَى لَِقائِ َ لَ َّذةَ النَّظَ ِر إِلَى َو ْج ِه َ
( )4باب الثالثي وفيه خمس وخمسون موعظة ،سبعة أحبار والباقى آثار. َصبَ َح) المقالة األولى (روي عن النبي صلى اهلل عليه وسلم أنَّهُ قَ َ الَ :م ْن أ ْ ِ الم َع ِ أنما اش فَ َك َّ أي دخل فى وقت الصباح ( َو ُه َو يَ ْش ُك ْو) إلى الناس (ض ْي َق َ
يَ ْش ُك ْو َربَّهُ) والشكاية ال تليق إال إلى اهلل ،فإنها من جملة الدعاء .أما الشكاية
إلى الناس فهي من عالمات عدم الرضا بقسمة اهلل تعالى له ،كما روي عن عبد ُعلِّ ُم ُك ْم اهلل بن مسعود قال :قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم" :أَالَ أ َ ات التي تَ َكلَّم بِها موسى علَي ِه َّ ِ ال َكلِم ِ ِِ ِ ائيل؟ "، َ َ ُْ َ َ ْ َ السالَ ُم ح ْي َن َج َاوَز البَ ْح َر ببَن ْي إ ْس َر َ فَـ ُقلْنَا بـلَى يا رسو َل ِ ت اهلل ،قَ َ الم ْشتَ َكى َوأَنْ َ الح ْم ُد َوإِلَْي َ اللهم لَ َ ك َ َ َ َ ُْ ك ُ ال(( :قولوا ّ اهلل ِ ِ الع ِظ ْي ِم)) .قال األعمش فما تركتهن العل ِّي َ الم ْستَـ َعا ُن َوالَ َح ْو َل َوالَ قُـ َّوةَ إِالَّ بِ َ ُ
منذ سمعتهن من ٍ شقيق األسدي الكوفي ،وهو عن عبد اهلل بن مسعود رضي اهلل عنه .قال األعمش أتاني ٍ آت فى المنام ،فقال :يا سليمان زد فى هذه ك َعلَى فَس ٍ صالَ َح أ َْم ِرنَا ُكلِّ ِه"َ ( .وَم ْن اد فِ ْيـنَاَ ،ونَ ْسأَلُ َ الكلمات " َونَ ْستَعِ ْيـنُ َ ك َ َ أَصبح) أي دخل فى الصباح (ألموِر ال ُدنْـيا ح ِزيـنا فَـ َق ْد أَصبح س ِ اخطًا َعلى ِ اهلل) َ َ ًْ َْ َ َ ْ َْ َ َ والمعنى من حزن على أمور الدنيا فقد غضب على اهلل ،ألنه لم يرض بقضاء اهلل ولم يصبر على بالئه ولم يؤمن بقدره ألن مل ما وقع فى الدنيا فهو بقضاء اهلل تعالى وقدره (ومن تَـو َ ِ ِ ِ ِ ب ثـُلُثَا ِديْنِ ِه) أي ألن الشريعة ََ ْ َ اض َع لغَن ٍّي لغنَاهُ فَـ َق ْد ذَ َه َ أن يكون تعظيم الناس ألجل صالحه وألجل علمه دون التعظيم ألجل ماله، فإن من أكرم المال أهان العلم والصالح. سره :ال ب ّد لكل مؤمن فى قال سيدي عبد القادر الجيالني ق ّدس اهلل ّ سائر أحواله من ثالثة أشياء أمر يمتثله ونهي يجتنبه وقدر يرضى به ،فأقل حاالت المؤمن ال يخلو فيها من أحد هذه األشياء الثالثة ،فينبغى له أن يلزم همها قلبه ويح ّدث بها نفسه ويأخذ الجوارح بها فى سائر أحواله اهـ. الصدِّيْ ِق ر ِ (و) المقالة الثانية ( َعن أَبِي ب ْك ٍر ِ ث الَ تُ ْد َر ُك ض َي اهللُ َع ْنهُ :ثَالَ ٌ َ ْ َ ِ ٍ ِ ِ المنَى) بصم الميم بثَالَث) أي ثالث خصال ال تطلب بثالثة أشياء (الغنَى ب ُ
اب جمع منية ،أي فال يحصل الغنى باألمانى بل بالقسمة من اهلل تعالى ( َوال َ شبَ ً اب) فال يحصل الشباب بخضاب الشعر ِ بِ ِ بالحنّاء ونحوه (و ِ ض ِ الص َّحةُ الخ َ َ بِاألَ ْد ِويَِة) فال تحصل الصحة بنفس األدوية با بشفاء اهلل تعالى. ضي اهلل َع ْنهُ :حسن التَـود ِ ِ ُّد) أي المحبة (و) المقالة الثالثة ( َع ْن عُ َم َر َر َ ُ ُُْ َ (إِلَى النَ ِ الع ْقل) كما روى ابن حبان والطبراني والبيهقى عن جابر بن ص ُ اس نِ ْ ف َ
عبد اهلل أ ّن النبي صلى اهلل عليه وسلم قالُ (( :م َد َاراةُ النَ ِ ص َدقَةٌ)) أي اس َ مالطفة الناس بالقول والفعل يثاب هليها ثواب الصدقة ،وكان من مدارته صلى اهلل عليه وسلم أنه ال يذم طعاما وال ينهر خادما وال يضرب امرأة .والمداراة الس َؤ ِال) أي للعلماء هي ترك الدنيا ألجل الدين عكس المداهنة ( َو ُح ْس ُن ُ ف العِل ِْم) ألن العلم يحصل به ( َو ُح ْس ُن التَ ْدبِْي ِر) أي إجراء األمور على ص ُ (نِ ْ ش ِة) وهي مكسب اإلنسان الذى يعيش بسببه. المعِ ْي َ ص ُ علم العواقب (نِ ْ ف َ ِ أقل (و) المقالة الرابعة ( َع ْن ُعثْ َما َن َرض َي اهللُ َع ْنهَُ " :م ْن تَـ َر َك ال ُدنْـيَا) بأن ّ َحبَّهُ اهللُ تَـ َعالَى) ألنه ترك الرياء الشبع واألكل وأبغض الثناء من الناس (أ َ المالَئِ َكةُ) ألنه ال يتعب الكتبة الذين يكتبون والتفاخر ( َوَم ْن تَـ َر َك ال ُذنُـ ْو َ بأَ َحبَّهُ َ ِِ َحبَّهُ الم ْسلم ْي َن) أي قطعه عنهم (أ َ س َم الطَ َم َع َع ِن ُ السيئات ( َوَم ْن َح َ الم ْسلِ ُم ْو َن") ألنه ال يكدر قلوبهم. ُ ِ ِ ضي اهللُ َع ْنهُ) وكرم وجهه ( َّ إن ِم ْن نَعِ ْي ِم (و) المقالة الخامسة ( َع ْن َعل ٍّي َر َ ك ا ِإل ْسالَ ُم نِ ْع َمةً) فإن أعظم نعم اهلل للعبد إخراجه من العدم إلى ال ُدنْـيَا يَ ْك ِف ْي َ الوجود ،وإخراجه من ظلمات الكفر إلى نور اإلسالم ( َو َّ ك إن ِم َن ال ُ شغْ ِل يَ ْك ِف ْي َ اعةُ ُشغْالً) فطاعة اهلل تعالى أعظم اإلستغال ( َوإِ َّن ِم َن العِ ْبـ َرةِ) أي العِظة الطَ َ ت ِع ْبـ َرةً) فإن الموت أكبر المواعظ للناس. الم ْو ُ (يَ ْك ِف ْي َ ك َ اهلل بْ ِن مسعو ٍد ر ِ (و) المقالة السادسة ( َعن َع ْب ِد ِ ض َي اهللُ َع ْنهَُ :ك ْم ِم ْن ْ َ ْ ُْ َ ُم ْستَ ْد َر ٍج) أي مأخوذ قليال قليال (بِالنِ ْع َم ِة) بإكثارها ( َعلَْي ِه ،وَك ْم ِم ْن َم ْفتُـ ْو ٍن) أي ممتحن بالبالء (بِالثَـنَ ِاء) أي بكثرة ثناء الناس ( َعلَْي ِه ،وَك ْم ِم ْن َمغْ ُرْوٍر) أي َ ِ ستُّ ِر) أي بستر اهلل عيوبه ( َعلَْي ِه). مطمئن قلبه فى الدنيا وغافل عن اآلخرة (بالتَ َ
(و) المقالة السابعة ( َع ْن داود النبي) (قال :أوحي فى الزبور( )،حق على
العاقل) (أن ال يشتغل إال بثالث) (تزود لمعاد( )،ومؤونة لمعاش( )،وطلب لذة بحالل).
وعن أبي هريرة أنه قال :قال النبي :ثالث منجيات ،وثالث مهلكات، وثالث درجات وثالث كفارات ،أما المنجيات فخشية اهلل تعالى فى السر والعالنية ،والقصد فى الفقر والغنى ،والعدل فى الرضاء والغضب ،وأما المهلكات فشح شديد ،وهوى متبع ،وإعجاب المرء بنفسه .وأما الدرجات فإفشاء السالم ،وإطعام الطعام ،والصالة بالليل والناس نيام .وأما الكفارات فإسباغ الوضوء فى السبرات ونقل األقدام إلى الجماعات ،وانتظار الصالة بعد الصالة. وقال جبريل :يا محمد عش ما شئت فإنك ميت ،واحبب من شئت فإنك مفارقها ،واعمل ما شئت فإنك مجزي به. قال النبي :ثالث نفر يظلهم اهلل تحت ظل عرش يوم ال ظل إال ظله: المتوضىء فى المكاره والماشي إلى المساجد فى الظلم ،ومطعم الجائع. وقيل إلبراهيم ألي شيء اتخذك اهلل خليال؟ قال بثالثة أشياء :اخترت أمر اهلل تعالى على أمر غيره ،وما إهتممت بما تكفل اهلل لي ،وما تعشيت وما تغديت إال مع الضيف. صص .ذكر اهلل تعالى ،ولقاء وعن بعض الحكماء :ثالثة أشياء تفرج الغُ َ أوليائه ،وكالم الحكماء.
وعن الحسن البصري من ال أدب له ال علم له ،ومن ال صبرله ال دين له، ومن ال ورع له ال زلفى له. وروي أن رجال خرج من بني إسرائيل إلى طلب العلم فبلغ ذلك نبيهم فبعث إليه (النبي) فأتاه (الرجل) فقال له :يا فتى ،أعظك بثالث خصال فيها علم األولين واألخرين ،خف اهلل فى السر والعالنية ،وامسك لسانك عن الخلق ال تذكرهم إال بخير ،وانظر (حبزك) الذي تأكله حتى يكون من الحالل .فامتنع الفتى عن الخروج. وروي أن رجال من بني إسرائيل جمع ثالثين تابوتا من العلم ولم ينتقع بعلمه ،فأوحى اهلل تعالى إلى نبيهم أن قل لهذا الجامع لو جمعت كثيرا من العلم لم ينفعك إال أن تعمل بثالثة أشياء :ال تحب الدنيا فليس بدار المؤمنين ،وال تصاحب الشيطان فليس برفيق المؤمنين ،وال تؤذ أحدا فليس بحرفة المؤمنين. وعن أبي سليمان الداراني أنه قال فى المناجاة :إلهي ،لئن طالبتني بذنبي ألطلبنك بعفوك ولئن طالبتني ببخلي ألطلبنك بسخائك ،ولئن أدخلتني النار ألخبرت أهل النار بأني أحبك. وقيل :أسعد الناس من له قلب عالم ،وبدن صابر ،وقناعة بما فى اليد. وعن إبراهيم النخعي إنما هلك من هلك قبلكم بثالث خصال :بفضول الكالم ،وفضول الطعام ،وفضول المنام.
وعن يحيى بن معاذ الرازي :طوبى لمن ترك الدنيا قبل أن تتركه ،وبني قبره قبل أن يدخله ،وأرضى ربه قبل أن يلقاه. وعن علي :من لم يكن عنده سنة اهلل وسنة رسوله وسنة أوليائه فليس فى يده شيء .قيل له :ما سنة اهلل؟ قال :كتمان السر .وقيل :ما سنة الرسول؟ قال :إحتمال األذى عن الناس .وكانوا من قبلنا يتواصون بثالث خصال ويتكاتبون بها :من عمل آلخرته كفاه اهلل أمر دينه ودنياه .ومن أحسن سريرته أحسن اهلل عالنياته ،ومن أصلح ما بينه وبين اهلل أصلح اهلل ما بينه وبين الناس. وعن علي :كن عند اهلل خير الناس ،وكن عند النفس شر الناس ،وكن عند الناس رجال من الناس. [قيل] أوحى اهلل تعالى إلى عزير النبي قال :يا عزير ،إذا أذنبت ذنبا صغيرا فال تنظر إلى صغره وانظر إلى من الذي أذنبت له ،وإذا أصابك خير يسير فال تنظر إلى صغره وانظر إلى من الذي رزقك ،وإذا أصابك بلية فال إلي مساويك. تشكوني إلى خلقي كما ال أشكوك إلى مالئكتي إذا صعدت ّ وعن حاتم األصم :ما من صباح إال ويقول الشيطان لي ما تأكل؟ وما تلبس؟ وأين تسكن؟ فأقول له :آكل الموت ،وألبس الكفن ،وأسكن القبر. وعن النبي :من خرج من ظل المعصية إلى عز الطاعة أغناه اهلل تعالى من غير مال ،وأيده من غير جند ،وأعزه من غير عشيرة. وروي أنه عليه السالم خرج ذات يوم على أصحابه فقال :كيف
أصبحتم؟ فقالوا :أصبحنا مؤمنين باهلل .فقال :وما عالمة إيمانكم؟ قالوا :نصبر
على البالء .ونشكر على الرخاء ،ونرضى بالقضاء .فقال عليه السالم :أنتم مؤمنون حقا ورب الكعبة. أوحى اهلل تعالى إلى بعض األنبياء :من لقيني وهو يحبني أدخلته جنتي، ومن لقيني وهو يخافني جنبته ناري ،ومن لقيني وهو يستحي مني أنسيت الحفظة ذنوبه. وعن عبد اهلل بن مسعود :أد ما افترض اهلل عليك تكن أعبد الناس، واجتنب محارم اهلل تكن أزهد الناس ،وارض بما قسم اهلل لك تكن أغنى الناس. وعن صالح المرقدي أنه مر ببعض الديار فقال :أين أهلك األولون ،وأين عمارك الماضون ،وأين سكانك األقدمون؟ فهتف به هاتف :انقطعت أثارهم، وبليت تحت التراب أجسامهم ،وبقيت أعمالهم قالئد فى أعناقهم. ضل على من شئت فأنت أميره ،واسأل عمن شئت فأنت أسيره، وعن علي :تَـ َف ّ واستغن عمن شئت فإنك نظيره.
وعن يحيى بن معاذ (رحمة اهلل عليه) :ترك الدنيا كلها أخذها كلها ،فمن تركها كلها أخذها كلها ،ومن أخذها كلها تركها كلها ،فأخذها فى تركها وتركها فى أخذها. وعن إبراهيم بن األدهم رحمه اهلل أنه قيل له :بم وجدت الزهد؟ قال: بثالثة أشياء :رأيت القبر موحشا وليس معي مؤنس ،ورأيت طريقا طويال وليس معي زاد ،ورأيت الجبار قاضيا وليس معي حجة.
وعن الشبلي رحمه اهلل (وهو من عظماء العارفين قال :إلهي! أحب أن أهب لك جميع حسناتي مع فقري وضعفى ،فكيف ال تحب سيدي أن تهب لي جميع سيئاتي مع غناك موالي عني! وقال :إذا أردت أن تستانس باهلل فاستوحش من نفسك .وقال :لو ذقتم حالوة الوصلة لعرفتم مرارة القطيعة. وعن سفيان الثوري رحمه اهلل أنه سئل عن األنس باهلل تعالى ،ما هو؟ فقال :أن ال تستأنس بكل وجه صبيح وال بصوت طيب وال بلسان فصيح. وعن ابن عباس رضي اهلل عنهما أنه قال :الزهد ثالثة أحرف :زاي وهاء ودال، فالزاي زاد للمعاد ،والهاء هدى للدين ،والدال دوام على الطاعة. وقال فى موضع أخر :الزهد ثالثة أحرف :الزاي ترك الزينة ،والهاء ترك الهوى، والدال ترك الدنيا. وعن حامد اللفاف رحمه اهلل أنه قال أتاه رجل فقال له أوصني ،فقال له: اجعل لدينك غالفا كغالف المصحف .قيل له :ما غالف الدين؟ قال :ترك الكالم إال ما ال بد منه ،وترك الدنيا إال ما ال بد منه ،وترك مخالطة الناس إال ما ال بد منه .ثم اعلم أن أصل الزهد اإلجتناب عن المحارم ،كبيرها وصغيرها، وأداء جميع الفرائض ،يسيرها وعسيرها ،وترك الدنيا على أهلها ،قليلها وكثيرها. وعن لقمان الحكيم أنه قال البنه :يا بني ،إن الناس ثالثة أثالث :ثلث هلل ،وثلث لنفسه ،وثلث للدود .فأما ما هو هلل (من المرء) فروحه ،وما هو
لنفسه فعمله ،وأما ما للدود فجسمه.
وعن علي كرم اهلل وجهه أنه قال :ثالثة يزدن فى الحفظ ويذهبن البلغم: السواك ،والصوم ،وقراءة القرآن. وعن كعب األخبار رضي اهلل عنه :الحصون للمؤمنين ثالث :المسجد حصن ،وذكر اهلل حصن ،وقراءة القرآن حصن. وعن بعض الحكماء أنه قال :ثالث من كنز اهلل تعالى ال يعطيها اهلل إال من أحبه :الفقر ،والمرض ،والصبر. وعن ابن عباس (رضي اهلل عنهما) حين سئل :ما خير األيام؟ وما خير الشهور؟ وما خير األعمال؟ فقال :خير األيام يوم الجمعة ،وخير الشهور شهر رمضان ،وخير األعمال الصلوات الخمس لوقتها .فمضى على ذلك ثالثة أيام فبلغ عليا رضي اهلل عنه أن ابن عباس (رضي اهلل عنهما) سئل عن ذلك فأجاب بكذا فقال علي (رضي اهلل عنه) :لو سئل العلماء والحكماء والفقهاء من المشرق إلى المغرب لما أجابوا بمثل ما أجاب به ابن عباس ،إال أني أقول :خير األعمال ما يقبل اهلل تعالى منك ،وخير الشهور ما تتوب فيه إلى اهلل توبة نصوحا ،وخير األيام ما تخرج فيه من الدنيا إلى اهلل تعالى مؤمنا باهلل. وقال شاعر: أما ترى كيف يبلينا الجديدان • ونحن نلعب فى سر وإعالن ال تركنن إلى الد نيا ونعمتها • فإن أوطانها ليست بأوطان واعمل لنفسك من قبل الممات فال • تغررك كثرة أصحاب وإخوان
وقيل :إذا أراد اهلل بعبد خيرا فقهه فى الدين ،وزهد فى الدنيا ،وبصره بعييوب نفسه. وعن رسول اهلل أنه قال :حبب إلي من دنياكم ثالث :الطيب ،والنساء، وجعلت قرة عيني فى الصالة ،وكان معه أصحابه جلوسا فقال أبو بكر الصديق (رضي اهلل عنه) :صدقت يا رسول اهلل ،وحبب إلي من الدنيا ثالث: النظر إلى وجه رسول اهلل ،وإنفاق مالي على رسول اهلل ،وأن يكون ابنتي تحت رسول اهلل .فقال عمر (رضي اهلل عنه) :صدقت يا أبا بكر ،وحبب إلي من الدنيا ثالث :األمر بالمعروف ،والنهي عن المنكر ،والثوب الخلق .فقال عثمان (رضي اهلل عنه) :صدقت يا عمر ،وحبب إلي من الدنيا ثالث :إشباع الجيعان ،وكسوة العريان ،وتالوة القرآن .فقال علي (رضي اهلل عنه) :صدقت يا عثمان ،وحبب إلي من الدنيا ثالث :الخدمة للضيف ،والصوم فى الصيف، والضرب بالسيف .فبينما هم كذلك إذ جاء جبرائيل وقال :أرسلني اهلل تبارك وتعالى لما سمع مقالتكم وأمرك أن تسألني عما أحب إن كنت من أهل الدنيا. فقال :ما تحب إن كنت من أهل الدنيا؟ فقال :إرشاد الضالين ،ومؤانسة الغرباء القانتين ،ومعاونة أهل العيال المعسرين .وقال جبرائيل :يحب رب العزة جل جالله من عباده ثالث خصال :بذل اإلستطاعة ،والبكاء عند الندامة، والصبر عند الفاقة. وعن بعض الحكماء :من اعتصم بعقله (أي اعتمد) ضل ،ومن استغنى
بماله قل ،ومن عز بمخلوق ذل.
وعن بعض الحكماء :ثمرة المعرفة ثالث خصال :الحياء من اهلل تعالى، والحب فى اهلل ،واألنس باهلل. وعن النبي عليه السالم أنه قال :المحبة أساس المعرفة ،والعفة عالمة اليقين ،ورأس اليقين التقوى والرضى بتقدير اهلل تعالى. وعن سفيان بن عيينة (رضي اهلل تعالى) قال :من أحب اهلل أحب من أحبه اهلل تعالى ،ومن أحب من أحب اهلل تعالى أحب ما أحب فى اهلل تعالى ،ومن أحب ما أحب فى اهلل تعالى أحب أن ال يعرفه الناس. وعن النبي صالة والسالم أنه قال :صدق المحبة فى ثالث خصال :أن يختار كالم حبيبه على كالم غيره ،ويختار مجالسة حبييه على مجالسة غيره، ويختار رضى حبيبه على رضى غيره. وعن وهب بن منبه اليماني (رضي اهلل عنه) :مكتوب فى التوراة الحريص فقير وإن كان ملك الدنيا ،والمطيع مطاع وإن كان مملوكا ،والقانع غني وإن كان جائعا. وعن بعض الحكماء :من عرف اهلل لم يكن له مع الخلق لذة ،ومن عرف الدنيا لم يكن له فيها رغبة ومن عرف عدل اهلل تعالى لم يتقدم إليه الخصماء. وعن ذي النون المصري :كل خائف هارب ،وكل راغب طالب ،وكل آنس باهلل مستوحش عن نفسه .وقال [ذو النون] :العارف باهلل تعالى أسير ،وقلبه بصير ،وعمله هلل كثير .وقال :العارف باهلل تعالى وفى ،وقلبه ذكي ،وعمله هلل
زكي.
وعن أبي سليمان الداراني أنه قال :أصل كل خير فى الدنيا واآلخرة الخوف من اهلل ،ومفتاح الدنيا الشبع ،ومفتاح اآلخرة الجوع. وقيل :العبادة حرفة ،حانوتها الخلوة ،ورأس مالها التقوى ،وربحها الجنة. قال مالك بن دينار :أحسن ثالثا بثالث حتى تكون من المؤمنين :الكبر بالتواضع ،والحرص بالقناعة ،والحسد بالنصيحة.
باب الرباعي روي عن رسول اهلل أنه قال ألبي ذر الغفاري رضي اهلل عنه :يا أبا ذر، جدد السفينة فإن البحر عميق ،وخد الزاد كامال فإن السفر بعيد ،وخفف الحمل فإن العقبة كؤود ،وأخلص العمل فإن الناقد بصير .وقال الشاعر: فرض على الناس أن يتوبوا • لكن ترك الذنوب أوجب والصبر فى النائبات صعب • لكن فوت الثواب أصعب والدهر فى صرفه عجيب • لكن غفلة الناس أعجب وكل ما قد يجي قريب • ولكن الموت من ذاك أقرب وعن بعض الحكماء :أربعة حسن ولكن أربعة منها أحسن :الحياء من الرجال حسن ولكنه من المرأة أحسن؛ والعدل من كل أحد حسن ولكنه من
األمراء أحسن؛ والتوبة من الشيخ حسن ولكنها من الشباب أحسن؛ والجود من األغنياء حسن ولكنه من الفقراء أحسن. وعن بعض الحكماء :أربعة قبيح لكن أربعة منها أقبح :الذنب من الشاب قبيح ومن الشيخ أقبح؛ واإلشتغال بالدنيا من الجاهل قبيح ومن العالم أقبح؛ والتكسل فى ا لطاعة من جميع الناس قبيح ومن العلماء والطلبة أقبح؛ والتكبر من األغنياء قبيح ومن الفقراء أقبح. وقال النبي عليه السالم :الكواكب ألهل السماء أمانة ،فإذا انتثرت كان القضاء على أهل السماء؛ وأهل بيتي أمان ألمتي فإذا زال أهل بيتي كان القضاء على أمتي؛ وأنا أمان ألصحابي فإذا ذهبت كان القضاء على أصحابي، والجبال أمان ألهل األرض فإذا ذهبت كان القضاء على أهل األرض. وعن أبي بكر الصديق أنه قال :أربعة تمامها بأربعة :تمام الصالة بسجدتي السهو ،والصوم بصدقة الفطر ،والحج بالفدية ،واإليمان بالجهاد. وعن عبد اهلل بن المبارك :من صلى كل يوم إثنتي عشرة ركعة فقد أدى حق الصالة ،ومن صام كل شهر ثالثة أيام فقد أدى حق الصيام .ومن قرأكل يوم مائة آية فقد أدى حق القراءة ،ومن تصدق فى جمعة بدرهم فقد أدى حق الصدقة. وقال عمر (رضي اهلل عنه) :البحور أربعة :الهوى بحر الذنوب ،والنفس بحر الشهوات ،والموت بحر األعمار ،والقبر بحر الندامات.
وعن عثمان (رضي اهلل عنه) :وجدت حالوة العبادة فى أربعة أشياء :أولها فى أداء فرائض اهلل ،والثاني فى اجتناب محارم اهلل ،والثالث فى األمر بالمعروف ابتغاء ثواب اهلل ،والرابع فى النهي عن المنكر اتقاء غضب اهلل. وقال أيضا (رضي اهلل عنه) :أربعة ظاهرهن فضيلة وباطنهن فريضة :مخالطة الصالحين فضيلة واإلقتداء بهم فريضة؛ وتالوة القرآن فضيلة والعمل به فريضة وزيارة القبور فضيلة واإلستعداد لها فريضة؛ وعيادة المريض فضيلة واتخاذ الوصية منه فريضة. وعن علي (رضي اهلل عنه) أنه قال :من اشتاق إلى الجنة سارع إلى الخيرات ،ومن أشفق من النار انتهى عن الشهوات ،ومن تيقن بالموت انهدمت عليه اللذات ،ومن عرف الدنيا هانت عليه المصيبات. وعن النبي عليه السالم أنه قال :الصالة عماد الدين والصمت أفضل، والصدقة تطفى عضب الرب والصمت أفضل ،والصوم جنة من النار والصمت أفضل ،والجهاد ِسنام الدين والصمت أفضل. قيل أوحى اهلل تعالى إلى نبي من األنبياء من بني إسرائيل وقال :صمتك عن الباطل لي صوم ،وحفظك الجوارح عن المحارم لي صالة ،وإياسك عن الخلق لي صدقة ،وكفك األذى عن المسلمين لي جهاد. وعن عبد اهلل بن مسعود (رضي اهلل عنه) قال :أربعة من ظلمة القلب: بطن شبعان من غير مباالة ،وصحبة الظالمين ،ونسيان الذنوب الماضية،
وطول األمل .وأربعة من نور القلب :بطن جائع من حذر ،وصحبة الصالحين، وحفظ الذنوب الماضية ،وقصر األمل.
وعن حاتم األصم (رحمة اهلل تعالى) أنه قال :من ادعى أربعة بال أربعة فدعواه كذب :من ادعى حب اهلل ولم ينته عن محارم اهلل فدعواه كذب ،ومن ادعى حب النبي عليه السالم وكره الفقراء والمساكين فدعواه كذب ،ومن ادعى حب الجنة ولم يتصدق فدعواه كذب ،ومن ادعى خوف النار ولم ينته عن الذنوب فدعواه كذب. وعن النبي عليه السالم أنه قال :عالمة الشقاوة أربعة :نسيان الذنوب الماضية وهي عند اهلل تعالى محفوظة؛ وذكر الحسنات الماضية وال يدري أقبلت أم ردت؛ ونظره إلى من فوقه فى الدنيا؛ ونظره إلى من دونه فى الدين. بقول اهلل :أردته ولم يردني ،فتركته .وعالمة السعادة أربعة :ذكر الذنوب الماضية ،ونسيان الحسنات الماضية ،ونظره إلى من فوقه فى الدين ،ونظره إلى من دونه فى الدنيا. وعن بعض الحكماء أن شعائر اإليمان أربعة :التقوى والحياء والشكر والصبر. روي أنه صلى اهلل عليه وسلم قال :ذروة اإليمان أربع خالل :الصبر للحكم والرضا بالقدر واإلخالص للتوكل واإلستسالم للرب ،رواه أبو نُعيم.
وعن النبي أنه قال :األمهات أربعة :أم األدوية ،وأم األداب ،وأم العبادات ،وأم األماني؛ فأم األدوية قلة األكل ،وأم األداب قلة الكالم ،وأم العبادات قلة الذنوب ،وأم األماني الصبر. وقال عليه السالم :أربعة جواهر فى جسم بني آدم يزيلها أربعة أشياء .أما الجواهر :فالعقل ،والدين ،والحياء ،والعمل الصالح .فالغضب يزيل العقل،
والحسد يزيل الدين ،والطمع يزيل الحياء ،والغيبة تزيل العمل الصالح. وعن النبي أنه قال :أربعة فى الجنة خير من الجنة :الخلود فى الجنة خير من الجنة ،وخدمة المالئكة فى الجنة خيرمن الجنة ،وجوار األنبياء فى الجنة خير من الجنة ،ورضى اهلل تعالى فى الجنة خير من الجنة .وأربعة من النار شر من النار :الخلود فى ا لنار شر من النار ،وتوبيح المالئكة الكفار فى النار شر من النار ،وجوار الشيطان فى النار شر من النار ،وغضب اهلل تعالى فى النار شر من النار. وعن بعض الحكماء حين سئل :كيف أنت؟ فقال :أنا مع المولى على الموافقة ومع النفس على المخالفة ،ومع الخلق على النصيحة ،ومع الدنيا على الضرورة. واختار بعض الحكماء أربع كلمات من أربع كتب هذه هي من التوراة :من رضي بما أعطاه اهلل تعالى استراح فى الدنيا واآلخرة؛ ومن اإلنجيل :من هدم الشهوات عز فى الدنيا واآلخرة؛ ومن الزبور :من تفرد عن الناس نجا فى الدنيا واآلخرة؛ ومن الفرقان :من حفظ اللسان سلم فى الدنيا واآلخرة. وعن عمر (رضي اهلل عنه) :واهلل ما ابتليت ببلية إال وكان هلل تعالى علي فيها أربع نعم ،أولها إذا لم تكن فى ذنبي ،والثانى إذا لم تكن أعظم منها، والثالث إذا لم تكن محرم الرضاء بها ،والرابع أني أرجو الثواب عليها. وعن عبد اهلل بن المبارك قال :إن رجال حكيما جمع األحاديث فاختار منها أربعين ألفا ،ثم اختار منها أربعة أالف ،ثم اختار منها أربعمائة ،ثم اختار منها
أربعين ،ثم اختار منها أربع كلمات إحداهن :ال تثقن بإمرأة على كل حال،
والثانية :ال تغتر بالمال على كل حال ،والثالثة :ال تحمل معدتك ما ال تطيقه، والرابعة :ال تجمع من العلم ما ال ينفعك. وعن محمد بن أحمد رحمه اهلل فى قول اهلل عز وجل :وسيدا وحصورا ونبيا من الصالحين .قال :ذكر اهلل يحيى سعيدا وهو عبده ألنه [أي يحيى] كان غالبا على أربعة أشياء :على الهوى ،وعلى إبليس ،وعلى اللسان ،وعلى الغضب. وعن علي (رضي اهلل عنه) :ال يزال الدين والدنيا قائمين ما دام أربعة أشياء ما دام األغنياء ال يبخلون بما خولوا ،وما دام العلماء يعملون بما علموا، وما دام الجهالء ال يستكبرون عما لم يعلموا ،وما دام الفقراء ال يبيعون آخرتهم بدنياهم. وعن النبي أنه قال :إن اهلل تع الى يحتج يوم القيامة بأربعة أنفس على أربعة أجناس من الناس :على األغنياء بسليمان بن داوود ،وعلى العبيد بيوسف وعلى المرضى بأيوب ،وعلى الفقراء بعيسى ،عليهم السالم. وعن سعد بن بالل (رحمه اهلل) أن العبد إذا أذنب من اهلل تعالى عليه بأربع خصال :ال يحجب عنه الرزق ،وال يحجب عنه الصحة ،وال يظهرعليه الذنب ،وال يعاقبه عاجال. وعن حاتم األصم رحمه اهلل أنه قال :من صرف أربعا إلى أربع وجد الجنة: النوم إلى القبر ،والفخر إلى الميزان ،والراحة إلى الصراط ،والشهوة إلى
الجنة.
وعن حامد اللفاف رحمه اهلل أنه قال :اربعة طلبناها فى أربعة ،فأخطأنا طرقها ،فوجدناها فى أربعة أخرى :طلبنا الغنى فى المال فوجدناه فى القناعة، وطلبنا الراحة فى الثورة فوجدناها فى قلة المال ،وطلبنا اللذات فى النعمة فوجدناها فى البدن الصحيح ،وطلبنا الرزق فى األرض فوجدناه فى السماء. وعن علي رضي اهلل عنه أنه قال :أربعة أشياء قليلها كثير :الوجع ،والفقر، والنار ،والعداوة. وعن حاتم األصم أنه قال :أربعة أشياء ال يعرف قدرها إال أربعة :الشباب ال يعرف قدره إال الشيوخ ،والعافية ال يعرف قدرها إال أهل البالء ،والصحة ال يعرف قدرها إال المرضى ،والحياة ال يعرف قدرها إال الموتى .قال الشاعر أبو نواس: ذنوبي إن فكرت فيها كثيرة • ورحمة ربي من ذنوبي أوسع وما طمعي فى صالح إن عملته • ولكنني فى رحمة اهلل أطمع هو اهلل موالي الذي هو خالقي • وإني له عبد أقر وأخضع فإن يك غفران فذلك رحمة • وإن تكن األخرى فما أنا أصنع قال النبي :إذا كان يوم القيامة يوضع الميزان فيؤتى بأهل الصالة فيوفون أجورهم بالميزان ،ثم يؤتى بأهل الصوم فيوفون أجورهم بالميزان ،ثم يؤتى بأهل البالء ال ينصب لهم ميزان وال ينشر لهم ديوان فيوفون أجورهم بغير حساب حتى يتمنى أهل العافية أن لو كانوا بمنزلتهم من كثرة ثواب اهلل تعالى.
وعن بعض الحكماء :يستقبل ابن آدم أربع نهبات :ينتهب ملك الموت روحه ،وينتهب الورثة ماله ،وينتهب الدود جسمه ،وينتهب الخصماء يوم القيامة عرضه. وعن بعض الحكماء :من اشتغل بالشهوات فال بد له من النساء ،ومن اشتغل بجمع المال فال بد له من الحرام ،ومن اشتغل بمنافع المسلمين فال بد له من المداراة ،ومن اشتغل بالعبادة فال بد له من العلم. وعن علي (رضي اهلل عنه) أن أصعب األعمال أربع خصال :العفو عند الغضب ،والجود فى العسرة ،والعفة فى الخلوة ،وقول الحق لمن يخافه أو يرجوه. وفى الزبور :أوحى اهلل تعالى إلى داوود عليه السالم أن العاقل الحكيم ال يخلو من أربع ساعات :ساعة فيها يناجي ربه ،وساعة فيها يحاسب نفسه، وساعة يمشي فيها إلى إخوانه الذين يخبرونه بعيوبه ،وساعة فيها يخلى بين نفسه وبين لذاتها الحالل. وقال بعض الحكماء :جميع العبادات (من العبودية) أربعة :الوفاء بالعهود ،والمحافظة بالحدود ،والصبر على المفقود ،والرضى بالوجود.
باب الخماسي روي عن النبي :من أهان خمسة خسر خمسة :من استخف بالعلماء خسر الدين ،ومن استخف باألمراء خسر الدنيا ،ومن استخف بالجيران خسر المنافع ،ومن استخف باألقوياء خسر المودة ،ومن استخف بأهله خسر طيب المعيشة. وقال النبي عليه السالم :سيأتي زمان على أمتي يحبون خمسا وينسون خمسا :يحبون الدنيا وينسون العقبى ،يحبون الدور وينسون القبور ،ويحبون المال وينسون الحساب ،يحبون العيال وينسون الحق ،ويحبون النفس وينسون اهلل ،هم مني برآء وأنا منهم بريء. وقال النبي عليه السالم :ال يعطى اهلل ألحد خمسا إال وقد أعد له خمسا أخرى :ال يعطيه الشكر إال وقد أعد له الزيادة ،وال يعطيه الدعاء إال وقد أعد له اإلستجابة ،وال يعطيه اإلستغفار إال وقد أعد له الغفران ،وال يعطيه التوبة إال وقد أعد له القبول ،وال يعطيه الصدقة إال وقد أعد له التقبل. وعن أبي بكر الصديق رضي اهلل عنه :الظلمات خمس والسرج لها خمس :حب الدنيا ظلمة والسراج له التقوى ،والذنب ظلمة والسراج له التوبة ،والقبر ظلمة والسراج لها ال إله إال اهلل محمد رسول اهلل ،واآلخرة ظلمة والسراج لها العمل الصالح ،والصراط ظلمة والسراج لها اليقين. وعن عمر (رضي اهلل عنه) أنه قال :موقوفا عليه أو مرفوعا إلى النبي :لوال
ادعاء الغيب لشهدت على خمس نفر أنهم أهل الجنة :الفقير صاحب العيال،
والمرأة الراضى عنها زوجها ،والمتصدق بمهرها على زوجها ،والراضي عنه أبواه ،والتائب من الذنوب. وعن عثمان (رضي اهلل عنه) :خمس هن عالمة المتقين :أولها أن ال يجالس إال من يصلح الدين معه ويغلب الفرج واللسان ،وإذا أصابه شيء عظيم من الدنيا يراه وباال ،وإذا أصابه شيء قليل من الدين اغتنم ذلك ،وال يمأل بطنه من الحالل خوفا من أن يخالطه حرام ،ويرى الناس كلهم قد نجوا ويرى نفسه قد هلكت. وعن علي (رضي تعالى عنه) :لو ال خمس خصال لصار الناس كلهم صالحين :أولها القناعة بالجهل ،والحرص على الدنيا ،والشح بالفضل ،والرياء فى العمل ،واإلعجاب بالرأي. وعن جمهور العلماء (رحمة اهلل عليهم أجمعين) أن اهلل تعالى أكرم نبيه محمدا (صلعم) بخمس كرمات :أكرمه باإلسم والجسم والعطاء والخطاء والرضاء :أما االسم فنداه بالرسالة ولم يناده باالسم ،كما نادى جميع األنبياء مثل آدم ونوح وإبراهيم وغيرهم؛ وأما الجسم فإذا دعا النبي شيأ فأجاب هو بنفسه عنه ،ولم يفعل ذلك لسائر األنبياء؛ وأما العطاء فأعطاه بال سؤال؛ وأما الخطاء فذكر العفو قبل ذنبه حيث قال عفا اهلل عنك؛ وأما الرضى فلم يرد عليه فديته وال صدقته وال نفقته؛ كما ردها على سائر األنبياء. وعن عبد اهلل بن عمرو بن العاص (رضي اهلل عنهما) :خمس من كن فيه
سعد فى الدنيا واألخرة :أولها أن يذكر ال إله إال اهلل محمد رسول اهلل وقتا بعدوقت ،وإذا ابتلى ببلية قال إنا هلل وإنا إليه راجعون وال حول وال قوة إال باهلل
العلي العظيم ،وإذا أعطي بنعمة قال :الحمد هلل رب العالمين شكرا للنعمة، وإذا ابتدأ فى شيء قال بسم اهلل الرحمن الرحيم ،وإذا أفرط منه ذنبا قال أستغفراهلل العظيم وأتوب إليه. وعن الحسن البصري (رحمه اهلل) أنه قال :مكتوب فى التوراة خمسة أحرف :أن الغنية فى القناعة ،وأن السالمة فى العزلة ،وأن الحرمة فى رفض الشهوات ،وأن التمتع فى أيام طويلة ،وأن الصبر فى أيام قليلة. وعن النبي :إغتنم خمسا قبل خمس :شبابك قبل هرمك ،وصحتك قبل سقمك ،وغناك قبل فقرك ،وحياتك قبل موتك ،وفراغك قبل شغلك. وعن يحيى بن معاذ الرازي (رحمه اهلل) :من كثر شبعه كثر لحمه ،ومن كثر لحمه كثرت شهوته ،ومن كثرت شهوته كثرت ذنوبه ،ومن كثرت ذنوبه قسى قلبه ،ومن قسى قلبه غرق فى آفات الدنيا وزينتها. وعن سفيان الثوري أنه قال :اختار الفقراء خمسا واختار األغنياء خمسا: اختار الفقراء راحة النفس ،وفراغة القلب ،وعبودية الرب ،وخفة الحساب، والدرجة العليا ،واختار األغنياء تعب النفس ،وشغل القلب ،وعبودية الدنيا، وشدة الحساب ،والدرجة السفلى. وعن عبد اهلل األنطاكي (رحمه اهلل) :خمسة هن من دواء القلب :مجالسة الصالحين ،وقراءة القرآن ،وخالء البطن ،وقيام الليل ،والتضرع عند الصباح. وعن جمهور العلماء أن الفكرة على خمسة أوجه :فكرة فى آيات اهلل
يتولد منها التوحيد واليقين ،وفكرة فى آالء اهلل يتولد منها المحبة ،وفكرة فى
وعد اهلل تعالى يتولد منها الرغبة ،وفكرة فى وعيد اهلل يتولد منها الهيبة ،وفكرة فى تقصير نفسه عن الطاعة مع إحسان اهلل إليه يتولد منها الحياء. وعن بعض الحكماء [قولهم] :بين يدي التقوى خمس عقبات من جاوزها نال التقوى ،أولها :اختيار الشدة على النعمة ،وثانيها :اختيار الجهد على الراحة ،وثالثها :اختيار الذل على العز ،ورابعها :اختيار السكوت على الفضول ،وخامسها :اختيار الموت على الحياة. وعن النبي عليه السالم :النجوى يحصن األسرار ،الصدقة تحصن األموال ،واإلخالص يحصن األعمال ،والصدق يحصن األقوال ،والمشورة تحصن األراء. [و] قال النبي عليه السالم :إن فى جمع المال خمسة أشياء :العناء فى جمعه ،والش غل عن ذكر اهلل تعالى بإصالحه ،والخوف من سالبه وسارقه، واحتمال اسم البخيل لنفسه ،ومفارقة الصالحين من أجله ،وفى تفريقه خمسة أشياء :راحة النفس من طلبه ،والفراغ لذكر اهلل من حفظه ،واألمن من سالبه وسارقه ،واكتساب اسم الكريم لنفسه ،ومصاحبة الصالحين لفراقه وعن سفيان الثوري (رحمه اهلل) :ال يجتمع فى هذا الزمان ألحد مال إال وعنده خمس خصال :طول األمل ،وحرص غالب ،وشح شديد ،وقلة الورع ،ونسيان اآلخرة. قال القائل: ياخاطب الدنيا إلى نفسه • إن لها فى كل يوم خليال
تستنكح البعل وقد وطئت • فى موضع أخر منه بديال ما أقبل الدنيا لخطابها • لقتلهم [فيها] قتيال قتيال إني لمغتر وإن البالء • يعمل فى جسمي قليال قليال تزودوا للموت زادا فقد • نادى المنادي الرحيل الرحيال وعن حاتم األصم (رحمه اهلل) أنه قال :العجلة من الشيطان إال فى خمس مواضع فإنها من سنن رسول اهلل :إطعام الضيف إذا نزل ،وتجهيز الميت إذا مات ،وتزويج البنت إذا بلغت ،وقضاء الدين إذا وجب ،والتوبة من الذنوب إذا فرط. وقال محمد بن الدوري :شقي إبليس بخمسة أشياء :لم يقر بالذنب ،ولم يندم ،ولم يلم نفسه ،ولم يعزم على التوبة ،وقنط من رحمة اهلل؛ وسعد آدم بخمسة أشياء :أقر بالذنب ،وندم عليه ،والم نفسه ،وأسرع فى التوبة ،ولن يقنط من رحمة اهلل. عن شقيق البلخي (رحمه اهلل) أنه قال :عليكم بخمس خصال فاعملوها: اعبدوا اهلل بقدر حاجتكم إليه ،وخذوا من الدنيا بقدر عمركم فيها ،وأذنبوا اهلل بقدر طاقتكم على عذابه ،وتزودوا فى الدنيا بقدر مكثكم فى القبر ،واعملوا للجنة بقدر ما تريدون فيها المقام. وقال عمر (رضي اهلل عنه) رأيت جميع األخالء فلم أر خليال أفضل من حفظ اللسان ،ورأيت جميع اللباس فلم أر لباسا أفضل من الورع ،ورأيت
جميع المال فلم أر ماالً أفضل من القناعة ،ورأيت جميع البر فلم أر برا أفضل من النصيحة ،ورأيت جميع األطعمة فلم أر طعاما ألذ من الصبر. وعن بعض الحكماء أنه قال :الزهد خمس خصال :الثقة باهلل ،والتبري عن الخلق ،واإلخالص فى العمل ،واحتمال الظلم ،والقناعة فى اليد. وعن بعض العباد أنه قال فى المناجاة :إلهي طول األمل غرني ،وحب الدنيا أهلكني ،والشيطان أضلني ،والنفس األمارة بالسوء عن الحق ،منعتني، وقرين السوء على المعصية أعانني فأغثني يا غياث المستغيثين ،فإن لم ترحمني فمن ذا الذي يرحمني غيرك. قال النبي عليه السالم :سيأتي على أمتي زمان يحبون الخمس وينسون الخمس :يحبون الدنيا وينسون اآلخرة ،ويحبون الحياة وينسون الموت، ويحبون القصور وينسون القبور ،ويحبون المال وينسون الحساب ،ويحبون الخلق وينسون الخالق. وقال يحيى بن معاذ الرازي (رحمه اهلل) فى المناجاة :إلهي ،ال يطيب الليل إال بمناجاتك ،وال يطيب النهار إال بطاعتك ،وال تطيب الدنيا إال بذكرك ،وال تطيب اآلخرة إال بعفوك ،وال تطيب الجنة إال برؤيتك.
باب السداسي قال النبي :ستة أشياء هن غريبة فى ستة مواضع :المسجد غريب فيما بين قوم ال يصلون فيه ،والمصحف غريب فى منزل قوم ال يقرأون فيه ،والقرآن
غريب فى جوف الفاسق ،والمرأة المسلمة الصالحة غريبة فى يد رجل ظالم سيئ الخلق ،والرجل المسلم الصالح غريب فى يد امرأة رديّة سيئة الخلق، والعالم غريب بين قوم ال يستمعون إليه .ثم قال (النبي عليه السالم) :إن اهلل تعالى ال ينظر إليهم يوم القيامة نظر الرحمة. وقال النبي :ستة لعنتهم ولعنهم اهلل تعالى ،وكل نبي مجاب الدعوات: الزائد فى كتاب اهلل تعالى ،والمكذب بقدر اهلل تعالى ،والمتسلط بالجبروت ليعز من أذله اهلل ويذل من أعزه اهلل ،والمستحل لحرم اهلل تعالى ،والمستحل من عترتي ما حرم اهلل ،وتارك لسنتي ،فإن اهلل تعالى ال ينظر إليهم يوم القيامة نظر الرحمة. قال أبو بكر الصديق :إن إبليس قائم أمامك ،والنفس عن يمينك، والهوى عن يسارك ،والدنيا عن خلفك ،واألعضاء عن حولك ،والجبار فوقك (يعني بالقدرة ال بالمكانة)؛ فإإلبليس لعنه اهلل يدعوك إلى ترك الدين ،والنفس تدعوك إلى المعصية ،والهوى يدعوك إلى الشهوة ،والدنيا تدعوك إلى اختيارها على اآلخرة ،واألعضاء تدعوك إلى الذنوب ،والجبار يدعوك إلى الجنة والمغفرة ،قال اهلل تعالى :واهلل يدعو إلى الجنة والمغفرة فمن أجاب إبليس ذهب عنه الدين ،ومن أجاب النفس ذهب عنه الروح ،ومن أجاب الهوى ذهب عنه العقل ،ومن أجاب الدنيا ذهب [ذهبت] عنه اآلخرة ،ومن أجاب األعضاء ذهبت عنه الجنة ،ومن أجاب اهلل تعالى ذهبت عنه السيئات ونال
جميع الخيرات.
وقال عمر (رضي اهلل تعالى عنه) :إن اهلل تعالى كتم ستة فى ستة :كتم الرضاء فى الطاعة ،وكتم الغضب فى المعصية ،وكتم اسمه األعظم فى القرآن، وكتم ليلة القدر فى شهر رمضان ،وفى نسخة وكتم أولياءه فيما بين الناس وكتم الموت فى العمر ،وكتم الصالة والوسطى فى الصالة. وقال عثمان (رضي اهلل عنه) :إن المؤمن فى ستة أنواع من الخوف: أحدها من قبل اهلل تعالى أن يأخذ منه اإليمان ،والثاني من قبل الحفظة أن يكتبوا عليه ما يفتضح به يوم القيامة ،والثالث من قبل الشيطان أن يبطل عمله ،والرابع من قبل ملك الموت أن يأخذه فى غفلة بغتة ،والخامس من قبل الدنيا أن يغتر بها وتشغله عن اآلخرة ،والسادس من قبل األهل والعيال أن يشتغل بهن فى شغلونه عن ذكر اهلل تعالى. وعن علي (رضي اهلل عنه) أنه قال :من جمع ستة خصال لم يدع للجنة مطلبا وال عن النار مهربا :أولها عرف اهلل تعالى فأطاعه ،وعرف الشيطان فعصاه ،وعرف اآلخرة فطلبها ،وعرف الدنيا فرفضها ،وعرف الحق فاتبعه، وعرف الباطل فاجتنبه .وقال [اإلمام علي] أيضا :النعم ستة أشياء :اإلسالم، والقرآن ،ومحمد رسول اهلل ،والعافية ،والستر ،والغني عن الناس. وعن يحيى بن معاذ الرازي (رحمه اهلل) :العلم دليل العمل ،والفهم وعاء العلم ،والعقل قائد للخير ،والهوى مركب للذنوب ،والمال رداء المتكبرين، والدنيا سوق اآلخرة.
وقال أبو ذر جمهر :ست خصال تعدل جميع الدنيا :الطعام المريء، والولد الصالح ،والزوجة الموافقة ،والكالم المحكم ،وكمال العقل ،وصحة البدن. وعن الحسن البصري (رحمه اهلل) :لو ال األبدال لخسفت األرض وما فيها ،ولو ال الصالحون لهلك الطالحون ،ولو ال العلماء لصار الناس كلهم كالبهائم ،ولو ال السلطان ألهلك [الناس] بعضهم بعضا ،ولو ال الحمقاء لخربت الدنيا ،ولو ال الريح ألنتن كل شيئ. وعن بعض الحكماء أنه قال :من لم يخش اهلل لم ينج من زلة اللسان، ومن لم يخش قدومه على اهلل لم ينج قلبه من الحرام والشبهة ،ومن لم يكن أئسا عن الخلق لم ينج من الطمع ،ومن لم يكن حافظا على عمله لم ينج من الرياء ،ومن لم يستعن باهلل على إحتراس قلبه لم ينج من الحسد ،ومن لم ينظر إلى من هو أفضل منه علما وعمال لم ينج من العجب. وعن الحسن البصري أنه قال :إن فساد القلوب عن ستة أشياء ،أولها: يذنبون برجاء التوبة ،ويتعلمون العلم وال يعملون [به] ،وإذا عملوا ال يخلصون ،ويأكلون رزق اهلل وال يشكرون ،وال يرضون بقسمة اهلل ،ويدفنون موتاهم وال يعتبرون .وقال [الحسن البصري] أيضا :من أراد الدنيا واختارها على اآلخرة عاقبه اهلل بست عقوبات ،ثالث فى الدنيا وثالث فى اآلخرة؛ أما الثالث التي هي فى الدنيا فأمل ليس له منتهى ،وحرص غالب ليس له قناعة،
وأخذ منه حالوة العبادة .وأما الثالث التي هي فى اآلخرة فهول يوم القيامة، والحساب الشديد ،والحسرة الطويلة.
وقال أحنف بن قيس (رضي اهلل عنه) :ال راحة للحسود ،وال مروة للكذوب ،وال حيلة للبخيل ،وال وفاء للملوك ،وال سؤدد لسيئ الخلق ،والراد لقضاء اهلل .وسئل (عن) بعض الحكماء :هل يعرف العبد إذا تاب أن توبته قبلت أم ردت؟ قال :ال أحكم فى ذلك ،ولكن لذلك عالمة :إحداها أن يرى نفسه غير معصومة من المعصية ،ويرى فى قلبه الفرح غائبا والحزن شاهدا، ويقرب أهل الخير ويباعد أهل الشر ،ويرى القليل من الدنيا كثيرا ويرى الكثير من عمل اآلخرة قليال ،ويرى قلبه مشتغال بما ضمن من اهلل تعالى فارغا عما ضمن اهلل تعالى منه ،ويكون حافظ اللسان دائم الفكرة الزم الغم والندامة. وقال يحيى بن معاذ (رحمه اهلل) :من أعظم اإلغترار عندي التمادي فى الذنوب على رجاء العفو من غير ندامة ،وتوقع القرب من اهلل تعالى بغير طاعة ،وانتظار زرع الجنة ببذر النار ،وطلب دار المطيعين بالمعاصي ،وانتظار الجزاء بغير عمل ،والتمني على اهلل عز وجل مع اإلفراط. يرجو النجاة وال يسلك مسلكها • إن السفينة ال تجري على اليبس وقال أحنف بن قيس حين سئل :ما خير ما يعطى العبد؟ قال :عقل غريزي ،قيل :فإن لم يكن؟ قال :أدب صالح ،قيل :فإن لم يكن؟ قال: صاحب موافق ،قيل :فإن لم يكن؟ قال :قلب مرابط ،قيل :فإن لم يكن؟ قال :طول الصمت ،قيل :فإن لم يكن؟ قال :موت حاضر.
باب السباعي عن أبي هريرة (رضي اهلل عنه) عن النبي :سبعة نفر يظلهم اهلل يوم القيامة تحت ظل عرشه يوم ال ظل إال ظله أولها :إمام عادل ،وشاب نشأ فى عبادة اهلل تعالى ،ورجل ذكر اهلل خاليا ففاضت عيناه دمعا من خشية اهلل تعالى، ورجل قلبه متعلق بالمسجد حتى يرجع إليه ،ورجل تصدق بصدقة فأخفأها فلم تعلم شماله بما صنعت يمينه ،ورجالن تحابا فى اهلل ،ورجل دعته امرأة ذات جمال إلى نفسها فأبى وقال إني أخاف اهلل تعالى. وقال أبو بكر الصديق رضي اهلل عنه :البخيل ال يخلو من إحدى السبع: إما أن يموت فيرثه من يبذل ماله وينفقه لغير ما أمر اهلل تعالى ،أو يسلط اهلل عليه سلطانا جائرا فيأخذه منه بعد تذليل نفسه ،أو يهيج له شهوة يفسد عليه ماله ،أو يبدو له رأي فى بناء أو عمارة فى أرض خراب فيذهب فيه ماله ،أو يصيب له نكبة من نكبات الدنيا من غرق أو حرق أو سرقة وما أشبه ذلك ،أو يصيبه علة دائمة فينفق ماله فى مداواتها ،أو يدفنه فى موضع من المواضع فينساه فال يجده. قال عمر (رضي اهلل عنه) :من كثر ضحكه قلت هيبته ،ومن استخف بالناس استُ ِخف به ،ومن أكثرفى شيء عرف به ،ومن كثر كالمه كثر سقطه، ومن كثر سقطه قل حياؤه ،ومن قل حياؤه قل ورعه ،ومن قل ورعه مات قلبه.
وعن عثمان (رضي اهلل عنه) أنه قال فى قوله تعالى :وكان تحته كنز لهما
وكان أبوهما صالحا قال :الكنز لوح من ذهب وعليه سبعة أسطر مكتوب فى
إحداها عجبت لمن عرف الموت وهو يضحك ،وعجبت لمن عرف الدنيا فانية وهو يرغب فيها ،وعجبت لمن عرف أن األمور بأقدار وهو يغتم للفوات، وعجبت لمن عرف الحساب وهو يجمع ماال ،وعجبت لمن عرف النار وهو يذنب ،وعجبت لمن عرف اهلل يقينا وهو يذكر غيره ،وعجبت لمن عرف الجنة يقينا وهو يستريح بالدنيا ،وعجبت لمن عرف الشيطان عدوا فأطاعه، وسئل عن علي (رضي اهلل عنه) :ما أثقل من السماء وما أوسع من األرض ،وما أغنى من البحر ،وما أشد من الحجر ،وما أحر من النار ،وما أبرد من الزمهرير ،وما أمر من السم؟ فقال علي (رضي اهلل عنه) :البهتان على البرايا أثقل من السماء ،والحق أوسع من األرض ،وقلب القانع أغنى من البحر، وقلب المنافق أشد من الحجر ،والسلطان الجائر أحر من النار ،والحاجة من اللئيم أبرد من الزمهرير ،والصبر أمر من السم( .وقيل النميمة أمر من السم). وقال النبي عليه السالم :الدنيا دار من ال دار له ،ومال من ال مال له ،ولها يجمع من ال عقل له ،ويشتغل بشهوتها من ال فهم له ،وعليها يعاقب من ال علم له ،ولها يحسد من ال لب له ،ولها يسعى من ال يقين له. وعن جابر بن عبد اهلل األنصاري (رضي اهلل عنه) عن النبي أنه قال :ما زال يوصيني جبرائيل بالجار حتى ظننت أنه يجعله وارثا ،وما زال يوصيني بالنساء حتى ظننت أنه سيحرم طالقهن ،وما زال يوصيني بالمملوكين حتى ظننت أنه يجعل لهم وقتا يعتقون فيه ،وما زال يوصيني بالسواك حتى ظننت أنه فريضة ،وما زال يوصيني بالصالة فى الجماعة حتى ظننت أنه ال يقبل اهلل
تعالى صالة إال فى الجماعة ،وما زال يوصيني بقيام الليل حتى ظننت أنه ال نوم بالليل ،وما زال يوصيني بذكر اهلل حتى ظننت أنه ال ينفع قول إال به.
وقال النبي عليه السالم :سبعة ال ينظر إليهم الخالق يوم القيامة وال يزكيهم ويدخلهم النار :الفاعل ،والمفعول به ،والناكح بيده ،وناكح البهيمة، ون اكح المرأة من دبرها ،والجامع بين المرأة وابنتها ،والزاني بحليلة جاره، والمؤذي جاره حتى يلعنه. وقال النبي :الشهداء سبعة سوى المقتول فى سبيل اهلل ،أولهم :المبطون شهيد ،والغريق شهيد ،وصاحب ذات الجنب شهيد ،والمطعون شهيد، والحريق شهيد ،والميت تحت الهدم شهيد ،والمرأة التي ماتت عن الوالدة شهيد. وعن بن عباس (رضي اهلل عنهما) :حق على العاقل أن يختار سبعا على سبع :الفقر على الغني ،والذل على العز ،والتواضع على الكبر ،والجوع على الشبع ،والغم على السرور ،والدون على المرتفع ،والموت على الحياة.
باب الثماني قال النبي عليه السالم :ثمانية أشياء ال تشبع من ثمانية :العين من النظر، واألرض من المطر ،واألنثى من الذكر ،والعالم من العلم ،والسائل من المسئلة ،والحريص من الجمع ،والبحر من الماء ،والنار من الحطب. وقال أبو بكر الصديق (رضي اهلل عنه) ثمانية أشياء هن زينة لثمانية أشياء: العف اف زينة الفقر ،والشكر زينة النعمة ،والصبر زينة البالء ،والحلم زينة
العلم ،والتذلل زينة المتعلم ،وكثرة البكاء زينة الخوف ،وترك المنة زينة اإلحسان ،والخشوع زينة الصالة. وقال عمر (رضي اهلل عنه) :من ترك فضول الكالم منح الحكمة ،ومن ترك فضول النظر منح خشوع القلب ،ومن ترك فضول الطعام منح لذة العبادة ،ومن ترك فضول الضحك منح الهيبة ،ومن ترك المزاح منح البهاء، ومن ترك حب الدنيا منح حب اآلخرة ،ومن ترك االشتغال بعيوب غيره منح اإلصالح لعيوب نفسه ،ومن ترك التجسس فى كيفية اهلل تعالى منح البراءة من النفاق. وعن عثمان (رضي اهلل عنه) أنه قال :عالمات العارفين ثمانية أشياء :قلبه مع الخوف والرجاء ،ولسانه مع الحمد والثناء ،وعيناه مع الحياء والبكاء، وإرادته مع الترك والرضاء (يعني ترك الدنيا وطلب رضا مواله). وعن علي (رضي اهلل عنه) :ال خير فى صالة ال خشوع فيها ،وال خير فى صوم ال امتناع فيه عن اللغو ،وال خير فى قراءة ال تدبر فيها ،وال خير فى علم ال ورع فيه ،وال خير فى مال ال سخاوة فيه ،وال خير فى أخوة ال حفظ فيها، وال خير فى نعمة ال بقاء لها ،وال خير فى دعاء ال إخالص فيه.
باب التساعي قال النبي :أوحى اهلل تعالى إلى موسى بن عمران فى التوراة أن أمهات الخطايا ثالثة :الكبر ،والحسد ،والحرص ،فنشأمنها ستة فصرن تسعة :األولى من الستة الشبع ،والنوم ،والراحة ،وحب األموال ،وحب الثناء والمحمدة، وحب الرياسة. وقال أبو بكر الصديق (رضي اهلل عنه) :العباد ثالثة أصناف ،لكل صنف ثالث عالمات يعرفون بها :صنف يعبدون اهلل تعالى على سبيل الخوف، وصنف يعبدون اهلل على سبيل الرجاء ،وصنف يعبدون اهلل على سبيل الحب؛ فلألول ثالث عالمات :يستحقر نفسه ،ويستقل حسناته ،ويستكثر سيئاته؛ وللثاني ثالث عالمات :يكون قدوة الناس فى جميع الحاالت ،ويكون أسخى الناس كلهم بالمال فى الدنيا ،ويكون أحسن الظن باهلل فى الخلق كلهم؛ وللثالث ثالثة عالمات :يعطي ما يحبه وال يبالي بعد أن يرضى ربه ،ويعمل بسخط نفسه بعد أن يرضى ربه ،ويكون فى جميع الحاالت مع سيده فى أمره ونهيه. وقال عمر (رضي اهلل عنه) :إن ذرية الشيطان تسعة :زليتون ،ووثين، ولقوس ،وأعوان ،وهفاف ،ومرة ،والمسوط ،وداسم ،وولهان .فأما زليتون فهو صاحب األسواق فنصب فيها رايته؛ وأما وثين فهو صاحب المصيبات؛ وأما أعوان فهو صاحب السلطان ،وأما هفاف فهو صاحب الشراب ،وأما مرة فهو
صاحب المزامير ،وأما لقوس فهو صاحب المجوس ،وأما المسوط فهو
صاحب األخبار يلقيه ا فى أفواه الناس وال يجدون لها أصال؛ وأما الداسم فهو
صاحب البيوت إذا دخل الرجل المنزل ولم يسلم ولم يذكر اسم اهلل تعالى أوقع فيما بينهم [بينهما] المنازعة حتى يقع الطالق والخلع والضرب؛ وأما ولهان فهو يوسوس فى الوضوء والصالة والعبادات. وقال عثمان (رضي اهلل عنه) :من حفظ الصلوات الخمس لوقتها ودوام عليها أكرمه اهلل بتسع كرامات .أولها :أن يحبه اهلل ،ويكون بدنه صحيحا، وتحرسه المالئكة ،وتنزل البركة فى داره ،ويظهر على وجهه سيماء الصالحين، ويلين اهلل قلبه ،ويكور على صراط المستقيم كالبرق الالمع ،وينجيه اهلل من النار ،وينزله اهلل فى جوار الذين ال خوف عليهم وال هم يحزنون. وعن علي (رضي اهلل عنه) :البكاء على ثالثة أوجه ،أحدها من خوف عذاب اهلل تعالى ،والثاني من رهبة السخط ،والثالث من خشية القطيعة .فأما األول فهو كفارة الذنوب ،وأما الثاني فهو طهارة للعيوب ،وأما الثالث فهو الوالية مع رضى المحبوب؛ فثمرة كفارة الذنوب النجاة من العقوبات ،وثمرة طهارة العيوب النعيم المقيم والدرجات العلى ،وثمرة الوالية مع رضى المحبوب حسن البشارة من اهلل تعالى بالرضى والرؤية ،وزيارة المالئكة زيادة الفضيلة.
باب العشاري قال رسول اهلل :عليكم بالسواك فإن فيه عشر خصال :يطهر الفم،
ويرضي الرب ،ويسخط الشيطان ،ويحبه الرحمن والحفظة ،ويشد اللثة،
ويقطع البلغم ،ويطيب النكهة ،ويطفئ المرة ،ويجلي البصر ،ويذهب البخرة، وهو من السنة .ثم قال عليه السالم :والصالة بالسواك أفضل من سبعين صالة بغير سواك. وقال أبو بكر الصديق (رضي اهلل عنه) :ما من عبد رزقه اهلل عشر خصال إال وقد نجا من اآلفات والعاهات كلها ،وصار فى درجة المقربين ،ونال درجة المتقين :أولها صدق دائم معه قلب قانع ،والثاني صبر كامل معه شكر دائم، والثالث فقر دائم معه زهد حاضر ،والرابع فكر دائم معه بطن جائع، والخامس حزن دائم معه خوف متصل ،والسادس جهد دائم معه بدن متواضع ،والسابع رفق دائم معه رحم حاضر ،والثامن حب دائم معه حياء، والتاسع علم نافع معه حلم دائم ،والعاشر إيمان دائم معه عقل ثابت. وقال عمر (رضي اهلل عنه) :عشرة ال تصلح بغير عشرة :ال يصلح العقل بغير ورع ،وال الفضل بعير علم ،وال الفوز بغير خشية ،وال السلطان بغير عدل ،وال الحسب بغير أدب ،وال السرور بغير أمن ،وال الغنى بغير جود ،وال الفقر بغير قناعة ،وال الرفعة بغير تواضع ،وال الجهاد بغير توفيق. وقال عثمان (رضي اهلل عنه) :أضيع األشياء عشرة :عالم ال يسأل عنه، وعلم ال يعمل به ،ورأي صواب ال يقبل ،وسالح ال يستعمل ،ومسجد ال يصلى فيه ،ومصحف ال يقرأ عنه ،ومال ال ينفق منه ،وخيل ال يركب ،وعلم الزهد فى بطن من يريد الدنيا ،وعمر طويل ال يتزود [صاحبه] فيه لسفره.
وقال علي (رضي اهلل عنه) :العلم خير ميراث ،واألدب خير حرفة ،والتقوى خير زاد ،والعبادة خير بضاعة ،والعمل الصالح خير قائد ،وحسن الخلق خير
قرين ،والحلم خير وزير ،والقناعة خير غني ،والتوفيق خير عون ،والموت خير مؤدب. وقال عليه السالم :عشرة من هذه األمة هم كفار باهلل العظيم ويظنون أنهم المؤمنون :القاتل بغير حق ،والساحر ،والديوث الذي ال يغار على أهله ،ومانع الزكاة ،وشارب الخمر ،ومن وجب عليه الحج فلم يحج ،والساعي فى الفتن، وبائع السالح من أهل الحرب ،وناكح المرأة فى دبرها ،وناكح ذات رحم محرم .إن علم هذه األفعال حالال فقد كفر. وقال النبي :ال يكون العبد فى السماء وال فى األرض مؤمنا حتى يكون وصوال ،وال يكون وصوال حتى يكون مسلما ،وال يكون مسلما حتى يسلم الناس من يده ولسانه ،وال يكون مسلما حتى يكون عالما ،وال يكون عالما حتى يكون بالعلم عامال ،وال يكون بالعلم عامال حتى يكون زاهدا ،وال يكون زاهدا حتى يكون ورعا ،وال يكون ورعا حتى يكون متواضعا ،وال يكون متواضعا حتى يكون عارفا بنفسه ،وال يكون عارفا بنفسه حتى يكون عاقال فى كالمه. وقيل :رأى يحيى بن معاذ الرازي (رحمه اهلل) فقيها راغبا فى الدنيا فقال: يا صاحب العلم والسنة ،قصوركم قيصرية ،وبيوتكم كسروية ،ومساكنكم قارونية ،وأبوابكم طالوتية ،وثيابكم جالوتية ،ومذاهبكم شيطانية ،وضياعكم ماردية ،وواليتكم فرعونية ،وقضائكم عاجيلية أصحاب رشوة غشاشية،
ومماتكم جاهلية فأين المحمدية .وقال:
أيها المناجي ربه بأنواع الكالم • والطالب مسكنه فى دار السالم
والمتسوف للتوبة عاما بعد عام • وما أراك منصفا لنفسك بين األنام إنك لو رافقت يومك يا غافل بالصيام • وأحييت طول ليلك بالقيام واقتصرت بالقليل من الماء والطعام • لكنت أحرى أن تنال شرف المقام والكرامة العظيمة من رب األنام • والرضوان األكبر من ذي الجالل واإلكرام وقال بعض الحكماء :عشر خصال يبغصها اهلل سبحانه وتعالى من عشرة أنفس :البخل من األغنياء ،والكبر من الفقراء ،والطمع من العلماء ،وقلة الحياء من النساء ،وحب الدنيا من الشيوخ ،والكسل من الشباب ،والجور من السلطان ،والجبن من الغزاة ،والعجب من الزاهد ،والرياء من العباد. وقال رسول اهلل :العافية على عشرة أوجه ،خمسة فى الدنيا وخمسة فى اآلخرة؛ فأما التي فى الدنيا [فهي] العلم ،والعبادة ،والرزق من الحالل، والصبر على الشدة ،والشكر على النعمة ،وأما التي فى اآلخرة فإنه يأتيه ملك الموت بالرحمة واللطف ،وال يروعه منكر ونكير فى القبر ،ويكون آمنا فى الفزع األكبر ،وتمحى سيئاته وتقبل حسناته ،ويمر على الصراط كالبرق الالمع ،ويدخل الجنة فى السالمة. وقال أبو الفضل رحمه اهلل :سمى اهلل تعالى كتابه بعشرة أسماء :قرآنا، وفرقانا ،وكتابا ،وتنزيال ،وهدى ،ونورا ،ورحمة ،وشفاء ،وروحا ،وذكرا؛ أما القرآن والفرقان والكتاب والتنزيل فمشهور ،وأما الهدى والنور والرحمة والشفاء [فقد] قال اهلل تعالى :يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما فى الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين ،قد جاءكم من اهلل نور وكتاب
مبين ،وأما الروح فقال :وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ،وأما الذكر فقال: وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس. وقال لقمان البنه :يابني إن الحكمة أن تعمل عشرة أشياء :أحدها تحيى القلب الميت ،وتجلس المسكين ،وتتقي مجالس الملوك ،وتشرف الوضيع، وتحرر العبيد ،وتؤوي الغريب ،وتغني الفقير ،وتزيد ألهل الشرف شرفا وللسيد سؤددا .وهي أفضل من المال ،وحرز من الخوف ،وعدة فى الحرب ،وبضاعة حين يربح .وهي شفيعة حين يعتريه (العبد) الهول ،وهي دليلة حين ينتهي به اليقين إلى النفس ،وهي سترة حين ال يستره ثوب. وقال بعض الحكماء :ينبغي للعقل إذا تاب أن يفعل عشر خصال، إحداها إستغفار باللسان ،وندم بالقلب ،وإقالع بالبدن ،والعزم أن ال يعود [إلى المعصية] أبدا ،وحب اآلخرة ،وبغض الدنيا ،وقلة الكالم ،وقلة األكل والشرب حتى يتفرغ للعلم والعبادة ،وقلة النوم .وقال اهلل تعالى :كانوا قليال من الليل ما يهجعون وباألسحار هم يستغفرون. قال أنس بن مالك (رضي اهلل عنه) :إن األرض تنادي كل يوم بعشر كلمات وتقول :يا ابن آدم ،تسعى على ظهري ومصيرك فى بطني ،وتعصي على ظهري وتعذب فى بطني ،وتضحك على ظهري وتبكي فى بطني ،وتفرح على ظهري وتحزن فى بطني ،وتجمع المال على ظهري وتندم فى بطني، وتأكل الحرام على ظهري وتأكلك الديدان فى بطني ،وتختال على ظهري
وتذل فى بطني ،وتمشي مسرورا على ظهري وتقع حزينا فى بطني ،وتمشي فى
نور على ظهري وتقع فى الظلمات فى بطني ،وتمشي على المجامع على ظهري وتقع وحيدا فى بطني. قال رسول اهلل :من كثر ضحكه عوقب بعشر عقوبات :أولها يموت قلبه، ويذهب الماء على وجهه ،ويشمت به الشيطان ،ويغضب عليه الرحمن، ويناقش به يوم القيامة ،ويعرض عنه النبي يوم القيامة ،وتلعنه المالئكة ،ويبغضه أهل السموات واألرضين ،وينسى كل شيء ،ويفتضح يوم القيامة. وقال الحسن البصري (رحمه اهلل) :يوما بينما أنا أطوف أزقة البصرة وفى أسواقها مع شاب عابد فإذا أنا بلغنا بطبيب وهو جالس على الكرسي بين يديه رجال ونساء وصبيان بأيديهم قوارير فيها ماء ،وكل واحد منهم يستوصف دواء لدائه ،فقال :فتقدم الشاب إلى الطبيب فقال :أيها الطبيب هل عندك دواء يغسل الذنوب ،ويشفى مرض القلوب؟ فقال :نعم ،فقال :هات ،فقال :خذ مني عشر أشياء :خذ عروق شجرة الفقر مع عروق شجرة التواضع ،واجعل فيها هليلج التوبة ،واطرحه فى هاون الرضاء ،واسحقه بمنجار القناعة ،واجعله فى قدر التقى ،وصب عليه ماء الحياء ،واغله بنار المحبة ،واجعله فى قدح الشكر ،وروحه بمروحة الرجاء ،واشربه بملعقة الحمد ...فإنك إن فعلت ذلك فإنه ينفعك من كل داء وبالء فى وقيل بعض الملوك خمسة من العلماء والحكماء فأمرهم أن يتكلم كل واحد بحكمة ،فتكلم كل واحد منهم بحكمتين فصارت عشرا .فقال األول: خوف الخالق آمن وأمنه كفر ،وأمن المخلوق عتق وخوفه رق .وقال الثاني: الرجاء من اهلل تعالى غني يضره فقر ،واليأس عنه فقر ال ينفع معه غني .وقال
الثالث :ال يضر معه غني القلب فقر الكيس ،وال ينفع مع فقر القلب غني الكيس .وقال الرابع :ال يزداد غني القلب مع الجود إال غنى ،وال يزداد فقر القلب مع غني الكيس إال فقرا .وقال الخامس :أخذ القليل من الخير خير من ترك الكثير من الشر ،وترك الجميع من الشر خير من أخذ القليل من الخير. وقال ابن عباس (رضي اهلل تعالى عنه) عن النبي :عشرة أصناف من أمتي ال يدخلون الجنة إال من تائب ،أولهم القالع ،والجيوف ،والقتات ،والدبوب، والديوث ،وصاحب العرطبة ،وصاحب الكوبة ،والعتل ،والزنيم ،والعاق لوالديه قيل :يا رسول اهلل ،ما القالع؟ قال :الذي يمشي بين يديه األمراء .وقيل :ما الجيوف؟ قال :النباش ،وقيل :ما القتات؟ قال :النمام ،وقيل ما الدبوب؟ قال: الذي يجمع فى بيته الفتيات للفجور ،وقيل :ما الديوث؟ قال :الذي ال يغار على أهله ،وقيل ما صاحب العرطبة؟ قال :الذي يضرب بالطبل ،وقيل :ما صاحب الكوبة؟ قال :الذي يضرب الطنبور ،وقيل :ما العتل؟ قال :الذي ال يعفو عن الذنب وال يقبل العذر ،وقيل :ما الزنيم؟ قال :الذي ولد من الزنى ويقعد على قارعة الطريق فيغتاب الناس ،والعاق مشهور. قال النبي :عشرة نفر لن يقبل اهلل تعالى صالتهم :رجل صلى وحيدا بغير قراءة ،ورجل ال يؤدي الزكاة ،ورجل يؤم قوما وهم له كارهون ،ورجل مملوك آبق ،ورجل شارب الخمرمدمن ،وامرأة باتت وزوجها ساخط عليها ،وامرأة حرة تصلى بغير خمار ،وآكل الربى ،واإلمام الجائر ،ورجل ال تنهاه صالته عن
الفحشاء والمنكر ال يزداد من اهلل إال بعدا.
وقال النبي :ينبغي للداخل فى المسجد عشر خصال :أولها أن يتعاهد خفيه أو نعله ،وأن يبدأ برجله اليمنى ،وأن يقول إذا دخل بسم اهلل وسالم على رسول اهلل وعلى مالئكة اهلل ،اللهم افتح لنا أبواب رحمتك إنك أنت الوهاب، وأن يسلم على أهل المسجد ،وأن يقول إذا لم يكن فيه أحد السالم علينا وعلى عباد اهلل الصالحين ،وأن يقول أشهد أن ال إله إال اهلل وأن محمدا رسول اهلل وال يمر بين يدي المصلى ،وأن ال يعمل بعمل الدنيا وال يتكلم بكالم الدنيا ،وأن ال يخرج حتى يصلى ركعتين ،وأن ال يدخل إال بوضوء ،وأن يقول إذا قام سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن ال إله إال أنت ،أستغفرك وأتوب إليك. وعن أبي هريرة (رحمه اهلل) عن النبي :الصالة عماد الدين وفيها عشر خصال :زين الوجه ،ونور القلب ،وراحة البدن ،وأنس فى القبر ،ومنزل الرحمة ،ومفتاح السماء ،وثقل الميزان ،ومرضاة الرب ،وثمن الجنة ،وحجاب من النار؛ ومن أقامها فقد أقام الدين ومن تركها فقد هدم الدين. وعن عائشة عن النبي أنه قال :إذا أراد اهلل تعالى أن يدخل أهل الجنة فى الجنة بعث إليهم ملكا ومعه هدية وكسوة من الجنة ،فإذا أرادوا أن يدخلوها قال لهم الملك :قفوا ،إن معي هدية من رب العالمين .قالوا وما تلك الهدية؟ فيقول الملك :هي عشرة خواتم مكتوب على أحدها :سالم عليكم طبتم فادخلوها خالدين؛ وفى الثاني مكتوب :رفعت عنكم األحزان والهموم؛ وفى الثالث مكتوب :وتلك الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون؛ وفى الرابع مكتوب:
ألبسناكم الحلل والحلى؛ وفى الخامس مكتوب :وزوجناهم بحور عين ،إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون؛ وفى السادس مكتوب :هذا
جزاءكم اليوم بما فعلتم من الطاعة؛ وفى السابع مكتوب :صرتم شبابا ال تهرمون أبدا؛ وفى الثامن مكتوب :صرتم آمنين وال تخافون أبدا؛ وفى التاسع مكتوب :رافقتم األنبياء والصديقين والشهداء والصالحين؛ وفى العاشر مكتوب :سكنتم فى جوار الرحمن ذي العرش الكريم؛ ثم يقول الملك أدخلوها بسالم آمنين .فيدخلون الجنة ويقولون الحمد هلل الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور ،الحمد هلل الذي صدقنا وعده وأورثنا األرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين. وإذا أراد اهلل أن يدخل أهل النار فى النار بعث إليهم ملكا ومعه عشرة خواتم أولها مكتوب :أدخلوها ال تموتون فيها أبدا وال تحيون وال تخرجون؛ وفى الثاني مكتوب :خوضوا فى العذاب ال راحة لكم؛ وفى الثالث مكتوب: يئسوا من رحمتي؛ وفى الرابع مكتوب :أدخلوها فى الهم والغم والحزن أبدا؛ وفى الخامس مكتوب :لباسكم النار ،وطعامكم الزقوم ،وشرابكم الحميم، ومهادكم النار ،وغواشيكم النار؛ وفى السادس مكتوب :هذا جزائكم اليوم بما فعلتم من معصيتي؛ وفى السابع مكتوب :سخطي عليكم فى النار أبدا؛ وفى الثامن مكتوب :عليكم اللعنة بما تعمدتم من الذنوب الكبائر ولم تتوبوا ولم تندموا؛ وفى التاسع مكتوب :قرنائكم الشياطين فى النارأبدا؛ وفى العاشر مكتوب :اتبعتم الشيطان وأردتم الدنيا وتركتم اآلخرة فهذا جزائكم. وعن بعض الحكماء :طلبت عشرة فى عشرة مواطن فوجدتها فى عشرة
أخرى :طلبت الرفعة فى التكبر فوجدتها فى التواضع ،وطلبت العبادة فى الصالة فوجدتها فى الورع ،وطلبت الراحة فى الحرص فوجدتها فى الزهد، وطلبت نور القلب فى صالة النهار جهرا فوجدته فى صالة الليل سرا ،وطلبت
نور القيامة فى الجود والسخاوة فوجدته فى العطش والصوم ،وطلبت الجواز على الصراط فى أضحية فوجدتها فى الصدقة ،وطلبت النجاة من النار فى المباحات فوجدتها فى ترك الشهوات ،وطلبت حب اهلل تعالى فى الدنيا فوجدتها [ته] فى ذكر اهلل تعالى ،وطلبت العافية فى المجامع فوجدتها فى العزلة ،وطلبت نور القلب فى المواعظ وقراءة القرآن فوجدتها فى التفكر والبكاء. وقال ابن عباس (رضي اهلل عنهما) فى قوله تعالى :وإذ ابْـتَـلَى إبراهيم ربُه بكلمات فأَتَ َّم ُه َّن قال :عشر خصال من السنة ،خمس فى الرأس وخمس فى البدن؛ فأما فى الرأس السواك [فهي] ،والمضمضة ،واإلستنشاق ،وقص الشارب ،والحلق .وأما فى البدن [فهي] نتف اإلبط ،وتقليم األظفار ،وحلق العانة ،والختان ،واإلستنجاء. وعن ابن عباس قال :من صلى على النبي واحدة صلى اهلل عليه عشرة ( )4ومن سبه مرة سب اهلل عليه عشرة مرات؛ أال ترى لقوله تعالى للوليد بن مغيرة لعنة اهلل عليه حين سب النبي مرة واحدة سبه اهلل عشر مرات فقال :وال َّاع للخير ُم ْعتَ ٍد أ ٍ ش ٍاء بنَ ِم ٍ كل َحالَّفٍ َمهي ٍنَ ،ه َّما ٍز َم َّ َثيمُ ،عتُ ٍّل بع َد ذالك يمَ ،من ٍ تُ ِط ْع َّ األولين يعني َزنِيم ،أ ْن كان ذا مال وبنين ،إذا تُـ ْتلى عليه آياتُنا قال أساطير َّ ُ يكذب بالقرآن. وقال إبراهيم بن أدهم (رحمه اهلل) حين سألوه عن قوله تعالى أدعوني
أستجب لكم ،وإنا ندعو فلم يستجب لنا .فقال :ماتت قلوبكم من عشرة ْ أشياء :أولها أنكم عرفتم اهلل ولم تؤدوا حقه ،وقرأتم كتاب اهلل ولم تعملوا به،
وادعيتم عداوة إبليس وواليتموه ،وادعيتم حب الرسول وتركتم أثره وسنته، وادعيتم حب الجنة ولم تعملوا لها ،وادعيتم خوف النار ولم تنتهوا عن الذنوب ،وادعيتم أن الموت حق ولم تستعدوا له ،واشتغلتم بعيوب غيركم وتركتم عيوب أنفسكم ،وتأكلون رزق اهلل وال تشكرونه ،وتدفنون موتاكم وال تعتبرون. وقال النبي :ما من عبد وأمة دعا بهذا الدعاء فى ليلة عرفة ألف مرة وهي عشر كلمات لم يسأل اهلل شيئا إال أعطاه ما لم يدع بقطيعة رحم أومأثم ،أولها سبحان الذي فى السماء عرشه ،سبحان الذي فى األرض ملكه وقدرته، سبحان الذي فى البر سبيله ،سبحان الذي فى الهوى روحه ،سبحان الذي فى النار سلطانه ،سبحان الذي فى األرحام علمه ،سبحان الذي فى القبور قضاؤه ،سبحان الذي رفع السماء بال عمد ،سبحان الذي وضع األرض، سبحان الذي ال ملجأ وال منجأ منه إال إليه. __________ ( )4عشرة( :هكذا فى األصل) والصحيح عشرا. وعن ابن عباس (رضي اهلل عنهما) أنه قال :قال رسول اهلل ذات يوم إلبليس عليه اللعنة :كم أحباؤك من أمتي؟ قال :عشر نفر أولهم اإلمام الجائر ،والمتكبر ،والغني الذي ال يبالي من أين يكتسب المال وفى ماذا ينفق ،والعالم الذي صدق األمير على جوره ،والتاجر الخائن ،والمحتكر، والزاني ،وآكل الربا ،والبخيل الذي ال يبالي من أين يجمع المال ،وشارب
الخمر مدمن عليها .ثم قال النبي صلي اهلل عليه وسلم :فكم أعداؤك من
أمتي؟ قال :عشرون نفرا أولهم أنت يا محمد فإني أبغضك ،والعالم العامل بالعلم ،وحامل القرآن إذا عمل بما فيه ،والمؤذن هلل فى خمس صلوات، ومحب الفقراء والمساكين واليتامى ،وذو قلب رحيم ،والمتواضع للحق، وشاب نشأ فى طاعة اهلل تعالى ،وآكل الحالل ،والشابان متحابان فى اهلل، والحريص على الصالة فى الجماعة ،والذي يصلى بالليل والناس نيام ،والذي يمسك نفسه عن الحرام ،والذي ينصح (وفى رواية :يدعو لألخوان) وليس فى قلبه شيء ،والذي يكون أبدا على وضوء ،وسخي ،وحسن الخلق ،والمصدق ربه بما ضمن اهلل له ،والمحسن إلى مستورات األرامل ،والمستعد للموت. وقال وهب ابن منبه :مكتوب فى التوراة من تزود فى الدنيا صار يوم القيامة آمنا من عذاب اهلل ،ومن ترك الحسد صار يوم القيامة محمودا على رؤوس الخالئق ،ومن ترك حب الرياسة صار يوم القيامة عزيزا عند الملك الجبار ،ومن ترك الفضول فى الدنيا صار ناعما فى األبرار ومن ترك الخصومة فى الدنيا صار من الفائزين ،ومن ترك البخل فى الدنيا صار مذكورا عند رؤوس الخالئق ،ومن ترك الراحة فى الدنيا صار يوم القيامة مسرورا ،ومن ترك الحرام فى الدنيا صار يوم القيامة فى جوار األنبياء ،ومن ترك النظر فى الحرام فى الدنيا أفرح اهلل عينه يوم القيامة فى الجنة ،ومن ترك الغنى فى الدنيا واختار الفقر بعثه اهلل يوم القيامة مع الوليين والنبيين ،ومن قام بحوائج الناس فى الدنيا قضى اهلل تعالى حوائجه فى الدنيا واآلخرة ،ومن أراد أن يكون فى قبره مؤنس
فليقم فى ظلمة الليل وليصل ،ومن أراد أن يكون فى ظل عرش الرحمن فليكن زاهدا ،ومن أراد أن يكون حسابه يسيرا فليكن ناصحا لنفسه وإخوانه ،ومن أراد أن يكون المالئكة زائرين [به] فليكن ورعا ،ومن أراد أن يسكن فى
بحبوحة الجنة فليكن ذاكر اهلل بالليل والنهار ،ومن أراد أن يدخل الجنة بغير حساب فليتب إلى اهلل توبة نصوحا ،ومن أراد أن يكون غنيا فليكن راضيا بما قسم اهلل تعالى ،ومن أراد أن يكون مع اهلل فقيها فليكن خاشعا ،ومن أراد أن يكون حكيما فليكن عالما ،ومن أراد أن يكون سالما من الناس فال يذكر أحدا إال بخير وليعتبر فيها [الناس] من أي شيء خلقت ،ولماذا خلقت ،ومن أراد الشرف فى الدنيا واآلخرة فليختر األخرة على الدنيا ،ومن أراد الفردوس والنعيم الذي ال يفنى ال يضيع عمره فى فساد الدنيا ،ومن أراد الجنة فى الدنيا واآلخرة فعليه بالسخاوة ألن السخي قريب إلى الجنة وبعيد من النار، ومن أراد أن ينور قلبه بالنور التام فعليه بالتفكر واإلعتبار ،ومن أراد أن يكون لديه بدن صابر ولسان ذاكر وقلب خاشع فعليه بكثرة اإلستغفار للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات.